إن العقل كي يُصدر أحكاماً و من أجل أن يُكَوّن رأياً
يحتاج أن يتعامل مع معطيات كاملة
و نادراً ما تتوفر المعطيات الكاملة حول موضوع ما
خاصة إن كان هذا الموضوع من الأمور الكلية مثل الفقر
و الجهل و سوء الخلق و نتيجة عدم وجود معطيات
كاملة أو دقيقة حول المسألة يُضطر العقل إلى إصدار
الحكم أو اتخاذ القرار في ظل قصور المعطيات
و يكمّل هذا النقص في المعطيات من عنده بناءً
على خبرات و خلفيات سابقة ...
فغالباً ما يجانب الصواب و ينأى عن الواقع
فكيف لمن لم يدري ما الكهرباء -مثلاً
أن يوجد حلاً لمشكلة تكرار لإنقطاع التيار؟
إنه لا يعرف أي شيء عن المسألة ، معطياته صفر ،
لهذا إن قدّم حلاً لهذه المشكلة ، غالباً سيكون خاطئ
بل لا معنى له ولهذا قال المنطقيون :"إن الحكم على
الشيء فرعٌ عن تصوره " أي أن مدى معرفتك
و إلمامك بالأمر هو وسيلة الحكم عليه ، لهذا نجد
أنه من العجيب في جلسات تعقد مِن حولنا مَن
يتحدثون عن أمور كثيرة لا علم لهم بها
و ترى الواحد منهم يقسم و يجزم أن كلامه
صواب لا يحتمل الجدال أو أنه سمعه من فلان
أو علان و كأن هذا هو شعار الجودة
و خاتم الصحة لهذا تنفض مجالسنا و نكون قد
تناولنا أمور من أعظم الأمور و كأن شيئاً لم يكن
لم يطرح أحدنا حلاً ممكناً أو مناسباً للموجودين
حتى يشاركوا في حل المشكلة أو الأزمة
و لم يخرجوا بفائدة علمية دقيقة حولها لأن الكلام
كان يُلقى دون أدنى شعور بالمسئولية تجاه المجتمع
و دون هدف محدد بل كان يُقال لمجرد أن يُقال
و إن عدنا للكتاب و السنة وجدنا أن التحدث عن
علم من الأوامر الشرعية التي شرعها الله لنا
فقال جل و علا
(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
قال ابن باز رحمه الله:
الله ينهى عن كون الإنسان يتكلم فيما لا يعلم
(ولا تقْفُ) يعني لا تقل في شيء ليس لك به علم
بل تثبت ، (إن السمع) يقول: سمعت كذا ، وهو ما سمع
(وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
الإنسان مسئول عن سمعه وقلبه وبصره، فالواجب عليه
أن لا يقول: سمعت كذا إلا عن بصيرة
ولا يقول: نظرت كذا إلا عن بصيرة ، ولا يعتقد بقلبه شيء
إلا عن بصيرة ، لا بد ، فهو مسئول
فالواجب عليه أن يتثبت وأن يعتني حتى لا يتكلم إلا عن
علم ، ولا يفعل إلا عن علم
ولا يعتقد إلا عن علم ، ولهذا قال جل وعلا:
(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
فالإنسان يتثبت في الأمور والله يقول -جل وعلا
: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ
سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
[الأعراف: 33]
فجعل القول على الله بغير العلم فوق هذه الأشياء كلها
فالواجب على الإنسان يتعلم حتى يكون على علم،
ويتبصر فلا يقول:
سمعت ، ولا يقول: رأيت ، ولا يقول: كذا وكذا
و لهذا قال صلى الله عليه و سلم:
كفى بالمرءِ كذبًا أن يُحَدِّثَ بكلِّ ما سمِع.
رواه مسلم و ابن أبي شيبة
لأن ليس كل ما تسمع صحيحاً ، فكيف تنطلق
بين الناس تحدث بكل شيء تسمع؟
بل و كيف تبدي آراءً و تحلل أزمات بناءً على
ما سمعت لا ما بحثت و استقصيت و دريت؟
و في هذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
إن اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزِعُهُ من العبادِ،
ولكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العلماءِ، حتى إذا لم يُبْقِ
عالمًا، اتخذَ الناسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فسُئِلوا، فأفْتَوا
بغيرِ علمٍ، فضلوا وأضلوا .
عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ قالَ أصابَ رجلًا جُرحٌ في عَهْدِ
رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ احتلمَ فأمرَ بالاغتسالِ
فاغتسلَ فماتَ فبلغَ ذلِكَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
فقالَ قتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ألم يَكُن شفاءُ العِيِّ–أي الجهل- السُّؤالَ
رواه أبو داود و غيره و صحح الألباني رواية جابر
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
من أفتى بغيرِ علمٍ كانَ إثمُهُ على من أفتاهُ ومن
أشارَ على أخيهِ بأمرٍ يعلمُ أنَّ الرُّشدَ في غيرِهِ
فقد خانَهُ.
رواه أبو داود و حسنه الألباني في مشكاة المصابيح
و أخبر صلى الله عليه و سلم أيضاً
عن أولئك التافهين الجهّال
الذين يتحدثون في أمور الناس قائلاً:
سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ
ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ
فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ
قالَ الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ.
رواه أحمد و البزار و الطبراني و صححه الألباني
تعلّم فليس المرء يولد عالماً ** و ليس أخو علم كمن هو جاهلُ
و إن كبير القوم لا علم عنده ** صغيرٌ إذا التفّت عليه المحافلُ
و السبيل للرقي بالمستوى الثقافي و الحواري في المجتمع
قابل للأخذ و الرد و كُتبت فيه الكتب
باختصـار:
التنبيه لمشكلة القول بغير علم – سواء دينياً أم دنيوياً
و إلجام أنفسنا عن الوقوع فيها.
الحث على التعلم و القراءة و التثقف
الدفع إلى علاج هذه المشكلة... "التكلّم دون تعلّم
شكرا لذوقك الرفيع تميز بالمحتوى
كل الشكر والامتنان لجهودك المبذولهه
حكاية عشق عسى يمناتس للجنة يارب )…
رحيل /سمو /معاذير غربة خلود حكاية عشق و عين هيبة شموع
أما عن كفة الأصحاب ، أنا حظي عظيم
محاطة باصدقاء* مثل النور
ياربّ لا تجعلني أرى فيهم حزناً ولا همَّاً ولا تعباً ،
واجعلني أرى فيهم فرحاً و سروراً
[/LEFT]