قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: وسألت أبي عن حديث رواه موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "إن
المؤمن يتصدق بالتمرة، ولا
يقبل الله إلا الطيب...." وذكر الحديث.
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو: عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. فمنهم من يوقفه، ومنهم من يسنده. ويحتمل أن يكون مرفوعاً أيضاً صحيح.
رجال الإسناد:
• موسى بن عبيدة الرَّبَذي، ضعيف، ولاسيما في عبدالله بن دينار.
تقدمت ترجمته في المسألة رقم 585.
• عبدالله بن دينار العدوي مولاهم، أبو عبدالرحمن المدني، مولى ابن عمر (ت 127).
ثقة، متفق على توثيقه.
تهذيب الكمال 14/ 471، السير 5/ 253، التهذيب 5/ 303، التقريب (3300).
• ابن عمر: عبدالله، صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 518.
• أبو صالح: ذكوان السمان، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 530.
• أبو هريرة – رضي
الله عنه – صحابي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 501.
تخريج الحديث:
روى عبدالله بن دينار هذا الحديث، واختلف عليه:
1- فرواه موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، مرفوعاً.
2- ورواه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وسليمان بن بلال، عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
وتابع عبدالله بن دينار عليه، عدد من الثقات.
3- ورواه ورقاء بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
وتابع عبدالله بن دينار عليه، عدد من الثقات.
4- وروي عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موقوفاً.
5- ورواه أبو جعفر الرازي، واضطرب فيه:
أ- فرواه مرة، عن عبدالله بن دينار، عن بشير بن يسار، عن أبي هريرة.
ب- ورواه مرة عن عبدالله بن دينار، عن أبي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وفيما يلي تفصيل ما تقدم:
أولاً: رواه موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، مرفوعاً:
أخرجه ابن عدي في الكامل 6/ 2334، من طريق عثمان بن زائدة.
والمروزي في زياداته على كتاب البر والصلة لابن المبارك (ص 191) ، رقم 324، عن عبدالعزيز بن أبي عثمان الداري.
والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (1 ق 134/ أ) ، في الأصل رقم 106، من طريق يحيى بن واضح.
وتابعهم أبو مالك الحبشي: ذكره الدارقطني في العلل (4 ق 59/ أ).
كلهم عن موسى بن عبيدة، به.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور 2/ 106، من رواية ابن عمر إلى الحكيم الترمذي فقط.
وقال ابن عدي بعد أن ذكر عدة أحاديث: وهذه الأحاديث لموسى عن عبدالله بن دينار ليست هي محفوظة.
ثانياً: رواه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وسليمان بن بلال، عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعاً:
أخرجه البخاري 3/ 326 (مع الفتح) ، كتاب الزكاة، باب الصدقة من كسب طيب، رقم 1410 – ومن طريقه ابن الجوزي في كتاب البر والصلة (ص 195) ، رقم 321، وفي كتاب الحدائق 2/ 200 -، ورواه الإسماعيلي، وأبو نعيم في مستخرجيهما – كما ذكر ابن حجر في الفتح 13/ 428[1] -، ورواه البزار في مسنده (ق 172/ أ).
من طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
والبخاري 13/ 426 (مع الفتح) ، كتاب التوحيد، باب قول
الله تعالى ﴿ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه ﴾، رقم 7430، تعليقاً، والجوزقي، وأبو عوانة – كما ذكر ابن حجر في الفتح 3/ 329، 13/ 427 -، وأبو سعد الشعيبي في الفوائد المخرجة من أصول مسموعات البحيري (ق 46/ أ). من طريق سليمان بن بلال[2].
كلاهما عن عبدالله بن دينار، به.
قلت: وعبدالرحمن بن عبدالله: صدوق يخطي، وسليمان بن بلال: ثقة (التقريب 3913، 2539).
وتوبع عبدالله بن دينار على هذا الوجه:
أخرجه مسلم 2/ 702، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، رقم 1014/ 64، وأبو نعيم في المستخرج 3/ 90، 91، رقم 2268، 2269، 2270، والبيهقي في الكبرى 4/ 191، وفي شعب الإيمان 3/ 212، رقم 3346، وأحمد 2/ 381، 419،382، والبزار (ق 212/ أ، النسخة الأزهرية) ، والطبراني في الأوسط 1/ 403، رقم 712، وعثمان الدارمي في الرد على بشر المريسي (ص 36) ، وابن بطة في الإبانة (المختار من الإبانة 3/ 290، رقم 220) ، وابن مندة في التوحيد 3/ 104، رقم 507، وابن حجر في تغليق التعليق 3/ 8، وابن بشران في الخامس عشر من أماليه (ق 195/ ب). كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح.
ومسلم، في الموضع السابق، وأبو نعيم في المستخرج 3/ 91، رقم 2271 – ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق 3/ 8 -، ورواه ابن خزيمة في التوحيد 1/ 141، رقم 75، من طريق زيد بن أسلم.
ويوسف بن يعقوب القاضي في كتاب الزكاة – كما ذكره ابن حجر في الفتح 3/ 330 –، ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق 3/ 7، 8، من طريق مسلم بن أبي مريم.
كلهم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، نحوه مرفوعاً.
ثالثاً: رواه ورقاء بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، مرفوعاً:
أخرجه البيهقي في الكبرى 4/ 176، 4/ 190، وفي الصغرى 2/ 69، رقم 1249، وفي الأسماء والصفات 2/ 167، وأحمد 2/ 331، وابن مندة في التوحيد 3/ 104، رقم 506، من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم.
وأحمد 2/ 331، عن حسن بن موسى.
وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/ 366، رقم 383 – ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق[3] 5/ 349 -، ورواه ابن مندة في التوحيد 3/ 104، رقم 506، من طريق عبدالصمد.
كلهم عن ورقاء بن عمر، به.
وذكره البخاري 3/ 326، 13/ 426، في الموضعين السابقين، من رواية ورقاء، به.
قلت: وورقاء بن عمر: صدوق (التقريب 7403).
وقد توبع عبدالله بن دينار على هذا الوجه:
أخرجه مسلم 2/ 702، الموضع السابق، رقم 1014/ 63، وابن المبارك في الزهد (ص 228) ، رقم 648 – ومن طريقه النسائي في الكبرى 6/ 358، رقم 11227، وابن خزيمة في صحيحه 4/ 92، رقم 2425، وفي التوحيد 1/ 149، رقم 81، وابن حبان 8/ 109، رقم 336، والآجري في الشريعة 2/ 122، رقم 789، وابن مندة في التوحيد 3/ 101، رقم 499، والدارقطني في المؤتلف والمختلف 1/ 406، والخطيب في الموضح لأوهام الجمع 1/ 234 -، ورواه الترمذي 3/ 40، كتاب الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة، رقم 661 – ومن طريقه البغوي في شرح السنة 6/ 132، رقم 1632، وابن الجوزي في كتاب البر والصلة (ص 195) ، رقم 322، وفي كتاب الحدائق 2/ 200 -، ورواه النسائي 5/ 57، كتاب الزكاة، باب الصدقة من غلول، رقم 2525 وفي الكبرى 4/ 413، من طريق أخرى، وابن ماجه 1/ 590، كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، رقم 1842، وأبو نعيم في المستخرج 3/ 90، رقم 2267.
وأحمد 2/ 538، وابن خزيمة في التوحيد 1/ 143، رقم 78، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 520، والبيهقي في الأسماء والصفات 2/ 60، والآجري في الشريعة 2/ 122، رقم 787، 788، وابن مندة في الرد على الجهمية (ص 72) ، رقم 43، وفي التوحيد 3/ 100، رقم 498، وابن زنجويه في الأموال 2/ 759، رقم 1303، والخطيب في تلخيص المتشابه 2/ 801.
كلهم من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري.
وابن حبان 8/ 113، رقم 3319، وابن خزيمة في التوحيد 1/ 142، رقم 76، 77، وأحمد 2/ 418، 431، والحميدي في مسنده 2/ 488، رقم 1154، والشافعي في مسنده (ترتيب السندي) 1/ 220، رقم 606، وفي الأم 6/ 60 – ومن طريقه البغوي في شرح السنة 6/ 131، رقم 1631 -، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات 2/ 167، وابن مندة في التوحيد 3/ 101، رقم 500، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/ 672، رقم 1613، وأبو عبيد في الأموال (ص 359) ، رقم 898، والمصيصي في حديثه، رقم 106، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 30، وسعيد بن منصور في القسم الرابع من سننه (ق 197/ ب) ، وابن عساكر في معجم شيوخه (ق 69/ أ) ، وأبو بكر النوقاني في جزء فيه أحاديث وحكايات (ق4/ أ) رقم 14، من نسختي.
من طريق محمد بن عجلان.
ومالك في الموطأ 2/ 995، كتاب الصدقة، باب الترغيب في الصدقة، رقم 2 – ومن طريقه النسائي في الكبرى 4/ 413، رقم 7735، والغافقي في مسند الموطأ (ص 595) رقم 803 -، ورواه الدارمي 1/ 333، رقم 1682، وابن خزيمة في التوحيد 1/ 145 - 147، رقم 79، والدارقطني في كتاب الصفات (ص 67) ، رقم 56، والخطيب في تلخيص المتشابه 2/ 603. من طريق يحيى بن سعيد.
وابن عساكر في تاريخ دمشق 41/ 334، 335، من طريق صفوان بن سليم.
كلهم عن أبي الحباب: سعيد بن يسار[4]، عن أبي هريرة، نحوه، مرفوعاً.
رابعاً: وروي عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موقوفاً:
ذكره أبو حاتم في هذه المسألة، ولم أقف على من أخرجه[5]
خامساً: ورواه أبو جعفر الرازي، واضطرب فيه:
1- فرواه مرة، عن عبدالله بن دينار، عن بشير بن يسار، عن أبي هريرة:
ذكره الدارقطني في العلل 10/ 100، 101، وفي (4 ق 59/ أ).
ولم أقف على من أخرجه.
2- ورواه مرة عن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
ذكره الدارقطني في العلل (4 ق 59/ أ) ، من رواية سلمة بن الفضل، عن أبي جعفر الرازي، به. ولم أقف على من أخرجه.
قلت: وأبو جعفر الرازي: صدوق سيئ الحفظ (التقريب 8019).
النظر في المسألة:
مما تقدم يتضح أنه اختلف على عبدالله بن دينار في هذا الحديث:
1- فرواه موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، مرفوعاً.
2- ورواه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وسليمان بن بلال، عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
وتابع عبدالله بن دينار على هذا الوجه، عدد من الثقات.
3- ورواه ورقاء بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
وتابع عبدالله بن دينار على هذا الوجه، عدد من الثقات.
4- وروي عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موقوفاً.
5- ورواه أبو جعفر الرازي، عن عبد
الله بن دينار، عن بشير بن يسار، عن أبي هريرة.
ورواه مرة أخرى، عن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
ولعل الوجه الثاني أرجح عن ابن دينار، حيث رواه ثقة، وصدوق يخطئ في حين رواه في الوجه الأول موسى، وهو ضعيف، وفي الوجه الثالث ورقاء، وهو صدوق، وفي الخامس أبو جعفر، وهو صدوق سيئ الحفظ.
وأما الوجه الرابع، فلم أقف على من أخرجه، فلا أستطيع الجزم به.
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن الوجه الأول، فقال أبو حاتم: هذا خطأ؛ إنما هو: عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. فمنهم من يوقفه، ومنهم من يسنده.
ويحتمل أن يكون مرفوعاً أيضا صحيح.
قلت: بل المرفوع هو الصحيح، كما تقدم، وقد أخرجه البخاري، من هذا الوجه.
وأما الموقوف فلم أقف عليه، ولم أر من ذكره غير أبي حاتم هنا، والله أعلم.
وقد يقال: إن الوجه الثالث محفوظ أيضاً؛ حيث رواه صدوق كذلك، وتابع ابن دينار عليه عدد من الثقات، وأخرج بعض هذه المتابعات مسلم، كما تقدم في التخريج.
قلت: ولكن من خالفه أوثق منه وأكثر، كما إن من خالفه قد توبع عليه من عدد من الثقات، وأخرج هذه المتابعات أيضاً الإمام مسلم، كما تقدم.
وقد رجح ما ذكرته الإمام الدارقطني:
فقال في العلل 10/ 104: وأما حديث عبدالله بن دينار، فالصحيح عنه ما قاله عبدالرحمن ابنه وسليمان بن بلال عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة، ولا يدفع قول من قال: عن عبدالله بن دينار عن سعيد بن يسار؛ لأن له أصلاً عن سعيد بن يسار، وقال أبي جعفر الرازي: عن عبدالله بن دينار عن بشير بن يسار، ليس بمحفوظ.
وكذا الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 329، حيث قال: نعم رواية ورقاء شاذة بالنسبة إلى مخالفة سليمان وعبدالرحمن، والله أعلم.
والحديث من وجهه الراجح صحيح، وقد أخرجه البخاري ومسلم، كما تقدم، والله أعلم.
[1] ولم أقف عليه في المطبوع من مستخرج أبي نعيم، وليس هو في النسخة المخطوطة فقد ذكر هذا الحديث في (ق 177/ ب، 178/ أ) من عدة طرق، ولم أجد هذه الطريق من بينها.
[2] وذكر المزي في التحفة 9/ 430، 431، أن مسلماً رواه من طريق سليمان بن بلال به، ووهم في هذا،فرواية سليمان بن بلال عند مسلم إنما هي عن سهيل عن أبي صالح، كما في صحيح مسلم 2/ 702، رقم 1014/ 64/ ب وقد نبه على هذا الحافظ ابن حجر في النكت الظراف، وفي التغليق 5/ 348، وفي الفتح 3/ 329، والله أعلم.
[3] وقد سقط اسم عبدالصمد من التغليق، فقط ذكر ابن حجر رواية البيهقي من طريق أبي النضر، ثم رواه من طريق أبي بكر الشافعي، فقال: ثنا محمد بن غالب به، مما قد يوهم القارئ أن محمد بن غالب، متابع لأبي النضر والصواب أن محمد بن غالب، يرويه عن عبدالصمد، كما وقع في الغيلانيات في كلا الطبعتين، والله أعلم.
[4] وقد اختلف على سعيد بن يسار، وعلى بعض الرواة عنه، مما يطول استقصاؤه هنا، وليس له صله بالاختلاف على عبدالله بن دينار، ولذا لم أذكر هذا الاختلافات، وانظر لذلك علل الدارقطني 10/ 110 – 104.
[5] وقد وقفت عليه من رواية أبي هريرة موقوفاً، ولكن من غير هذه الطريق، فقد أخرجه ابن خزيمة في التوحيد 1/ 147، والمروزي في زياداته على كتاب البر والصلة لابن المبارك، رقم 339، كلاهما من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، موقوفاً.