عاهات تغزو المجتمع
كشفت وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة عن غرائب في مجتمعنا كانت مخفية؛ سلوكيات وأفكار وممارسات لم نكن نتوقع أن تظهر بيننا، وما زلنا إلى اليوم نفاجأ بالمزيد من تلك الغرائب ولا نعلم متى ستنتهي أو تتوقف، حيث استغلت فئة من الناس حريتها في هذه الوسائل لتتجاوز الحدود والأعراف والأخلاق والشرائع.
البعض استهوته
الشهرة وحب الظهور وتداول الناس ليومياته على الرغم من قباحتها أو سخافتها أو حتى إهانتها لمقدمها وهو غير عابئ بذلك طالما تحقق له ما يصبو إليه من الانتشار، ولو كان انتشاراً مهيناً ومنحطاً فلا تهمه قيمة وفائدة واحترام صورته أمام الملأ.
والبعض أغرته الأموال فقد وجد ضالته في الاستهزاء والاستعراض والاستهبال، فسخّر وقته وجهده ونفسه لأجل الحصول على الدنانير ولو عرض نفسه للابتذال والإسفاف فالموضوع لا يهم طالما كانت وراءه ثروة ينتظرها ونقود يجمعها..
تجاوز بعضهم الحدود فلم يجد مانعاً، سواء أكان رجلاً أم امرأة، من عرض خصوصياته وإدخال الناس إلى حياته وكشف أستار معيشته حتى وصلت الحال في البعض إلى تصوير غرف النوم وسهراتهم الخاصة وصراعاتهم الأسرية سعياً وراء مرض الشهرة وإشباع عقدة النقص الحادة وجمع المزيد من المال و«المتابعين».
«تويتر» كشف لنا عقول الناس وقناعاتهم وطريقة تعبيرهم عن أفكارهم، و«الانستغرام» كشف لنا اهتمامات الناس وهواياتهم وشغفهم، أمّا «سناب شات» فقد كشف للعالم خصوصيات البيوت وأسرار المنازل، وبعض الناس استغلوا تلك البرامج بعقل وبراءة وحكمة، والبعض انغمسوا فيها بحماقة وتهور.
لا يمكن السيطرة على أولئك الشاذين في
وسائل التواصل الاجتماعي ممن اتخذوها وسيلة للإساءة أو نشر المنكرات وإشاعة الفاحشة والاعتداء على الأعراف إلا من خلال القانون وجدية تطبيقه، وهو أمر كما أتابعه مرهق للأجهزة الرسمية المعنية بذلك، وإلى حين انتهاء موجة وسائل التواصل الاجتماعي كما انتهت ظواهر سابقة كالإيميل ومجموعات الياهو والشات والمسنجر، فإننا لا نملك سوى بناء شخصيات رزينة لدى أبنائنا وإرشادهم وتوجيههم عن أضرار تلك العاهات المجتمعية والطفيليات التي تغلغلت في البيئة وضمان عدم تأثرهم فيها، ومطالبة مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام بالكف عن تشجيع تلك النماذج الحمقاء والمشينة، والعمل على إبراز القدوات المجتمعية الناجحة في كل المجالات وما أكثرها من شباب الكويت وبناتها.
أيها الناس، لنتوقف عن إشهار وتداول منشورات وصور وفيديوات سفهاء القوم حتى لا نجدهم يوماً ما بسببنا يقودون
المجتمع نحو الانهيار.. والله الموفق.