وقوف
السيدة خديجة إلى
جانب النبي وانضمامها إليه أثناء المقاطعة :
وقفت
السيدة خديجة رضي الله عنها بجانب
النبي صلى الله عليه وسلم ، وانضمَّت
إليه في شعب أبي طالب .
(( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلَا لِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبِطُ بِلَالٍ ))
[أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ]
تهريباً ، بذلت رضي الله عنها مالها لتؤمِّن ما تستطيع من طعام المسلمين ـ
السيدة خديجة بذلت مالها لتؤمن ما تستطيع من طعامٍ للمسلمين ـ خلال سنوات مقاطعة ، واستعانت لهذا الأمر بابن أخيها حكيم بن حزام رضي الله عنه ، وكان حينئذٍ لا يزال على شركه ، لم يسلم بعد .
كان يشتري الطعام ، ويرسله إلى عمته
السيدة خديجة ليلاً ، ولقيه في إحدى المرات أبو جهل ، ومع حكيم غلام يحمل قمحاً ، يريد عمَّته
خديجة بنت خويلد ، وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه في الشعب ، فتعلق به ، وقال : أتذهب بالطعام إلى بني هاشم ـ خرقت
المقاطعة ـ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة ، فجاء ابن هشام بن الحارث فقال : مالك وله ؟ قال : يحمل الطعام إلى بني هاشم ؟ فقال أبو البُختري : طعامٌ كان لعمته بعثت
إليه ، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها ، خلي سبيل هذا الرجل ، فأبى أبو جهل ، حتى نال أحدهما من صاحبه ، فأخذ أبو البُختري لحى بعيرٍ فضربه به فشَّجه ، ووطئه وطأً شديداً ، إنها معاناة شديدة جداً .
مرت سنوات
المقاطعة الظالمة ، وهلك فيها من هلك من أطفال المسلمين ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو ممن ولد في الشعب : " حوصرنا في الشعب ثلاث سنين ، وقطعوا عنا الميرة ـ القمح ـ حتى إن الرجل ليخرج بالنفقة فما يبايع حتى يرجع ، حتى هلك من هلك ـ معه مال ولكن لا يوجد من يبيع بضاعة ، لا توجد بضاعة ـ وسلَّط الله سبحانه وتعالى الأرضة على الصحيفة الظالمة ، فأكلت ما في الصحيفة من عهدٍ وميثاق ـ أي حشرة أكلت هذه الصحيفة ـ وقام بعض رجالات قريش من المشركين فسعوا في نقض الصحيفة بعد أن رأوا شدة ما يعاني المحصورون في شعب أبي طالب ، وكان عليه الصلاة والسلام قد أخبر عمَّه أبو طالب بما فعلت الأرضة بالصحيفة ، وأخبر أبو طالب وجوه المشركين ، وطالبهم بإحضار الصحيفة ، فلما أحضروها ونظروا فيها وجدوها كما أخبر
النبي الكريم ، وقد ساعد على نجاح هذه المساعي لإخراج المسلمين من هذه الحلقة القاسية ".
النبي الكريم أسوة حسنة لنا :
إن شاء الله أيها الأخوة في درسٍ قادم نتحدث عن عام الحُزن ، في هذا العام توفي أبو طالب وتوفيت
السيدة خديجة .
هذا
النبي الكريم لاقى ما لاقى ، ذاق وفاة الزوجة ، ذاق وفاة العم ، ذاق يُتم الأب، ذاق يُتم الأم ، ذاق الهجرة ، ذاق موت الولد ، ذاق فضيحة الزوجة ، ذاق
المقاطعة ، ذاق تطليق ابنته ، لا يوجد شيء لم يذقه
النبي اللهم صلِّ عليه ، من هنا قال الله عز وجل :
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ (21)﴾
( سورة الأحزاب )
نرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون
النبي أسوة حسنة لنا ، أي اصبروا إذا كان هناك مشكلة ، معاناة ، ما دمت على الحق اصبر ولا تخش في الله لومة لائم .
.