في حياة الصحابة اتّصف الصحابة بصبرهم أمثال الصحابي بلال -رضي الله عنه-، حيث بَقِيَ ثابتاً على التوحيد خلال تعذيبه مِن أميّة بن خلف، حيث كان يُلقي بلالاً في وقت الظهيرة عند اشتداد حرِّ الشمس على رمال الصحراء، ويَضعُ الصخرةَ على صدره ويَبدأ بتعذيبه حتى يتنازل عن توحيده، لكنَّ صبرَه وثباتَه على التوحيد أكبُر وأعظم، فكان يردّد قائلاً: "أَحدٌ أَحد"،[10] ويُذكر أنَّ أحد الصحابة نطق بالشهادتين، فضربه المشركين حتى سال الدم منه، ثُمَّ وقع مغشياً عليه.[11] وآخر يُرمَى على أسياخِ الحديدِ المشتعلة فلا تنطفئ إلا من كثرةِ الشحم الذي يَسيل من ظهره، وقد رُويَ عنهم شدّة تحمّلهم وصبرهم خلال الحصار، فتحمّلوا الجوع والأذى في سبيل نَيل رضى الله والثبات على عقيدة التوحيد، فكان قُوتُ الواحد منهم تَمرة واحدةً في اليوم يَنقعونها في الماء ويشربونه، كما أنَّهم كانوا يَربِطون بطونهم بالحجارة المسطّحة حتى يَستقيم انحناء ظَهرهم من شدّةِ الجوع.[11] وَقد صَلَ الحالُ بالصحابةِ الكرامُ في سريّة سيف البحر إلى أكلِ أوراق الشجر، فأُصيبوا بقسوة العيش والضيق الشديد، فإذا بالبحر يرمي على شاطِئه بحيوان يُدعى العنبر، وهو نوعٌ من الحوت يمتاز بضخامته، فقال لهم أبو عبيدة: لا تأكلوه، خوفاً من الوقوع بالإثم؛ لأنَّه لم يكن يعلم بحلِّ ميتة البحر، حتى أَذن لهم بأكله اضطراراً.[12] ويُذكر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- شدّةَ صبره وتحملّه للجوع، حتى وصل به الحال أنَّه كان يُصرعُ بجانب المنبر، ولم يكن به داءٌ سوى الجوع، فيُروى عنه أنَّه كان يَسأل كلَُ منْ مرَّ من الصحابة عن آيةٍ كان يعرفها، إلاّ أنَّ قصدَه ليس الإجابة، وإنَّما أن يُدعَى إلى تناول الغداء معهم، حتى جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعَرَف ما به، فدعاه إلى بيته فوجدَ قدحاً من اللّبن، فابتسمَ، فقال له الرسول -عليه االصلاة لسلام- أن يُنادي أهلِ الصُفّة حتى يشاركوهم اللّبن، وكانوا أربعمئة وخمسة عشر على إناءِ لبنٍ واحدٍ، ولكنّ بركة رسول الله حلّت على هذا الإناء حتى شَرب الجميع، وشَربَ أبو هريرة والرسول -عليه الصلاة والسلام- معهم
hgwfv td pdhm hgwphfi hgwphfi