قصص - روآيات - حكايات ▪● ┘¬»[ روايات قصيرة | روايات تراثية | قصص حزينه |قصص مضحكة : تنحصُر هِنآ |
![إضافة رد](taratil1-2024/buttons/reply.gif) |
|
03-27-2019, 08:31 PM
|
|
|
|
|
احتضارات قلب
احتضارات قلب
تبدو السماء زرقاء صافية من نافذتي, هنا أنا أجلس أمامها أرقب فلول الطير تغدو وتروح بأسراب, أراقبها وأتمنى لقلبي أن يتوقف عن الخفقان.
مالي أنا وهذه الحياة, الست حبيسة الجدران منذ أن أنهيت دراستي, الست سجينة الوقت منذ سنين, الم اخسر كل رغبتي بالحياة منذ إن حبست ها هنا. أراقب الدنيا تسير من حولي وأنا أراوح في مكاني كلما حاولت التقدم خطوة ارجع إلى الوراء عشرات.
أصبحت لا أطيق نفسي, لا أطيق الحياة, أتساءل بيني وبين ذاتي إما آن لقلبي الجريح أن يشفى, أما آن لإحتضارات قلبي أن تنتهي. تمر علي الدقائق والساعات والأيام والشهور وقلبي كما هو يتمزق ويتمزق, وفي كل مرة يغمر الألم كياني حتى أتمنى الموت. نعم أتمنى الموت وأنا لم أرى من حياتي شئ.
أحس بالجدران تطبق خناقها علي, وأنا أريد أن اصرخ أريد أن اهدمها بيدي وأظافري, لكن صوتي لا يخرج يدي تنشلان, يسيطر على ضعف يتآكلني ويجعلني يائسة. يائسة من كل الحياة.
نعم إن صورته محفورة في قلبي منذ سنون أريد أن أمزقها ولكن كيف لي أن أمزق قلبي, انه يحتضر منذ سنون منذ أن تركت من ظننته حبيبي وأصبحت كورقة اهتز في مواجهة العواصف.
كنت زهرة يانعة في ريعان الشباب وحيدة لم يطرق باب قلبي أحد, جالسة في قاعة المحاضرات أنظر إلى كراسة الملاحظات التي بين يدي-وأنا أفكر كم أن أستاذنا غريب ,يبدو أنه قد نسي أن لديه محاضرة- عندما شعرت بعينين تتركزان علي ,رفعت نظري من كراستي لأرى أجمل و أعمق عينين ذهبيتين رأيتهما في حياتي, تنظران إلي بتساؤل غريب , شعرت أن هذه العينين قد اخترقتاني حتى أعمق أعماقي لتتطلع على كل أسراري. شعرت أن الدنيا من حولي قد اختفت وذابت حتى لم يبقى سواي هو وأنا. سكتت الأصوات من حولي وكأنها في ترقب لما كان يجري. قلبي توقف عن الخفقان, ثم فجأة نبض من جديد لكن هذه المرة نبضه اختلف فقد بدأ ينبض بمولد الحياة الجديدة فيه. نبض بولادة حب خجول نمى ونمى حتى أصبح ثابت لا تحركه العواصف والزلازل والبراكين.
ويالي من غبية فما اعتقدته لمعان الحب في عينيه, لم يكن إلا لمعان الصياد وهو يرقب فريسته التالية, ما ظننته جوعاً للحب لم يكن إلا جوع لنهش لحمي. من نظر في عيني لم يكن إلا الأستاذ البديل شاب في مقتبل عمره, جاء إلينا بمكان أستاذنا الذي ذهب لشهر إلى مؤتمر في الجهة الأخرى من الأرض. بدأت المحاضرة وعيني لم تكفا عن النهل من منظره الساحر, صوته انساب إلى أذني مثل الموسيقى المغرية التي تجذب أعتى البشر إليها. عندما انتهت تلك المحاضرة شعرت أن حياتي انتهت معها وعندما خرج الأستاذ أياد, نعم هذا كان اسمه, أردت أن ألحقه أقول له أي شئ فقط كي انظر في عمق عينيه لمرة واحدة أخرى.
كان يوم محاضرة الأستاذ إياد من أجمل أيام الأسبوع بالنسبة إلي لأنني استطيع أن أرى من أحبه قلبي واسمع صوته, انهل من منظره وهو يلقي علينا المحاضرة كأستاذ متمرس ربما حتى أفضل من أستاذنا القديم, يلقي محاضرته ويخرج من دون حتى أن يلقي إلي بنظرة واحدة, لم اعرف أي لعبة كان يلعب, أليس هو من ذابت نظراته في نظراتي لأول مرة, الم يكن بريق الحب ما رأيته في عينيه. اقترب الشهر من نهايته وأنا احتضر في كل ثانية مئات المرات, كل ما انظر إلى التأريخ اشعر وكأن نهايتي ستحين مع نهاية الشهر, بقيت أدعو الله في كل ثانية ألا يعود أستاذنا من رحلته كي يستمر إياد بإعطائنا المحاضرات, نعم لقد أصبح الآن إياد بالنسبة إلي وليس الأستاذ إياد, لقد كان الهواء الذي أتنفسه, الماء الذي اشربه, الطعام الذي آكله, كل شئ في الحياة أصبح إياد بالنسبة إلي.
لقد أحببته بجنون, كل صديقاتي كانوا يضحكون علي ويخبروني: "لاتلهثي وراءه كالمجنونة يا سارة يجب عليه هو أن يلهث وراءك وليس أنت." أنا لم اخبر احد بما كان يعتمل في نفسي, لكنهم رأوه في عيني في تصرفاتي في حركاتي في كل شئ. لقد رأو مدى حبي لإياد. وهو الم يرى هذا الحب رحت أتساءل وأتساءل ألا أكسر قلبه, ألا يرى كم أحبه لا بل اعشقه لا بل أنا مجنونة به.
نهاية الشهر حلت وأنا جننت, تركت الطعام والنوم أصبحت كالأموات الأحياء امشي في كالشبح, حتى أمي بدأت تخاف من أني قد أصبت بمرض, كيف لها أن تعرف أن ما أصابني هو فيروس اسمه إياد. ظللت أفكر ما الذي علي أن افعله أنا بحاجة إلى التصرف السريع يجب علي أن الفت نظره, أن أجعله يحبني كما أحبه, يجب علي يجب علي, إلا انه لم يكن بيدي حيلة, تربيتي لم تسمح لي أن اذهب إليه واعترف إليه بما يعتمل في قلبي, لذا أقفلت على السر في قلبي واحتسبت أمري لله, في يوم محاضرته الأخيرة ذهبت وأنا قلبي مثقل بالحزن, أريد أن أرتمي في سريري وابكي حتى تنتهي الدموع, إلا أن أمل رؤيته للمرة الأخيرة جعلني اجر نفسي جراً من السرير وارتدي القميص الأبيض والجينز البسيط اللذان أفضلهما, لملمت شعري الأسود الطويل في عقدة بعيداً عن وجهي وتركت عيني الرماديتين من دون أي ماكياج, ما فائدة الاهتمام بنفسي والتزيين ففي كل مرة سابقة ارتديت أجمل ما لدي وصففت شعري وزينت وجهي ولم يحدث أي شئ, لأذهب على طبيعتي ففي كل الأحوال كانت هذه هي المرة الأخيرة التي أراه فيها, فلقد كان إياد للأسف مستضافاً من جامعة أخرى بعيدة عن جامعتي.
دخلت قاعة المحاضرات وقلبي يدق ويرفرف في ترقب لرؤية حبيبي لآخر مرة, جلست على مقعدي المعتاد في الصف الأول, فمنذ أن جاء إياد وأنا اجلس هنا حتى أكون اقرب إليه, جلست وفتحت دفتري أمامي وانتظرت وصوله, أصبحت الساعة الثامنة وثلاثين دقيقة, الثامنة وواحد وثلاثون واثنان وثلاثون... وأربعون إلا أن إياد لم يحضر وهذا لم يكن من عادته, فهو في العادة مضبوط, وخمس وأربعون, اقتربت الساعة من التاسعة وفتحت باب القاعة, شعرت بقلبي يرفرف كعصفور أطلق للحرية, ولكن يال خيبتي فمن دخل لم يكن إلا أستاذنا القديم سامر, اعتذر عن التأخير وقال انه قد عاد مبكراً قليلاً عن معاده, شعرت عندها بأن الدنيا قد اسودت أمام ناظري وكل رغبة لي بالعيش فيها اختفت, لقد حرمت حتى من النظرة الأخيرة إليه, جلست طول المحاضرة وأنا بالكاد ممسكة بدموعي, لم أطق صبراً حتى تنتهي المحاضرة لكي اجري حتى حمامات الفتيات في نهاية الدهليز واحبس نفسي في إحدى الحجرات الداخلية وأطلق العنان للدموع التي حبستها طوال الأيام الماضية, أفرغت ما في جوفي من دموع, ثم غسلت وجهي بالماء البارد ونظرت إلى نفسي في المرأة: "سارة أيتها الغبية كفي عن البكاء, أنت قوية لطالما كنتي, الست أنتي حجر العائلة المتماسك, ألست أنتي من يستند إليها الكل عند المصائب, ألست أنت من يلجأ إليها كل من يعرفك عندما تشتد بهم الصعاب, الست أنت من تنصحين الآخرين في أوقات شدتهم." أردت أن أصرخ لكن ماذا عني أنا... أنا من سينصحني في وقت شدتي, إلى من سأستند إلى من سألجأ, أردت أن أحطم صورتي التي في المرأة, لم أكن أريد أن أكون بهذا الضعف, الحب جعلني ضعيفة وأنا لم أكن من قبل أبدا ضعيفة, استجمعت قوتي وقلت للدموع: "كفى يا دموع لن تنزلي ولا قطرة بعد الآن على حب مستحيل, على حب صامت لم يكن له وجود إلا من جانبي, ولد وسيموت ببطء في داخلي."
جففت وجهي وخرجت من الحمامات وأنا اشعر ببعض الراحة, نظرت إلى ساعتي الساعة الحادية عشرة, يا الله لا يزال أمامي ساعة كاملة حتى المحاضرة التالية, وقفت انظر يميني وشمالي صديقاتي وقفن أمامي وهن يتسامرن ويتبادلن آخر الإشاعات, والكلام الفارغ المعتاد عن ما تلبسه تلك وما تلبسه هذه, لم أكن بمزاج يسمح لي بأن أشاركهم حديث غير ذي فائدة, فاليوم أنا فقدت قلبي وأصبحت بلا قلب, توجهت إلى الحديقة الخارجية في حرم الجامعة, بحثت عن ابعد المصاطب وأكثرهم انعزالا, وتوجهت نحوها.
جلست وأخرجت دفتر الملاحظات, وأنا أفكر حتى لو كان قلبي يبكي دماً إلا أني سأكون قوية وأتغلب على ما حدث, سأنتبه إلى دراستي ولن يكون للحب أي مجال في حياتي.
وأنا انظر بشرود إلى الدفتر سقط ظل طويل فوقه رفعت رأسي وأنا أجهز كلمات الرفض لأي ممن يريد أن ينضم إلي, إلا أن الكلمات ماتت على طرف لساني, فالظل لم يكن إلا لإياد, أحسست أن قلبي قد توقف حقاً في تلك اللحظة. لقد كانت عيناه تبتسمان اللي كأنهما تغرياني بوعود ووعود سيقضي طول حياته وهو يفي بهما لي.
"هل استطيع الانضمام إليك,"
فتحت فمي لأقول له نعم, إلا أن لا شئ خرج. أغلقت فمي وأومأت له وأشرت بيدي إلى المجال الواسع الذي بجانبي. جلس إلى الطرف البعيد وكأنه خائف من أن الدغه أو شئ ما.
"أنت سارة الست محقاً؟" مرة أخرى الكلمات رفضت أن تخرج من فمي, لذا اكتفيت بالإيماء له. عندها ضحك ضحكة عميقة ساحرة. "أتعلمين لطالما تساءلت كيف هو صوتك, أنا لم أسمعك تقولين كلمة واحدة منذ أن حضرت إلى هذه الكلية. والآن أنا أتساءل إذا كان لديك صوت أصلا."
شعرت بالدم يجري في شراييني ليتركز كله في خدي حتى أني شعرت بالحرارة تشع منهما. "لا, لا بالطبع لدي صوت." لم اصدق كم كان صوتي أجشا .. صفيت حنجرتي واعدت. "بالطبع لدي صوت, إلا أني لم أجد ما أقوله حتى الآن."
ضحك مرة أخرى. "ولا حتى عن المحاضرات, لا اصدق انك قد فهمتي كل ما شرحته لكم فنصف الطلاب لم يفهموا كلمة مما قلته, وكما تعلمين فأن جريان الموائع هي من أصعب المناهج التعليمية في الهندسة."
"نعم اعلم." قلت وأنا أتساءل هل كنت احلم يجب أن اقرص نفسي لأتأكد من أنني لم أكن احلم. إياد يجلس هنا يتحدث إلي أنا. منذ دقائق كنت أبكيه كالمجانين والآن ها هو أمامي يتجسد كالحلم, حسناً ربما كان سراباً. ربما ضربتني الشمس وجعلتني أتخيل أشياء ليس لها وجود.
"إذن لايوجد هناك ما تريدين أن تسأليني إياه في المادة, طالما أنا موجود استطيع أن أساعدك."
إذا كان هذا حلم فلا أريده أن ينتهي. نظرت إلى الدفتر أمامي رغم أنني قد قرأته من قبل في البيت وفهمته جيداً, إلا أنني لم استطع أن امنع نفسي من مقاومة ما كان يعرضه, وضعت الدفتر بيننا وأشرت بأصبعي إلى مسألة وقلت: "حسناً أنا لم افهم كيف حللت هذه المسألة, إذا لم يكن هناك إزعاج لك أتستطيع أن تشرحها لي؟" ورفعت عيني إلى عينيه الرائعتين والابتسامة لا تزال فيهما, نظرت في عمقهما وعرفت انه يعرف أنني افهم المسألة جيداً إلا أنني لا أريد أن اخسر صحبته فلم أبالي ليعرف, فأنا أحبه, لقد كانت الكلمة على طرف لساني وأرادت أن تنزلق في أكثر من مرة وهو يشرح لي المسألة, لا ادري ما الذي أبقاها حبيسة جوفي.
ظللت اخرج له مسألة بعد أخرى وعندما وصلنا إلى آخر مسألة كانت الساعة قد أصبحت الثانية عشرة والربع غير أني لم أبالي, لتذهب المحاضرة إلى الجحيم فأنا لم أفوت محاضرة من قبل لأفوت هذه المحاضرة هذه المرة, فكم مرة ستتسنى لي فرصة الجلوس مع من أحب إياد, شيئاً فشيئاً تحول الحديث من المادة إلى أنفسنا, تكلم عن نفسه بحرية أعجبتني, اخبرني عن روتينه اليومي وعن حياته, وعن والدته التي يعشقها وعن والده الذي لم يكن يحبه ولا يريده, فقد كان يكره إياد ولا يعترف بأي من انجازاته رغم انه قد اخذ الماجستير ويحضر للدكتوراه في الهندسة الكيميائية إلا أن والده لا يزال لا يعترف به, ومهما فعل وحاول فهو يظل لا يصل إلى ما يجعله محبوباً في نظر والده, تمنيت لو كان والده أمامي حتى اضرب رأسه بأقرب ما تطاله يدي, كيف لا تفخر وأنت لديك ولد مثل إياد, لقد كان ساحراً, كان يكفي عليه أن ينظر إلي بتلك العينان المبتسمتان لكي أموت وأحيا آلاف المرات.
"يا الله انظري إلى الساعة لقد أخذنا الوقت ونحن نتحدث." نظرت الى الساعة, الساعة الثانية بعد الظهر كيف هذا, هل كنا نتحدث كل هذا الوقت, كيف جرى الوقت بلمح البصر ونحن جالسين هنا, كيف غابت عنا الدنيا ولم يبقى سوانا, كيف غابت الأصوات من حولنا حتى لم يتبقى سوى صدى كلماتنا. كان علي أن أسرع لألحق بأخي الذي يقلني كل يوم بعد انتهاء دوامه. نهضت بسرعة وأنا الملم دفاتري. "أنا آسفة يجب علي الذهاب لا بد أن أخي ينتظرني منذ نصف ساعة, لقد قال بأنه سينهي دوامه اليوم مبكراً,"
"إذا وصل الم يكن سيتصل بك على هاتفك,"
"يا الهي, نعم لقد نسيت هاتفي مغلقاً بعد المحاضرة ولم افتحه. لا بد انه قد جن من القلق علي الآن, آسفة أستاذ يجب علي الذهاب,"
"انتظري أريد أن أراك مرة أخرى," كلماته أوقفتني في مكاني بجمود استدرت إليه, وأنا لا أكاد اصدق ما سمعته أذناي, "عفواً لم اسمع ما قلته أستاذ إياد,"
"قلت متى استطيع أن أراك مرة أخرى, وأرجوك توقفي عن مناداتي بأستاذ, عندما تقوليها اشعر بأني عجوز في السبعين من العمر," أردت أن اضحك هو في السبعين من العمر, لابد من انه يمزح لقد كان عمره ماذا سبعة وعشرون ثمان وعشرون بالكاد, بينما أنا في العشرين من عمري, هل كان يظن أنني أناديه أستاذ لأنه يعتقد أني أراه كبيراً في العمر, "حسناً استـ... إياد, أنا لدي محاضرات في الجامعة كل يوم حتى الثانية بعد الظهر," لم أتردد ولا لحظة بقول كلماتي إذا كان لي أن أراه فيجب علي أن استغل كل فرصة.
"حسناً اذاً, الأسبوع القادم في نفس الموعد هنا," أومأت إليه بالموافقة, وودعته وأنا قلبي يرفرف كعصفور أطلق إلى الحرية بعد سجن طويل.
هكذا كانت البداية كنا نتلاقى في البداية مرة واحدة في الأسبوع ثم أصبحت مرتين حتى أصبحنا نتلاقى كل يوم, ومع هذا كنت اشتاق إليه بجنون, اشتاق إلى صدى ضحكته الرقيقة وهي ترن في أذني, اشتاق إلى عينيه الذهبيتين المبتسمتين دوماً, اشتاق إلى كل ما فيه, إذا كنت مجنونة به في البداية فقد أصبحت الآن مهووسة به, كل حياتي تدور حوله, انتهت السنة الدراسية وبدأت العطلة, لا اعرف كيف مرت علي تلك العطلة من دون رؤيته اكتفيت بسماع صوته فقط لكني اغلب الأيام كنت كالمجنونة من دونه, وبعد انقضاء العطلة وبدء السنة الدراسية الجديدة عندما أتى لأول مرة شعرت مثل شخص تائه في الصحراء لأيام وعلى شفا الموت من العطش ووجد فجأة أمامه واحة من المياه العذبة, الفرحة التي شعرت بها تتفجر في داخلي لم تكن مثل أي شئ شعرت به من قبل, إلا أن علاقتنا لم تتطور أكثر من المسامرات والجلوس معاً, لقد كنت اشعر انه يخاف علي لدرجة انه حتى لم يحاول ولا مرة أن يلامس يدي, وعندما قال لي أحبك لأول مرة لم أدري ما الذي أفعله من فرحتي حتى أني لم اصدق ما سمعت في البداية, وطلبت منه أن يعيد قوله: "ما بك سارة؟ أصبحت الآن لا تسمعين أيضا. لقد قلت أحبك."
يا ربي ما الذي يجب علي أن أقوله, هل أقول له احبك, لكن ألا يعلم بالفعل أني أحبه.
"ألا يجب أن تقولي لي شيئاً بالمقابل."
"أحبك," قلتها بصوت خجل ومرتجف صفيت حنجرتي ورفعت عيني لتلاقي عينيه وقلت بثقة اكبر: "احبك."
ارتسمت في عينيه تلك الابتسامة التي اعشق والتي أنا مستعدة لان أموت من اجلها. ما الضير في قول هذه الكلمة الآن لما علي أن أبقيها سجينة جوفي, مع أني أتوق في الثانية آلاف المرات لأطلقها. أصبحت أقولها له في كل مرة عشرات المرات. وهو يضحك ويقول لي بثقة : "اعلم,"
حل يوم مناقشة إياد للدكتوراه, كان قد دعاني إلى الحضور واخبرني انه سيشعر بثقة اكبر إذا ما كنت قريبة منه, أخبرت أبي وأمي أن أستاذنا سيناقش الدكتوراه وأنا مدعوة وذهبت إلى المناقشة, جلست في الصفوف الخلفية بهدوء وأنا انتظر دخول إياد, دخل إياد وجلس أمام لجنة المناقشة مرتدياً البدلة السوداء الأنيقة والرباط الذهبي الذي أحضرته له كهدية ميلاد, لكن ليس قبل أن تلتقي عينيه بعيني من فوق رؤوس الحضور ويبتسم لي ابتسامته المعهودة, لقد كان يبدو كملك متوج على عرش, جلس وبدأ صوته يرن كالعادة في أذني ساحراً إياي عن كل ما حولي حتى أني لم انتبه لدخول المرأة الكبيرة بالعمر وبصحبتها فتاة شابة ساحرة الجمال تحمل طفلاً رضيعاً بين يديها, توجهتا إلى الصف الأمامي وجلستا.
انتهت المناقشة وصفق الكل لإياد, شعرت بقلبي يكاد ينفجر بالفخر الذي ملئه بحبيبي, أردت أن اصرخ وأعلن للكل أن هذا إياد حبيبي أنا, اقتربت منه إلا انه نظر إلي بنظرة غريبة لم أفمهما, "اعذريني سارة هناك شئ يجب علي أن افعله."
وابتعد عني ونظرة غاضبة في عينيه, تعجبت مما حدث لأني لأول مرة أرى الغضب ينير عينيه المبتسمتين دوماً, توجه نحو المرأة الكبيرة بالسن والفتاة التي معها, لم اسمع من حديثهم شئ لان الضجة كانت كبيرة, لكني رأيت الغضب الذي يغطي وجهه وانكسار الفتاة لابد انه هناك شئ غريب يحصل هنا, ابتعدت المرأة وبصحبتها الفتاة وخرجوا من القاعة من دون النظر خلفهم, عندها استدار إياد إلي وفي عينيه الابتسامة المعهودة, وأنا ذبت في مكاني ونسيت وتناسيت كل ما شهدته منذ لحظات, وخرجنا معاً لنحتفل بمناسبة نيله شهادة الدكتوراه, عندما وصلنا إلى المطعم تذكرت نظرة الفتاة المنكسرة, :"إياد من كانت هذه المرأة والفتاة اللتين تحدثت إليهم بعد أن أنهيت المناقشة؟"
عينيه انقلبتا بشكل مخيف حتى أني ندمت على طرحي للسؤال, لكنه تدارك الأمر بسرعة وعادت الابتسامة إلى عينيه: "آه لقد كانتا أمي وأختي."
"ماذا؟ أمك وأختك ولم تخبرني كي أتعرف إليهما؟ ولماذا كنت تصرخ عليهما بهذا الشكل؟"
"حبيبتي لماذا كل هذه الأسئلة ألا يكفيك أن نكون الآن مع بعضنا البعض؟"
"بلى يكفيني, لكني لم أرك بمثل هذا الغضب من قبل."
"حسناً لقد غضبت لأني حذرتهما من المجئ, فكما رأيت أختي قد أنجبت لتوها ولم يكن يجب عليها أن تحضر كل هذه المسافة فقط لتراني وأنا أناقش الدكتوراه."
"أنا اقدر هذا, لكنهما لديهما الحق بأن يفخرا بك أكثر من أي شخص آخر."
"حسناً نعم إلا أني كنت خائفاً عليها. والآن ما الذي ستطلبينه؟"
وهكذا غير الموضوع بسهولة وأنا تركت الأمر ولم أتساءل مرة أخرى. لأنه كان هناك شئ أهم يشغل تفكيري.
"إياد نحن نخرج معاً منذ أكثر من سنة أليس هذا صحيحاً؟"
"نعم يا حبيبتي."
"ألا تعتقد بأن كلام الناس عنا قد تزايد, أخاف أن يصل بعضه إلى أهلي. أنت تعلم أن أمي تعلم بوجودك لكنها لا تعلم أنني أراك من وراء ظهرها, ولا استطيع أن أتكهن بما سيجري إذا ما وصل أي شئ لأبي."
"حبيبتي أنا مدرك لهذا, لكن ليس بيدي حيلة, أنت تعلمين أني أضع راتبي كله في المنزل فوالدي لم يدفع ديناراً واحداُ منذ أن تخرجت من الجامعة, وإذا أردت أن أتزوج علي أن أجد لي منزلاً فمنزلنا صغير بالكاد يكفينا نحن."
"أنا اعلم بكل هذا لكن علي أن اسأل ما هي نهايتنا إياد؟ هل ستتقدم لخطبتي؟ تستطيع أن تفعل هذا وأنا أعدك أن أبي لن يطلب منك الكثير, فبالرغم من أن لديه المال إلا انه كان ولا يزال رجل متواضع, وهو سيساعدك إذا أنا طلبت منه ذلك."
ضرب إياد يده على الطاولة بقوة هزت الصحون. "هل جننتي؟ هل تعتقدين أنني سأقبل إحسان أي احد؟"
"لكن هذا ليس إحسانا تستطيع أن تعتبره دين تدفعه عندما يتحسن وضعك المالي."
"كلا. أنا لن اقبل بهذا أبدا, لن اقبل معونة من سيكون والد زوجتي المستقبلية أبدا."
بالرغم من حزني لان كلامه يعني أنني يجب أن انتظر فترة أطول لأكون معه بالعلن كزوجته, إلا أن إعجابي زاد به لإباء نفسه وعزتها, وفي تلك اللحظة حبي له تضاعف مئات المرات.
"حسناً كما تريد يا حبيبي, لكن بالرغم من أن هذا سيقتلني إلا أنني أظن انه من الأفضل لنا أن نقلل من لقاءاتنا."
"ماذا؟ كلا, إذا كنتي أنتي تستطيعين فأنا لا اقدر, إلا تعلمين انك الهواء الذي أتنفسه. من دونك سأموت."
"حبيبي أرجوك لا تقل مثل هذا الكلام, بعد عمر طويل إن شاء الله. إني حقاً آسفة لكني لا استطيع الاستمرار برؤيتك يومياً لابد أن أهلي بالفعل بدأو يشكون بحصول تغيير معي."
"إذا ما الحل؟ ولا تقولي نقلل لقاءاتنا لان هذا لن يحصل و لا بعد مئة سنة."
ضحكت عندها: "هل أنت متأكد؟"
"تمام التأكيد." وضع يده على الطاولة أمامه وبدأ يدق بأصابعه بشرود.
hpjqhvhj rgf
|
03-27-2019, 09:05 PM
|
#2
|
url=http://www.tra-sh.com/up/] ![](http://www.tra-sh.com/up/uploads/156670155021.gif) [/url]
رد: احتضارات قلب
انتقاااء راائع ومميز
الله يسعد قلبك
يعطيك العافية
|
|
..سمتني "خلهاا" وتركتني..
|
03-27-2019, 11:08 PM
|
#3
|
رد: احتضارات قلب
مدائن من الشكر لطرحك الراقي
يعطيك العافية على ماقدمت لنا
ارق التحايا
|
|
|
03-28-2019, 05:49 AM
|
#4
|
رد: احتضارات قلب
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر جديدك بكل شوق
ودي وتقديري
|
|
|
03-28-2019, 07:15 AM
|
#5
|
![](http://www.tra-sh.com/vb/modify1/17.gif)
![](http://www.tra-sh.com/up/uploads/1566840339064.gif)
03-28-2019, 09:01 AM
|
#6
|
رد: احتضارات قلب
طرح رائع
الف شكر لك ع جهودك المميزه
يعطيك العافيه
|
|
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا إله إلا أنت استغفرك ربي واتوب إليك -
|
03-28-2019, 07:05 PM
|
#7
|
رد: احتضارات قلب
أسعدني كثيرا مروركم
وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخيروعافيه
|
|
|
03-28-2019, 07:05 PM
|
#8
|
رد: احتضارات قلب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا_
طرح رائع
الف شكر لك ع جهودك المميزه
يعطيك العافيه
أسعدني كثيرا مروركم
وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخيروعافيه
|
|
|
03-28-2019, 07:06 PM
|
#9
|
رد: احتضارات قلب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة a7ases
سلمت يدآك..على جميل طرحك وحسن ذآئقتك
يعطيك ربي ألف عافيه..
بإنتظار جديدك بكل شوق.
لك مني جزيل الشكر والتقدير لاعدمناك...
أسعدني كثيرا مروركم
وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخيروعافيه
|
|
|
03-28-2019, 07:06 PM
|
#10
|
رد: احتضارات قلب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القيصر
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر جديدك بكل شوق
ودي وتقديري
أسعدني كثيرا مروركم
وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخيروعافيه
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:22 PM
| | | | | | | | | | |