—يروى أن شخصين ترافقا في سفر،وكان أحدهما ثرثارا يطب في الكلام ويبالغ في الوصف ويهول الهين من الأمور،،أما الآخر فكان كثير الصمت محبا للإختصار،،يكتفي بما قَل ودَل من الكلام.
—ولما إبتعد الرجلان عن الأهل والديار،أصيب الثرثار بوعكة بسيطة،فتمدد وقال لرفيقه: آه ياصاحبي،،لقد قرب الأجل وضاع الأمل ولم يبقى لي من هذه الدنيا إلا أيام معدودات....وإني أخشى أن أفارق الحياة دون أن أرى أهلي وأقاربي وجيراني،،،،فاكتب لهم رسالة تخبرهم فيها بحالي،،لعلهم يسارعون لرؤيتي قبل وفاتي حتى أودعهم الوداع الأخير..
— فقال له محب الإختصار: هون عليك ياصاحبي وإملي عليا ماتريد أن أكتب.
— قال الثرثار: قل لهم لقد أصابه صداع في رأسه،، وألم في أضراسه،، وتفكك في مفاصله،،وقد فترت يداه،، ووهنت ركبتاه،،وتورمت قدماه،،وقد أصابه وجع في ظهره،،وخفقان في قلبه،،وضيق في صدره،،وثقل في لسانه،،و............
— وقبل أن يكمل الثرثار كلامه،،قاطعه رفيقه وقد نفذ صبره: اِسمع ياصاحبي أنا شخص لايحب أن يطيل الكلام،،لذلك سوف أقول لهم :مـات و السـلام.