قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أرادَ الله بقومٍ عَذابًا أصاب العَذاب مَن كان فيهم ثم بُعِثُوا على أعمالهم»[1]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «يُبعث كلُّ عبدٍ على ما مات عليه»
وممَّا ساقَه الله تعالى من براهين على قُدرته على بعْث الأموات بعد موتهم:
وفي بَيان كيفيَّة
البعث جاء حديثُ أبي هريرة رضِي الله عنه الذي أخرَجَه الشيخان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين النفختين أربعون»،
قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يومًا؟
قال: أبيتُ،
قال: «ثم يُنزِل الله ماءً فينبتون منه كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيءٌ إلا يَبلَى إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب ـ آخر عمود الظهر ـ ومنه يُركَّب الخلق يوم القيامة»
فدلَّ الحديث على كيفيَّة البعث، وأنَّ أهل القبور والموتى يبقون بعد النفخة التي فيها الصَّعقة وقبل نفخة
البعث أربعين، جاء في بعض الرِّوايات أنَّها أربعون سنةً، والنفختان هما:
الأولى: نفخة الفزَع والصَّعق، وهي التي تكونُ بها إماتة الأحياء وخَراب هذا العالم.
الثانية: نفخة
البعث من القبور وإرسالهم إلى موقف الحشر.
فإذا أراد الله بعْث الخلائق أنزَل من السماء ماءً - جاء في بعض الروايات صفته أنَّه كمَنِيِّ الرِّجال ـ فينبت أهلُ القبور من ذلك الماء، فإذا تَمَّ خلقهم نفخ في الصُّور النفخة الثانية، فطارت أرواحُهم إلى أجسادهم، وانشقَّت الأرضُ عنهم، فخرَجُوا من قُبورهم سِراعًا:
﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾
[القمر: 7، 8].
فأوَّل يوم
القيامة النَّفخُ في الصُّور نفخة الفزع والصَّعق، ثم نفخة
البعث التي تعودُ فيها الأرواح إلى الأجساد فتحيا، ثم تُحشَر الخلائقُ إلى ربِّ العِباد، والصُّور هو القَرن الذي ينفُخ فيه إسرافيل عليه السلام
• وعن أبي سعيد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ صاحب الصور قد التقَمَ الصور وحنى جبهتَه ينتَظِر متى يُؤمَر بالنَّفخ»
• وروى أحمد في مسنده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «النافخان في السماء الثانية فيَنظُران متى يُؤمَر في الصور فينفُخا»
قال الحافظ:
وقد اشتهر أنَّ صاحب الصور إسرافيل عليه السلام.
وهذا يحتمل أنَّ إسرافيل رئيسهم وله أعوان.
وقد جاء في صحيح مسلم عن يوم الجمعة أنَّ فيه تقومُ الساعة
وفي سنن النسائي
عن أوس بن أوسٍ الثَّقفي مرفوعًا:
«إنَّ أفضل أيَّامكم يوم الجمعة فيه الصَّعقة، وفيه النَّفخة الثانية»
عدد مرَّات النفخ في الصور:
والصواب أنَّ النفخ في الصور مرتان:
الأولى:
تبدأ بالفزَع وتنتهي بالصَّعق لجميع الخلق إلا مَن شاء الله.
الثانية:
نفخة
البعث فتُعاد الأرواح إلى الأجساد، ويقومُ الناس لربِّ العالمين،
ويدلُّ على ذلك:
1- قوله تعالى:
﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾
[الزمر: 68]،
وقوله تعالى:
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ
إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾ [يس: 51]
.
2- وثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما في حديثه الطويل،
وفيه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ثم يُنفَخ في الصُّور فلا يسمعه أحدٌ إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا، ثم لا يبقَى أحدٌ إلا صُعِقَ، ثم يُنزل اللهُ مطرًا كأنَّه الطلُّ أو الظل - شكَّ الراوي - فتنبت منه أجسادُ الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظُرون»