لغويًّا: وهب؛ أي: أعطى بلا مقابل، والهبة هي الهدية، والموهبة هي غدير الماء الصغير، وقد عرفها اللغويون: قدرة استثنائية أو استعدادًا فطريًّا غير عادي لدى الفرد للبراعة في فن أو نحوه.
اصطلاحيًّا: هي مفهوم بيولوجي متأصل؛ يعني: ذكاء مرتفعًا، ويشير إلى تطور متقدم ومتسارع لوظائف الدِّماغ وأنشطته، بما في ذلك الحس البدني والعواطف والمعرفة والحدس.
تعريف الإبداع: Creation - Invention
لغويًّا: أبدع الشيء بدعه؛ أي: استخرجه وأحدثه.
اصطلاحيًّا: قدرات مميزة لأشخاص مبدعين، وقُدرة على إظهار السلوك الإبداعي إلى درجة ملحوظة، ويشمل السُّلوك الإبداعي: الاختراع، والتصميم، والاستنباط، والتأليف، والتخطيط، والإبداع ليس تفكيرًا مزاجيًّا، وإنَّما هو النظر للمألوف بطريقة غير مألوفة، ثم تطوير هذا النَّظر ليتحول إلى فكرة، ثم إلى تصميم، ثم إلى إبداع قابل للتطبيق والاستعمال. (غيلفورد).
(2)
تعريف التفوق: Superiority - Excellence
لغويًّا: تفوَّق على قومه، فاقهم وترفَّع عليهم.
اصطلاحيًّا: امتلاك قدرات خاصَّة عند بعض الطلاب تُؤهلهم للتفوُّق في مجالات معينة علمية أو أدبية أو فنية.
استنتاج1: الطالب الموهوب قد لا يكون متفوقًا، ولكنه أقرب إلى كونه مبدعًا.
استنتاج2: الطالب المبدع قد لا يكون متفوقًا، ولكنَّه أقرب إلى كونه موهوبًا.
استنتاج3: الطالب المتفوق دراسيًّا ليس بالضرورة أن يكون موهوبًا أو مبدعًا.
مجالات الموهبة:
يوجد ستة مجالات عامة يمكن أن تظهر موهبة الطالب من خلالها.
1- مجال مقدرة الذكاء العامة: يبدو هذا الطالب ذكيًّا بشكل جلي في عدة مجالات، ومن الصَّحابة الكرام الذين برعوا في الذكاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه.
2- مجال الميل لجانب علمي محدد، قد يكون هذا الطالب متعلقًا بالرياضيات، ولكنه يعاني الإملاءَ الغيبي، ومن الصحابة الموهوبين في هذه المجال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل.
1- مجال مقدرة التفكير المبدع:
ومن الصحابة الموهوبين في هذا المجال: سلمان الفارسي - رضي الله عنه - الذي أشار على النبي بحفر الخندق، وأبو بكر الصديق، وما أكثرَ مواقفَه في هذا المجال! ومنهم عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - ذكرَ الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان: "باب طرح الإمامِ المسألةَ على أصحابه؛ ليختبر ما عندهم من العلم"، وأخرج فيه حديث عبدالله بن عمر: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ من الشَّجر شجرةً لا يسقط ورقُها، وإنَّها مثل المسلم، حدِّثوني ما هي؟))، قال: فوقع النَّاس في شجر البوادي، قال عبدالله: فوقعَ في نفسي أنَّها النخلة، ثمَّ قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله، قال: ((هي النخلة)).
2- مجال مقدرة القيادة: تتجلى في قوة شخصيَّة بعض الطلاب، وقُدرتهم على التأثير على زملائهم، والإمساك بزمام الأمور، فكثيرًا ما نلحظ أن طالبًا في الفصل يَحظى بشعبيَّة كبيرة، وتكون كلمته مسموعة، ويظهر ذلك في تجمعات الأطفال في الحدائق وأماكن الألعاب؛ حيثُ تجد طفلاً ثَمَّة يوجِّه عددًا كبيرًا من زُملائه دون أن يعترض أحد، ومن الصَّحابة الموهوبين في هذا المجال خالد بن الوليد، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما.
3- مجال مقدرة في الفنون البصرية أو التمثيليَّة: تتبدى هذه المقدرة عند بعض الأطفال من خلال تفاعُلهم مع الأراجيز والأناشيد، وقُدرتهم على تقليد أصوات المنشدين، وممن تميزوا في هذا الجانب حسان بن ثابت؛ حيثُ كان شاعرًا ملهمًا، وأبو موسى الأشعري الذي تميَّز بحسن قراءة القرآن، وبلال بن رباح مؤذن الإسلام، وصاحب الصوت النَّديِّ.
4- مجال المقدرة الحركية: تظهر المقدرة الحركية بشكل جلي عند بعض الطلاب، من خلال الأنشطة الرِّياضية وغيرها، كما تظهر من خلال استخدامِ الإيماءات والحركات الجسمانيَّة أو التعابير الوجهية؛ لإظهار أو تقليد المشاعر والأحاسيس.
الطلاب الموهوبون: يتميز الطالب الموهوب بما يلي:
1- التفوق اللغوي (التعبير)، يَعرف مُفردات لا يعرفها أقرانه.
2- التفوق في القراءة ومهارات الكتابة.
3- التفوُّق في الذاكرة ومرونة الفكر: (الاستظهار، الرياضيات).
4- التفوق في المحاكمات المجردة.
5- التفوق في التفكير الرمزي.
6- الإبداعية، والخيال الإبداعي.
7- الاهتمام بالغموض والأمور المعقدة.
8- الاهتمامات الجمالية التذوقيَّة، والانتباه للتفاصيل.
9- الأداء المتميز، والإنجاز المدرسي المتفوق.
10- الإحساس الجيد بالنكتة، والإدراك الجيد للعلاقات المكانية.
11- الحماسة وحب الخبرات الجديدة.
12- حب الاستطلاع والمجازفة، والقدرة على التكيف.
13- يعطي عددًا من الحلول لمشكلة واحدة.
14- يتكيف بسرعة مع العالم المحيط.
15- يفهم العلاقة بين السبب والنَّتيجة، يعرف سببَ تشكُّل الغيوم، وسبب طفو الأجسام... إلخ.
16- يتمتع بقدر عالٍ من روح الدعابة والفكاهة.
17- يهتم كثيرًا بالصور والخرائط والبيانات ومجسمات الأرض والكواكب.
18- يفضل فك الأشياء إلى مكوناتها، كالألعاب والساعات والأجهزة... إلخ.
19- يعطي أعذارًا ذكية ومقبولة لتصرفاته.
20- يتمتع بتجميع وتركيب الألغاز والأحجيَّات الصعبة.
21- يحب العد والوزن والقياس وتصنيف الأشياء.
1- التشجيع ومنح الفرص للطلاب، التي تظهر قدراتهم وإمكاناتهم.
2- جعل الواجب المنزلي بحاجة إلى مجهود ابتكاري.
3- التَّواصل مع أولياء الأمور؛ من أجل الوصول إلى نتائج أفضل.
4- الحث على النقد وعدم النَّظر إلى الأشياء على أنَّها مسلَّمات.
5- إيجاد بيئة صافية تساعد على الابتكار والإبداع.
6- إعداد برامج إثرائيَّة إضافيَّة تشبع احتياجاتهم، وتتواءم مع قُدرات الموهوبين، وتُسهم في تنمية مهارات التفكير.
7- توجيه أسئلة تنير فيهم التفكير.
8- إرشادهم لاستخدام مصادر مُتعددة للتزود بالخبرة والمعرفة.
9- الاهتمام بالحوافز الطبيعية واللفظية، التي من شأنها أن تنشط العقل والذَّكاء، وتنمي الخيال والتفكير.
10- توفير أدوات ووسائل تُمكنهم من العمل اليدوي وتنفيذ تجارب علمية.
11- استخدام وسائل الإعلام في إشهار إنتاجهم العملي والنَّظري؛ "لوحات الحائط، المواقع الإلكترونية، الإذاعة، التلفزيون".
12- إعداد اختبارات مركزة في مجال الموهبة المحدد؛ من أجل الوقوف على أبرز التطوُّرات المعرفية والفنية عند الطالب.
13- تنمية التذوق الجمالي للرياضيات والعلوم، الظاهر والباطن، وتنمية الشُّعور والإحساس بالجمال "السُّحُب في السماء، العصافير على الأغصان، الأمواج في البحر، الكواكب والمجرات".
14- التعاون مع المؤسسات الحكومية والأهلية التي تهتم بالمواهب.
15- إقامة معارض خاصَّة للطلاب الموهوبين؛ لعرض نتاجهم واختراعاتِهم.
16- استخدام طريقة التقصي واللعب بالاكتشاف.
17- الحوار.
18- استخدام الطريقة الاستنباطيَّة، ومهارة طرحِ الأسئلة في تفتيحِ أذهانِ التلاميذ؛ لتلقِّي المعلومة بعد تشوُّق نفوسهم إليها، وتطلُّعِ عقولهم إلى معرفتها.
خاتمة:
بدا واضحًا من خلال ما تقدَّم أهمية دَوْر المعلم في رعاية الموهبة، وفتح الآفاق أمامها؛ لتنمو وتترعرع، ومن ثَمَّ تتحول إلى اختراع أو ابتكار يقدم الرَّاحة والسَّعادة للبشرية جمعاء، وما من شك في أنَّ الموهوبين يختصرون الأزمنة والمسافات، ويُوفِّرون الجهود من خلال الاستنتاجات العلميَّة والابتكارات، التي تتوصل إليها عقولهم المبدعة.
يقول نيوتن: "إذا كنتُ قد استطعتُ أنْ أرى أبعدَ من غيري، فلأنني وقفتُ على أكتافِ عددٍ كبير من العمالقة".
ويقول هاورد جاردنر: "المعلمُ الناجحُ ذو الخبرةِ والتدريب الجيِّد لا يزال أفضلَ من الوسائلِ التكنولوجيَّة الأكثر تقدمًا، وإنَّ أعظم الأجهزةِ والبرامجِ لا تزال قليلةَ النَّفعِ في غيابِ المنهجِ وعلمِ أصولِ التدريس والتقييم المناسب.
وفي الختام، أتمنَّى من المعلمين بذلَ قصارى جهودهم، في سبيل رعاية الطلاب الموهوبين، الذين يُمثلون ثروة غالية في رصيد المجتمع والأمة.