عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وهو بين أبي بكر وعمر، وإذا ابن مسعود يصلي، وإذا هو
يقرأ النساء، فانتهى إلى رأس المائة. فجعل ابن مسعود يدعو، وهو قائم يصلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اسأل تعطه، اسأل تعطه، ثم قال: من
سرَّه أن
يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل، فليقرأه بقراءة ابن أم عبد. فلما أصبح غدا إليه أبو بكر ليبشِّره، وقال له: ما سألت الله البارحة؟ قال: قلتُ: اللهم إني أسألك إيماناً لا يرتدّ، ونعيما لا يَنْفد، ومرافقة محمد في أعلى جنة الخلد. ثم جاء عمر رضي الله عنه فقيل له: إن أبا بكر قد سبقك، قال: يرحم الله أبا بكر، ما سبقته إلى خير قط، إلا سبقني إليه"[1].
من فوائد الحديث:
1- الإمام مسؤول أمام الله عن رعيّته.
2- السّمرُ لا يكون إلاّ في الليل.
3- النبي صلى الله عليه وسلم يُفضّل السّمر مع أبي بكر رضي الله عنه.
4- استحباب نقل البشارة، والمسارعة بتبليغها لصاحبها.
5- المسجد مكان الطاعة، والعبادة.
6- وجوب القيام في صلاة الفرض للقادر.
7- الصلاة راحة للنفس، وطمأنينة للفؤاد، وإزالة للهموم.
8- كان ابن مسعود رضي الله عنه مدرسةً لوحده.
9- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، ولين جانبه.
10- العزّ والشرف، والفضل، في سماع النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه.
11- متابعة الصحابة رضي الله عنهم، لنبيهم صلى الله عليه وسلم.
12- مسارعة الصحابة إلى فعل الخير.
13- مسارعة أبي بكر رضي الله عنه إلى الخير معروفة. فكان دائما الأوّل في المسارعة.
14- الدعاء عبادة عظيمة.
15- أثبت النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود رضي الله عنه إجابة الدعاء.
16- استحباب إدخال السرور على المسلم.
17- على المسلم أن يكون له همّة عالية، تسمو به إلى معالي الأمور.
18- الغضّ: الطريّ الّذي لم يتغيّر، أراد طريقته في القراءة.
19- قوله صلى الله عليه وسلم: (كَمَا أُنْزِلَ) بالبناء للمفعول، أي على الوجه الّذي أنزله الله عَزَّ وَجَلَّ.
20- ما كان عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم من كشف مزايا أصحابه الكرام، وإبرازه للناس حتّى يعرفوا فضلهم، ويقتدوا بهم.
21- بيان فضل تحسين قراءة القرآن.
22- فضيلة ومنقبة لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
23- جواز مدح الإنسان بما فيه، تشجيعًا له، وحملًا لغيره على الاقتداء به. [2]
24- ما كان رضي الله عنه يعلم بأن خير الناس صلى الله عليه وسلم، ومن معه رضي الله عنهما، سيأتون له في الليل، وسيستمعون لقراءته.
25- محبّة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، للمسجد، وتعظيمهم له.
26- كانت الحالة التي وُجِد عليها ابن مسعود رضي الله عنه، حالةً يحبها الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
27- قد يحاول الإنسان أن يلحق بشخص، لكنه لا يستطيع، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لكن عليه ألاّ ييأس، ويقنط من رحمة الله، بل عليه أن يبذل جهده، وطاقته ما أمكن لفعل الخير، وتقديم ما عنده، ولا يحتقر ما يُقدّمه ويعمله.
28- نعمة الإيمان أعظم النّعم.
29- النعيم الذي لا ينفد هو نعيم أهل الجنّة.
30- فيه ثناء، وتزكية لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه، والحث على تلقّيها منه.
[1] مسند الإمام أحمد 7/ 359 رقم 4340. وقال شعيب الأرنؤوط ومن معه: " صحيح بشواهده، وهذا إسناد حسن ". وحسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة 5/ 379 رقم 2301.
[2] من 38-43 مستفاد من مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه. محمد بن علي الأثيوبي 3/ 311 وما بعدها.