هدي نبينا المصطفى ▪● عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة
و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ |
|
|
09-11-2018, 06:12 AM
|
|
|
|
محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفُسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهْده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة المؤمنون، إنَّ ربَّنا سبحانه قد حثَّنا على أن نقتدي بهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن نتأمل في مسالكه وهديه وأخلاقه وتعامله فنحتذي حذوه، فهو عليه الصلاة والسلام يمثِّل كمالاتِ البشرية، وهو عليه الصلاة والسلام المؤيَّد مِن الله جل وعلا، والذي أُمِرنا أن نكون على هديه وعلى طريقته، وقد قال ربنا جل وعلا: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، ولم تَزَلْ أخلاقُه وشمائله عليه الصلاة والسلام نبراسًا لأصحاب النُّفوس السامية، والأخلاق العالية؛ لأن الإنسان ما لم يَتخلَّق بالأخلاق التي فيها السموُّ والشرف والكمال، فإنه ربما جذبتْه صِفتُه الإنسانية التي تدعوه إلى الظلم، وإلى الجهل كما وصف الله سبحانه مَن تخلَّى عن نبراس الأخلاق مِن بني الإنسان، فقال عزَّ من قائل عن هؤلاء الذين انحرفوا عن سواء السبيل: ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، فإذا لم يَتخلَّق الإنسانُ بهذه الأخلاق السامية فإنه يدركه هذا الجهلُ والظلم. ولمَّا كانت معايير الأخلاق ربما تتغيَّر لدى الناس، والتعاملُ فيما بينهم قد يضطرب، ولذلك نحن نشاهد كثيرًا من المجتمعات الإنسانية اليوم، كيف أن معيار الأخلاق والتعامل اختلَف بحسب المفاهيم التي دَرَجوا عليها، لكن معيار الأخلاق النبوية هو الذي أجمعَت العقولُ السليمة، والفِطَر المستقيمة على أنه فيه الكمال والسموُّ والخير للناس أجمعين، وحسْبنا أنَّ الله تعالى قد أثنى على هذا النبي الكريم فقال عز من قائل: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وإنك يا رسولنا بما أنعمنا عليك، وبما خصَصْناك به حتى كنتَ على هذه المنزلة التي لم يبلغها مخلوق، والتي شُمِلت بقولنا: ﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور: 48] لعلى خُلقٍ وهدي ومسلك عظيم، ولسوف تقْصُر الأقلام والأقوال والأحاديث عن إدراك شأوِ وشرف هذا المدح الرباني.
أيها الإخوة الكرام، إنَّ سيرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هي الصفحة الجليَّة، والروضة النديَّة، التي نستروح فيها ونتضوَّع عَبَقها؛ لنتعلم هذه الأخلاق الكريمة، والشمائل النبيلة، التي نشَّأ الله تعالى عليها نبيَّنا محمدًا عليه الصلاة والسلام مِن أول أمره إلى آخر يوم في حياته، متحلِّيًا بكل خُلقٍ كريم، مبتعدًا عن كل وصفٍ ذميم، أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبه، وهيَّأه لهذا الكمال العظيم، فكان عليه الصلاة والسلام أحسن الناسِ عشرةً وأدبًا وخُلقًا، وليس غريبًا أن تتتابع الأقوال في وصف هذا النبي الكريم بالسموِّ والعظمة ممَّن كان يعيش معه ويَرقب أحواله، لكن الغرابة والعجب كل العجب أنه لا تزال الأقلام والأقوال تُسطِّر الثناءَ على هذا النبي الكريم، وليس العجب أنْ يكون مِن أهل الإسلام مَن يصفه عليه الصلاة والسلام بهذه الصفات الشريفة الكاملة، لكن العجب أيضًا أننا نجد مَن هم مِن غير المسلمين يصطفُّون واحدًا تلو الآخر منذ زمانه عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا ثناءً عليه واعترافًا بفضله وعلوِّ قدْره، مع أن بعضهم لم يؤمن به ولم يتبعه، لكنهم لم يملكوا إلا شهادة الحق له بعلو كعبه في الأخلاق، وسمو قدْره في الشمائل، اعترفوا بذلك؛ لأنهم يعلمون أن اعترافهم له عليه الصلاة والسلام بهذه الأخلاق العظيمة هو تشريفٌ لهم أن يعترفوا، وأن يقرُّوا وأن يشهدوا.
هنالك في الأول هرقل ملك الروم لما سمع صفات هذا النبي، ممن؟ مِن عدوِّه، والحق ما شهدَت به الأعداء. أبو سفيان كان في حضرة هرقل ملك الروم، وكان إذ ذاك لم يُسلم بعدُ رضي الله عنه، فيأتي هرقل وهو الملك الذي عُرف بدهائه، وعُمق هذه الأسئلة التي يسألها عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسأله: هل كان مِن آبائه مَن هو ملك؟ هل يغدر؟ هل يكذب؟ بم يأمركم؟ فلما انتهى أبو سفيان مِن إجاباته على هذه الأسئلة، إذا بهرقل يُجيب إجابة لا تخطر على البال، يقول: إني أعلم أن نبيًّا سيخرج ولكن ما كنتُ أظنه أنه منكم، وإنه النبي الذي بشَّرتْ به الكتب، ولو أني أقدر على أن أنفذ إليه، لَـماذا؟ أصافحه؟ أجالسه؟ يقول مقولةً استثنائية لا تخطر على البال: «لو أني أقدر أن أنفذ إليه لغسلتُ عن قدميه». الله أكبر، يَرى أنه مع ما هو فيه من الأبَّهة والعظمة والملك، ولتوِّه عاد مزهوًّا بانتصاره على الفرس، يقول أمام دهاقنته وبطارقته ووزرائه: لو أني أستطيع أن أحضُر عند محمد لغسلتُ عن قدميه، هذا شرف لي.
وحينئذٍ يَبلغ العجبُ كل العجب بأبي سفيان، وهو أيضًا مِن سادة العرب الذين تعوَّدوا على لقاء الملوك والعظماء فإذا به يفاجأ بهذه المقولة، لمن؟ لهذا الشاب الذي يَعلم تاريخه، ويعلم معيشته بينهم، وإلى هذا يشير قول الله تعالى وتقدس: ﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يونس: 16]، يقول ربُّنا تعالى وتقدَّس لنبيِّه عليه الصلاة والسلام: قل لهم، لهؤلاء المكذبين: إنكم تَعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأتُ بينكم، إلى أن بعثني الله عز وجل، لا تنتقدون عليَّ شيئًا تنتقصونني به، أفلا تعقلون؟ أفليس لكم عقولٌ تَعرفون بها الحق مِن الباطل؟ ولهذا لما سأل هرقلُ ملكُ الروم - كما تقدم لما سأل أبا سفيان قال له: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: فقلتُ: لا. وكان أبو سفيان إذ ذاك مِن المشركين، ومع هذا اعترف بالحق. والفضلُ ما شهدتْ به الأعداء، فقال له هرقل: فقد أعرف أنه لم يكن ليدَع الكذب على الناس ثم يذهب ليكذب على الله. وهكذا قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي ملِك الحبشة، قال: بَعث اللهُ فينا رسولا نعرف صدقه ونسبه وأمانته، وقد كانت مدة مقامه عليه الصلاة والسلام بين أظهُرنا قبل النبوة أربعين سنة. هذا حاصل ما قاله ابنُ كثير في تفسيره، وقال العلَّامة المفسِّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾، في هذه الآية الكريمة حجَّة واضحة على كفَّار مكة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُبعث إليهم رسولًا حتى لبث فيهم عمرًا من الزمن، وقدْر ذلك أربعون سنة، فعرفوا صدقه وأمانته وعدله، وأنه بعيدٌ كل البُعد مِن أن يكون كاذبًا على الله تعالى، وكانوا في الجاهلية يسمونه الأمين، وقد ألقمهم الله حجرًا بهذه الحجة في موضع آخر؛ وهو قوله سبحانه: ﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 69]، كما أكَّد القرآن أنه عليه الصلاة والسلام لبث بينهم سنين فهم يعرفون تاريخه.
وما أعظم ما سجَّلتْه السيدة الحصيفة النابهة العظيمة الشريفة خديجة رضي الله عنها، حينما سطرت عباراتٍ مجملات عظيماتٍ، تصف فيها مسيرة هذا الزوج الذي عاشت معه عليه الصلاة والسلام خمسة عشر عامًا، عرفتْ عن قُرب، وسبرت عن كثَب مَن يكون هذا الرجل، الذي دخل عليها يقول: إن الوحي نزل عليَّ لأُحَمَّل رسالة أدعو فيها البشرية إلى توحيد الله.
والنبي عليه الصلاة والسلام يَرجف فؤادُه لعظمة ما سمع، ولجلالة ما حُمِّل، وهو عليه الصلاة والسلام في تلك اللحظات قد أصابه ما أصابه مِن الخوف والوجل، واستعظام ما نزل، فإذا بها تقول مقولة لا يمكن لأعظم البُلغاء، ولا لأشدَّاء الرجال أن يقولوها، فقالت مقولة كريمة شريفة عميقة عظيمة: كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا.
تقول: لا يمكن أن الله الذي له الحكمة والعظمة أن يُسلِّط عليك جِنًّا فيتصوَّرون لك بما وقع، لماذا يا خديجة؟ قالت: لأن الله لا يَجزي المحسن إلا بالإحسان، ولأن عوائد الله مع المحسنين شريفة كريمة، فقالت: «كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصِل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق».
خمسة عشر عامًا لخصتها خديجة رضي الله عنها في هذه العبارات، أنتَ يا محمد واصلٌ للرحم، وهل عُرف في تاريخ البشرية واصلٌ للرحم إلا وله حسن العقبى مسلمًا كان أو كافرًا، فالله يحب هذه الصفة مِن كل مَن تخلَّق بها.
وتحمل الكَلَّ؛ أنتَ يا محمد عرفتُك أنه مهما حصل لأحدٍ من ضيق ومصيبة أو عِوَق أو غير ذلك فإنك مبادِر لحمله وإعانته ومجاوزته ما هو فيه مِن هذا الإشكال. وهل عُرف في تاريخ البشرية أحدٌ يحسِن إلى الناس ثم لا يُكافأ بالخير مسلمًا كان أو كافرًا، هذه سُنَّة ربانية «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
وتكسِب المعدوم؛ أنتَ يا محمد إذا حلَّ بأحدٍ مِن الناس انقطاعٌ، فلم يكن في يده شيء يستطيع أن يتكسَّب به فإنك يا محمد مبادِر لإعانته وإكسابه ما يَستعين به على معايشه.
وتَقْري الضيف؛ أنتَ يا محمد أعرفُك أنك مكرِم لأضيافك على قلَّة ذات يدك، والإكرام للضيف لا يستلزم غنًى ولا كثرة، وإنما هو وجهٌ بشوش، وَجُود يبادر به الإنسان بما يقدَّر تحت يده، وهل عُرِف في تاريخ البشرية أن الذين يقرون الأضيافَ ويُكرمونهم ينالهم نقص أو عيب، فهم محبوبون عند الله وعند الناس.
وتُعين على نوائب الحق؛ أنتَ يا محمد أَعرفُك عن كثَب أن النوائب والحوادث التي يقدِّرها الله على أحدٍ مِن الناس أنك مُعين لمن ينزل به شيء من هذه النوائب والحوادث والفواجع.
هذه الصفات التي أعلنتْ بها خديجة رضي الله عنها، وأجملت أخلاقَ نبيِّنا عليه الصلاة والسلام على مدى خمسة عشر عامًا عاشتْها معه، استدلَّت بها على أنه أهلٌ لهذه الرسالة، ولإكرام الله جل وعلا له.
لقد عُرف نبيُّنا عليه الصلاة والسلام في قومه قبْل بعثتِه بعظيم الأخلاق، وكريم الشمائل، فكان أحسنَ قومه خلقًا، وأصدقهم حديثًا، وأوفاهم عهدًا، ولم يشك في صدقه أعداؤه فضلًا عن أصحابه، حتى اشتُهر عليه الصلاة والسلام في قومه بـ«الصادق الأمين»؛ وذلك لما يعلمون من أمانته وصدقه عليه الصلاة والسلام، بل لقد كان العربيُّ الذي لا يعرفه عليه الصلاة والسلام إذا حضر في جنبات مكة، بعد أن هُيئ نفسيًّا للبُعد عنه من قِبل قريش، يقولون: احذر، فإنك ستقابل رجلًا اسمه محمدًا، إنْ لقيته سحَرَك وفرَّق بينك وبين والدك وأهلك وعشيرتك، فيبادرون إلى الحذَر، فما هو إلا أن يُشاهدوا صفحة وجهه الشريف عليه الصلاة والسلام فينطق ناطقُهم، ويقول قائلهم: والله ما هذا بوجه كاذب.
لقد كانت قسماتُ وجهه عليه الصلاة والسلام ناطقةً بعظمته وشرفه وكماله وصدقه عليه الصلاة والسلام.
وهنالك بالمدينة أولَ ما حضر لقيَه يهوديٌّ عالم بكُتبهم وهو عبد الله بن سلام، يقول: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه - أسرعوا إليه - فجئتُ في الناس لأنظر إليه، فلما استبنتُ وجهه عليه الصلاة والسلام عرفتُ أنه ليس بوجه كاذب» رواه أحمد في المسند.
وهذا - والله أعلم - لأمْرين: وهو ما حبَاه الله تعالى إيَّاه مِن هذه العظمة، وهذه الميزة في وجهه الشريف، وهذا أمرٌ تحدَّث به الصحابة رضي الله عنهم حتى كانوا يُشبِّهون جمالَ وجهه وشرفه واستنارته وإضاءته بالقمَر ليلة البدر، صلوات ربي وسلامه عليه.
وأمْر ثانٍ وهو أن الأخلاق لها انعكاسٌ على وجه الإنسان، وهذا أمر معنوي، لذلك تجد العابدَ المقْبل على ربه، المتخلِّق بالأخلاق الكريمة تَظهر هذه القسمات وهذه الآثار على وجهه، وهذه مِن سُنَّة الله سبحانه؛ أن يُكرم أولياءه وعباده الصالحين بهذه الكرامة، وهو ما يجعله على وجوههم مِن النور والضياء، وانعكاسِ هذه الأخلاق والسمات على وجوههم، بخلاف أولئك الذين ارتَكسوا في السيِّئات، فإن آثار الذنوب وبخاصَّة إن كانت من الكبائر تظهر على قسمات وجوههم، وفي هذا يقول بعضُ العلماء كالعلَّامة ابن القيم رحمه الله: «إنَّ الذنوب والمعاصي لها آثار في سواد الوجه وظلمته وكآبته، ومَن لم يلحظ ذلك فما هو من المتوسِّمين، ولذلك حكى بعض العلماء عن أكَلة الربا ومتعاطي الخمر والواقعون في الكبائر المصرُّون عليها، حكوا ما يظهر عليهم مِن ظلمة هذه الذنوب والمعاصي».
والمقصود أن هذا النبي الكريم كان وجهه كلُّه إشراق وضياء ونور، صلوات ربي وسلامه عليه.
يقول العلَّامة ابن هشام رحمه الله في كتابه «السيرة النبوية» عن نشأة نبيِّنا عليه الصلاة والسلام بمكة، قال: «فشبَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يكْلؤه ويحفظه ويحوطه مِن أقذار الجاهلية؛ لما يريد به مِن كرامته ورسالته، حتى بلغ أنْ كان رجلًا، وأفضلَ قومه مروءة، وأحسنهم خُلقًا، وأكرمهم حسبًا، وأحسنهم جوارًا، وأعظمهم حلمًا، وأصدقهم حديثًا، وأعظمهم أمانة، وأبعدَهم مِن الفحش والأخلاق التي تدنِّس الرجال، تنزُّهًا وتكرمًا حتى ما اسمه في قومه إلا (الأمين)؛ لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة».
هذا هو نبيُّنا عليه الصلاة والسلام الذي عظَّم اللهُ جنابه، وأعلى قدْره وشأنه، فقال عز مِن قائل في كتابه الكريم: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].
هذا نبيُّنا عليه الصلاة والسلام، أعظم الناس تواضعًا، فكان عليه الصلاة والسلام متِّصفًا بهذا التواضع العظيم، مع أنه أشرفُ بني آدم قاطبة، بل أعظم الخلْق أجمعين.
وتأملوا في هذا الموقف: لما جاءه رجل ووقف بين يديه وهو لأول مرة يراه عليه الصلاة والسلام، فإذا بهذا الرجل تَرعُد فرائصُه؛ أصابه نوع من الارتعاد، وانتفاض أطرافه؛ لأنه أمام أعظم خلْق الله، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((هوِّن عليك، فإني لست بملِك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)). رواه ابن ماجه.
هوِّن عليك: لا ترتعد، إنما أنا بشر، وإنما أنا مولود كغيري من الناس، وأمِّي كانت أيضًا على حال من التواضع وقلَّة ذات اليد، وكانت تأكل القديد كحال مَن في طبقتها مِن نساء قريش وأهلها، وهو اللحم المجفف الذي يُحفظ بالملح إبان زمانهم.
((هوِّن عليك إنما أنا ابنُ امرأة من قريش كانت تأكل القديد))، هذا محمد صلى الله عليه وسلم، أوفى الناس بالعهود، وأوصَلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورحمة، كان إذا قام في الصلاة فسمِع بكاء الصبي تجوَّز فيها وخففها؛ كراهة أن يشق على أمه التي دخلت في الصلاة مِن ورائه، ثم تعلق قلبها ببكاء صبيها، فيخفف صلاته حتى ييسِّر رجوع هذه الأم والتفاتها إلى طفلها.
محمد عليه الصلاة والسلام الذي شملَت رحمته الإنسانَ والحيوانَ، وكان عليه الصلاة والسلام معظِّمًا للحقوق لكل أهلها، حق الآدميِّين، وحق الحيوان، بل إنه عليه الصلاة والسلام حفظ حق المخلوقات من الجانِّ، ونهى بني آدم عن أن يؤذوا الجنَّ في طعامهم، وطعام دوابهم كما يدل عليه الحديث الصحيح الذي نهى فيه النبي عليه الصلاة والسلام عن الاستجمار بالعظام والأرواث وقال: ((إن العظام طعامُ إخوانكم مِن الجن، والأرواث طعام دوابهم))، فأيُّ عظمة يَبلغها هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في حفظ الحقوق لأهلها أيًّا كانوا، من إنس وجان، ومن حيوان، ومن غير ذلك.
هذا نبيُّنا عليه الصلاة والسلام الذي جاء أحدُ رجالات الغرب اليوم ليقول: «لو كان محمد حاضرًا بيننا لحل مشكلات العالم وهو يَشرب فنجانًا من الشاي».
هكذا يتصوَّر في شأن نبيِّنا عليه الصلاة والسلام، لكنَّ قدره أعظم وأجل، عليه من ربي صلواته وتسليمه أبدًا إلى يوم الدين.
|
lpl] vs,g hggi lw]v hgHoghr ,ludhv hgrdl Hsdv hgHoghr hggi hgr]l vs,g
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
09-11-2018, 10:44 AM
|
#2
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
جع ـلهُ.. آللهْ.. فيّ.. ميزآنْ.. حسنآتكـ
أنآرَ.. آللهْ.. بصيرتكـ.. وَ بصرِكـ.. بـ/ نور.. آلإيمآنْ
وَ جع ـلهُ ..شآهِدا.. لِكـ.. يومـ.. آلع ـرض ..وَ آلميزآنْ
وَ ثبتكـ.. على.. آلسُنهْ.. وَ آلقُرآنْ
وأنار.. دربكـ.. وباركـ.. فيكـ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-11-2018, 05:13 PM
|
#3
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ "وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلكٍ مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-11-2018, 10:22 PM
|
#4
|
url=http://www.tra-sh.com/up/] [/url]
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
انتقاااء راائع ومميز
الله يسعد قلبك
يعطيك العافية
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-11-2018, 11:40 PM
|
#5
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
طَرَح قيَم جَزَاكَ اللهَ خيَر ونَفعَ بكَ
يعَطيكَ العاَفية علَىَ ماَقدمَت
لقَلبكَ السعَادَةَ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-12-2018, 07:09 AM
|
#6
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
جزاك الله خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك
واثابكك الله عليه بجنانه
لروحكك الورد
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-12-2018, 10:15 PM
|
#7
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
جزاتس الله خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-13-2018, 10:17 AM
|
#8
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
جزاك الله خير ونفع بك.‘
وجعله في ميزان حسنآتك ..
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم ..‘
لا حرمنآ الله توآجدك .."
بآقآت ـالشكر وـآالتقدير ـاإقدمهآ لك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-14-2018, 11:33 AM
|
#9
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد
جزاك الله خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
09-15-2018, 02:33 AM
|
#10
|
رد: محمد رسول الله مصدر الأخلاق ومعيار القيم
_
اثَآبك الله الأجْر
واسْعَد قلبك في الدنيَا والآخره
دمت بحفظ الرحمن .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:55 AM
| | | | | | | | | | |