الدعـاء عبادة و رجاء ، وأعجز الناس من عجز عن الدعــاء . قال الله تعالى : ] ادعوا ربكم تضرعــــاً و خفية [ . الأعراف / 55 . و في آيــة أخرى : ] و ادعوه خوفـاً و طمعاً [ . الأعراف / 56 . و الدعاء افتقار و تبرؤ من الحول و القوة إلى حول الله و قوته ، و فيه استشعار بذلِّ العبودية إلى مقام عزة الله ، و فيه أنواع من الثناء على ذات الله عز و جل . قال تعـــالى : ] ادعوني أستجب لكم [ . غافر : 60 . و قال عليه الصـلاة و السـلام : (( ثلاثة لا تردُّ دعوتهم : الصائم حين يفطر ، و الإمام العادل ، و دعوة المظلـوم )) . رواه الترمذي .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( ليس شيء أكرم على الله من الدعــاء )) . رواه الترمذي و ابن ماجه . و في حديث آخر : (( ادعـوا الله و أنتم موقنــون بالإجابة ، و اعلمـوا إن الله لا يقبل دعاءً من قلب غافـل لاه )) . رواه الحاكم و الترمذي .
سـلاح المـؤمن
و عـن عـلي بـن أبي طـالب كـرم الله وجهـه قـال : قـال رسـول الله صـلى الله عليـه و سـلم : (( الدعـاء سـلاح المـؤمن ، و عماد الدين ، و نور السموات والأرض )) . رواه الحاكم بسند صحيح .
و عــن ثوبـــان رضــي الله عنـــه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يرد القــدر إلا الدعاء ، و لا يزيد في العمر
إلا البِـــر )) . رواه الحاكم .
و قد يقول قائل : إن ما يدعو به المسلم إن كان قد قُدِّر فلا بدَّ من وقوعه ، دعـا به العبد أو لم يدع ، و إن لم يكن قُدِّر فلا يمكن أن يقع ، سواء دعا به المسـلم أم لم يدع ، فكيف يُرَدُّ القضاء بالدعاء ؟. و الجواب : إن الله الذي قدَّر الأشياء ، قدَّر لها أسباباً ، و الدعاء من أعظم الأسباب في النفع أو الدفع ، و الكل بقضاء من الله و قدر ، فمن أنكر تأثير الدعاء ، يلزمه إنكار ارتبـاط المسببات بالأسباب ، و هذا باطل شرعاً و عقلاً .. فبالقدر يُدفَع القدر ، و بالقدر نفرُّ إلى القدر ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما بلغه أن الطاعون قد وقع في الشام و عزم على الرجوع بعد التشاور ، فقال له أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه : أَ فراراً من قدر الله يا عمر ؟!. فقال عمر رضي الله عنه : لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله .
و إذا كان الإنسان قد خُلق ضعيفاً ، فإنه لا بدَّ أن يلجأ إلى القوي ، إلا و إن هذا القوي هو الله عز و جل : ] أَ مَّـن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء و يجعلكم خلفاء الأرض أ إله مع الله [ . النمـل / 62 . و في آية أخــرى : ] فادعوا الله مخلصــين له الدين [ . غافر / 14 .
فإني قريب
والوصول إلى الله عز و جل يكون بالتوجه إليه وحده ، و لو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا في جواب : ( يسألونك ) كلمة : ( قـل ) .. و من ذلك قول الله عز و جل : ] يسألونك عن الأهــلَّة قل هي مواقيت للناس و الحــج [ . البقـرة / 189 . و قوله : ] يسألونك عن الأنفـال قل الأنفـال لله و الرسول [ . الأنفـال / 1 . وقوله : ] و يسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا [ . الكهف / 83 .
أما في آية الدعاء : ] و إذا سـألك عبادي عني … [ . فقد جاء في جوابها : ] فإني قريب [ . تأكيداً على أنه ليس بين العبــد و ربه أي وسيط .
و في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : (( إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله )) . رواه أحمــد .
و في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه عز و جل : / يــا عبادي ! لـو أن أولكم و آخركم و إنسـكم و جِنَّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر / .
و روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من فُتح له منكم باب الدعاء فُتحت له أبواب الرحمة ، و ما سُئل الله شيئاً أحب إليه من أن يُســأل العافية )) .
مفتـاح الرحمـة
و روى الديلمي عن ابن عباس مرفوعاً : (( الدعاء مفتاح الرحمة )) . و روى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنـه ، عن النبي صـلى الله عليه و سـلم قال : (( اطلبوا الخيرَ دهرَكم كلَّه ، و تعرَّضوا لنفحـات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، و سلوا الله أن يستر عوراتكم ، و أن يؤمِّن روعاتكم )) .
و إن أوقات النفحات تكمن في الأزمنة و الساعات ؛ ليداوم المؤمــن على الدعاء و الرجاء ، كما في ليلة القدر ، و وقت السحر ، و ساعة الجمعة ، و عقب الصلوات … فمن أدام التعرض لها يصادفها بإذن الله .
و في ( الصحيحين ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله e قال :
(( ينـزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ))
دعاؤنا .. لمَ لا يستجاب ؟
قيل لأحد الصالحين : ما بالنا ندعوا الله فلا يستجاب لنا ؟ ! . قال : لأنكم عرفتم الله و لم تؤدوا حقـه ، و قرأتم كتابة و لم تعمـــلوا به ، و ادعيتم حب رسول الله و تركتم سنته ، و علمتم أن الموت حق و لم تستعدوا له ، و أكلتم من رزق الله و لم تشـــكروه .
و من شروط إجابة الدعاء : إعادة الحقوق إلى أصحابها ، و اجتناب الحرام … قال عليه الصلاة و السلام : (( أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة )) . رواه الطبراني .
و من شروط الإجابة : الثقة المطلقة بالله عز و جل .. فإذا جمع مع الدعاء خشوع القلب ، و بدأ الداعي بحمد الله و الثناء عليه ، و الصلاة على محمد عبده و رسوله ، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة و الاستغفار ، و ألحَّ في المســألة ، و توسل إلى الله بأسمائه و صفاته ، فإن هذا الدعاء إما يجاب بعين ما طلب ، و إما يجاب بغيره ، و إما يعجَّل في الدنيا ، و إما يؤخر إلى الآخـرة ، ما لم يدعُ المؤمن بإثم أو قطيعة أو يستعجل فيقول : دعوتُ فلم يُستجب لي .
و من شروط الدعاء على الأعداء : أن ندعو دونما تخلٍّ عن الجهاد .. أن ندعو و نحن في ساحة التضحية و الفـــداء .
و من شروط الإجابة : أن تكون الخطوط موصولة بيننا و بين الله ، فإذا كان الخط مقطوعاً ، فإن النجــدة لن تأتي مهما حاولنا الاتصال . و أول ما يصل الخطوط بيننا و بين الله هو إخلاص النية ، و أن نتجرد عن كل شيء ما سوى الله .
سـلــمُ لـنــاهـذُآ الـــذوُوُق.. الذُي يقطفُ لنا.. وسلم لنا هذا القلم المميز آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ.. ما ننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ.. تحية عطرة ل روحك الجميلة شكراً لك من القلب على هذآ العطاء ل روحك الجووري بانتظار جديدكِ بشوق