الجواب :
الحمد لله
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا ) رواه البخاري (6789)، ومسلم (4494) واللفظ له .
فدل الحديث على أن ربع الدينار هو أدنى ما يوجب قطع يد السارق ، فمن سرق متاعا يساوي ربع
دينار فصاعدا فإنه يقطع ، ولا قطع على من سرق ثلاثة دراهم إلا أن تبلغ قيمتها يوم السرقة ربع
دينار ؛ لأن أصل التقدير إنما هو بالدينار ، وليس بالدراهم ، فإذا تفاوتت قيمة الدرهم ، فإنها تقاس ، زيادة ونقصانا ، بالدينار ، في وقت السرقة ، فإذا بلغت ربع
دينار قطعت يد السارق .
وعلى هذا يحمل حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ [أي : درع] قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ ) متفق عليه ؛ أي : لأن ثلاثة دراهم تساوي في ذلك الوقت ربع
دينار .
قال الإمام الشافعي رحمه الله في نصاب حد السرقة وأنها مقوّمة بربع
دينار :
" وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ : رُبُعُ دِينَارٍ ...
فَإِذَا أُخِذَ سَارِقٌ قُوِّمَتْ سَرِقَتُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي سَرَقَهَا فِيهِ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ لَمْ يُقْطَعْ .
وَالْأَصْلُ رُبُعُ دِينَارٍ ، فَلَوْ غَلَتْ الدَّرَاهِمُ حَتَّى يَكُونَ دِرْهَمَانِ بِدِينَارٍ قُطِعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نِصْف دِرْهَمٍ ، وَلَوْ رَخُصَتْ حَتَّى يَصِيرَ الدِّينَارُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، قُطِعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا .
وَإِنَّمَا الدَّرَاهِمُ سِلْعَةٌ ، كَالثِّيَابِ وَالنَّعَمِ وَغَيْرِهَا ؛ فَلَوْ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ ، أَوْ مَا يَسْوَى رُبُعَ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَسْوَى عَشْرَ شِيَاهٍ : كَانَ يُقْطَعُ فِي الرُّبْعِ ، وَقِيمَتُهُ عَشْرُ شِيَاهٍ .
وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ مَا يَسْوَى رُبُعَ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ رُبُعُ شَاةٍ : كَانَ إنَّمَا يُقْطَعُ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ .
وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ الدِّينَارَ؛ فَالدَّرَاهِمُ عَرَضٌ مِنْ الْعُرُوضِ، لَا يُنْظَرُ إلَى رُخْصِهَا وَلَا إلَى غَلَائِهَا". انتهى من " الأم " (6/159) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قوله : " أو ربع
دينار " وهو [ أي : الدينار ] : مثقال ، والمثقال أربعة غرامات وربع ، فيكون ربع الدينار واحد غرام ، وواحد من ستة عشر ، يعني ربع الربع ، فإذا سرق الإنسان من الذهب ما يزن غراما وربع الربع : قُطِع ؛ وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا قطع إلا في ربع
دينار فصاعدا )، وهو في الصحيحين. وعلى هذا : فيكون هذا الحديث مخصصا لعموم قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [المائدة: 38] ، فيكون ما دون النصاب لا قطع فيه ...
وأما الحديث الآخر : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم ، فهذا محمول على أن ثلاثة الدراهم تساوي ربع
دينار في ذلك الوقت ، والدينار اثنا عشر درهما من الفضة " انتهى من " الشرح الممتع " (14/334) .
وكما ذكر السائل فإن الدينار يزن أربع غرامات وربع من الذهب ، وربع الدينار يساوي غراما وربع الربع ، وهو ما ذكره السائل : 1,0625
وأما تحديد سعر ذلك بالنقود ، فقد تبين من الجواب أنه يتفاوت ، يوما عن يوم حسب سعر الذهب ، وإنما يقدر الثمن يوم السرقة .
وملخص الجواب :
أن الدينار يساوي أربعة غرامات وربع ، فإذا قبض على سارق ، فإن القاضي ينظر في أسعار الذهب ذلك اليوم ، فإن ثبت أن قيمة المسروق يوم الجريمة تبلغ قيمة غرام وربعَ ربعِ الغرام من الذهب ذلك اليوم ، فقد استحق السارق حد القطع ، وإن نقصت قيمة المسروق عن ذلك فإنه يستحق التعزير .
والله أعلم .