05-26-2022, 03:36 PM
|
|
|
|
شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
فسير الآية
قال الفخر الرازي: أعلم أنه- تعالى- لما عظم وحيه إلى نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم بقوله:كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ذكر في هذه الآية تفصيل ذلك فقال: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً .
.
.
أى: شرع الله لكم يا أصحاب محمد من الدين ما وصى به نوحا ومحمدا وإبراهيم وموسى وعيسى.
.
وإنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر، لأنهم أكابر الأنبياء، وأصحاب الشرائع العظيمة، والأتباع الكثيرة .
والمراد بما شرعه- سبحانه- على ألسنة هؤلاء الرسل: أصول الأديان التي لا يختلف فيها دين عن دين، أو شريعة عن شريعة، كإخلاص العبادة لله- تعالى- والإيمان بكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر، والتحلي بمكارم الأخلاق كالصدق والعفاف.
أما ما يتعلق بفروع الشرائع، كتحليل بعض الطيبات لقوم على سبيل التيسير لهم، وتحريمها على قوم على سبيل العقوبة لهم فهذا لا يدخل في الأصول الثابتة في جميع الأديان، وإنما يختلف باختلاف الظروف والأحوال.
ويؤيد ذلك قوله- تعالى-: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً .
وقوله- سبحانه- حكاية عن عيسى- عليه السلام- وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ .
والمعنى: سن الله- تعالى- لكم- يا أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم من العقائد ومكارم الأخلاق، ما سنه لنوح- عليه السلام- الذي هو أول أولى العزم من الرسل، وأول أصحاب الشرائع الجامعة.
وشرع الله- تعالى- لكم- أيضا ما أوحاه إلى نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم من آداب وأحكام وأوامر ونواه.
وشرع لكم كذلك ما وصى به- سبحانه- أنبياءه: إبراهيم وموسى وعيسى، من وصايا تتعلق بوجوب طاعة الله- تعالى-، وإخلاص العبادة له، والبعد عن كل ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم.
وقوله- سبحانه-: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ تفصيل وتوضيح لما شرعه- سبحانه- لهؤلاء الكرام، ولما أوصاهم به.
والمراد بإقامة الدين: التزام أوامره ونواهيه، وطاعة الرسل في كل ما جاءوا به من عند ربهم طاعة تامة.
قال صاحب الكشاف: والمراد: إقامة دين الإسلام الذي هو توحيد الله- تعالى- وطاعته، والإيمان برسله وكتبه، وبيوم الجزاء، وسائر ما يكون الرجل بإقامته مسلما، ولم يرد الشرائع التي هي مصالح الأمم حسب أحوالها، فإنها مختلفة متفاوتة.
قال الله تعالى- لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً.
ومحل أَنْ أَقِيمُوا إما النصب على أنه بدل من مفعول شرع والمعطوفين عليه، وإما الرفع على الاستئناف، كأنه قيل: وما ذلك المشروع؟ فقيل: هو إقامة الدين.
.
أى: أوصاكم كما أوصى من قبلكم بالمحافظة على ما اشتمل عليه دين الإسلام من عقائد وأحكام وآداب.
.
وأصول أجمعت عليها جميع الشرائع الإلهية، كما أوصاكم بعدم الاختلاف في أحكامه التي لا تقبل الاختلاف أو التفرق.
ثم بين- سبحانه- موقف المشركين من الدين الحق فقال: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.
أى: شق وعظم على المشركين دعوتكم إياهم إلى وحدانية الله- تعالى-، وإلى ترك ما ألفوه من شرك، ومن تقاليد فاسدة ورثوها عن آبائهم.
وقوله- تعالى-: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ بيان لكمال قدرته- تعالى- ونفاذ مشيئته.
والاجتباء: الاصطفاء والاختيار.
أى: الله- تعالى- بإرادته وحكمته يصطفى ويختار لرسالته من يشاء من عباده، ويهدى إلى الحق من ينيب إليه، ويرجع إلى طاعته- عز وجل- ويقبل على عبادته.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب .
قوله تعالى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : شرع لكم من الدين أي : الذي له مقاليد السماوات والأرض شرع لكم من الدين ما شرع لقوم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، ثم بين ذلك بقوله تعالى : أن أقيموا الدين وهو توحيد الله وطاعته ، والإيمان برسله وكتبه وبيوم الجزاء ، وبسائر ما يكون الرجل بإقامته مسلما .
ولم يرد الشرائع التي هي مصالح الأمم على حسن أحوالها ، فإنها مختلفة متفاوتة ، قال الله تعالى : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وقد تقدم القول فيه .
ومعنى ( شرع ) أي : نهج وأوضح وبين المسالك .
وقد شرع لهم يشرع شرعا أي : سن .
والشارع : الطريق الأعظم .
وقد شرع المنزل إذا كان على طريق نافذ .
وشرعت الإبل إذا أمكنتها من الشريعة .
وشرعت الأديم إذا سلخته .
وقال يعقوب : إذا شققت ما بين الرجلين ، قال : وسمعته من أم ال****س البكرية .
وشرعت في هذا الأمر شروعا أي : خضت .
أن أقيموا الدين ( أن ) في محل رفع ، على تقدير والذي وصى به نوحا أن أقيموا الدين ، ويوقف على هذا الوجه على ( عيسى ) .
وقيل : هو نصب ، أي : شرع لكم إقامة الدين .
وقيل : هو جر بدلا من الهاء في ( به ) ، كأنه قال : به أقيموا الدين .
ولا يوقف على عيسى على هذين الوجهين .
ويجوز أن تكون ( أن ) مفسرة ، مثل : أن امشوا ، فلا يكون لها محل من الإعراب .
.
الثانية : قال القاضي أبو بكر بن العربي : ثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الشفاعة الكبير المشهور : ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقولون له أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض .
.
.
وهذا صحيح لا إشكال فيه ، كما أن آدم أول نبي بغير إشكال ; لأن آدم لم يكن معه إلا نبوة ، ولم تفرض له الفرائض ولا شرعت له المحارم ، وإنما كان تنبيها على بعض الأمور واقتصارا على ضرورات المعاش ، وأخذا بوظائف الحياة والبقاء ، واستقر المدى إلى نوح فبعثه الله بتحريم الأمهات والبنات والأخوات ، ووظف عليه الواجبات وأوضح له الآداب في الديانات ، ولم يزل ذلك يتأكد بالرسل ويتناصر بالأنبياء - صلوات الله عليهم - واحدا بعد واحد وشريعة إثر شريعة ، حتى ختمها الله بخير الملل ملتنا على لسان أكرم الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان المعنى أوصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا ، يعني في الأصول التي لا تختلف فيها الشريعة ، وهي التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج ، والتقرب إلى الله بصالح الأعمال ، والزلف إليه بما يرد القلب والجارحة إليه ، والصدق والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة وصلة الرحم ، وتحريم الكفر والقتل والزنى والأذية للخلق كيفما تصرفت ، والاعتداء على الحيوان كيفما دار ، واقتحام الدناءات ، وما يعود بخرم المروآت ؛ فهذا كله مشروع دينا واحدا وملة متحدة ، لم تختلف على ألسنة الأنبياء وإن اختلفت أعدادهم ؛ وذلك قوله تعالى : أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه أي : اجعلوه قائما ، يريد دائما مستمرا محفوظا مستقرا من غير خلاف فيه ولا اضطراب ، فمن الخلق من وفى بذلك ومنهم من نكث ؛ ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) .
واختلفت الشرائع وراء هذا في معان حسبما أراده الله مما اقتضت المصلحة وأوجبت الحكمة وضعه في الأزمنة على الأمم .
والله أعلم .
قال مجاهد : لم يبعث الله نبيا قط إلا وصاه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله بالطاعة ، فذلك دينه الذي شرع لهم ، وقاله الوالبي عن ابن عباس ، وهو قول ال***ي .
وقال قتادة : يعني تحليل الحلال وتحريم الحرام .
وقال الحكم : تحريم الأمهات والأخوات والبنات .
وما ذكره القاضي يجمع هذه الأقوال ويزيد عليها .
وخص نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى بالذكر لأنهم أرباب الشرائع .
قوله تعالى : كبر على المشركين أي : عظم عليهم .
( ما تدعوهم إليه ) من التوحيد ورفض الأوثان .
قال قتادة : كبر على المشركين فاشتد عليهم شهادة أن لا إله إلا الله ، وضاق بها إبليس وجنوده ، فأبى الله - عز وجل - إلا أن ينصرها ويعليها ويظهرها على من ناوأها .
ثم قال : ( الله يجتبي إليه من يشاء ) أي : يختار .
والاجتباء الاختيار ، أي : يختار للتوحيد من يشاء .
( ويهدي إليه من ينيب ) أي : يستخلص لدينه من رجع إليه .
avu g;l lk hg]dk lh ,wn fi : hgNdm vrl 13 s,vm hga,vn hgH]f hgpdk hg.,vd
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
05-26-2022, 04:06 PM
|
#2
|
رد: شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ
دمْت بـِ طآعَة الله ..}
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ سحاب على المشاركة المفيدة:
|
|
05-28-2022, 05:06 AM
|
#3
|
رد: شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ابو الملكات على المشاركة المفيدة:
|
|
05-28-2022, 01:32 PM
|
#4
|
رد: شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحاب
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ
دمْت بـِ طآعَة الله ..}
كل الشكر والامتنان على مروركم الطيب
نورتم الموضوع بوجودكم
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-28-2022, 01:33 PM
|
#5
|
رد: شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الملكات
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب
كل الشكر والامتنان على مروركم الطيب
نورتم الموضوع بوجودكم
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-29-2022, 08:44 AM
|
#6
|
رد: شرع لكم من الدين ما وصى به : الآية رقم 13 من سورة الشورى
===============
يعطيك الف الف عافيه موضوع رااائع وجهود أروع ننتظر مزيدكم بشوووق
===============
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اناقه على المشاركة المفيدة:
|
|
| | | | | |