التفوق
يمتاز المُتفوّقون عن غيرهم من الأطفال العاديين بتقدُّمهم في مَجالاتٍ مُختلفةٍ ومُتعدّدة الاتجاهات؛ فهُم إلى جانبِ تَفوّقهم الدراسي يتفوّقون في أنشطةٍ واتّجاهاتٍ أخرى يُثبتون فيها نجاحهم، حيث لَديهم القُدرة على الابتكار، ويُمارسون أنشطةً مُختلفةً يُبدعون فيها كالأنشطة الثقافية، والاجتماعية، والرياضية.[١]
تعريف التفوق
المُتفوّق هو الطّفل الذي يَتميَّز بقُدراتٍ وصِفات فوق العادة؛ فهو اجتماعيّ، ويتكيّف مع الآخرين، وعرّفه البعض بأنّه امتيازُ الطّفل في التحصيل الدراسي؛ بحيث يكون مجموع درجاته أفضل من زملائه، ويكون ارتفاع التحصيل لديه ملحوظاً، وإنجازه مُتميّز عن الآخرين، ويرى آخرون أنّ التفوّق ببساطةٍ هو قُدرة الطّفل على الامتيازِ والتحصيل، وقال البعض إنّ التفوّق ليس مُقتصراً على التحصيل الدّراسي وإنّما أيضاً التفوّق يكون في مهارةٍٍ معيّنةٍ، أو في مَجموعةٍ من المهارات.[٢]
ألقاب تَميّز بها المتفوق
استَخدم النّاس عباراتٍ ومُصطلحاتٍ عديدة تدلّ على الطفل المُتفوّق الذي تميّز عن أقرانه بذَكائه وفِطنته، ومن هذه المُصطلحات: الموهوب، والنابغة، ومتوقّد الذكاء، والطفل العبقري، والطفل المتميّز، وأكثر الألقاب انتشاراً وشيوعاً بين الناس لقب الطفل الموهوب.[٣]
ظاهرة التفوّق الدراسي
تعدّ ظاهرة التفوّق الدراسي من الظواهر المهمّة التي يزداد الاهتمام بها يوماً بعد آخر، ويَتزايد اهتمامُ المُربّين وعلماء النفس بالمُتفوّقين دراسياً تحديداً لأنّهم الثروة القوميّة لأي بلد، وهم المُخترعون وعُلماء المستقبل، بِهم تنهض وتزدهر الأمم، وتَعيش في رغدٍ وهناء.
أثبتت الدّراسات الحديثة أنّ الطلبة المُتفوّقين دراسيّاً لهم صفات ومُميّزات تختلف عن غيرهم، كالثقة بالنفس، ومَقدرتهم على التكيُّف الاجتماعي مع الآخرين؛ فهم يَعيشون في مستوى جيّد من الإحساس بالأمن النفسي والاجتماعي، في حين أنّ بعض المُتأخّرين دراسيّاً يُعانون من مُشكلاتٍ نفسيةٍ عديدةٍ؛ كضعف الثقة بالنفس، وعدم القُدرة على التواصل مع الآخرين، والشعور بعدم الأمان، والنقص والحرمان والاضطراب والقلق النفسي؛ ولذلك جاءت أهميّة اهتمام كلٍّ من الآباء والمُربّين بضرورة ارتقاء مُستوى الطلبة وجعلهم من المُتفوّقين دراسياً، وبحث وتحرّي أهمّ الوَسائل والسبل لتحقيق ذلك والوصول إلى النّتيجة المطلوبة.[٤]
كيف أجعل ابني من المُتفوّقين
توجد العديد من الأساليب التي تُظهر التفوّق لدى الأطفال، وتساعد على تنميتهم عقليّاً، ومن هذه الأساليب الآتي:[٥][٦]
التركيز على تنمية القُدرات العقليّة لدى الطفل وذلك من خلال وسائل وطُرق متعدّدة منها اختيار ألعاب خاصّة بتنمية الذكاء لدى الأطفال، أو طرح بعضٍ من الأسئلة التي تحتاج إلى تفكيرٍ دقيق أو حلّ مجموعة من الألغاز.
التنوّع في عمليّة التعليم وتلقّي المَعلومات في شتى المجالات في المراحل الدراسية المختلفة، وعدم التركيز على نوعٍ واحد من العلم أو المعرفة؛ فمِن المهم تعليم الطفل وتدريسه الجانب اللغوي، وكذلك علم المنطق والحساب وغير ذلك من العلوم المتنوعة.
التعاون والتشارك العملي الفعّال بين الجانب الأسري والجانب المدرسي، وذلك بالتواصل الدائم والمستمر لبَيان الجَوانب والمهارات التي يُمكن تنميتها لدى الطفل المُتفوّق، وبيان الآباء للمُدرّسين حقيقة الطفل وتفوّقه، ودورهم في عون الآباء على زيادة هذا التفوق، ومَعرفة الجوانب التي يُبدع فيها الطفل؛ بحيث تُوفّر له المَدرسة الوسائل والمُسابقات والحوافز اللازمة، وأساليب الرّعاية التربويّة المُناسبة لجعله أكثر تَفوُّقاً وتَميُّزاً عن أقرانه الآخرين.
عَدم السيطرة والتسلّط على الطفل من قِبل الوالدين، وترك الحريّة له للتعبير عن رأيه واتّخاذ القرار فيما يريد وبما يَراهُ مناسباً.
ترك الطفل على حُريّته في اكتشاف البيئة من حوله؛ فالحرص الزائد والخوف الشديد على الطفل يكبت حريّته ويحدّ من ذكائه.
قراءة الكتب والقصص أمام الطفل، واستِخدام أسلوب التوجيه، وعدم اللجوء إلى التعنيف، أو العقاب، أو الضرب.
أسباب التفوق العقلي
يَتحدّد النّشاط العقلي للطّفل بمجموعةٍ من العوامل؛ فبعضها بيئيّة، وبعضها فرديّة، وأخرى مَزيجٌ من العَوامل البيئيّة والفردية، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ العوامل الجينيّة لها دورٌ مهمٌ في التفوق العقلي لدى الطفل؛ فالأطفال المتفوّقون عقليّاً يمشون ويتكلّمون ويقرؤون بشكلٍ أسرع من أقرانهم، وسرعة النموّ هذه من الصعب إلحاقها بالعَوامل البيئية، ولكن يُمكن القول إنّ البيئة التي نشأ فيها الطّفل المُتفوّق كانت بيئةً ثقافيةً أثّرت في نموّهِ.
إنّ أسباب ظهور التفوّق العقلي ترجِع إلى العوامل الوراثية التي تُساهم كما أشار بعض العلماء بنسبة 80% من الذكاء، في حين أنّ العوامل البيئيّة لا تتعدّى 20% فقط، وهذا يعني أنّ العوامل البيئيّة المُحيطة بالطفل لها تأثيرٌ واضحٌ في الذكاء والنجاح التحصيلي، فهي التي تُحدّد كيفيّة ترجمة الاستعداد الجيني للتعبير عن أداء الطفل المتفوّق.[٧]
خصائص وميّزات المُتفوّقين
أشارت الدراسات الحديثة التي أُجريت حول التفوق والمُتفوّقين إلى وجود مجموعةٍ من الخَصائص التي تُميّز من اتصف بالتفوق، وهذه الخصائص هي:[٨]
الخصائص الجسمية
أظهرت الدّراسات المُستفيضة التي أجراها علماء النفس على الأطفال المتفوّقين أنّهم يتميّزون عن غيرهم من أقرانهم بأنّ مستوى النمو الجسمي، والصحة العامة لَديهم تفوق الآخرين، فهُم أكثر حيويّةً، وتُبيّن كذلك أنّهم أكثر وزناً وطولاً من الأطفال العاديين، وأنّ الطفل المتفوق ينام ساعاتٍ أقل ولديه طاقةٌ أكبر.[٩]
الخصائص العقلية
إنّ أهمّ صفةٍ تُميّز المتفوّقين عن غيرهم هي أنّ مُعدّل الذكاء لديهم يُعادل ذكاء من هُم أكبر منهم سناً بعامٍ أو أكثر، بمعنى أنّ النموّ العقلي لديهم يَفوق العمر الزمني، وأنّ القُدرات العقليّة أعلى من الأطفال العاديين، فهم يَتّصفون في عمليّات تفكيرهم بالسرعة والمَنطقيّة، وتكون لديهم القُدرة على التّحليل وطرح التساؤلات حول العلاقات بين السَّبب والنتيجة، وبالتالي حلّ أصعب المُشكلات، وكذلك تجدهم يَحتفِظون بقدرٍ كبيرٍ من المعلومات، وقوّة انتباهٍ لوقتٍ طويلٍ وسرعةٍ في تَعلُّم المَهارات الأساسية، ويَتميّزون باليَقظة والفِطنة وقوّة الذاكرة، وسُرعة البديهة.[٩]
الخصائص الانفعالية
أُجرِيت العديد من الدّراسات على المُتفوّقين لبَيانِ الخَصائص الانفعاليّة لديهم، وكانت النتيجة في هذه الدراسة أنّ المُتفوّقين هم مُستقرّون انفعاليّاً وهم أقلّ من غيرهم من حيث الإصابة بالاضطرابات النفسية ، وعدم العصبية، ولديهم حس النكتة والمرح، والدعابة، هذا في حال مُقارنتهم بأقرانهم الّذين هم في مثل سنّهم.[٩]
الخصائص الاجتماعية
إنّ أهمّ صفةٍ اجتماعيّةٍ تَظهر على المُتفوّقين هي القدرة القيادية، بمَعنى أنّ الطّفلَ المُتفوّق قادرٌ على قيادة أقرانه في المدرسة وخارجها، ولديه حساسية غير عادية لمشاعر الآخرين، كما يتميّز بقدرته على التكيّف عندما يتطلّب الأمر تحمل المسؤولية. [٩]