المدن هي رمز للتحضر والتطور في كل مجالات الحياة وللمدن قصص كثيرة ومثيرة منذ بداية بناءها حتى نهايتها ، وغالبا ما تصمد المدن قرون عديدة قبل ان تنتهي بفعل التغيرات الطبيعية ، مثل الزلازل ، والبراكين ، والفيضانات وغيرها وقد ذكر القران الكريم قصص الكثير من المدن الشهيرة التي اندثرت وبقيت اطلالها خاوية للتفكر والتدبر ،ولكن هناك العديد من المدن التي كانت نهايتها مختلفة حيث ان هذه المدن اختفت تحت الماء
ولم يستطع احدا الوصول اليها او مشاهدتها الا في السنوات القليلة الماضية ، والكثير منا بمجرد التفكير في المدن الغارقة يتبادر الى ذهنه قارة اطلانتس الاسطورية والتي يعتقد الكثير من العلماء انها من نسج الخيال ، على العموم في هذه القائمة لن نتحدث عن الاساطير والخرافات بل سنتحدث عن مدن غرقت بالفعل تحت الماء وبقيت اثارها شاهدة على ذلك حتى الان
وسنعرض قائمة 10 مدن غارقه تحت الماء لم تسمع بها من قبل
- مدينة سافتينج الهولندية (Saeftinghe)
(Saeftinghe) هي مدينة هولندية تحيط بها أراضِ شاسعة وخصبة صالحة للزراعة ، تم استصلاح الكثير من الأراضي والمستنقعات لتوفير الاراضي الزراعية و لانتاج المزيد من قطعان الماشية، لكن للاسف فقد قضت فيضانات هائلة على جميع الأراضي والمساحات المحيطة بـ (Saeftinghe) ، المدينة نفسها نجت بأعجوبة من الفيضانات ولكن بعد اقل من 15 عاما قام الهولنديون بتحويل المدينة الى قبر مائي عن طريق تدمير السد القريب منها وذلك اثناء حرب الثامنين عاما ، اصبحت الان (Saeftinghe) عبارة عن مجموعة كبيرة من المستنقعات المالحة ، ودلتا رملية تمتد عبر مساحة 3,850 هكتار ، تجري الكثير من المحاولات للحفر والتنقيب للكشف عن المدينة المفقودة ولم تنجح ايا منها .
- مدينة فاناغوريا (Phanagoria)
في اوج تطور الحضارة اليونانية ، انتشر اليونان حول البحر المتوسط . وما لايعرفه الكثيرون ان الحضارة اليونانية امتدت الى الاراضي الروسية في العصر الحديث ، وتوسعت الامبراطورية اليونانية لتصل الى الحافة الشمالية للبحر الأسود وشيدت اكثر من اثني عشر من المدن والموانئ على حدود رومانيا وبلغاريا واوكرانيا ، كانت احدى هذه المدن هي "فاناغوريا " وتقع في شبه جزيرة تامان . تاريخ فاناغوريا مليئ بالأحداث فقد تعرضت للغزو من قبل ملك امبراطورية بونتوس ، وذلك في القرن الاول قبل الميلاد واستمرت الحرب حوالي 25 عاما . اثناء عمليات استكشافية لفرق التنقيب تحت
الماء على انقاض المدينة المدمرة في عام 2011، وجدوا قطعة ضخمة من الرخام كان عليه النقش التالي (Hypsikrates زوجة الملك ميثريديتس ايباتور ديونيسوس ،، وداعا ) ويعتقد ان النقش هو رثاء من الملك ميثريديتس الى زوجته المتوفية ، وفي جزء كبير من المدينة توجد مقبرة واسعة ، ويقدر ان هناك الآلاف من التوابيت موجودة في هذ المقبرة .
مدينة رونغولت (Rungholt )
أحيانا تُسحب جزيرة باكملها ببطء الى البحر وذلك بسبب ارتفاع مستوى البحار وعوامل المد والجزر ، ومع مرور الزمن تغمر الجزيرة باكملها في المحيط او البحر دون ان تترك اي اثر ، هكذا كان الحال مع جزيرة ستراند ، وهي جزيرة تقع في بحر الشمال وقد غرقت كاملة خلال عاصفة شديدة وقعت في وقت مبكر من القرن السادس عشر ، لم يعد من الجزيرة شيئ يذكر سوى مجموعة جزر صغيرة متناثرة ، وكان من الصعوبة بمكان ايجاد او تحديد موقع مدينة "Rungholt " من الجزيرة الغارقة .
في عام 1362م شهد بحر الشمال موجة عواصف شديدة قادمة من المحيط الأطلسي واجتاحت سواحل انجلترا وألمانيا وهولندا ، وخلفت دمارا كبيرا وقتلى يزيد عددهم على 25,000 شخص ، كما غيبت العاصفة مدينة Rungholt من على الخريطة ، على مدى الـ 700 عام القادمة وجد الغواصين قطعا اثرية في قاع البحر تعود لمدينة Rungholt ، ولكن لم يتم العثور على المدينة حتى اليوم .
مدينة أتيل (Atil)
الخزر هم مجموعة من الشعوب التركية القديمة ظهرت في شمال القوقاز واستقرت في منطقة الفولغا السفلى ، وظهرت كقوة في القرن السابع ، فامتدت امبراطوريتهم بين القرن الثامن والعاشر من السواحل الشمالية للبحر الأسود وبحر قزوين الى جبال الاورال ، وغربا باتجاه كييف ، وكانت مدينة أتيل عاصمة الخزر في دلتا الفولغا ، وكانت مركزا تجاريا مهما ، وأصبحت موطنا مشتركا بين المسلمين والمسيحين واليهود في عصور لاحقة . ولكن في نهاية القرن التاسع وقعت الكارثة ، حيث قام احد الأمراء ويدعى سفياتوسلاف الأول بمهاجمة المدينة ودمرها كاملة وعاث فيها خرابا ، انقاض المدينة المفقودة بقيت لألف عام بسبب غرقها في بحر قزوين ، وكان يعتقد ان انقاض وبقايا المدينة قد جرفت بعيدا بحيث يستحيل الوصول اليها ، ولكن في عام 2008 ، اكتشف أستاذ روسي يدعى ديمتري فاسيلييف بقايا أطلال وانقاض تعود الى القرن الثامن على طول الضفة الشمالية لبحر قزوين ، ويتقد أن هذه الانقاض هي انقاض مدينة أتيل الغارقة ، على الرغم من انه لا يزال البحث جاريا عن كتابات او نقوش لها صلة بالخزر لتأكيدها
مدينة فيا (Pheia)
هي مدينة صغيرة ، خلدت في العشرات من الأعمال الروائية ، وكانت جزء من ساحة الحرب البيلوبونيسية في القرن الخامس قبل الميلاد والتي درات رحاها بين أثينا واسبرطا انذاك ، استمرت الحرب قرابة 30 عاما واستعرت على امتداد بحر أيجه والبحر الأبيض المتوسط . وقد ظلت المدينة. غارقة
ومفقودة حتى عام 1911م ، عندما عثر فريق من المستكشفين على بقايا المدينة على عمق 5 أمتار تحت مستوى سطح البحر
خليج موليفانا (Mulifanua Bay)
موليفانا هي مدينة صغيرة تقع على الطرف الشمالي لجزيرة أبولو وهي احدى جزر ساموا الواقعة في المحيط الهادي ، تعتبر محطة للعبور الى سافاي ، في احدى رحلات الغوص اكتشف الغواصين الآف من شظايا الفخار المتناثرة في قاع البحر ، وأظهرت الدراسات الأثرية اللاحقة ان الشظايا تعود لقرية Lapita ربما كانت القرية قديما احدى الحضارات التي سكنت الجزيرة ويعتقد ان سلالة هذه الحضارة يسكنون حاليا ميكرونيزيا و بولينيزيا .
- (Llys Helig)
تحكي الأسطورة ان احد الأمراء ويدعى ويلز بنى قصر كبير في شمال منطقة ويلز خلال القرن السادس الميلادي ، ووفقا للقصص المتداولة ان مملكته امتدت في جميع انحاء المنطقة التي تدعى (كونوباي) ، بعد ان تم بناء القصر ضربت عاصفة شديدة المنطقة وأحدثت فيضانات كبيرة في البحر ، وغرق القصر وكل ما يحيط به ، وهناك اختلاف في آراء الكثير من المؤرخين حول سلسلة من التلال التي تمتد لحوالي 3 كيلوا مترات قبالة الساحل ، وتسمى التلال بـ (Llys Helig) نسبة الى القصر ، ويعتقد الكثيرون ان هذه التلال قريبة من المنطقة التي يقع فيها القصر ، ومع ذلك فقد كشفت بعض الدراسات الجغرافية جدارا مغمورا في المياه بالقرب من منطقة ويلز ، وقد يعود الجدار الى القرن السادس.
مدينة اولوس (Olous)
كريت هي جزيرة قبالة سواحل اليونان في البحر الأبيض المتوسط ، وكان حجم جزيرة كريت الجغرافي اكبر بكثير من حجمها الحالي ، ويعود سبب صغرها الى تمدد البحار (اضافة الى الزلازل التي ضربت المنطقة ) ، غرق جزء كبير من الجزيرة في البحر ، واصبحت كريت وجهة سياحية مميزة للاطلاع على انقاض المدن والمباني الغارقة . احدى تلك المدن التي هي مدينة كانت تدعى اولوس ، وهي مدينة كانت مزدهرة وكان يسكنها حوالي 40000 نسمة . حيث أنها كانت تواكب غيرها من المدن اليونانية في ذلك الوقت من حيث الصناعة ، والتجارة والهندسة المعمارية ، وكان العيب الوحيد والمأساوي لمدينة اولوس هو بناؤها على الشاطئ الرملي عكس بقية المدن في الجزيرة والتي بنيت على أساسات من الحجر الجيري . حاليا يستطيع الغواصين والسباحين الوصول الى مدينة اولوس بسهولة ، وابرز معالم المدينة المتبقية هو سورها العتيق الذي لا تزال أطرافة العليا ترتفع فوق مستوى المياه .
مدينة ايدام (Eidum)
بحر وادن هو بحر كبير يمتد على طول الحدود الشمالية الغربية لألمانيا ، في بحر وادن هناك مجموعة صغيرة من الجزر تسمى جزر الفريزة الشمالية ، وهي تصغر تدريجيا بسبب عمليات المد والجزر التي تضرب الساحل . يعتقد ان مدينة ايدام بنيت في عام 1300 م ثم اعيد بناءها عدة مرات نظرا لموقعها الاستراتيجي ، وكانت بلدة ايدام مهددة من عواصف بحر الشمال التي كانت تدمر المدينة كل ما أعيد بناءها ، في عام 1436 ضربت احدى العواصف المدينة وأغرقتها مما اسفر عن مقتل 180 شخصا واضطر سكان المنطقة للهرب الى مناطق اكثر ارتفاعا ، حيث اقاموا هناك مستوطنة جديدة واصبحت تدعى في الوقت الحالي بـ(ويستر لاند) والتي هي الان على الشاطئ .
مملكة ديان (Dian Kingdom)
في عام 2001 وجد فريق من علماء الاثار في بحيرة فوكسن الصينية مجموعة كبيرة من المباني والآثار في قاع البحيرة ، ويقول السكان المحليون انهم في اغلب الاحيان كانوا يستطيعون مشاهدة المدينة مباشرة في الطقس الصافي والهادئ ، ومع مرور الزمن اصبحت هذه المباني التي تحت الماء مصدرا للقصص والأساطير المحلية بالمنطقة ، في العديد من رحلات الغوص لاحقا وجد علماء الآثار الكثير من البيوت وجدران المدينة التي لا تزال واقفة ، ووجد علماء الآثار أيضا شوارع معبدة ومرصوفة بالبلاط ، وتمتد انقاض وأطلال المدينة على مساحة تقدر بـ(6.5) كيلوا متر مربع . وبعد قياس العمر الإشعاعي تبين ان الدمار او الكارثة كانت منذ ما يقارب على 1750 سنة . ويعتقد أن جزأ كبيرا من المدينة غرق في البحيرة ، وتم الحفاظ عليه طوال هذه السنوات .