جودة حياة ذوى صعوبات التعلم وجودة حياة أسرهم
يستخدم مفهوم جودة الحياة أحيانا للتعبير عن الرقى فى مستوى الخدمات المادية الإجتماعية التي تقدم لأفراد المجتمع ، كما يستخدم أحيانا أخرى للتعبير عن إدراك الأفراد لقدرة هذه الخدمات على إشباع حاجاتهم المختلفة.
وثمة ثلاثة إتجاهات رئيسة في تعريف جودة الحياة وهى:
(أ) الإتجاه الإجتماعى
(ب) الإتجاه الطبى
(جـ) الإتجاه النفسى
حيث يعرف أصحاب الإتجاه الإجتماعى “ جودة الحياة “ من منظور يركز على الأسرة والمجتمع ، وعلاقات الأفراد والمتطلبات الحضارية والسكان والدخل والعمل، وضغوط الوظيفة والمتغيرات الإجتماعية الأخرى. أما الإتجاه الطبى فقد اعتمد على تحديد مؤشرات جودة الحياة ولم يحدد تعريفا واضحا لهذا المفهوم، وقد زاد اهتمام الأطباء والمتخصصين في الشئون الإجتماعية والباحثين في العلوم الإجتماعية بتعزيز ورفع جودة الحياة لدى المرضى من خلال توفير الدعم النفسي والإجتماعي لهم. بينما يركز الاتجاه النفسي على إدراك الفرد كمحدد أساسي للمفهوم وعلاقة المفهوم بالمفاهيم النفسية الأخرى، وأهمها القيم والحاجات النفسية وإشباعها، وتحقيق الذات ومستوى الطموح لدى الأفراد.
وكلما إنتقل الإنسان إلى مرحلة جديدة من النمو فرضت عليه متطلبات وحاجات جديدة لهذه المرحلة تلح على الإشباع، مما يجعل الفرد يشعر بضرورة مواجهة متطلبات الحياة فى المرحلة الجديدة فيظهر الرضا “ فى حالة الإشباع “ أو عدم الرضا “ في حالة عدم الإشباع “ نتيجة لتوافر مستوى مناسب من جودة الحياة .
وفى جودة الحياة يتطلب الإستمتاع بالأشياء بشكل تراكمي أن يفهم الإنسان ذاته وقدراته، ويحقق إهتماماته وطموحاته في تفاعل وانهماك يمكنه من التغلب على مشكلات الحياة وتحديد معنى وهدف يسعى دوماً لبلوغه .
توصيات تربوية:
يمكن تقديم بعض التطبيقات والتوصيات التربوية التالية:
1-مساعدة الأطفال ذوى صعوبات التعلم على التعبير عن مشكلاتهم، وفهم الدوافع وراء تصرفاتهم، والعمل على تحقيق تواصلهم الاجتماعي.
2- الاهتمام بالرعاية المتكاملة للأطفال ذوى صعوبات التعلم، في جميع النواحي الصحية والنفسية، والاجتماعية.
3- الاهتمام بالأنشطة المدرسية والاجتماعية المحببة للأطفال ذوى صعوبات التعلم، وتوظيفها في تحسين قدراتهم.
4- الاهتمام بتوجيه وإرشاد المعلمين والآباء المتعاملين مع الأطفال ذوى صعوبات التعلم.
5- الاهتمام بتوفير برامج الرعاية النفسية للأطفال ذوى صعوبات التعلم بحيث يتم تأهيلهم وتدريبهم عليها ثم يعودون إلى صفهم الدراسي
6- الاهتمام بالتدريب على التشخيص الصحيح للأطفال ذوى صعوبات التعلم.
7- حث الطلاب على المشاركة والتفاعل في المناقشات الجماعية، سواء داخل قاعات الدراسة، أو الندوات العامة، والأنشطة المدرسية، وغيرها.
8- تنظيم رحلات جماعية يشارك فيها الأطفال لزيادة كفاءتهم الاجتماعية والانفعالية.
تجدر الإشارة إلى أن التعامل مع صعوبات التعلم في البيئة العربية ما زال إلى حد كبير وكما سبق يركز على قطاع واحد وهو فئة تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية والنذر اليسير من المرحلة الثانوية، على الرغم من أن خطورة صعوبة التعلم لدى فئة الراشدين و الموهوبين قد تتعدى في تأثيراتها السلبية الخطورة في المراحل السابقة.(محمود عوض الله، 2007، 18)
وإيماناً بخطورة صعوبات التعلم لدى الراشدين نجد سيلاً من التوجهات، والدراسات الأجنبية في السنوات القليلة الأخيرة تضافرت جهودها، واتفقت توجهاتها في محاولة التعرف على خصائص وحاجات الراشدين ذوي صعوبات التعلم.
وقد توجت هذه التوجهات بإصدار القانون 99 / 457 والذي ارتبط بالخدمات التي تقدم للطلاب ذوي صعوبات التعلم في كافة الولايات المتحدة الأمريكية لتشمل الطلاب حتى عام 21 عاماً، في ذات الوقت الذي حدث فيه تحولاً آخر وهو شمول البرامج التي تقدم بالكليات الجامعية، ومقررات تناول صعوبات التعلم من منظور اتساع نطاق صعوبات التعلم ليشمل كل الأعمار.
وقد أسفر هذا الاهتمام بالراشدين ذوي صعوبات التعلم عن مجموعة من البرامج التي صممت لتسهيل وتيسير انتقال المراهقين إلى مرحلة الرشد، حيث يعني هذا الانتقال تميز في حالة الفرد من التعرف بصفة أساسية على أنه تلميذ إلى افتراض قيامه بالأدوار المتوقعة من الراشدين في المجتمع، على أن يتم إرساء مبادئ هذا الانتقال خلال سنوات المدرسة الابتدائية والمتوسطة.
وفي الوقت الذي عزفت فيه الدراسات العربية عن الخوض في مثل هذا الاتجاه، نجد اهتماماً بالغاً من الدراسات والبحوث الأجنبية التي تعكس تفهم لطبيعة وخطورة الصعوبة في هذه المرحلة حين تنعكس آثارها على الحياة العملية، والنمو والتوافق المهني، والاجتماعي والذي يؤثر على المجتمع بأسره مثل دراسة (2000) Ruban ودراسة Smitely (2001) ، ودراسة Trainin and Swanson (2005) حيث أشارت هذه الدراسات إلى أن الطلاب الجامعيين ذوي صعوبات التعلم لديهم صعوبات خطيرة ومتعددة في المجالات الأكاديمية المختلفة مما ينعكس على المجتمعات العملية التي يؤهلون للخروج إليها، وأكدت هذه الدراسات على أن انتشار ذوي صعوبات التعلم من الراشدين أدى إلى إعادة تشكيل الحكومات لصورة التعليم المتبع وتزايد الخدمات والمجهودات من أجل خدمة ذوي صعوبات التعلم، وبمصاحبة هذه التطورات فإن مؤسسات ما بعد التعليم الثانوي تبذل قصارى جهدها لتفادي الآثار السلبية الناتجة عن انتشار صعوبات التعلم لدى الراشدين منطلقة من التعرف على خصائص هذه الفئة ومارة بالوصول إلى مصاحبات تلك الصعوبات في هذه المرحلة العمرية ومنتهية إلى وضع أسس التشخيص والعلاج اللازمة.
إن البحوث والدراسات الخاصة بمجال صعوبات التعلم ينبغي أن تدور في نطاق الاهتمامات المباشرة لكل من علماء النفس والمربين والمعلمين والآباء، وعلى الرغم من تقدم الجهود المبذولة في مجال التشخيص والعلاج لذوي صعوبات التعلم إلا أن هناك ندرة في البحوث والدراسات العربية الخاصة بفئة تقع على رأس هذه الاهتمامات وهي فئة الراشدين والمتفوقين عقلياً والموهوبين ذوي صعوبات التعلم.
وفي هذا الإطار يشير الزيات (2000) أن المتفوقين عقلياً ذوي صعوبات التعلم هم أولئك الطلاب الذين يملكون مواهباً أو إمكانات عقلية بارزة، تمكنهم من تحقيق مستويات أداء أكاديمية عالية ولكنهم يعانون من صعوبات نوعية في التعلم، تجعل بعض مظاهر التحصيل أو الإنجاز الأكاديمي صعبة، وأداؤهم فيها منخفضاً انخفاضاً ملموساً.
وقد ذكر تعريف اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم أن صعوبات التعلم وإن صاحبها اضطراب انفعالي واجتماعي ,فإنها لا تكون نتيجة لهذا الاضطراب مباشرة. ولكن ما لا خلاف عليه ان الاضطرابات النفسية لدى الراشدين ذوى صعوبات التعلم يمكن ردها الى معاناتهم السابقة وخبراتهم الفاشلة مع صعوبات التعلم خلال سنوات الدراسة.
التصور المستقبلي لمجال صعوبات التعلم :
فى ضوء المنظور التوسعي الذي عرضه الاستاذ الدكتور محمود عوض الله لدراسة صعوبات التعلم فإنه وفقاً لعرضه يمكن تناول بعض الجوانب التي قد تثرى ميدان البحث في مجال صعوبات التعلم كالتالي:
ـ البرامج الإرشادية الأسرية المبنية على نظريات التعلم الاجتماعي ودورها في مساعدة ذوى صعوبات التعلم على التوافق النفسي.
ـ البرامج التدريبية التي تهدف إلى التعرف على خصائص وطبيعة العمليات المعرفية والنفسية لدى ذوى صعوبات التعلم من الراشدين والموهوبين.
ـ دراسة شكل ودرجة ونوعية صعوبة التعلم ومدى انتشارها بين الموهوبين ذوى صعوبات التعلم.
ـ دراسة الخصائص السلوكية للراشدين ذوى صعوبات التعلم.
ومن خلال عرض ما سبق يتضح ان الحاجة إلى تشخيص وعلاج صعوبات التعلم باتت ملحة، ذلك لأننا حينما نكشف عن السبب والنتيجة نستطيع أن نضع أيدينا على المنهج العلمي والسبيل السليم لإعداد البرامج المناسبة لهذه الفئة، الأمر الذي يقلل الفاقد المادي والجهد البشري للتصدي لهذه الظاهرة.
هذا بالإضافة إلى أننا حينما نغفل الكشف عن هذه الفئة فنحن نهيئ الأسباب لنموها بالإضافة إلى إبعادهم عن اللحاق بأقرانهم حتى يصبحوا هامشيين في مجتمعهم وما يترتب على الضغوط والإحباطات المستمرة والتوترات النفسية وما تتركه من آثار مدمرة للشخصية، وما لذلك من آثار سلبية تشمل كل من الطفل وأسرته ومجتمع