الله
يعطي على
الرفقِ ما لا
يعطي على العنفِ
الرفقُ ما كان في شيءٍ إلاَّ زانهُ ، وما نُزع من شيءٍ إلاَّ شانُه ،
اللينُ في الخطاب ،
البسمةُ الرائقةُ على المحيا ، الكلمةُ الطيبةُ عند اللقاءِ ،
هذه حُلُلٌ منسوجةٌ يرتديها*
السعداءُ ، وهي صفاتُ المؤمِنِ كالنحلة تأكلُ طيِّباً
وتصنعُ طيِّباً ،وإذا وقعتْ على زهرةٍ لا تكسرُها ؛
لأنَّ
الله يعطي على
الرفقِ ما لا
يعطي على
العنفِ .
إنَّ من الناسِ من تشْرَئِبُّ لقدومِهِمُ الأعناقُ ، وتشخصُ إلى طلعاتِهمُ
الأبصارُ ، وتحييهمُ الأفئدةُ وتشيّعهُمُ الأرواحُ ،
لأنهم محبون في كلامهِم ، في أخذهم وعطائِهم ، في بيعهِم
وشرائِهم في لقائِهم ووداعِهِم
. إن اكتساب الأصدقاءِ فنٌّ مدروسٌ يجيدُهُ
النبلاءُ الأبرارُ ،فهمْ محفوفون دائماً وأبداً بهالةٍ من الناسِ ،
إنْ حضروا فالبِشْرُ والأنسُ ،وإن غابوا فالسؤالُ والدعاءُ .
إنَّ هؤلاءِ السعداء لهمْ دستور أخلاقٍ عنوانُه :
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
فهمْ يمتصون الأحقاد بعاطِفتِهِمُ الجيّاشةِ ، وحلمِهِمُ الدافِئ ،
وصفْحِهم البريءِ يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان ،
تمُرُّ بهمُ الكلماتُ النابيةُ فلا تلجُ آذانهم ،
بل تذهبُ بعيداً هناك إلى غيرِ رجْعةٍ . همْ في راحةٍ ،
والناسُ منهمُ في أمنٍ ،
والمسلمون منهمُ في سلام (( المسلمُ من سلِم
المسلمونُ من لِسانِهِ ويَدِهِ ،*
والمؤمنُ من أمِنَهُ الناسُ على دمائِهم وأموالِهم ))
(( إن
الله أمرني أنْ أصل منْ قطعني
وأن أعْفُوَ عمَّن ظلمني وأن أُعطي منْ حرَمَنِي ))
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾
بشّرْ هؤلاء بثوابٍ عاجلٍ من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوءِ
وبشرهم بثوابٍ أخرويٍّ كبيرٍ في جوارِ ربٍّ غفورٍ في جناتٍ ونَهَرٍ
﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾