يعتبر نقش رمسيس الثالث أول نقش هيروغليفي تم العثور عليه حتى الآن في الجزيرة العربية، وكان موجود على
صخرة ثابتة ويحمل توقيع ملكي خرطوش لأحد ملوك مصر الفراعنة، وهو رمسيس الثالث الذي حكم مصر بين سنوات
1192- 1160 قبل الميلاد.
يظهر في نقش رمسيس الثالث مبادلات تجارية مباشرة بين مصر والجزيرة العربية في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
كما أن القوافل المصرية كانت تفد إلى تيماء للتزود بالبضائع النفيسة مثل: البخور والذهب والفضة والنحاس.
وتعد تيماء من المدن المهمة في مدين، وهي سوق رئيسي للسلع الثمينةـ بحيث يتزود منها تجار وادي النيل ووادي
الرافدين وبلاد الشام، وهي تعدّ اليوم أحد أكبر المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، حيث
تبلغ أطوال ما تبقى من الأسوار الأثرية التي تحيط بها في الوقت الراهن 13 كيلومتراً.
تم العثور على عدد من اللُقى الأثرية الصغيرة من صناعة مصر في عدد من المواقع الأثرية بالمملكة العربية السعودية،
مثل مدافن جنوب الظهران في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وفي الفاو عاصمة مملكة كندة
والواقعة في الجنوب الغربي لهضبة نجد، وفي تيماء نفسها، ومعظم هذه القطع عبارة عن جعلان من الخزف المغطى
بطلاء أزرق تركوازي، بحيث يعود تاريخها لفترات مختلفة.
وكانت مدينة تيماء مستوطنة منذ القدم؛ وذلك بسبب خصوبة التربة وكثرة المياه واعتدال المناخ فيها، بحيث كانت
تشكّل واحدة من المدن الرئيسية التي تقوم عليها طرق التجارة، حيث كانت تستورد المواد من اليمن وبلاد الرافدين
ومصر، وأسهمت منذ القدم بالعديد من الإسهامات الحضارية التي جعلتها مطمعاً للعديد من الغزوات المختلفة، مثل
الآشوريين من خلال ملوكها “سنحاريب” و”سرجون”، والبابليين على يد الملك “نبو نيدس” الذي احتل تيماء لمدة 10 سنوات.
وقد أوقعت القوات البحرية والبرية المصرية مُر الهزيمة من خلال أساطيل هذه الشعوب عند مدخل أحد أفرع النيل، فنشاهد
على جدران هذا المعبد صور عائلات المهاجرين الوافدين من قارة آسيا فوق عربات تجرّها الثيران وهي تتعرض للإبادة أو الأسر.
قام رمسيس الثالث بالعمل على نفس الاتجاه الذي ساعد على عظمة ومجد الأسرة السابقة، لأن أوضاع المملكة لم تكن في
الحالة التي عهدتها من قبل، فإن رمسيس الثاني كان يُحارب عند نهر الأورنت، في حين أن رمسيس الثالث كان يجاهد من
أجل سلامة الدلتا، فعمل على تطهير كافة المناطق الغربية من القبائل الليبية، حيث كان يخوض حربين معها لكي يوقفها
عند منطقة مرمريكا.
أما الحرب الليبية الثانية فهي تعدّ من المآثر البطولية وملاحم الشجاعة التي تظهر في لوحات درامسية وأشعار مطولة
منقوشة على جدران معبد مدينة هابو، إلى جانب ملحمة أخرى خاصة بالمعارك التي أنقذت مصر من شعوب البحر مثل
الفلسطينيين والشكلش والثكر والدانيين.
طريق التجارة القديم بين وادي النيل والجزيرة العربية:
هذا الطريق محدد بخراطيش تواقيع ملكية للملك رمسيس الثالث، وضعت على مناهل مياهه في شبه جزيرة سيناء
والجزيرة العربية، ويمر هذا الطريق بعد وادي النيل بميناء القلزم في السويس ، حيث يوجد معبد للملك رمسيس الثالث
ثم يسير بحراً إلى سرابيط الخادم بالقرب من ميناء أبو زنيمة على خليج السويس، حيث عثر على نقوش للملك رمسيس
الثالث أيضاً، ثم يعبر شبه جزيرة سيناء بشكل عرضي ويمر على منهل وادي أبو غضا بالقرب من واحة نخل، حيث عثر فيه
أيضاً على خرطوش مزدوج مماثل لخرطوش تيماء يحمل اسم الملك رمسيس الثالث، ثم يتجه الطريق إلى رأس خليج
العقبة ويمر على موقع نهل ثم موقع تمنية، وقد عُثر في كل منهما على خرطوش مزدوج للملك رمسيس الثالث
يماثل خرطوش تيماء، كما توجد إشارة في بردية للملك رمسيس الثالث إلى إرساله أناساً لجلب النحاس من بلد مجاور.