الإيمان هو مصدر كل عمل صالح يثوم به المسلم وهو النور الذي يشرق في قلب العبد فيوجهه إلى ما يرضي ربه، ولذلك يجب على كل مسلم أن يبحث عن زيادة الرصيد الإيمانى فى قلبه ليمتلئ بالنور والهداية ويمتلئ صدره بالإيمان فرحاً وسروراً .
أن الإيمان
يزيد وينقص فعندما يزداد الإيمان فى قلب كل مسلم فإن كل شئ فى هذة الحياة يصبح لا قيمة له لأنه عندما يكتسب إيماناً فهذا الإيمان يقوى عنده العزيمة والصبر والثبات , فإن الصبر يرفع مكانتهم فى الدنيا ويرفع منزلتهم فى الآخرة .
إذاً لابد لكل مسلم أن يحتسب فى كل شئ فى أعماله فعند الاحتساب تبلغ المنزلة , فالإيمان يثبت بالصبر والثبات والمجاهدة فقال الله تعالى : (ِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصّابِرينَ 126وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مّمّا يَمْكُرُونَ) [سورة: النحل – الأية126: 127].
فكل الخير مع الصبر فالعون والنصرة من الله سبحانه وتعالى , وقوله تعالى : (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ) تأكيد للأمر بالصبر وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته وحوله وقوته ؛ثم قال تعالى : (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أى على من خالفك فإن الله قدر ذلك (وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ ) أى غم (مّمّا يَمْكُرُونَ) أى مما يجهدون أنفسهم فى عدواتك وإيصال الشر إليك فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ومظفر عليهم .
قال تعالى: (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة: آل عمران - الأية: 200] ,هذا نداء للمؤمنين أن يكونوا من الصابرين والمجاهدين والمتقين ليصعدوا إلى درجة الفلاح .
فالإيمان هو الطاقة التى تعطى الإنسان دفعة فى هذة الحياة الدنيا فعلى قدر درجة الإيمان تكون درجة العزيمة و الإرادة والهمة المرتفعة والعكس صحيح عند انخفاض درجة الإيمان فبطبيعة الحال تنخفض العزيمة والهمة .
ساعة وساعة
كما استشعر أبو بكر الصديق وحنظلة عند حضورهما عند الرسول صلى الله عليه وسلم أنهما يكونان فى حالة إيمانية عالية جداً وعند خروجهما من عنده فإذا الإيمان ينقص فاستشعرا أنهما من المنافقين فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : "لو أنكم تكونان عندى كما تكونان فى بيوتكم وأحوالكم لصافحتكم الملائكة ولكن يا أبا بكر يا حنظلة ساعة وساعة " .
أى أن الإنسان إذا تعايش ل 24 ساعة فى نفس حالة درس العلم بدرجة الإيمانيات العالية فإنه يخرج من الحالة البشرية ويصير إلى الحالة الملائكية وهذا لن يحدث لأن البشر مكلفين بأوامر من الله تعالى ليتعايشوا فى اختبارات دائمة فيكونون بين الشكر فى السراء والصبر على الضراء ، هذا هو افيمان بين الشكر والصبر، بحسب ما جاء في منتديات الرحمة والمغفرة.
ليس ساعة لرب العالمين وساعة للهو والغفلة ولكن ساعة وساعة : لا بد للمسلم أن يتعايش مع الله تعالى فى محاسبة النفس دائماً فإن نقص الإيمان وارتفاعه يختلف حسب الشحنة والطاقة التى تشحن بها القلوب والصدور .
كيف تزيد إيمانك؟
على كل مسلم الدعاء بالثبات وعدم الزيغ والتثبيت الدائم قال تعالى: (رَبّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لّدُنْكَ رَحْمَةً إِنّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ) [سورة: آل عمران - الأية: 8] لأن القلوب متقلبة دائماً فعلينا بالدعاء لعدم التحول وعدم التقلب " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك , اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " .
لأن الذى يصل إلى حد نقصان معين فيكون مهزوزاً لا يقف على أرض صلبة فمن السهل أن يقع فى معصية , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- " لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن " لأنه عندما يزنى فقد صار فاجراً لأنه فى هذة الحالة يعتقد ويكون يقينه أن الله عز وجل لا يراه فإذا استشعر أن الله تبارك وتعالى يراه فلن يعمل أبداً أى تصرف سيئ يغضب به رب العالمين .
2- " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن " ( لا يكتمل إيمانه ) قالوا : من يا رسول الله , قال : من لا يأمن جاره بوائقه " .
فالإيمان فى حاجة دائمة إلى عمل صالح لثبات الإيمان فى القلب أى أن التعبير بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم بمزيد من الطاعة والأستقامة لله عز وجل واتباع سنته صلى الله عليه وسلم وهديه الشريف .
عندما يرتفع رصيد الإيمان عند الإنسان يجعله صلبًا ثابتاً فى هذة الحياة ،قال تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مّؤْمِنٌ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّيَ اللّهُ) [سورة: غافر - الأية: 28] " وَقَالَ رَجُلٌ مّؤْمِنٌ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ" قيل : هو ابن عمه " يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أن " أى لأن " يَقُولَ رَبّيَ اللّهُ" فالشعار الإيمانى لكل مؤمن ربى الله , فإنه ظل يدعو فرعون ولم ييأس منه ولا من أن يدعو فى الناس لأنه مر بمراحل إيمانية ينبغى أن يؤديها وهى الدعوة إلى الله تعالى وطاعته , وعندما يمتلئ القلب بنور الإيمان ينطلق القلب : ربى الله قبل اللسان من التعايش بها لأن الإيمان له شروط وله واجبات أى كما أننا ذقنا حلاوة الإيمان فعلينا أن نذيقه للآخرين .
فأخذ يدعو الناس إلى الله تعالى فى قوله تعالى : قال تعالى: (وَقَالَ الّذِيَ آمَنَ يَقَوْمِ اتّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ الرّشَـادِ) [سورة: غافر - الأية: 38] يقول المؤمن لقومه ممن تمرد فعلى كل مسلم السعى لأنه مكلف بالتبليغ , قال تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ وَسَعَىَ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مّشْكُوراً) [سورة: الإسراء - الأية: 19] وقوله: " وَمَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ " أى أراد الدار الأخرة وما فيها من النعم والسرور " وَسَعَىَ لَهَا سَعْيَهَا " أى طلب ذلك من طريقه وهو متابعه الرسول صلى الله عليه وسلم " وَهُوَ مُؤْمِنٌ" أى قلبه مؤمن أى مصدق موقن بالثواب والجزاء " فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مّشْكُوراً"
محاسبة النفس
فيجب على كل مسلم محاسبة نفسه " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا " . " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت , والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى , اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذبنا فأنت علينا قادر "
ولا بد لكل مسلم , إذا كان فى خلط بين العمل الصالح والعمل السيئ فى حياته , أن يعرف أن الله تعالى يتوب عليه ويرحمه لأنه هو التواب هو الغفور هو الرحيم لعباده الصادقين المؤمنين فى قوله تعالى : قال تعالى: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ) [سورة: التوبة - الأية: 102] , " خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً" وهو جهادهم واعترافهم بذنوبهم " وَآخَرَ سَيّئاً " وهو تخلفهم " عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيم ".