الخوف من مخاطبة الجمهور Public Speaking
يعد أكثر أنواع
الخوف شيوعًا في
العالم ويصل في بعض حالاته إلى
حد تصنيفه بالفوبيا Glossophobia، بينما
واقع أغلب الحالات أنها مجرد رهبة
تزول بالممارسة، وقلق يمكن التغلب
عليه. ويحذر الخبراء أن الحالة تتحول
إلى مزمنة إذا اختار صاحبها أن يستسلم
لها متجنبًا
الحديث أمام الجمهور.
وتلقي المشكلة بظلالها على قرارات
وفرص عديدة في حياة الإنسان،
فهناك من يتنازل عن اختيار تخصص
دراسي يهواه إذا كان يتطلب تقديم
عروض حية، أو يتفادى الترقية في
الوظيفة والمهمات التي تتطلب
الظهور
أمام الجمهور أو حتى قيادة
الحديث في اجتماعات موسعة.
كما أن هناك من لا يتجنب ذلك كليًا
ولكن يتهرب بالحضور متأخرًا عن
الموعد أو يجعل شخص آخر ينوب عنه دائمًا.
ماهي طبيعة هذه المخاوف،
ولما تهاجمك؟ وكيف تتغلب عليها؟
الإجابة جمعناها لكم عبر هذا البحث
في عربيات، والذي يتضمن خلاصة
أهم التمارين ونصائح الخبراء
لمواجهة الجمهور.
مفاتيح النجاح، ضعها أمامك دائمًا:
ـ لا تجعل تركيزك على مشاعرك، بل
على الرسالة التي تقف لإيصالها،
فالحضور لم يأت لتقييمك ولكن
ليستمع إلى رسالة أو معلومة تود إيصالها.
ـ لايمكن بلوغ الكمال مهما فعلت،
ستجد في كل مرة أخطاء حتى لدى
أبرز الخطباء والمشاهير.
ـ إذا نجحت في التحكم بتنفسك، ستنجح
في التحكم بصوتك وارتعاشه.
ماهو مصدر الخوف؟
توقع الأحكام السلبية من الجمهور
على أداءك، ووضع تقييم الأداء على
رأس قائمة الأولويات بدلًا من المعلومة
والرسالة. فالإنسان لا يرتبك في مواجهة
الحاضر، ولكن في تخيل وقوع أمر سيء
في المستقبل، أو استرجاع أمر حصل له
في الماضي.
ماهي الوسيلة التي تواجه بها الجمهور حاليًا؟
تدوينك ورصدك للأسلوب الذي تتبعه
لمواجهة مخاوفك يضعك على أول
الطريق للحل، فأنت بحاجة إلى تضع
نفسك في موقع المراقب بدلًا من
المصاب. وبطرح هذا السؤال على عدد
من الأشخاص الذين يواجهون أزمة
الحديث
أمام الجمهور، وجد الخبراء أن
أكثر الإجابات شيوعًا كانت:
ـ اقرأ كلماتي من ورقة أو عبر جهاز.
ـ لا أنظر إلى الجمهور.
ـ أحاول الإسراع في القراءة.
ـ اتجاوز بعض المقاطع.
ـ أكررعلى نفسي أنني سأنتهي سريعًا.
ـ أتظاهر بالسعال.
ـ أعتمد على عرض مرئي يشيح الأنظار عني.
ـ أقدم جزء يسير وأطلب من شخص آخر
أن يقدم أفكاري في عرض خاص به.
بماذا تفكر أثناء
الحديث أمام الجمهور؟
يؤكد الغالبية أن تفكيرهم تحت وطئة
الخوف لم يكن يتجاوز:
ـ إنهاء الكلمة بأسرع وقت ممكن، وتجنب
أي توقف أو التقاط أنفاس أثناء الحديث.
ـ تجنب اتصال العين بالجمهور.
ـ محاولة إخفاء الشعور بالرهاب أو الارتباك.
وبسؤال هؤلاء عن مدى جدوى هذه
التصرفات، كانت الإجابة غالبًا أنها
لم تغير من الأمر شيء، أو زادته سوءًا.
أهم الممارسات الخاطئة في الميزان
السرعة: سرعتك في
الحديث تؤثر على
تنفسك وقد تكون السبب الحقيقي
في احساسك بضيق التنفس وفي
ارتعاش صوتك. قبل أو أثناء مواجهتك
للجمهور إذا شعرت بضيق تنفس
فهذا يعني أنك تسحب الهواء سريعًا
ولا تخرجه، بدلًا من أن تملأ رئتيك
بالهواء بهدوء من خلال الأنف ثم
تخرجه عبر فمك، وهي عملية الشهيق
والزفير الطبيعية لتمكن من السيطرة
على صوتك. كما أن السرعة تضرب حاجزًا
بينك الجمهور فيصعب استيعاب الأفكار
التي تطرحها، لتنتهي المحاولة بالفشل
وتزداد مخاوفك من التفكير في
إعادة التجربة.
تجنب النظر إلى الجمهور أو التفاعل
معه: عندما تفعل ذلك، تترك مساحة
شاسعة للأفكار السلبية التي تدور
بداخلك لتسيطر عليك، وهي غالبًا
غير واقعية.
محاولة اخفاء الخوف: تركيزك على
إيجاد وسيلة لاخفاء خوفك وارتباكك
يزيد الأمر سوء، وأغلب الظن أن أحدًا
من الحضور لا يشعر بما يدور داخلك
إلا إذا سيطر عليك هذا الأمر وبدأت
بمحاولات تكشف
الخوف ولا تخفيه.
أنت خائف، ولكنك لست في خطر
أهم خطوات ووسائل العلاج
يبدأ العلاج بعملية الوعي والتقبل،
فعليك أولًا إدراك الواقع بأنك مرتبك
أو خائف، وأن ما تشعر به عرض طبيعي
مثل الصداع الذي قد يصيبك فجأة،
ولكنك لست في خطر، وهذا هو الأهم.
ما يجعلك تتقبل الحالة هو وعيك
بأنها لا تشكل خطورة عليك، لا يمكن
أن تصيبك بمقتل، ليست مثل مواجهة
التهديد بالقتل، ولا يوجد ما يستحق
الهروب أو التفادي.
ماذا لو؟
ضع أسوأ الاحتمالات أمامك بصيغة
(ماذا لو؟) لتصل إلى هذا الوعي والتقبل،
فالاحتمالات الواردة خطورتها أقل
مما توليه لها من أهمية، ومنها:
ـ ماذا لو نسيت كل ما يجب أن أقوله
في لحظة وقوفي على المنصة؟
ستتوقف للحظات، وتلتقط أنفاسك ببطؤ،
وتبتسم مرحبًا بالحضور وتستعيد
ذاكرتك، أو تستعين بالورق أو العرض
المرئي لمساعدتك على التذكر.
ـ ماذا لو شعر الجمهور بذلك؟
لن يشعر الجمهور باللحظات القصيرة
التي تقف خلالها دون حديث، ولن
يظنها ارتباك، بل إن أغلب الرؤساء
والخطباء يتعمدوا التوقف بعد القاء
التحية أو أثناء القاء الكلمة وينظروا
إلى
الجمهور، أحيانًا لاسترجاع ما سيقولون،
وأحياناً بين فقرات
الحديث ليمنحوا
للجمهور فرصة استيعاب ما قيل
والتفكير فيه، وفي الحالتين لن يشعر
الجمهور بالملل، ولن تجد أن الأمر
استغرق منك فترة طويلة لتستعيد توازنك.
ـ ماذا لو شعر الجمهور بالملل من
المحتوى الذي أقدمه؟
حتماً سيكون هناك خلل لو كنت تواجه
جمهور عريض دون وجود شخص أو عدة
أشخاص يبدو عليهم الملل، أو ينشغلوا
بأحاديث جانبية، أو يغادروا القاعة،
المهم أن تكون قد أعددت خطابك
بشكل مشوق بالفعل ويحتوي على
معلومات جديدة أو مفيدة تناسب
اهتمامات الجمهور والموضوع الذي
جاءوا من أجله، والأهم أن نظرتك
للجمهور يجب أن تكون متحركة من
اتجاه لآخر دون التركيز على شخص
أو جهة محددة من القاعة، أو على
من يجلس أمامك لتتجنب التأثر بانطباعه.
ـ ماذا لو اخطأت أثناء الحديث؟ أو نطقت
كلمة بشكل يجعل الجمهور يسخر مني؟
الطبيعي أن الانسان عندما يتحدث يخطيء
في بعض الكلمات ويصححها، حتى أثناء
الكتابة ستجد أن الكاتب يضطر إلى شطب
كلمة أو إعادة كتابتها بشكل صحيح.
أما ردة فعل الجمهور فالاحتمال الأول
أن يكون الخطأ في نطق الكلمة بشكل
خاطيء وتصححها مباشرة، أو تتوقف
وتستدرك وتعيد الجملة كاملة بهدوء،
وفي هذه الحالة تأكد أن الجمهور لن
تصدر عنه أي ردة فعل، ولن تترك انطباع
سيء لأنه الأمر الذي يقع فيه أي شخص
أثناء حديثه. الاحتمال الثاني أن تقع في
خطأ فادح يثير السخرية بين الحضور، وهنا
عليك أن تتعامل معه بسرعة بديهة وتقوم
بتعديله بشكل ساخر، أو تعتذر ضاحكًا
معهم على الخطأ وتكسر رتابة العرض
أو الخطاب، ثم تلتقط أنفاسك وتواصل
حديثك. الاحتمال الثالث أن يكون بين
الجمهور من يهوى تصيد الأخطاء، وهذه
الفئة تأكد أنها لم تجد الخطأ ستقوم
باختلاقه، لاتخسر من جاء ليستمع من
أجل من جاء ليستهزيء مادامت لديك
مهمة ورسالة تود إيصالها.
نصائح هامة للتحضير
ـ ضع السيناريو والنقاط التي تود أن
تتحدث عنها بنفسك، لتكن لديك
خلفية كاملة عنها، من ثم يمكنك
أن تلجأ لتنسيقها أو تنميقها مع
صديق أو مختص، لكن لا تعتمد على
عرض أو كلمة منقولة، أو صاغها شخص
آخر حتى لايصعب عليك تذكرها وتتيح
لنفسك فرصة للارتجال لو نسيت النص
الحرفي، كما أن الاعتماد على شخص
آخر بالكامل يؤدي إلى عدم تفاعلك
مع ما تقول، وبالتالي لن يتفاعل معك
الجمهور، فتشعر بالفشل.
ـ اجعل السيناريو صديقًا للذاكرة بتسلسله.
ـ الأفضل دائمًا أن لا تعتمد على قراءة
خطبتك أو كلمتك بالكامل من الورق،
ولكن ضع نقاط رئيسية تقرأها للتذكير
بما ترغب في طرحه، وأكمل بتلقائية
خاصة إذا كنت تقدم عرضًا وليس مجرد
مجرد كلمة أو خطاب.
ـ إذا كنت مصممًا على القراءة من
ورقة فحدد مواقع التوقف بين الفقرات
لالتقاط الأنفاس، بأن تحفظ آخر جملة
من كل مقطع وترفع رأسك عندما تصل
إليها لتلقيها على
الجمهور، أو أضف
إن شئت جمل انتقالية وتعليقات بين
الفقرات تنظر خلالها للجمهور وتلقيها
بتلقائية أو حتى بالعامية، واستثمر
هذه الوقفات لالتقاط أنفاسك
(حوالي 5 إلى 6 ثوان لعملية الشهيق
ثم الزفير) قبل أن تبدأ الفقرة التالية
حتى لا تشعر بضيق تنفس وتلهث
أثناء القراءة. ومجدداً، لا تعتقد أن
الجمهور سيشعر لو توقفت لبضع
ثوان بل على العكس سيلفت توقفك
انتباهه للفقرة التالية.
ـ لا شيء أهم في مرحلة التحضير
من التمرين
أمام المرآة، أو استخدام
كاميرا الجوال أو الكمبيوتر لتصوير
نفسك أثناء التمرين ومشاهدته بعين
المتلقي، وإعادته ما لا يقل عن 5 مرات
حتى تشعر بالرضا، ويرسخ السيناريو في
ذاكرتك، وتلتزم بالوقت المحدد. لا تتجاوز
هذه النصيحة فقد تكون الأهم لتجاوز مخاوفك.
ـ اختر كلمات يسهل عليك نطقها دون تكلف.
بوسعك دائماً استبدال أي كلمة لا تشعر
بالارتياح عند نطقها بكلمة أخرى أو
حتى جملة كاملة تعبر عن المعنى
الذي تود إيصاله.
ـ استعن بشرائح العرض لو أمكن،
فهي تساعدك على التوقف لالتقاط
الأنفاس، وتذكرك بما تود قوله،
والمشاهد المرئية تجذب الجمهور.
متى أتخلص تماماً من أزمة مواجهة الجمهور؟
بالممارسة والتجربة تزول مخاوفك،
فلا تتوقع أن تزول المخاوف أولً
ا ومن ثم تخرج لمواجه الجمهور.