ما هو
الحال الذي كان
عليه أبو
سفيان حينما رفع
الله ذكر
الإسلام وما هو
الرأي الذي اقترحته
عليه زوجه ؟
قبيل فتح مكة بقليل كُتب لأبي
سفيان أن يسلم، وكان لإسلامه قصة مثيرة وعتها كتب السير، وتناقلتها آثار التاريخ، والآن نتنحّى جانباً لندعَ الحديث لأبي
سفيان نفسه، حتى يرويَ لنا قصته المثيرة عن إسلامه، فشعوره بها أعمق شعور، ووصفه لها أدق وأصدق .
أنا أشعر، أن في قصة هذا الصحابي من المواعظ والعبرة ما لا سبيل إلى حصره، الآن أحاول إن شاء
الله تعالى أن أعمق التحليل لهذه القصة المثيرة .
قال أبو
سفيان بن الحارث:
((لما استقـام أمر الإسلام، وقرّ قراره، وشاعت أخبار انتصار النبي صلى
الله عليه وسلم، وتوجه إلى مكة ليفتحها ضاقت علي الأرض بما رحبت, أين أذهب؟ ولِمَن ألتجئ؟ -قال
عليه الصلاة والسلام:
((إذا أردت إنفاذ أمرٍ تدبَّرْ عاقبته))
أحيانًا يسافر الإنسان إلى بلد أجنبي، يتساءل: ما هذه الحياة؟ وهل نحن من أهل الحياة؟ خير إن شاء الله، السيارات، الطرقات، محلات البيع الأنيقة، أرض كلها خضراء، جبال مزدهرة، معامل، مطارات، فانبهر وغشيت عينه غشاوة، كما غشيت قلبه فكرة، فأخذ إقامة، وتزوج فتاةً أمريكية ورَكَن واطمأنّ
لكن المشكلة
حينما يرى ابنته مع صاحب لها يهودي، فلما أزعجه طلبوه إلى المخفر ليؤنبوه، هو معها بدعوة من ابنتك، فلِمَ تتعرَّض لهما؟ وحينما يرى أولاده فلذات أكباده ينحرفون انحرافاً خطيراً، ولا يستطيع أنْ يتفوَّه، عندئذ يذوب قلبه ألماً وكمدًا، نقول له: أين عقلك ؟ أنت
حينما أردتَ أن تقيم هناك لمَ لمْ تفك؟ مَن أقام مع المشركين فقد برئت منه ذمة الله، وعلى كلٍّ مَن هو العاقل؟ هو
الذي يحتاط للأمور قبل وقوعها- .
ثم جئت زوجتي وأولادي, وقلت: تهيؤوا للخروج من مكة، فقد أوشك وصول محمد، وإني لمقتول لا محالة إن أدركني المسلمون، فقالوا لي: أمَا آن لك أن تبصر أن العجم والعرب قد دانت لمحمد بالطاعة إلى متى تبقى راكبًا رأسك؟ وإلى متى العناد؟ إلى متى الكبر؟ -صدق القائل:
إلـى متـى أنت بالذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تخشى من عتبنا يوم جمعنا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظر ما به جـــاء وعدنا
تعصي الإله وأنت تظهر حبـه ذاك لعمري في المقال شنيـعُ
أحياناً أيها الأخوة, تكون الزوجة أصفى من الزوج قلبًا، وأصوب رأيًا، وقد تنصحك نصيحة أبلغ من أية نصيحة، ابنك قد ينصحك- قال: وما زالوا بي يعطفونني على دين محمد، ويرغبونني فيه حتى شرح
الله صدري للإسلام))
قرر أنْ يخطب ابنة الملك، قال: الحمد لله، أنا موافق، وأبي موافق، وأمي موافقة، لكن بقيتْ هي وأمها وأبوها، فهذا الرجل أحب أن يسلم، والطرف الثاني هل يقبلك؟ عداوة طويلة لأنه ما حفظ خط الرجعة إطلاقاً, قال النبي
عليه الصلاة والسلام:
((أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا, وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا))
[أخرجه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ في سننه]
..