هدي نبينا المصطفى ▪● عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة
و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ |
|
|
07-03-2022, 11:57 PM
|
|
|
|
صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
التعريف بأبي هريرة - رضي الله عنه:
اسمُه: على أشهر الأقوال عبدالرحمن بن صخر، فقد أخرَج أبو نُعيم في "معرفة الصحابة" بسنده عن ابن إسحاق، أن اسمَ أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر[1].
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "عبدالرحمن بن صخر الدَّوْسي: أبو هريرة، هو مشهورٌ بكُنيته، وهذا أشهر ما قيل في اسمه واسم أبيه؛ إذ قال النووي: إنه أصحُّ"[2]؛ا.هـ.
وقال الذهبي: "اختُلِف في اسمه على أقوالٍ جمَّة; أرجحُها: عبدالرحمن بن صخر"[3].
وسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن بعد إسلامه وقيل: عبدالله[4]، وكان اسمُه عبدَ شمس، وهو الأشهرُ، وقيل: بل كان اسمُه عبد نُهْم، وقيل: عبد غَنْم، وقيل غير ذلك، وقيل: إن اسم أبيه عامر، وقيل غير ذلك، والأشهرُ: عبدالرحمن بن صخر الدوسي؛ أي: من قبيلة دَوْس باليمن[5].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "وقال القطب الحلبي: اجتمَع في اسمه واسم أبيه أربعة وأربعون قولاً مذكورة في "الكُنى"؛ للحاكم، وفي "الاستيعاب"، وفي "تاريخ ابن عساكر".
ثم قال ابن حجر: "وجهُ تكثُّره أنه يَجتمع في اسمه خاصة عشرةُ أقوالٍ مثلاً، وفي اسم أبيه نحوها، ثم تركَّبت، ولكن لا يوجد جميعُ ذلك منقولاً؛ فمجموع ما قيل في اسمه وحدَه نحوٌ من عشرين قولاً"[6].
وأمُّه - رضي الله عنه - هي: ميمونة بنت صبيح[7]، أسلَمت ولها صُحبة.
كُنيته: أبو هريرة، وهو أول مَن تَكنَّى بهذه الكنية، وقيل: إن كُنيته في الجاهلية أبو الأسود; فكنَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة[8]، وكان يُناديه أحيانًا أبا هِرٍّ، فقد أخرَج البخاري عن أبي حازم، عن أبي هريرةَ، قال: قال لِي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا هِرٍّ))[9].
وكان أبو هريرة يحب أن يكنَّى أبا هِرٍّ، قال أبو معشر المدائني، عن محمد بن قيس، قال: كان أبو هريرة يقول: ((لا تكنُّوني أبا هريرة، فإن النبي - صلى الله عليه و سلم - كنَّاني أبا هِرٍّ، والذكرُ خيرٌ من الأنثى))[10].
وأخرَج الترمذي - بسند حسنٍ - عن عبدالله بن رافع، قال: قلتُ لأبي هريرة: ((لِمَ كُنِّيتَ أبا هريرة؟ قال: أما تَفْرَقُ مني؟ قلتُ: بلى، والله إني لأَهابُك، قال: كنتُ أَرعى غَنمَ أهلي، فكانت لي هريرة صغيرةٌ، فكنتُ أَضعُها بالليل في شجرةٍ، فإذا كان النهارُ، ذهبتُ بها معي، فلَعِبتُ بها؛ فكنَّونِي أبا هريرة"[11].
وهذا يَدلُّ على أن كنيتَه قديمةٌ منذ طفولته، واشتَهر أبو هريرة بكنيته، حتى غَلَبت على اسمه؛ حتى كاد يُنسَى.
متى كان إسلامُه؟:
أسلم أبو هريرة - رضي الله عنه - قديمًا قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة على يد الطُّفَيل بن عمرو الدَّوسي - رضي الله عنه - وقد ذكَرنا في مقالةٍ نُشِرت "بالألوكة" بعنوان: "تاريخ إسلام أبي هريرة - رضي الله عنه"، ما يدل على ذلك، ومما يؤكِّد ما ذكَرنا هنالك ما يلي:
1- قال الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله -: "قدَّمنا أن أبا هريرة - رضي الله عنه - أسلَم سنة سبعٍ من الهجرة في غزوة خيبر، ونَزِيد الآن أننا نرجِّح أنه أسلَم قبل هذا التاريخ بزمن طويل، ولكن هجرته إلى رسول الله، إنما كانت في تلك السنة، وإنما رجَّحنا ذلك لدليلين:
الأول: ما ذكَره ابن حجر في الإصابة من ترجمة الطُّفيل بن عمرو الدوسي: "أنه أسلَم قبل الهجرة، ولما عاد بعد إسلامه إلى قومه - رهطِ أبي هريرة - دعاهم إلى الإسلام، فلم يُجِبه إلا أبوه، وأبو هريرة".
وهذا صريحٌ في أن إسلام أبي هريرة - رضي الله عنه - قد تَمَّ قبل قدومه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر بسنوات.
الثاني: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما، من أن المشادة التي جرَت بين أبي هريرة وبين أبان بن سعيد بن العاص، حين قسمة الغنائم بعد فتْح خيبر، فقد طَلَب أبان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يَقسِم له من الغنائمِ، فقال أبو هريرة: لا تَقسِم له يا رسولَ الله؛ فإنه قاتِلُ ابن قوقل - وهو النعمان بن مالك بن ثعلبة، ولقبُه قَوْقَل بن أَصْرَم - وذلك في معركة أُحُد؛ إذ كان أبان لا يزال مُشركًا، فقتَل ابن قوقل.
من هذه القصة نُدرك أن أبا هريرة حين قَدِم خيبر مُهاجرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حديثَ عهدٍ بالإسلام، بل كان مُتتبِّعًا لمعاركه وأحداثه، بحيث يعلم أن أبانَ بن سعيد بن العاص هو الذي قَتَل ابن قوقل يومَ أُحدٍ، وإلى هذا ذهَب الحافظ ابن حجر"[12].
2- وذكر الدكتور محمد عجاج الخطيب في "أبو هريرة رَاوِية الإسلام"، (ص70):
أن أبا هريرة أسلم قديمًا - وهو بأرض قومه - على يد الطُّفيل بن عمرو، وكان ذلك قبلَ الهجرة النبوية.
3- قال الأعظمي في تعليقه على صحيح ابن خُزيمة (1/280): "أسلَم أبو هريرة قبلَ الهجرة إلى المدينة بسنوات، لكنه هاجَر زمنَ خيبر؛ انظر تَرجمة الطُّفيل بن عمرو الدَّوسي في: "الاستيعاب"، و"الإصابة".
هجرته - رضي الله عنه:
كانت في العام السابع من الهجرة؛ قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "خَرَج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر، وقَدِمتُ المدينة مهاجرًا، فصلَّيت الصبحَ خَلفَ سِبَاع بن عُرفُطَة - وكان النبي قد استخلَفه - فقرأ في السجدة الأولى بسورة مريم، وفي الآخرة: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]؛ فقلتُ: ويلٌ لأبي - وفي رواية: ويلٌ لأبي فلان، قلَّ رجلٌ كان بأرض الأَزْد، إلا وكان له مكيالان: مكيالٌ لنفسه، وآخرُ يَبخَس به الناس"[13].
شهود أبي هريرة لخيبر واشتراكه في فتحها:
وأخرج البخاري في صحيحه عن سعيد بن المسيَّب، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: "شَهِدنا خيبرَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ ممن معه يدَّعي الإسلام: ((هذا من أهل النار))، فلما حضَر القتال، قاتَل الرجلُ أشدَّ القتال، حتى كَثُرت به الجراحةُ، فكاد بعضُ الناس يرتاب، فوجَد الرجلُ ألَمَ الجراحة، فأهوَى بيده إلى كِنانته، فاستَخرَج منها أسهمًا، فنَحَر بها نفسه؛ فاشتدَّ رجال من المسلمين، فقالوا: يا رسولَ الله، صدَّق الله حديثَك، انتَحَر فلانٌ، فقتَل نفسه، فقال: ((قم يا فلانُ، فأذِّن أنه لا يَدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يُؤيِّد الدين بالرجل الفاجر))[14].
وأخرَج الترمذي عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ممن أنت؟))، قال: قلتُ: من دَوْس، قال: ((ما كنتُ أرَى أن في دوس أحدًا فيه خيرٌ))[15].
وقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لما قدمتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - قلتُ في الطريق: يَا لَيْلَةً من طُولِها وعَنائِها على أنَّها من دارةِ الكُفرِ نَجت، قال: وأَبَق غلامٌ لي في الطريق، فلما قَدِمتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعتُه، فبينا أنا عنده؛ إذ طَلَع الغلامُ، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا هريرةَ، هذا غلامُك))، فقلتُ: "هو لوجه الله، فأعتقتُه"[16].
أوصافُه- رضي الله عنه:
أولاً أوصافُه الخَلقية:
" قال عبدالرحمن بن أبي لبينة: أتيتُ أبا هريرةَ، وهو: آدم، بعيدُ ما بين المَنْكِبَين، ذو ضَفِيرتَين، أفرقُ الثَّنِيَّتينِ".
وأخرج ابن سعد من طريق قرَّة بن خالد، قلتُ لمحمد بن سيرين: "أكان أبو هريرة مخشوشنًا؟ قال: لا، كان لينًا، قلتُ: فما كان لونُه، قال: أبيض، وكان يَخضِب، وكان يَلبَس ثوبين مُمشَّقين، وتمخَّط يومًا، فقال: بخٍ، بخٍ، أبو هريرةَ يتمخَّط في الكتَّان"[17].
وفي تاريخ دمشق (67 /314): عن قرَّة بن خالد، قال: قلت لمحمد بن سيرين: أكان أبو هريرة مخشوشنًا؟ قال: لا، بل كان لينًا، قلتُ: فما كان ثوبُه؟ قال: كان أبيضَ، قلتُ: هل كان يَخضِب؟ قال: نعم، نحو ما ترى، قال: وأهوى محمد بيده إلى لِحيته وهي حمراء، قلتُ: فما كان لباسُه؟ قال: نحو ما ترى، قال: وعلى محمد ثوبان مُمشَّقان من كتَّان، قال: وتمخَّط يومًا، فقال: بخٍ، بخٍ، أبو هريرة يتمخَّط في الكتَّان"؛ ا .هـ.
وفي الطبقات لابن سعد (4/ 334): عن عكرمة بن عمار، قال: حدَّثني ضَمضَم بن جَوْس، قال: دخلتُ مسجدًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بشيخٍ يُضفِّر رأسه، برَّاق الثنايا، قلتُ: مَن أنتَ - رحمك الله؟ قال: أنا أبو هريرةَ.
ثانيًا أوصافه الخُلُقية:
كان لطيفًا، حليمًا، وقورًا، مَرِحًا، كريمًا، وكان ذا دُعابةٍ،كان لأبي هريرة - رضي الله عنه - جارية زنجية، فرَفَع يومًا عليها السوطَ؛ فقال: "لولا القِصاصُ لأَغشيتُك به، ولكن سأبيعك لمن يُوفِّيني ثمنَك، اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله"[18].
وفي الطبقات لابن سعد (4/ 336): عن ثابت، عن أبي رافع، قال: كان مروان ربما استَخلَف أبا هريرة على المدينة، فيركب ****ًا قد شدَّ عليه - قال عفان: قُرْطاطًا، وقال عارم: بَرْذَعةً - وفي رأسه خُلْبة من ليفٍ، فيسير، فيَلقى الرجلَ، فيقول: الطريق، قد جاءَ الأمير، وربما أتى الصِّبيانَ وهم يلعبون بالليل لعبةَ الغراب، فلا يشعرون بشيءٍ حتى يُلقِي نفسه بينهم، ويَضرب برجلَيْه، فيَفزَع الصبيانُ، فيفرُّون، وربما دعاني إلى عَشائه بالليل، فيقول: دَعِ العُراق للأمير، فأنظرُ، فإذا هو ثريدٌ بزيت".
حبُّه للنبي - صلى الله عليه وسلم وآله:
أحبَّ أبو هريرة - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبًّا مَلَك عليه نفسَه؛ فكان لا يَهدأ له بالٌ، ولا تَقَر له عين حتى يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج أحمد في المسند عن أبي هريرة: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني إذا رأيتُك، طَابَت نفسي، وقرَّت عيني، فأَنبِئني عن كلِّ شيءٍ، قال: ((كل شيءٍ خَلَق الله - عز وجل - من الماءِ))، قال: أَنبِئني بأمرٍ إذا أخذتُ به دخَلتُ الجنة، قال: ((أَفشِ السلام، وأَطعِم الطعام، وصِل الأرحام، وصَلِّ والناس نِيام، ثم ادخُل الجنة بسلام))[19].
وأخرج مسلم - بسنده - عن أبي هريرة، قال: "كنَّا قعودًا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنا: أبو بكر، وعمر في نفرٍ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهُرنا، فأبطأ علينا وخَشِينا أن يُقتَطَع دوننا، وفَزِعنا، فقُمنا، فكنتُ أول مَن فَزِع، فخَرَجت أبتغي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيتُ حائطًا للأنصار لبني النجار، فدرتُ به: هل أجدُ له بابًا، فلم أجد، فإذا ربيعٌ يَدخُل في جوف حائط من بئرٍ خارجة - والربيع الجدول - فاحتَفَزتُ كما يَحتَفِز الثعلب، فدخلَت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أبو هريرةَ؟))، فقلتُ: نعم يا رسول الله، قال: ((ما شأنُك؟))؛ قلتُ: كنتَ بين أظهُرنا فقمتَ، فأبطأتَ علينا، فخَشِينا أن تُقتَطَع دوننا، ففَزِعنا، فكنتُ أول مَن فَزِع، فأتيتُ هذا الحائطَ، فاحتَفَزتُ كما يَحتَفِز الثعلبُ، وهؤلاء الناسُ ورائي، فقال: ((يا أبا هريرةَ - وأعطاني نعْلَيه، قال: - اذهَب بنعلَي هاتين، فمَن لَقِيت من وراء هذا الحائط يَشهد أنْ لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبُه؛ فبشِّره بالجنة))، فكان أول مَن لَقِيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلتُ: هاتان نعْلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني بهما مَن لَقِيتُ يَشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبُه؛ بشَّرتُه بالجنة، فضَرب عمرُ بيده بين ثَدْيي؛ فخَرَرت لاسْتي، فقال: ارجِع يا أبا هريرةَ، فرَجَعتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأَجهَشتُ بكاءً، ورَكِبَني عمرُ، فإذا هو على أثري، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لك يا أبا هريرةَ؟))، قلتُ: لقيتُ عمرَ، فأخبرتُه بالذي بعثتَني به، فضَرب بين ثَدْيي ضربةً خَرَرتُ لاسْتي، قال ارجِع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عمرُ، ما حملَك على ما فعلتَ؟))، قال: يا رسولَ الله، بأبي أنت وأمي، أبعثتَ أبا هريرةَ بنعْليك مَن لَقِي يَشهَد أنْ لا إلهَ إلا الله مستيقنًا بها قلبُه؛ بشَّره بالجنة؟ قال: ((نعم))، قال: فلا تفعل؛ فإني أخشى أن يتَّكِل الناس عليها، فخلِّهم يعملون، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فخلِّهم))[20].
وهذا يدل على شدَّة حبِّ أبي هريرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشدة خوفه عليه - صلى الله عليه وسلم.
وكان كثيرًا عندما يُحدِّث، يقول: أوصاني خليلي، أو قال خليلي، أو سَمِعت خليلي؛ وذلك لحبِّه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم.
فائدة:
وأما قوله: "قال خليلي، وسَمِعت خليلي"، فيعني: النبي - صلى الله عليه وسلم.
وأن عليًّا - رضي الله عنه - قال له: متى كان خليلَك؟
فإن الخُلَّة بمعنى المصادقة والمصافاة، وهي درجتان:
إحداهما: ألطَف من الأخرى، فمن الخُلَّة التي هي أخصُّ: قولُ الله تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنتُ متَّخذًا من هذه الأمة خليلاً، لاتَّخذتُ أبا بكرٍ خليلاً))، يريد: لاتَّخذتُه خليلاً كما اتَّخذ الله إبراهيمَ خليلاً.
وأما الخُلَّة التي تَعُمُّ، فهي الخُلَّة التي جعلها الله بين المؤمنين، فقال: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾[الزخرف: 67].
فلما سَمِع عليٌّ أبا هريرة يقول: "قال خليلي، وسَمِعت خليلي"، قال: متى كان خليلَك؟ يذهب إلى الخلة التي لم يتَّخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جهتِها خليلاً، وأنه لو فعَل ذلك بأحدٍ، لفعله بأبي بكرٍ - رضي الله عنه.
وذهب أبو هريرةَ إلى الخُلَّة التي جَعَلها الله بين المؤمنين والولاية، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الجهة خليلُ كلِّ مؤمنٍ وولِيُّ كلِّ مسلم"[21].
حبُّ أبي هريرة للحسن بن عليٍّ - رضي الله عنه -:
أخرج أحمدُ، وابن حبَّان، وغيرُهما، عن عمير بن إسحاق، قال: "كنتُ أمشي مع الحسن بن عليٍّ في طرق المدينة، فلَقِينا أبا هريرة، فقال للحسن: اكشِف لي عن بطنك، جُعِلتُ فداك؛ حتى أُقبِّل حيث رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّله، قال: فكشَف عن بطنِه، فقبَّل سرَّته[22].
خدمتُه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم:
أخرَج أحمد في المسند، والبيهقي في الكبرى، عن أبي هريرة، قال: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (( وَضِّئْني))، فأتيتُه بوضوءٍ، فاستَنجى، ثم أَدخَل يدَه في الترابِ، فمَسَحها به، ثم غَسَلها، ثم توضَّأ، ومَسَح على خُفَّيه، فقلت: إنك توضَّأت، ولم تَغسل رجليْك، قال: ((إني أدخَلتُهما وهما طاهرتان))[23].
وأخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه كان يحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إداوةً لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعُه بها، فقال: ((مَن هذا؟))، فقال: أنا أبو هريرة، فقال: ((ابغنِي أحجارًا أستنفض بها، ولا تأتني بعظمٍ ولا برَوْثةٍ))، فأتيتُه بأحجارٍ أحملها في طرَف ثوبي، حتى وضعتُها إلى جنْبه، ثم انصرفتُ، حتى إذا فَرَغ، مشيتُ، فقلت: ما بالُ العظمِ والرَّوثة؟ قال: ((هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفدُ جن نَصيبين - ونعمَ الجنُّ - فسألوني الزادَ، فدعوتُ الله لهم: أن لا يَمُرُّوا بعظم ولا برَوثة، إلا وَجَدوا عليها طعامًا))[24].
هذا ما تيسَّر، والله من وراء القصد.
[1] أخرَجه البخاري (155 - 3860).
[2] الإصابة في تمييز الصحابة (4 / 316)، طبعة دار الجيل - بيروت.
[3] سِيَر أعلام النبلاء (2 / 578)، طبعة مؤسسة الرسالة.
[4] راجع: سير أعلام النبلاء (2/ 579).
[5] راجع: الإصابة في تمييز الصحابة ( 7 / 428).
[6] السابق (7 / 430).
[7] سير أعلام النبلاء (2 / 579).
[8] سير أعلام النبلاء (2 /579)، وفي هذا نظر؛ فالكنية كُنِّي بها وهو صغير،كنَّاه بها أهله.
[9] أخرجه البخاري معلقًا، وكذا في رقْم (5375)، وثبت موصولاً في (285 - 6246 - 6452).
[10] تاريخ دمشق؛ لابن عساكر (67 / 313)، وسير أعلام النبلاء (2/ 587)، وتاريخ الإسلام؛ للذهبي (4/ 350)، والإصابة؛ لابن حجر (7/ 434).
[11] حسن؛ أخرجه الترمذي (3840)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي.
[12] السُّنة ومكانتها في التشريع الإسلامي؛ للسباعي، ص (359).
[13] انظر: سير النبلاء؛ للذهبي (2 / 589)، وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ ( 3 / 160)، ونقَله من طريقه ابن كثير في البداية والنهاية (8 / 104)، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (4 / 327)، والبزار في مسنده؛ كما في مجمع الزوائد (7 / 135).
فدلَّت الرواية أنه كان مسلمًا؛ لأنه صلَّى معهم صلاة الصبح - رضي الله عنه.
[14] أخرجه البخاري (4203).
[15] صحيح؛ أخرَجه الترمذي (3838)، وقال: هذا حديثٌ حسن صحيح غريب، وصحَّحه الألباني.
[16] أخرجه البخاري.
[17] الإصابة (7/ 434)، وتاريخ دمشق (67 /314).
[18] أخرَجه الإمام أحمد في الزهد، ص (221).
[19] أخرجه أحمد (7932 - 8295 - 10399)، والحاكم (4/ 160)، وابن حبَّان في صحيحه (508 - 2559).
[20] أخرجه مسلم (31)، وابن حبان (4543).
[21] تأويل مختلف الحديث؛ لابن قتيبة، ص (99)، طبعة دار الكتب 1988م.
[22] صحيح؛ أخرَجه أحمد (7462 - 10398)، وابن حبان في صحيحه (6965)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
[23] أخرجه أحمد (8695)، والبيهقي في السنن الكبرى (1 / 107 - 534)، وفي إسناده مقال.
[24] أخرَجه البخاري (155 - 3860).
.
.
.
wtphj lavrm lk sdvm Hfd ivdvm > hggi hgjuvdt
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
07-04-2022, 04:39 AM
|
#2
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
جزاك الله خير
يعطيك العافية على ماقدمت
لقلبك السعادة
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-05-2022, 06:32 PM
|
#3
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ
دمْت بـِ طآعَة الله ..}
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-05-2022, 11:29 PM
|
#4
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-07-2022, 01:40 PM
|
#5
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-07-2022, 07:34 PM
|
#6
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-21-2022, 02:06 PM
|
#7
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-22-2022, 01:15 AM
|
#8
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-22-2022, 12:21 PM
|
#9
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
المحبوب
يعطيك العافيه ويسلم يدينك
لروحك الجوري
ودي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-22-2022, 12:21 PM
|
#10
|
رد: صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة . . .
اسم
يعطيك العافيه ويسلم يدينك
لروحك الجوري
ودي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:09 PM
| | | | | | | | | | |