05-10-2018, 03:42 PM
|
|
|
|
|
وحشة الأم
وحشة الأم
آه... آآآآآآآآآآه من وطأة الوجع حين يتسلَّل صوتُها من الهاتف مرتبكًا، خائفًا، مستسلمًا للشكوك والظنون، أن أمرًا شائنًا وقع لي.
آآآآآآآآآآه... من لحن كلماتها الحزين وهي تحاول الاطمئنان عليَّ، يُخيَّل إليَّ، وقت إنصاتي لها، وشفتاها ترْتعدانِ بالحروف، أن الحبَّ كلمة صغيرة لوصف شعورها تُجاهي، أنها عبارة قاصرة؛ بل عاجزة، عن أن تصف أحاسيسها نحوي.
أن الحبَّ عبارة نتقاذف بها بيننا بغير بوصلة، بين شابٍّ يطمعُ في جسد شابة، بين زوج وزوجته يحاول أن يخفي عنها خيانته، بين أصدقاءَ سيفرِّق بينهم الزمن قصرًا، مهما تواعدوا على البقاء معًا؛ لكن هي الأمُّ، شعورها أكبر من تلك الكلمة ال****ة.
لا تسعفُ اللغة في أن تُركب عبارة تُوفي مشاعرها تُجاه أبنائها حقَّها، سأكون كاذبًا إن قلت: إن أمي تُحبُّني، هي أكثر من ذلك بكثير، بكثير جدًّا.
ظلَّت تحادثني اليوم بدون أن ينقطع رجاؤها من أني سأجيب، كُنت غيرَ راغبٍ في أن أردَّ على محادثاتها المُتكرِّرة، فكلُّ مرة، ما أن أنهي معها المكالمة، أجدني مندفعًا اندفاعَ طفلٍ صغير سُرقتْ منه لُعبتُه للبكاء.
أحاول أن أهرب من صوتها الذي يؤلمني بعنف، صوتُها شاخَ أيضًا وصار مثلَ صوت طبلٍ جِلْدُه غيرُ ساخن.
أُحاول تفاديَ فتحِ الجرحِ راغبًا أن يندمل، وأكتفي بإيصال أخباري إليها عن طريق أختي الصغرى، بَيْدَ أنها - رغم ذلك - لا تطمئنُّ، لا يكفيها أن يصلها سلامي من شخص آخر، أن يقول لها: إن "ابنها بخير"، تودُّ أن تعرف ذلك بنفسها، وألا يتمَّ الارتياح بشكل كلِّيٍّ؛ لكنها على الأقل، تهدِّئُ من فورة الخوف السَّاكن بين ضلوعها قليلًا، تُحِسُّ بالاطمئنان جزئيًّا، أقل بكثير مما كانت هي تودُّه.
أهربُ من اتِّصالها، وكلما أخرجت هاتفي الذي يرنُّ، ووجدت رقمها، ارتجف قلبي، وشعرت بالذنب تجاهها، لستُ الولدَ المناسب لها، أكرِّرُ الاعتراف بهذا مرَّاتٍ عدَّةً في كتاباتي، وأنا محقٌّ فيما أكتبه، لا يمكنني قول غير ذلك، وهي الحقيقة؛ لعلَّ الله يغفر لي كلَّ ما سبَّبتُه لها من جروح باطنية لا تُرى، لا يمكن لطبيب - مهما كان بارعًا - أن يشفيَها، وأشدُّ إيلامًا جرحٌ داخليٌّ يأبى أن يندمل، ينزف كصنبور ماء يَقطُر، إلى أن يقتل صاحبه.
لقد آلمتُها كثيرًا، وما زلتُ أفعل ذلك بالرغم من أنها لا تستحقُّ، أدركُ هذا، لا يتوقف ضميري عن تأنيبي، يحرِّضني على الاعتذار لها أمام حشدٍ كبير من الناس؛ لعلِّي أمحو قليلًا من خطاياي الكثيرة في حقِّها.
إنها امرأة مسكينة، قاتلت من أجلنا كثيرًا، وما حكته لي جدَّتي وظلَّ عالقًا بالذاكرة، أنها كانت تحملني فوق ظهرها وتدفع "البرويطة" مساعدةً عمال بناء كانوا يرمِّمون أسوار بيت جدِّي.
ووقعت حادثة، حسبما حكتْه لي جدَّتي، أن عاملًا - بشكل غير متعمَّد، وهو يحاول أن يجرَّ حبلًا، وأنا مربوط لظهرها بقطعة ثوب بالية - ضربني بكوع يده لرأسي، لحظةَ صرخت، انقضَّت هي على العامل بعنف كذئبة مجروحة تحاول الدفاع عن جرائها.
العامل المسكين، وهو الذي لم يكن يتوقَّع رِدَّة فِعلها تلك، شرع في طلب الغوث، والدفاع عن نفسه، بأن أقسم لها بأنه لم يتعمَّد فعل ذلك.
قرأتُ رسالة أرسلتها لي، يبدو أن أختي هي من كتبتها لها، فأمي أميَّة، تطلبُ مني الرَّدَّ، خفتُ أن يكون قد ألَمَّ بها مرض مفاجئ، لهذا أجبت:
- ألو.. ما... لا بأس عليك؟
صدِّقوني، وقتَ سمعتُ كلمتها الأولى، نزلت دمعة على حين غِرَّة من عيني، وهي تحاول الاطمئنان عليَّ.
قالت لي:
- فقط أردت السؤال عن حالك؛ لأني اشتقت إليك ولا لذَّةَ لشهر رمضان في غيابك.
لا يا أمي، لستُ بخير وأنت بعيدة عني...
أردتُ أن أقول لها هذا، لكني عجزت كعادتي دومًا، تلبَّسني الجُبن كما هي العادة، طمأنتها أني بخير وأني لستُ من ركَّاب تلك الحافلة التي انقلبت، اطمئنِّي عليَّ.
لحظتَها، تسلَّل الاطمئنان لها، شعرتُ بأنفاسها تعود لرئتَيْها بالتدريج، أحسستُ بها تستردُّ بعضًا من عافية قلبها المحروق، لكن ما حال باقي الأمَّهات مع أبنائهن؟
ودون أن أخبركم... أكيد تعرفون.
شكرًا "أمي" على اطمئنانك عليَّ وسامحيني أرجوك.
,pam hgHl hlgH ,dsj
تسلم يدينك غلاتي امجاد على الأهداء الرائع
اشكرك ياخياط على هذا تكريم الرائع ما قصرت ربي يسعدك
شكرا على تكريم الرائع ما قصرتي شموخي ياقلبي
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ملاك الورد على المشاركة المفيدة:
|
|
05-10-2018, 07:20 PM
|
#2
|
url=http://www.tra-sh.com/up/] [/url]
رد: وحشة الأم
جلب رااائع ومميز
يعطيك العافية
|
|
|
05-10-2018, 11:54 PM
|
#3
|
05-11-2018, 04:15 PM
|
#4
|
رد: وحشة الأم
الله يعطيك العافيه ع القصة الممتعه والجميلة
تسلم يمناك
وشكراً لك
|
|
|
05-12-2018, 10:39 AM
|
#5
|
رد: وحشة الأم
تسلم الآيادي
شكرآ لك على طرحك ومجهودك
الله يعطيك العافية
تحيــــاتي لك
|
|
|
05-12-2018, 01:29 PM
|
#6
|
رد: وحشة الأم
طرح بقمة الرووعه والجمال
فسلمت أيادي جلبت لنا كل جميل
ولآحرمنا الله جديدك الرآئع..
تحيه معطره برياحين الياسمين
|
|
|
05-13-2018, 06:10 PM
|
#7
|
رد: وحشة الأم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخل الوفي
جلب رااائع ومميز
يعطيك العافية
منور بمرورك العطر
|
|
|
05-13-2018, 06:10 PM
|
#8
|
رد: وحشة الأم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملكة الاحساس
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
لقلبك السعادة
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
05-13-2018, 06:12 PM
|
#9
|
رد: وحشة الأم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحر الهوى
الله يعطيك العافيه ع القصة الممتعه والجميلة
تسلم يمناك
وشكراً لك
منور بمرورك العطر
|
|
|
05-13-2018, 06:13 PM
|
#10
|
رد: وحشة الأم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شموع الحب
تسلم الآيادي
شكرآ لك على طرحك ومجهودك
الله يعطيك العافية
تحيــــاتي لك
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:47 PM
| | | | | | | | | |