الدموية هي الرّحلة التي ينتقل فيها الدّم من القلبِ إلى كافة أنحاءِ الجسمِ لتزويدِهِ بالأكسجين والموادِ الغذائيةِ وتخليصه من ثاني أُكسيد الكربونِ والفضلاتِ. للإِنسانِ دورَتانِ دمويّتانِ: الدَّورةُ الدَمويةُ الصُّغرى، والدَّورةُ الدَمويةُ الكُبرى. تشملُ الدّورةُ الدمويّةُ الصُّغرى القلبَ والرئتين، وهذه الدَّورة هي التي تحمل الدَّم غير المؤكسد من القلب إلى الرئتين لتحميله بالأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون، ليعاد الدَّم المُحَمل بالأوكسجين (المؤكسد) إلى القلب. ثم تتم عملية ضخ الدّم المؤكسَد من القلب إلى كافة أنحاء الجسم، وتسمى هذه العملية بالدَّورة الدَّموية الكبرى
ضعف الدورة الدمويّة
إنَّ ضعف الدورة الدموية يؤدي إلى ضعف في أداء أجهزة الجسم لوظائفها الحيوية، مما يؤدي إلى العديد من المشكلات الصّحية. وَيُعَرّف ضعف الدورة الدموية بأنه نقصان تدفق الدم إلى منطقة معينة من الجسم، مما يؤدي إلى نقصان كمية الأكسجين التي تصل إلى تلك المنطقة (نقص الأكسجة). يُستخدَم مصطّلح ضعف الدورة الدموية للإشارة إلى مرض الشّرايين الطَرَفيّة، وهو مرض يحدث عند انسداد الشّرايّين التي تُزوّد الأعضاء الداخليّة (كالمعدة والدماغ) والذّراعين والسّاقين بالدَّم نتيجةَ تصلب الشَّرايّين
إنَّ من أهم الأعراض المصاحِبة لمرض الشّرايين الطَرَفيّة تشنُجات في عضلات الأطراف السُّفلية مع الشعور بالتعب والألم عندَ الحَركةِ.[4] وهناك أعراضٌ أخرى كصُعوبَةِ وتأخر شفاء الجُروحِ في القدمينِ، وضعفِ نُمُوّ الأظافِر لنقصان تدفُق الدّم إلى تلك المناطِق، مع نقصانٍ واضحٍ في درجةِ حرارةِ القدمينِ مقارنةً بدرجةِ الحرارةِ في بقيةِ أجزاءِ الجسمِ.[5] ويُعتبر المدخنونَ والمصابونَ بداءِ السَُكري وارتفاع مستوى ضغط الدَّم والكوليسترول هم الأكثر عرضةً للإصابةِ بمرضِ الشّرايين الطَرَفيّةِ.
المُمارساتُ الصّحيَّةُ لتنشيطِ الدَّورةِ الدّمويّة
إنَّ أهم الطرقِ للحفاظِ على فعاليةِ وكفاءَةِ الدَّورةِ الدَّمويّةِ هي المُحافظةُ على سلامةِ القلبِ والأوعيةِ الدمويّةِ. وتعَدُ ممارسةُ الرياضةِ وتناولُ الغذاء الصحي المتوازِن والابتعادُ عن التدخين من أهم الرَّكائزِ للمحافطةِ على سلامةِ القلبِ والأوعية الدَّمويَة وبالتالي على صحةِ وسلامةِ الدّّورةِ الدَّمويّةِ.
الرّياضة
هي من أهم الوَّسائلِ لتحسين فعاليةِ الدَّورةِ الدَّمويّة في الجسمِ، فَمُمَارَسةُ الرّياضة تُقلل من الإِصابةِ بأمراضِ القلبِ والشرايّينِ، وتُحسّن من أدائهم. حيثُ أَنَّ الجمعيةَ الأمريكيةَ للقلبِ تُوصي بأداءِ التَّمارينِ الهوائيّةِ والتَّمارينِ العضليّةِ للمُحافظةِ على صِحةِ القلبِ والأوعية الدَّمويّةِ. فاستناداً للقواعد الإرشادية بما يخص اللياقة البدنية، فإِنَّ الجميعةَ تُوصي بأداءِ تمارينَ لقوةِ العَّضلاتِ (التّمارين العَّضليّة) متوسطة إلى عالية الشدّة ثلاث إلى أربعِ مراتٍ أسبوعياً لمدةِ خمسٍ وأربعين دقيقةً بالإضافةِ إلى إحدى هذه التَّمارين: تمارين هوائية متوسطة الشدة خمسُ مراتٍ أسبوعياً لمدةِ ثلاثينَ دقيقةً أو تمارينَ هوائيةٍ عاليةِ الشّدةِ ثلاثَ مراتٍ أسبوعياً لمدةِ خمسٍ وعشرينَ دقيقةً.
فيما يلي أهمُ الآثارِ الإِيجابيّةِ للرياضةِ على صحةِ القلبِ والأوعيةِ الدَّمويّةِ:
التَّمارينُ الهوائيةُ تُنَشِطُ القلبَ والدَّورةَ الدَّمويّةَ.
الرّياضةُ تَمنَعُ السُّمْنَةَ المُفرطةَ التي هي إحدى أهمِ العَوامِلِ المؤَدِيةِ إِلى أَمراضِ القلبِ والشرايّين.
الرّياضةُ تعمل على تنْظيمِ ضغطِ الدَّمِ.
المَشيُ لمدةِ ثلاثينَ دقيقةً يومياً يُقللُ من خطر الإِصابةِ بالجلطةِ الدّماغيةِ (السّكتةِ الدّماغية). فالمشيُ يُحسّنُ مستوى ضغطِ الدَّمِ، ومستوى السُّكرِ والدُّهونِ في الدَّمِ.
الغذاءُ الصحي المتوازن
مِنَ الأُمورِ الهامّةِ أيضاً لتنشيطِ القلبِ والدَّورةِ الدَّمويةِ هي تَناولُ الغذاء الصحي المُتوازنِ، حيثُ تُوصي جميعةُ القلبِ الأمريكيَّةُ بالإكثارِ من تناولِ الخُضْرَواتِ و الفواكِهِ والحبوب الكاملة، كما تُوصي بتناولِ الأسماكِ مرتين أسبوعيّاً خاصّةً الأسماكَ الغنيّةَ بالحمض الدهني الأوميغا 3، وتوصي بالابتعادِ عن الأَطعِمَةِ التي تحتوي على كمياتٍ عاليةٍ من السُّكر والدُّهون المُشْبَعةِ، والإقلالِ من الأطعمةِ والمشروباتِ المُضافِ لها سكر المائدة (سكر الطّعام).
فيما يأتي بعض الأغذية والأعشاب التي تساعد على تنشيط الدورة الدمويّة:
الخضرواتُ وخاصةً الورقيَة منها.
الفَواكِه وخصوصاً الغنيّة بعنصرِ الحديدِ.
الفلفل الأحمر؛ حيث يعمل كمنشطٍ للدَّورةِ الدَّمويَةِ.
الثّوم؛
له خصائص وقائيّة وعلاجيّة لأمراضِ القلب والشرايين، فللثوم قدرةٌ على خفضِ ارتفاع ضغط الدم، والتّقليل من مستوى الكوليسترول والدُّهون الثلاثيَة.
الكاكاو والشوكلاتة؛ فهي غنيَةٌ بالمركباتِ المضادةِ للأكسدةِ المُفيدةِ لصحةِ الشرايين، كمَا أنَّها غنيَةٌ بالفلافونولاتِ (بالإنجليزية: Flavonols) وهي مركباتٌ عضويَةٌ تُقللُ من تكَونِ الخثرات (التجلطات) في القلبِ والأوعية الدَّمويَةِ.
الزُّعرور
مفيدٌ للمحافظةِ على صحةِ القلبِ ومستوى ضغط الدَّمِ، فهو يحوي مركباتٍ مضادةٍ للأكسدةِ ومُوَسِعَةٍ للشرايين. فالزُّعرور يعمل بشكلٍ أساسيٍ على زيادةِ تدفقِ الدَّمِ في الشرايينِ القلبيّةِ.
الكَرْكَدِيه فعصيره مُنشطٌ للدَّورة الدَّمويَة ومدرٌ للبولِ وخافضٌ لضغط الدَّمِ، خاصةً لمرضى ارتفاع ضغط الدَّم المُصابين بمرض السُكَّريّ.
التَّوقف عن التَّدخين
التَّدخينُ من أهمِ العواملِ المُؤَدِيةِ إلى الإصابة بالجلطَةِ الدّماغيَة والنَّوبَات القلبيّة ومرض الشّرايين الطَرَفيّة. فاستناداً لجمعيةِ القلبِ الأمريكيّةِ فإِنَّ التَّدخين يَعْمَلُ بشكلٍ مؤقتٍ على رَفْعِ مستوى ضغطِ الدَّمِ، وَزيادةِ احتمال تَشَكُلِ الخَثَّراتِ بالأوعيّة الدَّمويّة، بالإضافة إلى أنَّهُ يُقَلِلُ من كفاءَةِ الرِئةِ على القيامِ بتنقيةِ الهواءِ المُسْتَنْشَقِ، عدا عن أَنَّ التَّدخينَ يَجعلُ من مُمارَسَةِ التَّمارينِ الرَّياضيَّةِ مُهمةً صعبةً.[19]
إِنَّ التَّوقَفَ عن التَّدخينِ له العديد من الأثار الإيجابية، حيث أَنّه يُقلل من تفاقُمِ الحَالةِ المرضيّةِ للمُصابِ بأحد الأمراضِ السَّابِقَةِ،[20] فبعد العشرينَ دقيقةً الأُولى من التَّوقفِ عن التَّدخينِ يَتَراجَعُ الأَثرُ السَّلبيُّ من التَّدخينِ على مستوى ضغطِ الدَّمِ ومعدّلِ نبضاتِ القلبِ، أَمّا بعد الاثنتا عشرةَ ساعةٍ الأُولى من التَّوقفِ عن التَّدخينِ يعودُ أوّلُ أُكسيدِ الكربون إلى مُستواهِ الطبيعيّ، بينمّا تتحسَنُ كفاءةُ الدَّورةِ الدَّمويّةِ والرِئةِ بعد أُسبوعينِ إلى ثلاثةِ أشهرٍ من لحظةِ التَّوقفِ عن التَّدخينِ، لِيَقِلَ الخَطَرُ النَّاتِجُ من التَّدخينِ والمُؤَديّ إلى أمراضِ القلبِ والشَّرايين إلى النّصفِ بعدَ السَّنةِ الأُولى من التّوقف عنِ التَّدخينِ.