02-21-2018, 07:20 AM
|
|
|
|
|
استفقت من غفوتي ولكن
استفقت من غفوتي ولكن
وقفتُ في صحراء لا أرى فيها غيري، أنظرُ إلى رمال ليس بها سوى ظلي، تمنيت أن أُقابل طيرًا أو وحشًا، فرأيت شجرة يجلسُ في ظلِّها رجلٌ، فاستأذنتُه في أن أشاركه الظلَّ، فأذن لي بطرف الجفن وقال:
♦ فاض عنِّي الظل وزهدت الوحدة، واشتاقت نفسي للصحبة، فاجلسي عسى أن تكوني من خيار الرُّفقة.
فانشرح صدري، ووضعت زادي، ورجوت أن يكون معه الأنس، وجلست بعيدًا عنه بقليل؛ فظلُّ الشجرة ليس بكبير، وحين دنوت من مجلسه تحلَّيت ببعض الأدب وسألته:
♦ أما مِن ماء نروي به الظمأ؟
فنظر إلى السماء وتبسم مستبشرًا بالمزن مهللًا:
♦ الغوث يهرول طارقًا الأبواب، فتحلي بالصبر.
فتطلعت في الآفاق بائسة: من أين أتته البشرى والشمسُ ساطعةٌ لا يحجبها غيم ولا سحب؟
وغاب ضياء الشمس، وَكَسَتِ السَّماءَ الظلمةُ، وكلما ازداد سوادُها حلكة يهلل فرحًا قائلًا عجبًا:
♦ إنها البشرى، فغد المسرات آتٍ ولا عجب
وكلما جفَّ الحلق من الظمأ، وما من نبع نروي به العطش، يصيح قائلًا:
♦ ستفيض سماء الغد فيضًا
يلفحني الهجير الذي يحلو له كدي، وأجلس على رمال بلهيب الشمس تحرقني، وهو يجلس راضيًا متفائلًا، يظن العسر سبيل اليسر وأن الضيق بابُ الفرج، فسألت اللهَ في قلبي بأن يجعل لي مع الصحراء نصرًا.
ومر يوم تلو يوم، وأنا أجلس في صحبة هذا المستظل بالشجرة، وأخرجت من صدري بعضًا من الوجع، ورويت له عن أمسي، فقد خرجت من بيتي مهزومة النفس، واهنة ..... والجرح يدمي، والضعف في بدني يمنعني من الثأر، ظُلمت من أهلي، وزاده زوجي، وصرت بين الناس بلا سَنَدٍ، تُسعد دموعي أقوامًا كنت أدعو لهم سرًّا وبالجهر، أرجو لهم عيشًا رغدًا وهم يدبِّرون لموتي.
طاحت بي الفِكَرُ عن سببٍ لكل هذا البغض الذي سكن أفئدتهم نحوي، أبكي على ذكرى كانت في ..... لأيامٍ تقاسمنا فيها رغيف العيش، كم مر بنا الدهر نتبادل الضحك، وأحاديث السمر لا تكفيها ساعات الليل، تغيَّرت أيامي، وتكشفت الحجب، فإذا بالذكريات آهات في .....، كانت شفاههم تضحك ساخرة، كانوا يرون نقائي سذاجة، وطُهرَ قلبي خبلًا، وما تقاسموا معي زادًّا ولا شرابًا إلا ليضعوا فيه السم، كانت سعادتي معهم أكذوبةً ووهمًا، لو كتبت بدمائي أحرفًا تبكي، ما كَفَتْ وصف ما في ..... من ألم، فردَّ قائلًا:
♦ ما أحلى العيش في الكبَد! تصفو به النفس من أدرانها، ويجلو به .....، وإن كان في غدر ذوي الرحم من ألمٍ، فأوجاعُه أهونُ من غدر النفس.
سألته: وكيف يكون غدر النفس؟
فأجاب: حين تُزَيِّنُ للمرء الظلمَ، تنام عين المظلوم باكية، وعين الظالم تغتر بالستر، فإذا انقضت دنياه زائلةً، ترى عيونُه من العذاب ما كان يحسبه لن يأتي.
وقال ما في فؤادي، وكأنه يشعر بما أُعانيه من حزنٍ: غَدْرُ الأعادِي مَا ضَرَّ قلبي ساعة.. وَأَدْمَى غَدْرُ الأحبةِ الفؤادَ وَأَوْجَعَه.
واستسلمت للفِكَر، خطواتي سائرة من عسر إلى عسر، والمأوى الذي حسبته ملاذًا يقاسمني فيه رجل يرى الأهوال بالعكس، متى ستصفو سمائي؟ ومتى ستشرق شمسي؟ وإذا بآتٍ من بعيد حسبته البشرى، فتي قوي يكسوه الشباب وفي وجهه حمرة، يقسم صهيل الخيل بأنه فارس الفرسان في كل زمان، يطوي الصحاري شرقًا وغربًا، وعيناه لا تفارقني، فخفت منه، فقال مبتسمًا مهدئًا روعي:
♦ لا تخافي؛ فقد جئت لأنقذكِ من هذا الكربِ.
فرحتُ فرحةً كادت تقتلني، ورددتُ للقلب تبسمَ الحظ، وركبته معه، خيلًا له نسب، صافحتني نسائم الإصباح، واستنشقت عبيرَ الوردِ، وحين نزلت في ضيعته، أحضر كأسًا طعمه مر، فقلت:
♦ يا عجبي! لمَ يتهافت عليه القوم؟
فردَّ باسمًا:
♦ مرٌّ هو الطعم، ولكنه يحلو إن غاب به العقل.
♦ ولمَ يسعدني غياب ما به أعي ما حولي؟
فردَّ باستهزاء:
♦ دعكِ من الفكر وشاركينا المرح.
♦ إلى متى ستبقى إلى جواري؟ بهذا سألتُه لأعرف مستقبلي معه.
فرد:
♦ سأبقى بصحبتكِ ما دام الشباب يصاحبُكِ.
♦ وإنْ حلَّ بيَ الشيب؟
♦ تحل محلَّك الصبايا المتورداتُ بالحسن.
شعرت بغصَّة في .....، وقلت: يا فؤادي مهلًا، فالأيام نتداولها؛ لنعرف العِبر، وخرجت من ديار أقوام غرَّتهم الدنيا، وعدت إلى الشجرة أبحث في ظلها عن رفيق الدرب.
واستفقت من غفوتي، وتباعدت أصوات كنت أحسب أنها حق، لم يكن حلمًا ولا وهمًا، بل كنت سابحة بداخل نفسي؛ فصحرائي هي دنيا قاحلة يلفحني هجيرها من شدة الكرب، والمستظلُّ ديني يصارع الأهواء ويحثني دومًا على الصبر، يشد من أزري، ويعاون .....َ على الثبات في الأمر، أما ذاك الفتى، فهو غَوايةُ النفس.
راق لي
hsjtrj lk yt,jd ,g;k yt,jd
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
02-21-2018, 12:28 PM
|
#2
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
سلمت الأيآدي ع الإنتقآء الرآئع ..
إبدآآآع لآحــــــــــرمنآ جمآل عطآئك ..
لروحك آكآلِيل الجوري ..
|
|
|
02-21-2018, 12:29 PM
|
#3
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
أختيار جميل وراقي
يعطيك العافية
|
|
|
02-21-2018, 02:00 PM
|
#4
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
شُكراً لـِ اليمينَ السـآكبه هذآ الجمـآل
ولـِ روحك جُل السعادة
|
|
|
02-21-2018, 06:33 PM
|
#5
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~
|
|
تسلم يدينك غلاتي امجاد على الأهداء الرائع
اشكرك ياخياط على هذا تكريم الرائع ما قصرت ربي يسعدك
شكرا على تكريم الرائع ما قصرتي شموخي ياقلبي
|
02-22-2018, 10:03 AM
|
#6
|
02-22-2018, 10:03 AM
|
#7
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملكة الاحساس
أختيار جميل وراقي
يعطيك العافية
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
02-22-2018, 10:03 AM
|
#8
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كبرياء أنثى
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
شُكراً لـِ اليمينَ السـآكبه هذآ الجمـآل
ولـِ روحك جُل السعادة
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
02-22-2018, 10:04 AM
|
#9
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاك الورد
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
|
02-22-2018, 10:05 AM
|
#10
|
رد: استفقت من غفوتي ولكن
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماقدمته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 06:19 PM
| | | | | | | | | |