الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فلاا بأسَ من الوُضوء في الحمَّام؛ لأنه الأصل، ولعدم وجود ما يمنع منه، ولأن استحباب طهارة مكان الوضوء لا دليل عليه، أما الذكر في المرحاض فيمكنه أنّ يذكر بالقلب. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/ 94): "يُكْرَه أن يذكر الله تعالى نطقًا داخِلَ الحمَّام الذي تُقْضَى فيه الحاجة؛ تنزيهًا لاسْمِه واحترامًا له، لكنْ تُشْرَعُ له التَّسمية عند بدء الوضوء؛ لأنَّها واجبةٌ مع الذِّكر عند جَمع من أهل العلم". اهـ. وقال الشَّيْخُ ابن باز رحِمه الله: "لا بأسَ أن يتوضَّأ داخلَ الحمَّام إذا دَعَتِ الحاجة إلى ذلك، ويُسَمِّي عندَ أوَّل الوضوء، يقول: (بسم الله) لأنَّ التَّسميةَ واجبةٌ عندَ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ، ومتأكِّدة عندَ الأكْثَرِ، فيأتي بِها وتزولُ الكراهة لأنَّ الكراهة تزول عند الحاجة إلى التَّسمية، والإنسان مأمورٌ بالتَّسمية عند أوَّل الوضوء، فيسمِّي ويكمل وضوءَه" اهـ. "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/ 28). قال العلامة ابن عثيمين: "إذا كان الإنسان في الحمام فيسمي بقلبه لا بلسانه لأن وجوب التسمية في الوضوء والغسل ليس بالقول؛ حيث قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ "لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسمية في الوضوء شيء". ولذلك ذهب الموفق صاحب "المغني" وغيره إلى أن التسمية في الوضوء سنة لا واجبة". اهـ. "مجموع فتاوى العثيمين". وذهب الحنفية والمالكية إلى كراهةِ ذِكْرِ اللَّه تعالى في مواضع قضاء الحاجة، واستحبوا الوضوء في مكان طاهر، قالوا: لأن لماء الوضوء حرمة. قال الحطَّاب في "مواهب الجليل" نقلاً عن القاضي عياض في "الإكمال": "اختلف العلماء والسَّلف في هذا؛ أي ذِكْر الله تعالى في الخلاء: فذهَبَ بعضُهم إلى جَواز ذِكْرِه تَعالى في الكنيف وعلى كُلِّ حال، وهو قول النخعي والشعبي وعبدالله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس، ورُوِيَ كراهةُ ذلك عنِ ابنِ عبَّاس وعطاء والشعبي وغيرِهم". انتهى. والذي يظهر أن دورات المياه المعروفة في زماننا لا تقتصر على موضع قضاء الحاجة، وإنما تَشمَلُ على غيرها من المرافق – من مواضعَ لقضاء الحاجة والاستِحْمام وغيْرِها - فهذه لا يَبْقَى فيها أثَرُ للنجاسة، ومن ثمّ فلا يكره الوضوء فيها ولا ذكر الله أوله،، والله أعلم.