11-22-2018, 09:35 AM
|
|
|
|
|
الحنين
بمريولها الكحلي عائدة من المدرسة تحمل حقيبتها الثقيلة وبعض كتبها تحملها
يداها والعرق يتصبب من جبينها .. إنها الساعة الثانية ظهراً والشمس قد أعلنت قوتها،
مرهقة لا تريد سوى سريرها بعد هذا اليوم الشاق ..
تهلل وجهها بابتسامة شاحبة عندما وصلت المنزل ورأت أخاها الذي يكبرها
بأربعة أعوام قد تجاوزها ووصل باكراً من المدرسة ...
التاسع من مارس الساعة الثانية والنصف :
أخي مابك ؟ أين والداي،لماذا لايوجد أحد بالدار؟ أين ذهب الجميع
!! (ثرثارة لا تكف عن الحديث)
أتعتقد أنهم غادروا ونسوا أمرنا... ههه؟
لا عليك انتظر سأحضر الغداء حالاً ودعنا نرتاح، ألست متعباً ؟
لم يجبني ليس من عادته، نظر الي نظرة أربكتني لم أرها منه قط ...
أجابني منكساً رأسة خشية أن أرى عيناه وهي ممتلئة بالدموع
: الأهل بالمستشفى أختك طاحت عليهم ،
لحظة مممماذا تقول، من منهن؟ فاطمة !!
فاطمة أختي مريضة بالقلب وأجرت عملية صمام وسبق وأن تعرضت لحادث شنيع
أودى بجانبها الايمين فقُدر لها شللاً نصفياً سلم جانها الأيسر فقط جراء ذلك ..
الشىء الذي أعلمه أن صحتها في تطورٍ مستمر وليس عليها خطر هي في
المنزل وتمارس حياتها الطبيعية .
سألته متعجبة : سقطت ؟ لم أفهم أتقصد أنه أغمي عليها ؟ أم ماذا ... لم أجد منه جوابا
بجانبنا زوجة ابن عمي التي تحاول اجراء اتصالات لزوجها الذي أخذ أمي
حافية الاقدام بعد ما جاءها خبر سقوط شقيقتي الى المركز الصحي القريب
من البلدة، رد ابن عمي لحظات وسمعتها تتفوه بكلمات غير مرتبه إلى الآن
وهي تتردد على مسامعي:
ماتت!! محمد ما صحيح كيف زينب مستحيل مافيها شي تأكد يمكن سمعت غلط ...
كيف مافيها نبض .. هي بخير مستحيل تموت
توقفت الساعة ماعدت أسمع شيئاً ولا أرى. التفت الى أخي رأيته يجثي على ركبتيه
ممسكاً رأسه انه غبي فقد صدّق كلامه، الذي أعلمه انها لا تشتكي من أي شيء
إنها ليست فاطمة الشقيقة التي كنت أظن أنها تعبت عليهم إنما هي الأخرى التي تصغرها،
فبالأمس كنت أمسح على رأسها ورجليها كانت تتألم من مفاصلها وتتشتكي صداعاً
برأسها لا غير كان جسمها دافئا جداً موقنه جداً أنه ليس سببا لأن يتفوه ذلك الغبي
بذلك الكلام أيريد الفناء لتلك الطاهرة العفيفة التي لم تفتها ركعة وتر قط!!!
أغلقت الهاتف بعدما أنهت المكالمة، نظرت إلي نظرة باكية مغلفة بالرحمة
لا أعلم ربما شفقة: سيأتون بعد قليل...كان هكذا حديثها.
مهلاً أنا لم أفهم، لماذا انتم حزينون هكذا لو كانت مريضة
فإنا لله وانا اليه راجعون فالموت قد رحمها وريحها ولكنها بخير
ولم يصبها حادثاً كي تكون في عداد الموتى
"صغيرة لا تفقه أن الموت لا يعرف كبيرهم من صغيرهم ولا مريضاً من غيره"
لا أعلم مالذي أصابني انتعلت نعالي وهرولت مسرعة نحو منزل أختي
التي تسكن بالقرب منّا دخلت عليهم بعدما مسحت دموعي التي لا أدرى
متى أنسابت على وجنتاي كنت أريد أن أخبرها ما قالوه لعلي أسمع منها
نفياً لينتهي كل هذا لا اريد أن أفجعها ولكن الكلام انساب مني هكذا
ألقيت بكلامي كذا غير مبالية : "أختك زينب ماتت"
لم أرها هكذا من قبل أبداً ربما لانها كانت كبيرتنا وتأخذ دور أمي لحظة غيابها
كانت قوية دائماً أمامنا ، امسكت كتفاي وأخذت تهزني بما آتاها الله من قوة
وأنا منهارة بين يديها ودموعي تغطي عيناي ما عدت أرى شيئاً
، تصرخ بنحيب:من زينب، قولي من زينب
ركضت تريد بيتنا ولم تركض يوماً كذاك جثت ركبتيها على التراب
فلم تقوى على حملها ، أذكر أن جاراتها أسرعن إلى حملها وهن في حيرة
مما يحدث فقط قادهن الصراخ الذي يصدح من بيتها فالخبر لم بنتشر بعد بين الناس...
أما أنا فرجعت من حيث أتيت تاركة شقيقتي خلفي وكأنني لم أفعل شيئاً ...
ما إن دخلت المنزل وإذا بجموع النساء بدأت تتوافد من حيث لم أحتسب البعض يأن ونيناً والأخريات لا أعلم كيف يتصنعن البكاء.
احتضنتني ابنة عمي وأخذت تبكي وتصبرني
أنا ما زلت تحت التأثير اللاواعي من الإحساس
ما زال الخبر ذاك حلماً انتظر أحداً أن يوقظني منه
بعد فترة ليست بطويلة قدم الرجال حاملين جنازتها والنحيب من كل جانب
كنت أبكي لا اعلم أين اذهب ، جرتني إحدى النساء وأمسكت معصمي تريد
مني أن أسلم عليها وأقبل وجنتيها كوداع قاس.
غضبت ساعتها وأفلت يدها مسرعة إلى بيت عمي (يجمعنا سور واحد)
ما بها أنا لا أتحمل أن أراها أنا لست أقوى بأن يرافقني طيف سباتها العميق
أنا سمعت بالموت ولكن أخاف رؤيته أنا ما زلت طفلة
!!! عمري لا يتجاوز الأحدى عشر عاماً
ساعة تلو ساعة المنزل مزتحم وأنا لم أرى أمي بعد وأختي فاطمة أخشى
أن ترهق نفسها فهي تعيش بصمام صناعي ...
رأيت جمعاً يحملون والدتي إلى المستشفى أغمضت عينيّ لا يا جنتي
إلا أنت الكل سواك تشبثي بالحياة فيكفينا خسرانا
:أظن أن النكبة بدأت إنها الغمامة السوداء البلاء الشديد الذي يخافه الجميع.
مساء الثلاثاء الراحل :
استقبلت والدي عائدا من مجلس الرجال أسرعت احتظنه أشد عليه باكيه
فلأول مرة أرى فيها دموع أبي كسرني انكساره
مرددا: راحت الغالية راحت زينب راحت اللي كانت شايلتنا على كتوفها.
نعم رحلت من كانت تسرح شعري وتنتقي ملابسي ومن تكتب في دفاتري
وتزينها وتجلد كتبي وتذاكر دروسي.
ليلة موحشة لم ينم أحد فيها كانت عيناي تنتقل بين إخوتي أحدهم يمسك مصحفاً
يرطب قبرها بذكر الله والباقون أخذتهم الذكريات إلى أين لا أدري لم يكن أحداً
حاضراً بذهنه أجسادا مرهقة بلا روح أراها حاضرة...
قطع ذلك الصمت صوتاً:
إن المحبوبون والطيبون هم الذين يرحلون إلى الله:
تخبرني اليوم احدى المغسلات لروحها الطيبة تقول لم أغسل أحداً كهذه
العفيفة لم نستطع الامساك بجسمها جلدها ناعم ويدانا تنزلط من نعومتها
(مكان غسل الموتى في البلدة ساقية تجري عليها المياه يوضع الميت بداخلها)
كانت خفيفة كخفة الماء تجري معه...
قاطعته اختي فاطمة اتتعجب من ذلك اتعلم أين غادرت روحها
اسمع مني فوالله أنني أبكي فرحاً بخاتمتها:
اليوم صلت قيام الليل والفجر بعدها قرأت الأذكار ووردها اليومي من القرآن
وفي الصباح صلت الضحى و راحت الروضة تعلم الاطفال كانت نائبة
عن احدى الأخوات وحست بتعب ورجعت البيت وقررنا انا وابوي نوديها
المستشفى، خلصنا علاجها وعطوها ابره كانت تسألني عن الصيدلية بتاخذ
منها الأدوية استغربت أنا كيف ما تعرف مكانها دليتها وماعطيت الموضوع
بال قلت يمكن من التعب مو مركزه قبل لا نطلع ع المستشفى كانت تحوط
بالبيت بشكل غريب وكأنها تودعه، المهم أذن علينا صلاة الظهر توضينا
وقمنا نصلي بالمستشفى بنص صلاتي ممرضة تهزني من كتفي تقولي
أختك جنبك تعبانه وانا ما حسيت أبداً بهالشي الممرضة كانت تفكر أنه فيها الصرع
او حاجة من هالقبيل خلصت صلاتي والتفت الا واشوف الممرضات حولها
وركضت حولهم القيت نظرة عليها إلا واشوف الزبد يطلع من فمها
سبحان الله وكان الله ما اراد لي رؤيتها وهي تحتضر
"على سجادتها متستره لم تظهر منها عوره مستقبلة القبلة منتهية من صلاتها
متحصنة بأذكارها مؤدية للسنن.. " أي خاتمة يهنأ بها الإنسان كهذه
أجهشت العيون بالبكاء وتابع أخي كلامه : الآن علمت لماذا كانت الجنازة
تسرع والكم الهائل من الرجال الغرباء الذين حظروا الجنازة اتعلمين
كنت أرى وجوها لا أعلم من أين أتت ولا أحد يعرفهم من أهل البلد وللعلم
أن شقيقتي ليس لديها معارف خارج المنطقة حتى نقول بأنهم أتوا من
أجل جنازتها "وتتنزل الملائكة" نعم تحملها الملائكة
ومرت أصعب الأيام علينا وعلى البلاد جمعاً إنها المرة الأولى التي
نفقد فيها شابةً عشرينية هكذا بسكتة قلبية... أظلمت البلاد بفقدها
لم تكن معروفة بين الناس ولكنها أصبحت حديث الساعة الجميع
يؤلف ويبتكر أقصوصات حسب ما تناسب مزاجه ولعبته في الكذب ...
إحدى ضعاف الإيمان إدعى بأنها مسحورة لم تمت لا عتاب لهم
إنهم لايخافون الله لا يؤمنون بالله والقدر
بقلبي انشراح، وبعيني دموع الأفراح:
رجع اسمها يتعالى في بيتنا من جديد
لا لم تعد، فـ رزق أخي الأكبر بمولودة
أسماها "زينب" زناب كما يسميها قلبي
ارتسمت البسمات على الوجوه أرى في
عيون أبي بريق نشوة وأمي وآه على أمي
ضعيفة مسكينة قلبها مكسور لا تداويها
زينب غير فلذه كبدها فالإنسان لا يعوض
بغيره ... والدتي حتى الآن لم تستطع دخول
الغرفة التي كانت تنام فيها أختي المتوفاه..ز
قلب الأم!!
قدم شقيقي خالد وفي عينينة دموع لا أعلم أهي دموع شوق فرح
حزن لآ أدري.،، يخبرني أترين يا أثير العرق الذي يتصبب من على
جبيني أترين شمس الظهيرة كيف هي حارقة ذهبت لأطمئن على حبيبتنا
المستودعة عند رب العباد الشمس أكلت رأسي من قوتها رحمت جسدها
المغطى بالتراب جلست على ركبتاي ومسحت بيداي على ثرى قبرها فولله
لا أدري من أين أتت تلك البروده على رمالها الشمس حامية وقبرها باردٌ
آه يا صغيرتي بقدر ما نحن مشتاقون لها لا تعلمين مدى سعادتنا بموتها
نحن مطمئنون أنها مرتاحة بمرقدها بإذنه جل جلاله...
قلب الأخ!!!
حضرت بفستانها الابيض كعروس ممسكة مصحفها
وعلى محياها ابتسامة تبعث فيك الطمأنينة هذا ما قالته ابنة عمي
عندما زارتها بالمنام .. والكثير من الأحلام المشابهه
(المسعد ما فيها أنها دائماً ممسكة مصحفها الشريف وذاك أعظم تشريف)
قلب الصديق!!!
الذكرى الثامنة لوفاتها ... مازلت متأثرة بفقدانها
تمرني أيام أبكي وكأن خبرها وصلني حينها لو كانت بيننا
لكان أبنائها حولها وينادونني خالتي ياله من شعور...
بالجنة حورية أنت حبيبتي
ومازال يوقظني الحنين... أمازال يوقظكم الدعاء وصوت الأنين
تفاصِيل ,حــــروفـ معجبون بهذا
hgpkdk
|
11-22-2018, 09:55 AM
|
#2
|
url=http://www.tra-sh.com/up/] [/url]
رد: الحنين
انتقاااء راائع ومميز
الله يسعد قلبك
يعطيك العافية
|
|
..سمتني "خلهاا" وتركتني..
|
11-22-2018, 11:04 PM
|
#3
|
رد: الحنين
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
11-24-2018, 01:31 PM
|
#4
|
رد: الحنين
قصةة حزينةة أليمةة مؤثرة ..
الموت غصةة للأحياء لا تنتهي
دمتي بود
|
|
ما بعد النيّة الطيبة إلاَ الخير الكثير 💗 ..
|
11-24-2018, 09:57 PM
|
#5
|
رد: الحنين
يعطيك العافية على ماقدمت
لقلبك السعادة
|
|
|
11-26-2018, 10:12 PM
|
#6
|
رد: الحنين
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر القادم ب شوق
ودي و تقديري
|
|
|
11-27-2018, 08:17 PM
|
#7
|
رد: الحنين
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
11-27-2018, 08:18 PM
|
#8
|
رد: الحنين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القيصر
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر القادم ب شوق
ودي و تقديري
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
11-27-2018, 08:18 PM
|
#9
|
رد: الحنين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صاحبة السمو
يعطيك العافية على ماقدمت
لقلبك السعادة
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
11-27-2018, 08:19 PM
|
#10
|
رد: الحنين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبراس
قصةة حزينةة أليمةة مؤثرة ..
الموت غصةة للأحياء لا تنتهي
دمتي بود
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
الموضوع |
كاتب الموضوع |
المنتدى |
مشاركات |
آخر مشاركة |
فرط الحنين !
|
ضوء القمر |
هذيان الروح ▪● |
11 |
04-09-2018 11:10 PM |
قصر الحنين
|
ملاك الورد |
ديوآن آلقصيد ▪● |
11 |
07-02-2017 10:13 PM |
الحنين
|
طيف الامل |
زوايا عامه |
24 |
06-26-2014 12:46 PM |
الساعة الآن 03:01 PM
| | | | | | | | | |