هدي نبينا المصطفى ▪●عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة
و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ
لقد سطَّرَ الصحابة و الصحابيات رضوانُ اللهِ عليهم أروع صورِ الحبِّ و الفداء لرسول الله صلى الله عليه و سلم
و الدفاع عنه و عن سنته و امتثال أوامره و اجتناب نواهيه ..
فهذه أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها و أم سليم هذه هي الرميصاء
و أختها هي أم حرام رضي الله عنهن..
و قيل: أن أم سليم خالت النبي صلى الله عليه و سلم بالرضاعة..
فاتَّخَذَتْ أم سليم يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ زوجها..
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.. هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ..
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: مَا هَذَا الْخِنْجَرُ..
قَالَتْ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ..
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَضْحَكُ..
فقَالَتْ أم سليم: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْتُلُ بهذا الخنجر..
مَنْ بَعْدَنَا مِنْ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ " أي: أقتل من انهزم عنك يا رسول الله..
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَ أَحْسَنَ..
و هذا أبو طلحة رضي الله عنها زوج أمِّ سُليم
يقي رسولَ الله صلى الله عليه و سلم بصدرهِ يومَ أحدٍ و يقول: بأبي أنت و أمي يا رسولَ الله.. لا تُشْرِفْ فيُصيبُونَك.. نَحرِي دون نَحرِكَ يا رسول الله.. صدري دون صدرِكَ يا رسول الله...
هكذا هي المرأة تعين زوجها على حب النبي صلى الله عليه و سلم و حب سنته..
فقد كان الواحد من الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم
يطبق تطبيقاً عملياً لكل ما يؤمن به.. حيث كانوا ذا طاعة تامة و امتثال مباشر..
و هذه هي الحقيقة الإيمانية... و كذلك النساء في عهد النبي صلى الله عليه و سلم..
كن ينفذن أوامره في الحال.. لا يعترضن على أي أمر من أوامر الله و رسوله..
و استمع عبد الله.. استمعي أمة الله.. لسرعة استجابة الصحابيات رضي الله عنهن..
وامتثالهن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم..
فإن من عرف الحق هانت عنده التضحيات ..
و يقدم حب الله و رسوله على حب شهواته و لذائذه..
فيسعد في دنياه و يسعد في أخراه...
هذه القصة موجودة في صحيح مسلم و مسند أحمد بن حنبل رحمهما الله..
بروايات مختلفة.. و قد جمعت بين الروايتين..
(أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ مِنْ الْأَنْصَارِ و كان دميم الخِلقة
لكنه رجل أعطاه الله من الإيمان ما أعطاه و كان كلما تقدم إلى بنت رفضته ..
لأنه دميم الخلقة و لأنه قصير لا ترغب فيه النساء ..
وَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم
إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ- و المرأة الأيِّم التي لا زوج لها- سواءٌ كانت بكراً أم ثيباً
لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَلِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ:
زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَقَالَ فرحاً: نِعِمَّ وَ نُعْمَةُ عَيْنٍ- أي: و نعم الزوج و نعم النسب- ..
ظن هذا الأنصاري أن النبي صلى الله عليه و سلم
يريد أن يتزوج بابنته.. فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه و سلم:
إِنِّي لَسْتُ لِنَفْسِي أُرِيدُهَا، قَالَ الأنصاري: فَلِمَنْ؟، قَالَ: لِجُلَيْبِيبٍ،
قَالَ الأنصاري: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا- أي: أستشير أمَّها-
فكأنه كان متردداً في تزويج ابنته لجليبب، فَأَتى الأنصاري زوجته ..
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ، ففرحت الزوجة وهللت..
قَالَتْ: نِعِمَّ وَ نُعْمَةُ عَيْنٍ، زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم..
قَالَ لها زوجها: إِنَّهُ لَيْسَ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ، قَالَتْ: فَلِمَنْ؟، قَالَ لِجُلَيْبِيبٍ..
قَالَتْ: حَلْقَى إذاً..- و هذه اللفظة تقوله العرب إذا أصابتهم مصيبة
و معناها أصابني وجعٌ في حلقي.. فكان الخبر كالصاعقة عليها
حتى أصابها وجعٌ في حلقها- .. أَجُلَيْبِيبٌ ابْنَهْ مَرَّتَيْنِ ..
لَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَا أُزَوِّجُ جُلَيْبِيبًا لابنتي ..
فَلَمَّا قَامَ أَبُوهَا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم..
سمعت الفتاة بالخبر و أصبحت في حيرة من أمرها ..
- فهي الآن في أمرين ، و بين موقفين: أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
و ذلك المنظر القبيح الذي لا تتحمله-.. ماذا قالت الفتاة..
قَالَتْ الْفَتَاةُ لِأُمِّهَا مِنْ خِدْرِهَا: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمَا،
قَالَتْ أمها : النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم .. فقالت البنت لأمها و لأبيها:
أتردان أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم؟
أين تذهبان من قول الله تعالى:
{وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً
أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }
..ادْفَعُونِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَإِنَّهُ لَا يُضَيِّعُنِي..
فَأَتَى أَبُوهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم، فَقَالَ أبوها: شَأْنَكَ بِهَا.. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا..
و في رواية أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا لهما
فقال: اللهم صب الخير عليهما صباًّ و لا تجعل عيشهما كداً..
فبارك الله لهما.. و قيل: إن المال كان يأتيها لا تعلم من أين يأتيها..
هذه المرأة قدمت مراد الله و رسوله على حب شهواتها و ملذاتها..
فأكثر النساء اليوم.. يحبون أن يكون الزوج جميل المنظر..
حسن الهيئة.. ثري.. ذو نسب و حسب..
و لكن هذه الفتاة ضحت بكل ذلك من أجل أمر الله و رسوله..
فسعدت في الدنيا و الآخرة.. في الدنيا كان المال يأتيها من حيث لا تعلم..
و في الآخرة تسبح في أنهار الجنة.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
{وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}...
هذه نماذج من دفاع السلف الصالح عن النبي صلى الله عليه و سلم و سنته حال حياته ..