نفحات آيمانية ▪● (يهتم بشؤؤن ديننا الإسلامي الحنيف) |
|
|
09-22-2020, 03:18 AM
|
|
|
|
اصبروا وصابرو
بسم الله الرحمن الرحيم
إصبروا وصابروا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ,, وبعد
إن الدنيا قد جبلت على كدر وهم , وضيق وغم , أوجاعها لا تنقضي , ومآسيها لا تنتهي ,
والإنسان فيها بين آلام مرض وهموم دين , وبين جفوة قريب وفقد حبيب , وبين معاناة
سفر ومكابدة سهر .
أسرة هنا تحت سلطة أب ظالم أو تمرد زوجة ناشز أو عقوق أبناء منحرفون .
بلد هناك يئن من احتلال كافر , وبلد يشكو من سلطان جائر , فتن متلاطمة , ومحن
متتابعة .
ولله ما يقدر ويفعل , وله في كل شي حكمة .
والناس مع هذه الأحداث على قسمين , فمنهم من يجزع ويسخط ويعترض على قضاء الله
وقدره , وأولئك الذين ضعف إيمانهم واضطرب يقينهم , فهم عطفاً على تبرمهم
وتسخطهم تعظم مصائبهم وتتفاقم همومهم وتثقل عليهم أوجاعهم حتى يعجزوا عن حملها
أو مواجهتها , فيخسروا بذلك أجر الصبر والرضا بأقدار الله تعالى من وجه , ويعجزوا
عن حل مشاكلهم ومعالجة أوضاعهم من وجه آخر .
ومنهم من يصبر على قضاء الله وقدره ويرضى به , فلا يأتون من الأعمال والأقوال إلا ما
يرضي ربهم ويساهم في مضاعفة أجرهم ويسكن الطمأنينة والأمن في قلوبهم , متطلعين
إلى ما عند ربهم من الأجر والمثوبة التي كتبها الله للصابرين الشاكرين قال تعالى :
" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ".
إن خلق الصبر من أفضل فضائل الأعمال , وأجل أخلاق الكرام , وأحد أهم أسباب التوكل
الصادق على الملك العلّام , جاء بيان فضله في القرآن الكريم في نحو تسعين موضعا ,
وهو واجب بإجماع الأمة , وهو نصف الإيمان , فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف
شكر , ذكر ذلك ابن القيّم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين .
وهو مذكور في القرآن على أنواع عدّة : ومنها :
الأول : أن الله جل وعلا قد أمر به فقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر
والصلاة " وقال : " واستعينوا بالصبر والصلاة " وقال : " اصبروا وصابروا " وقال :
" واصبر وما صبرك إلا بالله " ونهى جل وعلا عن إتيان العبد كل ما هو ضده ( أي
ضد الصبر) , فقال تعالى : " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم "
، وقال : " فلا تولوهم الأدبار " ، فإن تولية الأدبار : ترك للصبر والمصابرة . وقوله :
" ولا تبطلوا أعمالكم " فإن إبطالها ترك الصبر على إتمامها . وقوله : " ولا تهنوا ولا
تحزنوا " فإن الوهن من عدم الصبر .
الثاني : ثناء الله جل وعلا على الصابرين وهذا كثير في القرآن الكريم ، كقوله تعالى :
" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون "
ومن صور ثناءهم عليهم أن الله قد أوجب محبته و معيته لهم فقال في محبته لهم : " والله
يحب الصابرين " وقال في معيـّته لهم : " واصبروا إن الله مع الصابرين" وقال " والله
مع الصابرين " وهي معية خاصة تتضمن حفظهم ونصرهم وتأييدهم .
الثالث : أوجب الله للصابرين مآلات عدة وخيرات متعددة , ومنها أن منحهم الجزاء بأحسن
أعمالهم فقال تعالى : " ولنجزيّن الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " ومنحهم
أيضاً الجزاء بغير حساب , فقال تعالى" : إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب " ,
وأوجب لهم الخير كله إن هم حققوا معنى الصبر وتمثلوا به , فقال تعالى : " ولئن صبرتم
لهو خير للصابرين " وقال : " وأن تصبروا خير لكم " وفي هذا المقام أيضاً أخبر جل
وعلا أنّه ما يلقى الأعمال الصالحة وجزاءها والحظوظ العظيمة عليها إلا أهل الصبر ،
قال تعالى : " ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون "
وقال تعالى " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " وفيه أيضاً أن الله
أخبرهم بأن الفوز بالمطلوب المحبوب ، والنجاة من المكروه المرهوب ، ودخول الجنة ،
إنما نالوه بالصبر , قال تعالى : " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما
صبرتم فنعم عقبى الدار" , ومن منحه جل وعلا لهم أن ضمن لهم النصر والمدد لهم من
عنده فقال تعالى : " بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة
آلاف من الملائكة مسومين " ومن منحه جل وعلا للصابرين أن أطلق لهم البشرى دون
تحديد في وقت أو مكان أو أمر , فقال تعالى : " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع
ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " , ومن مآلات الصبر التي تعتبر
من منح الله تعالى لعباده الصابرين أنه يورث صاحبه درجة الإمامة , قال ابن القيم رحمه
الله : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول : بالصبر واليقين تنال
الإمامة في الدين , ثم تلا قوله تعالى : " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا
وكانوا بآياتنا يوقنون "
الرابع : أخبر الله جل وعلا في كتابه الكريم بأن أهل الصبر هم أهل العزائم , وهم أهل
جادة الحق والهمم العالية وأهل التضحية من أجل الله تعالى ومن أجل التقرب إليه بفعل
الطاعات وترك المعاصي , ومن أجل محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته وسنته
وسيرته , ومن أجل ابتغاء ما عند الله من الأجر والثواب ومن أجل دعوة الناس إلى الحق
والإحسان إليهم , فقال تعالى : " لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم
الأمور" وقال تعالى : " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على
ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور " وقال تعالى : " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم
الأمور" .
الخامس : بيّن الله تعالى أن أهل الصبر أهل تفكر وتدبر , وأصحاب نفع من الآيات
والعبر , قال تعالى لموسى : " أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " ، وقوله في أهل سبأ : " فجعلناهم أحاديث ومزقناهم
كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " , وقوله : " ومن آياته الجواري في
البحر كالأعلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل
صبار شكور "
السادس : قرن الله الصبر بمقامات الإسلام والإيمان ، كما قرنه الله سبحانه باليقين
وبالإيمان ، والتقوى والتوكل , وبالشكر والعمل الصالح والرحمة , ولهذا كان الصبر من
الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له كما أنه لا جسد لمن لا رأس
له , وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : خير عيش أدركناه بالصبر , وأخبر النبي
صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه ضياء , وقال" : من يتصبر يصبره الله" ,
وفي الحديث الصحيح : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا
للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "
وقال للمرأة السوداء التي كانت تصرع فسألته أن يدعو لها : " إن شئت صبرت ولك
الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك " فقالت : إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا
لها , وأمر الأنصار - رضي الله تعالى عنهم - بأن يصبروا على الأثرة التي يلقونها بعده
حتى يلقوه على الحوض , وأمر عند ملاقاة العدو بالصبر , وأمر بالصبر عند المصيبة ,
وأخبر أنه إنما يكون عند الصدمة الأولى , وأمر صلى الله عليه وسلم المصاب بأنفع
الأمور له ، وهو الصبر والاحتساب , فإن ذلك يخفف مصيبته ، ويوفر أجره . والجزع
والتسخط والتشكي يزيد في المصيبة ، ويذهب الأجر , وأخبر صلى الله عليه وسلم أن
الصبر خير كله ، فقال : ما أعطي أحد عطاء خيرا له وأوسع من الصبر .
,
والحمد لله رب العالمين
|
|
|
[/quote]
hwfv,h ,whfv, >
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
09-22-2020, 05:18 AM
|
#2
|
رد: اصبروا وصابرو
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-22-2020, 05:37 AM
|
#3
|
رد: اصبروا وصابرو
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-22-2020, 01:10 PM
|
#4
|
رد: اصبروا وصابرو
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-23-2020, 12:38 AM
|
#5
|
رد: اصبروا وصابرو
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
| | | | | |