سيرة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في 100 حلقة(3) - منتديات تراتيل شاعر

 ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

منتدياتَ تراتيل شاعرَ َ
 
 
     
فَعَالِيَاتْ تراتيل شاعر
                 



العودة   منتديات تراتيل شاعر > ۩۞۩ تراتيـل الاسلاميـة ۩۞۩ > هدي نبينا المصطفى ▪●

هدي نبينا المصطفى ▪● عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 12-08-2015, 06:11 AM   #3



 
 عضويتي » 880
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » 11-09-2024 (10:16 PM)
آبدآعاتي » 9,653
 حاليآ في » في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
دولتي الحبيبه »  Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  » 53 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » عبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond reputeعبدالعزيز has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك NGA
اشجع naser
مَزآجِي  »  1

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera:

My Flickr My twitter

 

عبدالعزيز غير متواجد حالياً

افتراضي رد: سيرة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في 100 حلقة(3)



الحلقة العاشرة (( غزواته ..... 1 ))

فَصْلٌ [ الإِذْنُ بِالقِتالِ وَفَرْضُ الجِهادِ ]



وَلَمّا اسْتَقَرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَدِينَةِ ، وَأَيّدَهُ اللّهُ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ . وَمَنَعَتْهُ أَنْصَارُ اللّهِ مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ رَمَتْهُمْ الْعَرَبُ وَالْيَهُودُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدٍ وَشَمّرُوا عَنْ سَاقِ الْعَدَاوَةِ وَالْمُحَارَبَةِ .


وَاَللّهُ يَأْمُرُ رَسُولَهُ <96> وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْكَفّ وَالْعَفْوِ وَالصّفْحِ حَتّى قَوِيَتْ الشّوْكَةُ . فَحِينَئِذٍ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ وَلَمْ يَفْرِضْهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ تَعَالَى ( 22 : 39 ) أُذِنَ لِلّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنّ اللّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . وَهِيَ أَوّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ ([1]) .


ثُمّ فُرِضَ عَلَيْهِمْ قِتَالُ مَنْ قَاتَلَهُمْ فَقَالَ تَعَالَى ( 2 : 190 ) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ - الْآيَةَ . ثُمّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ كَافّةً فَقَالَ ( 9 : 37 ) وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافّةً - الْآيَةَ .


بَعْضُ خَصَائِصِ رَسُولِ اللّهِ


وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُبَايِعُ أَصْحَابَهُ فِي الْحَرْبِ عَلَى أَنْ لَا يَفِرّوا وَرُبّمَا بَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ . وَرُبّمَا بَايَعَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ . وَرُبّمَا بَايَعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ .

وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ .

وَبَايَعَهُمْ عَلَى التّوْحِيدِ وَالْتِزَامِ طَاعَةِ اللّهِ وَرَسُولِهِ .

وَبَايَعَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنْ لَا يَسْأَلُوا النّاسَ شَيْئًا . فَكَانَ السّوْطُ يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِهِمْ . فَيَنْزِلُ فَيَأْخُذَهُ وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ إيّاهُ ([2]) .

وَكَانَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ يَأْتُونَهُ بِخَبَرِ عَدُوّهِ . وَيَطّلِعُ الطّلَائِعَ وَيَبُثّ الْحَرْثَ وَالْعُيُونَ ، حَتّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ عَدُوّهِ شَيْءٌ .

وَكَانَ إذَا لَقَى عَدُوّهُ دَعَا اللّهَ وَاسْتَنْصَرَ بِهِ وَأَكْثَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ذِكْرِ اللّهِ وَالتّضَرّعِ لَهُ .

وَكَانَ كَثِيرُ الْمُشَاوَرَةِ لِأَصْحَابِهِ فِي الْجِهَادِ .

وَكَانَ يَتَخَلّفُ فِي سَاقَتِهِمْ . فَيُزْجِي الضّعِيفَ وَيُرْدِفُ الْمُنْقَطِعَ .

وَكَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا ([3]) .

وَكَانَ يُرَتّبُ الْجَيْشَ وَالْمُقَاتِلَةَ وَيَجْعَلُ فِي كُلّ جَنْبَةٍ كُفُؤًا لَهَا . وَكَانَ يُبَارِزُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِأَمْرِهِ . وَكَانَ يَلْبَسُ لِلْحَرْبِ عُدّتَهُ . وَرُبّمَا ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ كَمَا فَعَلَ يَوْمَ بَدْرٍ ([4]) .

وَكَانَ لَهُ أَلْوِيَةٌ ، وَكَانَ إذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا ثُمّ قَفَلَ ([5]) <97> وَكَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُغِيرَ يَنْتَظِرُ . فَإِذَا سَمِعَ مُؤَذّنًا لَمْ يُغِرْ وَإِلّا أَغَارَ ([6]) .

وَكَانَ يَجِبُ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْخَمِيسِ بُكْرَةً .

وَكَانَ إذَا اشْتَدّ الْبَأْسُ اتّقَوْا بِهِ ([7]) .

وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى الْعَدُوّ .

وَكَانَ يُحِبّ الْخُيَلَاءَ فِي الْحَرْبِ .

وَيُنْهِي عَنْ قَتْلِ النّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ([8]) .

وَيُنْهِي عَنْ السّفَرِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوّ ([9]) .



أَوّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللّهِ




وَأَوّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ - لِوَاءُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي السّنَةِ الْأُولَى ، بَعَثَهُ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ خَاصّةً يَعْرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ جَاءَتْ مِنْ الشّامِ ، فِيهَا أَبُو جَهْلٍ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ حَتّى بَلَغُوا سَيْفَ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ ، فَالْتَقَوْا وَاصْطَفَوْا لِلْقِتَالِ فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ مَجْدِيّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيّ .

وَكَانَ مُوَادِعًا لِلْفَرِيقَيْنِ . فَلَمْ يَقْتَتِلُوا .



سَرِيّةُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ



ثُمّ بَعَثَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي شَوّالٍ مِنْ تِلْكَ السّنَةِ فِي سَرِيّةٍ إلَى بَطْنِ رَابِغَ فِي سِتّينَ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ خَاصّةً . فَلَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ رَابِغَ . فَكَانَ بَيْنَهُمْ الرّمْيُ . وَلَمْ يَسُلّوا السّيُوفَ . وَإِنّمَا كَانَتْ مُنَاوَشَةٌ .

وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ أَوّلَ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ ، ثُمّ انْصَرَفَ الْفَرِيقَانِ وَقَدّمَ ابْنُ إسْحَاقَ سَرِيّةَ حَمْزَةَ .

سَرِيّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ



ثُمّ بَعَثَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ تِلْكَ السّنَةِ إلَى الْخَرّارِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ، يَعْتَرِضُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ . وَعَهِدَ إلَيْهِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ الْخَرّارَ ، وَكَانُوا عِشْرِينَ . فَخَرَجُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ يَسِيرُونَ بِاللّيْلِ وَيَكْمُنُونَ بِالنّهَارِ . حَتّى بَلَغُوا الْخَرّارَ ، فَوَجَدُوا الْعِيرَ قَدْ مَرّتْ بِالْأَمْسِ . ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّانِيَةُ .

غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ



<98> فَغَزَا فِيهَا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَزْوَةَ الْأَبْوَاءِ . وَكَانَتْ أَوّلَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِنَفْسِهِ . خَرَجَ فِي الْمُهَاجِرِينَ خَاصّةً يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا . وَفِيهَا وَادَعَ بَنِي ضَمْرَةَ عَلَى أَنْ لَا يَغْزُوَهُمْ وَلَا يَغْزُوَهُ وَلَا يُعِينُوا عَلَيْهِ أَحَدًا .

غَزْوَةُ بُوَاطٍ



ثُمّ غَزَا بُوَاطًا فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ . خَرَجَ يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيهَا أُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ وَمِائَةُ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ . فَبَلَغَ بُوَاطًا - جَبَلًا مِنْ جِبَالِ جُهَيْنَةَ - فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا .

خُرُوجُهُ لِطَلَبِ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ

ثُمّ خَرَجَ فِي طَلَبِ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ الْفِهْرِيّ . وَقَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَاقَهُ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَثَرِهِ حَتّى بَلَغَ سَفْوَانَ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ وَفَاتَهُ كُرْزٌ .

غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ



ثُمّ خَرَجَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ يَعْتَرِضُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ ذَاهِبَةً إلَى الشّامِ . وَخَرَجَ فِي ثَلَاثِينَ بَعِيرًا يَتَعَاقَبُونَهَا . فَبَلَغَ ذَاتَ الْعُشَيْرَةِ مِنْ نَاحِيَةِ يَنْبُعَ . فَوَجَدَ الْعِيرَ فَاتَتْهُ بِأَيّامٍ . وَهِيَ الّتِي خَرَجُوا لَهَا يَوْمَ بَدْرٍ لَمّا جَاءَتْ عَائِدَةً مِنْ الشّامِ . وَفِيهَا : وَادَعَ بَنِي مُدْلِجٍ وَحُلَفَاءَهُمْ .

بَعْثُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ

ثُمّ بَعَثَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ جَحْشٍ إلَى نَخْلَةَ فِي رَجَبٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كُلّ اثْنَيْنِ عَلَى بَعِيرٍ . فَوَصَلُوا إلَى نَخْلَةَ ، يَرْصُدُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا . وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ . فَلَمّا فَتَحَ الْكِتَابَ إذَا فِيهِ إذَا نَظَرْت فِي كِتَابِي هَذَا ، فَامْضِ حَتّى تَنْزِلَ بِنَخْلَةَ بَيْنَ مَكّةَ وَالطّائِفِ ، فَتَرَصّدْ قُرَيْشًا ، وَتَعَلّمْ لَنَا أَخْبَارَهَا ([10]).

< 99> فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَهُمْ أَنّهُ لَا يَسْتَكْرِهُهُمْ فَقَالُوا : سَمْعًا وَطَاعَةً . فَلَمّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الطّرِيقِ أَضَلّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرَهُمَا . فَتَخَلّفَا فِي طَلَبِهِ . وَمَضَوْا حَتّى نَزَلُوا نَخْلَةَ .

قَتْلُ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيّ

فَمَرّتْ بِهِمْ عِيرُ قُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَتِجَارَةً فِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيّ ، فَقَتَلُوهُ وَأَسَرّوا عُثْمَانَ وَنَوْفَلًا ابْنَيْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ مَوْلَى بَنِي الْمُغِيرَةِ . فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ نَحْنُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ . فَإِنْ قَاتَلْنَاكُمْ انْتَهَكْنَا الشّهْرَ الْحَرَامَ وَإِنْ تَرَكْنَاهُمْ اللّيْلَةَ دَخَلُوا الْحَرَمَ . ثُمّ أَجْمَعُوا عَلَى مُلَاقَاتِهِمْ . فَرَمَى أَحَدُهُمْ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيّ فَقَتَلَهُ وَأَسَرُوا عُثْمَانَ وَالْحَكَمَ . وَأَفْلَتَ نَوْفَلٌ . ثُمّ قَدِمُوا بِالْعِيرِ وَالْأَسِيرَيْنِ حَتّى عَزَلُوا مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسَ . فَكَانَ أَوّلُ خُمُسٍ فِي الْإِسْلَامِ وَأَوّلُ قَتْلٍ فِي الْإِسْلَامِ وَأَوّلُ أَسْرٍ . فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا فَعَلُوهُ . وَاشْتَدّ إنْكَارُ قُرَيْشٍ لِذَلِكَ . وَزَعَمُوا : أَنّهُمْ وَجَدُوا مَقَالًا . فَقَالُوا قَدْ أَحَلّ مُحَمّدٌ الشّهْرَ الْحَرَامَ . وَاشْتَدّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ حَتّى أَنَزَلَ اللّهُ ( 2 : 217 ) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللّهِ الْآيَةَ . يَقُولُ سُبْحَانَهُ هَذَا الّذِي أَنْكَرْتُمُوهُ - وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا - فَمَا ارْتَكَبْتُمُونَهُ مِنْ الْكُفْرِ بِاَللّهِ وَالصّدّ عَنْ سَبِيلِهِ وَبَيْتِهِ وَإِخْرَاجِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللّهِ

مَعْنَى الْفِتْنَةِ



و " الْفِتْنَةُ " هُنَا الشّرْكُ كَقَوْلِهِ ( 2 : 193 ) وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَقَوْلِهِ ( 6 : 23 ) ثُمّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلّا أَنْ قَالُوا وَاللّهِ رَبّنَا مَا كُنّا مُشْرِكِينَ أَيْ مَا تَكُنْ عَاقِبَةُ شِرْكِهِمْ وَآخِرَةُ أَمْرِهِمْ إلّا أَنْ أَنْكَرُوهُ وَتَبَرّءُوا مِنْهُ .

وَحَقِيقَتُهَا : الشّرْكُ الّذِي يَدْعُو إلَيْهِ صَاحِبُهُ وَيُعَاقِبُ مَنْ لَمْ يَفْتَتِنْ بِهِ . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى ( 85 : 10 ) إِنّ الّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمّ لَمْ يَتُوبُوا الْآيَةَ . فُسّرَتْ بِتَعْذِيبِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِحْرَاقِهِمْ بِالنّارِ لِيَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ .

وَقَدْ تَأْتِي " الْفِتْنَةُ " وَيُرَادُ بِهَا : الْمَعْصِيَةُ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( 9 : 49 ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنّي - الْآيَةَ . <100> وَكَفِتْنَةِ الرّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ وَكَالْفِتَنِ الّتِي وَقَعَتْ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ .

وَأَمّا الّتِي يُضِيفُهَا اللّهُ لِنَفْسِهِ فَهِيَ بِمَعْنَى الِامْتِحَانِ وَالِابْتِلَاءِ وَالِاخْتِبَارِ .

وَقْعَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى يَوْمَ الْفُرْقَانِ

فَلَمّا كَانَ فِي رَمَضَانَ بَلَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَبَرَ الْعِيرِ الْمُقْبِلَةِ مِنْ الشّامِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فِيهَا أَمْوَالُ قُرَيْشٍ ُ فَنَدَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْخُرُوجِ إلَيْهَا ُ فَخَرَجَ مُسْرِعًا فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَ عَشْرَةَ رَجُلًا . وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنْ الْخَيْلِ إلّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِلزّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ . وَكَانَ مَعَهُمْ سَبْعُونَ بَعِيرًا ُ يَعْتَقِبُ الرّجُلَانِ وَالثّلَاثَةَ عَلَى بَعِيرٍ . وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أُمّ مَكْتُومٍ .

فَلَمّا كَانَ بِالرّوْحَاءِ رَدّ أَبَا لُبَابَةَ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ .

وَدَفَعَ اللّوَاءَ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ ُ وَالرّايَةَ إلَى عَلِيّ وَرَايَةَ الْأَنْصَارِ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ .

وَلَمّا قَرُبَ مِنْ الصّفْرَاءِ : بَعَثَ بَسْبَسَ بْنَ عَمْرٍو وَعَدِيّ بْنَ أَبِي الزّغْبَاءِ يَتَحَسّسَانِ أَخْبَارَ الْعِيرِ .


وَبَلَغَ أَبَا سُفْيَانَ مَخْرَجَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيّ . وَبَعَثَهُ حَثِيثًا إلَى مَكّةَ ُ مُسْتَصْرِخًا قُرَيْشًا بِالنّفِيرِ إلَى عِيرِهِمْ . فَنَهَضُوا مُسْرِعِينَ . وَلَمْ يَتَخَلّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ سِوَى أَبِي لَهَبٍ . فَإِنّهُ عَوّضَ عَنْهُ رَجُلًا بِجُعْلٍ . وَحَشَدُوا فِيمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ . وَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُمْ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إلّا بَنِي عَدِيّ فَلَمْ يَشْهَدْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ وَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى ( 8 : 47 ) بَطَرًا وَرِئَاءَ النّاسِ وَيَصُدّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ فَجَمَعَهُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى ( 8 : 43 ) وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ .


وَلَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ خُرُوجُ قُرَيْشٍ : اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ . فَتَكَلّمَ الْمُهَاجِرُونَ ُ فَأَحْسَنُوا ثُمّ اسْتَشَارَهُمْ ثَانِيًا . فَتَكَلّمَ الْمُهَاجِرُونَ . ثُمّ ثَالِثًا . فَعَلِمَتْ الْأَنْصَارُ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ إنّمَا يَعْنِيهِمْ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : كَأَنّك تُعَرّضُ بِنَا يَا رَسُولَ اللّهِ - وَكَانَ إنّمَا يَعْنِيهِمْ لِأَنّهُمْ بَايَعُوهُ عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ دِيَارِهِمْ - وَكَأَنّك تَخْشَى أَنْ <101> تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَنْصُرُوك إلّا فِي دِيَارِهِمْ . وَإِنّي أَقُولُ عَنْ الْأَنْصَارِ ُ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ . فَامْضِ بِنَا حَيْثُ شِئْت ُ وَصِلْ حَبْلَ مَنْ شِئْت ُ وَاقْطَعْ حَبْلَ مَنْ شِئْت ُ وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْت . وَأَعْطِنَا مِنْهَا مَا شِئْت . وَمَا أَخَذْت مِنْهَا كَانَ أَحَبّ إلَيْنَا مِمّا تَرَكْت . فَوَاَللّهِ لَئِنْ سِرْت بِنَا حَتّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غُمْدَانَ لَنَسِيرَنّ مَعَك ُ وَوَاللّهِ لَئِنْ اسْتَعْرَضْت بِنَا هَذَا الْبَحْرَ لَخُضْنَاهُ مَعَك .


وَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ : إذَنْ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى ( 5 : 24 ) فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلَا إِنّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِنْ نُقَاتِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْك ُ وَمِنْ خَلْفِك ُ وَعَنْ يَمِينِك وَعَنْ شِمَالِك . فَأَشْرَقَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمْ . وَقَالَ سِيرُوا وَأَبْشِرُوا . فَإِنّ اللّهَ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ . وَإِنّي قَدْ رَأَيْت مَصَارِعَ الْقَوْمِ ([11]) .


وَكَرِهَ بَعْضُ الصّحَابَةِ لِقَاءَ النّفِيرِ وَقَالُوا : لَمْ نَسْتَعِدّ لَهُمْ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( 8 : 5 - 8 ) كَمَا أَخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقّ بَعْدَمَا تَبَيّنَ لِشُرَكَائِهِمْ - إلَى قَوْلِهِ - وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .


وَسَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى بَدْرٍ . وَخَفَضَ أَبُو سُفْيَانَ . فَلَحِقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ . وَكَتَبَ إلَى قُرَيْشٍ : أَنْ ارْجِعُوا فَإِنّكُمْ إنّمَا خَرَجْتُمْ لِتُحْرِزُوا عِيرَكُمْ . فَأَتَاهُمْ الْخَبَرُ . فَهَمّوا بِالرّجُوعِ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَاَللّهِ لَا نَرْجِعُ حَتّى نَقْدَمَ بَدْرًا ُ فَنُقِيمَ بِهَا ُ نُطْعِمَ مَنْ حَضَرَنَا وَنَسْقِي الْخَمْرَ وَتَعْزِفُ عَلَيْنَا الْقِيَانُ . وَتَسْمَعُ بِنَا الْعَرَبُ . فَلَا تَزَالُ تَهَابُنَا أَبَدًا وَتَخَافُنَا .


فَأَشَارَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ عَلَيْهِمْ بِالرّجُوعِ فَلَمْ يَفْعَلُوا . فَرَجَعَ هُوَ وَبَنُو زُهْرَةَ . فَلَمْ يَزَلْ الْأَخْنَسُ فِي بَنِي زُهْرَةَ مُطَاعًا بَعْدَهَا .


وَأَرَادَ بَنُو هَاشِمٍ الرّجُوعَ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَا تُفَارِقُنَا هَذِهِ الْعِصَابَةُ حَتّى نَرْجِعَ فَسَارُوا ُ إلّا طَالِبِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . فَرَجَعَ .


وَسَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى نَزَلَ عَلَى مَاءِ أَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ . فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ : إنْ رَأَيْت أَنْ نَسِيرَ إلَى قُلُبٍ - قَدْ عَرَفْنَاهَا - كَثِيرَةَ الْمَاءِ عَذْبَةً فَتَنْزِلُ عَلَيْهَا . وَنَغُورُ مَا سِوَاهَا مِنْ الْمِيَاهِ ؟ وَأَنْزَلَ اللّهُ تِلْكَ اللّيْلَةَ مَطَرًا وَاجِدًا ُ صَلّبَ <102> الرّمَلَ . وَثَبّتَ الْأَقْدَامَ . وَرَبَطَ عَلَى قُلُوبِهِمْ . وَمَشَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ . وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ . وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إنْ شَاءَ اللّه فَمَا تَعَدّى أَحَدٌ مِنْهُمْ مَوْضِعَ إشَارَتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَلَمّا طَلَعَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اللّهُمّ هَذِهِ قُرَيْشٌ جَاءَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا ُ جَاءَتْ تُحَادّك ُ وَتُكَذّبُ رَسُولَك . اللّهُمّ فَنَصْرُك الّذِي وَعَدْتنِي . اللّهُمّ أَحِنْهُمْ الْغَدَاة وَقَامَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاسْتَنْصَرَ رَبّهُ وَبَالَغَ فِي التّضَرّعِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ . وَقَالَ اللّهُمّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتنِي ُ اللّهُمّ إنّي أَنْشُدُك عَهْدَك وَوَعْدَك . اللّهُمّ إنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَنْ تُعْبَدَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ ([12]) .


فَالْتَزَمَهُ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ حَسْبُك مُنَاشَدَتَك رَبّك ُ يَا رَسُولَ اللّهِ . أَبْشِرْ فَوَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُنْجِزَن اللّهُ لَك مَا وَعَدَك . وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللّهَ وَاسْتَغَاثُوهُ . فَأَوْحَى اللّهُ إلَى الْمَلَائِكَةِ ( 8 : 12 ) أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُوا الّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلّ بَنَانٍ وَأَوْحَى اللّهُ إلَى رَسُولِهِ ( 8 : 9 ) أَنّي مُمِدّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ بِكَسْرِ الدّالِ وَفَتْحِهَا . قِيلَ إرْدَافًا لَكُمْ . وَقِيلَ يُرْدِفُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا ُ لَمْ يَجِيئُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً .


فَلَمّا أَصْبَحُوا أَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ فِي كَتَائِبِهَا . وَقَلّلَ اللّهُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ حَتّى قَالَ أَبُو جَهْلٍ - لَمّا أَشَارَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بِالرّجُوعِ خَوْفًا عَلَى قُرَيْشٍ مِنْ التّفَرّقِ وَالْقَطِيعَةِ إذَا قَتَلُوا أَقَارِبَهُمْ - إنّ ذَلِكَ لَيْسَ بِهِ . وَلَكِنّهُ - يَعْنِي عُتْبَةَ - عَرَفَ أَنّ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةُ جَزُورٍ وَفِيهِمْ ابْنُهُ فَقَدْ تَخَوّفَكُمْ عَلَيْهِ . وَقَلّلَ اللّهُ الْمُشْرِكِينَ أَيْضًا فِي أَعْيُنِ الْمُسْلِمِينَ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا .


وَأَمَرَ أَبُو جَهْلٍ عَامِرَ بْنَ الْحَضْرَمِيّ - أَخَا عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيّ - أَنْ يَطْلُبَ دَمَ أَخِيهِ . فَصَاحَ . وَكَشَفَ عَنْ اسْتِهِ يَصْرُخُ وَاعَمْرَاهُ وَاعَمْرَاهُ . فَحَمَى الْقَوْمُ . وَنَشِبَتْ الْحَرْبُ .


وَعَدّلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الصّفُوفَ . ثُمّ انْصَرَفَ وَغَفَا غَفْوَةً . وَأَخَذَ الْمُسْلِمِينَ النّعَاسُ ُ وَأَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْرُسُهُ . وَعِنْدَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ُ <103> وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَثِبُ فِي الدّرْعِ . وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ ( 54 : 45 ) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ


وَمَنَحَ اللّهُ الْمُسْلِمِينَ أَكْتَافَ الْمُشْرِكِينَ . فَتَنَاوَلُوهُمْ قَتْلًا وَأَسْرًا . فَقَتَلُوا سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ .


وَخَرَجَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ : يَطْلُبُونَ الْمُبَارَزَةَ . فَخَرَجَ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ُ فَقَالُوا : أَكْفَاءٌ كِرَامٌ . مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ . إنّمَا نُرِيدُ مِنْ بَنِي عَمّنَا . فَبَرَزَ إلَيْهِمْ حَمْزَةُ ُ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِب ِ ُ وَعَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . فَقَتَلَ عَلِيّ قِرْنَهُ الْوَلِيدَ . وَقَتَلَ حَمْزَةُ قِرْنَهُ شَيْبَةَ . وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَعُتْبَةُ ضَرْبَتَيْنِ كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ . فَكَرّ حَمْزَةُ وَعَلِيّ عَلَى قِرْنِ عُبَيْدَةَ فَقَتَلَاهُ . وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ قَدْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ . فَقَالَ لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيّا لَعَلِمَ أَنَا أَوْلَى مِنْهُ بِقَوْلِهِ

وَنُسَلّمُهُ حَتّى نُصَرّعْ حَوْلَهُ

وَنُذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ


وَمَاتَ بِالصّفْرَاءِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ ( 22 : 19) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبّهِمْ الْآيَةَ . فَكَانَ عَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَنَا أَوّلُ مَنْ يَجْثُو لِلْخُصُومَةِ بَيْنَ يَدَيْ اللّهِ عَزّ وَجَلّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ([13]) .


وَلَمّا عَزَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْخُرُوجِ وَذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي كِنَانَةَ مِنْ الْحَرْبِ . فَتَبَدّى لَهُمْ إبْلِيسٌ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ . فَقَالَ ( 8 : 48) لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جَارٌ لَكُمْ . فَلَمّا تَعَبّئُوا لِلْقِتَالِ وَرَأَى الْمَلَائِكَةَ فَرّ وَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ فَقَالُوا : إلَى أَيْنَ يَا سُرَاقَةُ ؟ فَقَالَ ( 8 : 48) إِنّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنّي أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ .


وَظَنّ الْمُنَافِقُونَ وَمِنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أَنّ الْغَلَبَةَ بِالْكَثْرَةِ فَقَالُوا ( 8 : 50 ) غَرّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ فَأَخْبَرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ أَنّ النّصْرَ إنّمَا هُوَ بِالتّوَكّلِ عَلَى اللّهِ وَحْدَهُ .


وَلَمّا دَنَا الْعَدُوّ : قَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَوَعَظَ النّاسَ . وَذَكّرَهُمْ بِمَا لَهُمْ فِي الصّبْرِ وَالثّبَاتِ مِنْ النّصْرِ وَأَنّ اللّهَ قَدْ أَوْجَبَ الْجَنّةَ لِمَنْ يُسْتَشْهَدُ فِي سَبِيلِهِ .


فَأَخْرَجَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ بْنِ الْجَمُوحِ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ يَأْكُلُهُنّ . ثُمّ قَالَ لَئِنْ حَيِيت حَتّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إنّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ " فَرَمَى بِهِنّ وَقَاتَلَ حَتّى قُتِلَ فَكَانَ أَوّلَ قَتِيلٍ .


< 104> وَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِلْءَ كَفّهِ تُرَابًا ُ فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ . فَلَمْ تَتْرُكْ رَجُلًا مِنْهُمْ إلّا مَلَأَتْ عَيْنَيْهِ . فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( 8 : 17 ) وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنّ اللّهَ رَمَى .


وَاسْتَفْتَحَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ اللّهُمّ أَقْطَعَنَا لِلرّحِمِ وَأَتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُ فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ .


وَلَمّا وَضَعَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْعَدُوّ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ - وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَاقِفٌ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْعَرِيشِ - رَأَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي وَجْهِ سَعْدٍ الْكَرَاهِيَةَ . فَقَالَ كَأَنّك تَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ النّاسُ ؟ قَالَ أَجَلْ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ كَانَتْ أَوّلَ وَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا اللّهُ فِي الْمُشْرِكِينَ . وَكَانَ الْإِثْخَانُ فِي الْقَتْلِ أَحَبّ إلَيّ مِنْ اسْتِبْقَاءِ الرّجَالِ


وَلَمّا بَرَدَتْ الْحَرْبُ وَانْهَزَمَ الْعَدُوّ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ ؟ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ مُعَوّذٌ وَعَوْفٌ - ابْنَا عَفْرَاءَ - حَتّى بَرَدَ . فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ ؟ فَقَالَ لِمَنْ الدّائِرَةُ الْيَوْمَ ؟ قَالَ لِلّهِ وَرَسُولِهِ . ثُمّ قَالَ لَهُ هَلْ أَخْزَاك اللّهُ يَا عَدُوّ اللّهِ ؟ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ ؟ فَاحْتَزّ رَأْسَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ . ثُمّ أَتَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالَ قَتَلْته ُ فَقَالَ " آللّهَ الّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ ؟ - ثَلَاثًا - ثُمّ قَالَ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ . وَنَصَرَ عَبْدَهُ . وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ . انْطَلِقْ فَأَرِنِيهِ . فَانْطَلَقْنَا ُ فَأَرَيْته إيّاهُ . فَلَمّا وَقَفَ عَلَيْهِ قَالَ هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمّةِ ([14]) .


وَأَسَرَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أُمَيّةَ بْنَ خَلَفٍ وَابْنَهُ عَلِيّا . فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ - وَكَانَ يُعَذّبُهُ بِمَكّةَ - فَقَالَ رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيّةُ ؟ لَا نَجَوْت إنْ نَجَا . ثُمّ اسْتَحْمَى جَمَاعَةً مِنْ الْأَنْصَارِ .


وَاشْتَدّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بِهِمَا ُ يَحْجِزُهُمَا مِنْهُمْ فَأَدْرَكُوهُمْ . فَشَغَلَهُمْ عَنْ أُمَيّةَ بِابْنِهِ عَلِيّ فَفَرَغُوا مِنْهُ ثُمّ لَحِقُوهُمَا . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرّحْمَنِ اُبْرُكْ . فَبَرَكَ وَأَلْقَى عَلَيْهِ عَبْدُ الرّحْمَنِ بِنَفْسِهِ . فَضَرَبُوهُ بِالسّيُوفِ مِنْ تَحْتِهِ حَتّى قَتَلُوهُ . وَأَصَابَ بَعْضُ السّيُوفِ رِجْلَ عَبْدِ الرّحْمَنِ . وَكَانَ أُمَيّةُ قَدْ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ الْمُعَلّمُ فِي صَدْرِهِ بِرَيْشِ النّعَامِ ؟ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . قَالَ ذَاكَ الّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ .


< 105> وَانْقَطَعَ يَوْمَئِذٍ سَيْفُ عُكّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ . فَأَعْطَاهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَذْلًا مِنْ حَطَبٍ فَلَمّا أَخَذَهُ وَهَزّهُ عَادَ فِي يَدِهِ سَيْفًا طَوِيلًا ُ فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ بِهِ حَتّى قُتِلَ يَوْمَ الرّدّةِ . وَلَمّا انْقَضَتْ الْحَرْبُ أَقْبَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى وَقَفَ عَلَى الْقَتْلَى . فَقَالَ بِئْسَ عَشِيرَةُ النّبِيّ كُنْتُمْ . كَذّبْتُمُونِي . وَصَدّقَنِي النّاسُ . وَخَذَلْتُمُونِي وَنَصَرَنِي النّاسُ . وَأَخْرَجْتُمُونِي . وَآوَانِي النّاسُ . ثُمّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا حَتّى أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ - قَلِيبِ بَدْرٍ - ثُمّ وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ يَا عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ ُ وَيَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ ُ وَيَا فُلَانُ وَيَا فُلَانُ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبّكُمْ حَقّا ؟ فَإِنّي قَدْ وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبّي حَقّا فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا تُخَاطِبُ مِنْ أَقْوَامٍ قَدْ جَيّفُوا ؟ فَقَالَ مَا أَنْتَ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ [ وَلَكِنَّهُم لا يَقْدِرونَ أَنْ يُجِيبُوا ] ([15]) .


ثُمّ ارْتَحَلَ مُؤَيّدًا مَنْصُورًا ُ قَرِيرَ الْعَيْنِ مَعَهُ الْأَسْرَى وَالْمَغَانِمُ . فَلَمّا كَانَ بِالصّفْرَاءِ قَسَمَ الْغَنَائِمَ وَضَرَبَ عُنُقَ النّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ . ثُمّ لَمَا نَزَلَ بِعِرْقِ الظّبْيَةِ : ضَرَبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ .


ثُمّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ مُؤَيّدًا مَنْصُورًا . قَدْ خَافَهُ كُلّ عَدُوّ لَهُ بِالْمَدِينَةِ . فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْإِسْلَامِ .


وَجُمْلَةُ مَنْ حَضَرَ بَدْرًا : ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَ عَشْرَةَ رَجُلًا . وَاسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : كَانَ أُنَاسٌ قَدْ أَسْلَمُوا . فَلَمّا هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَبَسَهُمْ أَهْلُهُمْ بِمَكّةَ . وَفَتَنُوهُمْ فَافْتَتَنُوا . ثُمّ سَارُوا مَعَ قَوْمِهِمْ إلَى بَدْرٍ . فَأُصِيبُوا فَأَنْزَلَ اللّهُ فِيهِمْ ( 4 : 97 ) إِنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ .


قَسْمُ غَنَائِمِ بَدْرٍ

ثُمّ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ بِالْغَنَائِمِ فَجُمِعَتْ فَاخْتَلَفُوا . فَقَالَ مَنْ جَمَعَهَا : هِيَ لَنَا . وَقَالَ مَنْ هَزَمَ الْعَدُوّ لَوْلَانَا مَا أَصَبْتُمُوهَا ، وَقَالَ الّذِينَ يَحْرَسُونَ رَسُولَ اللّهِ <106> صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَنْتُمْ بِأَحَقّ بِهَا مِنّا . قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ : فَنَزَعَهَا اللّهُ مِنْ أَيْدِينَا . فَجَعَلَهَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى ( 8 : 1 ) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلّهِ وَالرّسُولِ الْآيَاتِ .


وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ عَنْ نَبِيّهِ بْنِ وَهْبٍ . قَالَ " فَرّقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْأَسْرَى عَلَى أَصْحَابِهِ . وَقَالَ اسْتَوْصُوا بِالْأَسْرَى خَيْرًا فَكَانَ أَبُو عَزِيزِ بْنُ عُمَيْرٍ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ مُصْعَبٌ شُدّ يَدَك بِهِ . فَإِنّ أُخْتَه ذَاتُ مَتَاعٍ . فَقَالَ أَبُو عَزِيزٍ يَا أَخِي ، هَذِهِ وَصِيّتُك بِي ؟ فَقَالَ مُصْعَبٌ إنّهُ أَخِي دُونَك . قَالَ عَزِيزٌ وَكُنْت مَعَ رَهْطٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حِينَ قَفَلُوا ، فَكَانُوا إذَا قَدِمُوا طَعَامًا خَصّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التّمْرَ . لِوَصِيّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إيّاهُمْ بِنَا ، مَا يَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ إلّا نَفَحَنِي بِهَا . قَالَ فَأَسْتَحِي فَأَرُدّهَا عَلَى أَحَدِهِمَا . فَيَرُدّهَا عَلَيّ مَا يَمَسّهَا .


أُسَارَى بَدْرٍ

وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ فِي الْأَسْرَى ، وَهُمْ سَبْعُونَ . وَكَذَلِكَ الْقَتْلَى سَبْعُونَ أَيْضًا . فَأَشَارَ الصّدّيقُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فِدْيَةٌ تَكُونُ لَهُمْ قُوّةً . وَيُطْلِقَهُمْ لَعَلّ اللّهَ يَهْدِيهِمْ لِلْإِسْلَامِ . فَقَالَ عُمَرُ لَا وَاَللّهِ مَا أَرَى ذَلِكَ . وَلَكِنّي أَرَى أَنْ تُمَكّنَنَا ، فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ . فَإِنّ هَؤُلَاءِ أَئِمّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُ الشّرْكِ فَهَوَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ . فَقَالَ " إنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ لَيَلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنْ اللّينِ وَإِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ لَيُشَدّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتّى تَكُونَ أَشَدّ مِنْ الْحِجَارَةِ . وَإِنّ مَثَلَك يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ ( 14 : 36 ) فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنّهُ مِنّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنّ مَثَلَك يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى ، إذْ قَالَ ( 5 : 118 ) إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ الْآيَةَ . وَإِنّ مَثَلَك يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى ، قَالَ ( 10 : 88 ) رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ الْآيَةَ . وَإِنّ مَثَلِك يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ ( 71 : 67 ) رَبّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيّارًا ثُمّ قَالَ أَنْتُمْ الْيَوْمَ عَالَةٌ . فَلَا يَنْفَلِتَن مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِفِدَاءِ أَوْ ضَرْبِ عُنُقٍ . فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى ( 8 : 67 مَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الْآيَتَيْنِ ([16])


قَالَ عُمَرُ فَلَمّا كَانَ مِنْ الْغَدِ غَدَوْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ - هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ - يَبْكِيَانِ . فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ <107> أَخْبِرْنِي مَا يُبْكِيك ؟ وَصَاحِبَك ؟ فَإِنْ وَجَدْت بُكَاءً بَكَيْت ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا .

فَقَالَ أَبْكِي لِلّذِي عَرَضَ عَلَيّ أَصْحَابُك مِنْ الْغَدِ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ . فَقَدْ عَرَضَ عَلَيّ عَذَابَهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشّجَرَةِ - لِشَجَرَةِ قَرِيبَةٍ مِنْهُ - وَقَالَ لَوْ نَزَلَ عَذَابٌ مَا سَلِمَ مِنْهُ إلّا عُمَرُ ([17]) .


وَقَالَ الْأَنْصَارُ له صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نُرِيدُ أَنْ نَتْرُكَ لِابْنِ أُخْتِنَا الْعَبّاسِ فِدَاءَهُ فَقَالَ لَا تَدَعُوا مِنْهُ دِرْهَمًا ([18]) .


 توقيع : عبدالعزيز

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
100, الرحمة, الصلاة, حلقة3, سيرة, عليه, والسلام, نبي

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

Forum Jump

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيرة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في 100 حلقة(1) عبدالعزيز هدي نبينا المصطفى ▪● 39 01-06-2016 05:35 AM
سيرة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في 100 حلقة(2) عبدالعزيز هدي نبينا المصطفى ▪● 35 12-21-2015 01:44 PM
درع النبي عليه الصلاة والسلام عبدالعزيز الصوتيات والمرئيات الاسلاميه ▪● 28 12-08-2015 10:57 PM
سيرة النبي المختار عليه الصلاة والسلام بطريقة سؤال وجواب عبدالعزيز هدي نبينا المصطفى ▪● 31 11-24-2015 12:10 PM
سيرة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في حلقات ♪ تْرآتْيِلَ آلروُحَ ♥♥ هدي نبينا المصطفى ▪● 82 10-21-2015 07:32 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 08:41 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM