رحمة النبي بأصحاب الأزمات - منتديات تراتيل شاعر

العودة   منتديات تراتيل شاعر > ۩۞۩ تراتيـل الاسلاميـة ۩۞۩ > هدي نبينا المصطفى ▪●

هدي نبينا المصطفى ▪● عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-27-2023, 12:36 AM
رحيل المشاعر متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~

لاحـــول ولا قـوت الا بالله
سبحان الله وبحمده
استغفر الله واتوب اليه
لوني المفضل Aliceblue
 رقم العضوية : 406
 تاريخ التسجيل : Dec 2014
 فترة الأقامة : 3750 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (05:03 AM)
 الإقامة : قلوب أحبتــي
 المشاركات : 1,158,010 [ + ]
 التقييم : 869297356
 معدل التقييم : رحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 49,390
تم شكره 104,002 مرة في 35,229 مشاركة
افتراضي رحمة النبي بأصحاب الأزمات




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-

(( رحمة النبي بأصحاب الأزمات ))
محمد القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًّا بنا حتى نقتفي أثره.

جاء في تقارير منظمة اليونيسيف الدولية أنه من كل عشرة أطفال دون سن الخامسة كان يموت طفل عراقي بسبب نقص العلاج، وفي كل يوم من أيام الحصار الأمريكي كان يموت 250 إنسان عراقي بسبب العقوبات التي كانت مفروضة عليها.

وهذا نوع من الضعف يقع فيه عامة الخلق، كبيرهم وصغيرهم، غنيُّهم وفقيرهم، حاكمهم ومحكومهم..

فليس هناك إنسان إلا ويقع في أزمة، كمرضٍ له أو لحبيب، وكموتٍ لقريب، وكدَيْنٍ وقع فيه المرء، وهكذا..

ولما كانت هذه الأزمة صورة من صور الضعف، وكثيرًا ما تأتي مفاجئة للإنسان، فإن رحمة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم كانت سريعًا ما تتحرك تجاه هؤلاء..

يلخص ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه بقوله: "إنا -والله- قد صحبنا رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير.

فهو -كما وصف عثمان رضي الله عنه- مع أصحابه في كل أزماتهم..

ومن أهم الأزمات التي لا بد لكل بشر أن يقع فيها أزمة المرض..

وكان الرسول صلَّ الله عليه وسلم إذا سمع بمريض أسرع لعيادته في بيته، مع كثرة همومه ومشاغله، ولم تكن زيارته هذه مُتكلَّفة أو اضطرارية، إنما كان يشعر بواجبه ناحية هذا المريض.. كيف لا، وهو الذي جعل زيارة المريض حقًّا من حقوقه؟!.

قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ.

وكان يهدف من وراء زيارته لأمور شتى، فهو يُظهِر له -دون تَكَلُّف- مُوَاساتِه له، وحرصه عليه، وحبه له، فيُسعد ذلك المريضَ وأهلَه، ويهوِّن أزمته ومرضه..

يروي عبد الله بن عمر فيقول: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلَّ الله عليه وسلم يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ y فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ[5] فَقَالَ: "قَدْ قَضَى", قَالُوا: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبَكَى النَّبِيُّ صلَّ الله عليه وسلم؛ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَكَوْا فَقَالَ: "أَلا تَسْمَعُونَ؟! إِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلا بِحُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ.

ثم إن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم -من رحمته- كان يُبشِّر المريض بالأجر والمثوبة التي تلحق به نتيجة المرض، فيهوِّن بذلك عليه الأمر، ويرضيه به..

تروى أم العلاء فتقول: عادني رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال: " أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ".

وكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في زيارته للمريض يرقيه ويدعو له بالشفاء، وأدعيته في هذا المجال كثيرة ومشهورة، ومنها ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم كان يقول إذا أتى مريضًا: "أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا".

وكان حريصًا على التخفيف على المريض، وعدم تعريضه لخطر أو أزمة أكبر، وكان يُبدي الكثير من الغضب إذا رأى من يتشدد في حكم من الأحكام مع مريض، ومن ذلك ما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه فيقول: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجرٌ؛ فشجَّه في رأسه، ثم احتلم؛ فسأل أصحابه؛ فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات؛ فلما قدمنا على النبي صلَّ الله عليه وسلم أُخبِرَ بذلك فقال: "قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ -شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ".

وكان يطلب الطب لأصحابه، ويتجاوز عن أمور كثيرة يتشدد فيها الآن كثيرٌ ممن لا يعرفون رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ولا رحمته!!

ومن ذلك أنه كَلَّف رُفَيْدة رضي الله عنها بعلاج سعد بن معاذ رضي الله عنه عندما أصيب في الأحزاب، لأنها كانت أقدر أهل المدينة على علاجه، ولم يتحرَّج أن تعالج امرأةٌ رجلاً من الرجال..

وهكذا كان صلَّ الله عليه وسلم يرفق بالمرضى إلى أكبر درجات الرفق، ويقف معهم في أزمتهم بصورة لعلها أكبر من وقفة ذويهم إلى جوارهم..

ومن الأزمات أيضًا التي كان يهتم رسول الله صلَّ الله عليه وسلم بها أزمة وفاة إنسان، وكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم -من رحمته- يرحم أقارب الميت في أمور قد يظنُّها الناس بسيطة، ولكنها تترك أثرًا طيبًا في النفوس، ومن ذلك إعداد الطعام لهم.

روى عبد الله بن جعفر رضي الله عنه فقال: لما جاء نعي جعفر قال النبي صلَّ الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ".

وهذا عكس ما اشتهر بين الناس من أنَّ أهل الميت هم الذين يصنعون طعامًا لزوَّارهم، بل إن صناعة أهل الميت للطعام للضيوف خلاف واضح للسنة، فقد قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة
ويقول الإمام السندي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "أن كلمة (كُنَّا نرى) بمنزلة إجماع الصحابة أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى التقديرين فهو حُجَّة".

لكن الأهم حقيقةً من المساعدة المادية هو تشجيع أهل الميت على الصبر وعدم الجزع، وهذا ما كان يحرص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جدًا، وقَلَّما حدثت وفاة في عصره صلَّ الله عليه وسلم إلا وكان حاضرًا مع أهل الميت يُذكِّرهم بالله عز وجل، ويحاول أن يخرجهم من أزمتهم بتعظيم أجرهم إذا صبروا.. فكان يُعَلِّمُهم أن يقولوا عند المصيبة ما يصبِّرهم -بل يعوضهم خيرًا- في الدنيا قبل الآخرة..

تروي أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا".

وكان يعلم أن النساء يصيبهن الجزع أكثر من الرجال، فكان يحرص صلَّ الله عليه وسلم على تذكيرهنَّ بالصبر عند المصائب..

يروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النساء قُلْنَ للنبي صلَّ الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال؛ فاجعل لنا يومًا من نفسك؛ فوعدهنَّ يومًا لَقِيَهُنَّ فيه؛ فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ، فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ".

وانظر إلى رحمته صلَّ الله عليه وسلم وهو يهوِّن على امرأة مسكينة مصابها الفادح.. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم بابن لها؛ فقالت يا رسول الله: إنه يشتكي. وإني أخاف عليه؛ قد دفنت ثلاثة، قال: "لَقَدْ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنْ النَّارِ".
وتخيل مدى فرحتها -مع أنها في مصاب شديد- عندما علمت أن مصابها هذا قد وقاها وقاية شديدة من النار.

إنها كلمات بسيطة، لكنها ذات أثر عظيم.

ومع كونه صلَّ الله عليه وسلم يمنع الناس من الجزع وفقد الصبر إلا أنه كان واقعيًّا يُقدِّر ألم الناس ويعذرهم، ومن ثَمَّ يقبل ببكائهم وحزنهم دون إفراط..

يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنه فيقول: لما قُتِلَ أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، وينهونني عنه، والنبي صلَّ الله عليه وسلم لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي؛ فقال النبي صلَّ الله عليه وسلم: "تَبْكِينَ أَوْ لا تَبْكِينَ، مَا زَالَتْ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ".

وروى جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غُلِب، فصاح به رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فلم يجبه، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم وَقَالَ: "قَدْ غُلِبْنَا عَلَيْكَ أَبَا الرَّبِيعِ" فَصِحْنَ النِّسَاءُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم: "دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ", قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ..

قَالَ: "الْمَوْتُ" قَالَتْ ابْنَتُهُ: إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم: "فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟", قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم: "الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْهَدَمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرَقِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ".
صلَّ الله عليه وسلم في المثالَين السابقَين يسمح ببكاء وحزن أقارب الميت، لكن في نفس الوقت يُبشِّرهم بأجر المتوفى ليصبِّرهم على مصابهم..

ولم تكن وقفات رسول الله صلَّ الله عليه وسلم مع الصحابة عند المرض أو الوفاة فقط، بل كانت في أي أزمة ولو كانت عابرة..

نجده مثلاً يدخل المسجد فإذا برجل من الأنصار يُقالُ له أبو أمامة؛ فقال: "يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ", قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عز وجل هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ", قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ"، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عز وجل هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي.

وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ", فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ".

فالرسول صلَّ الله عليه وسلم حرص على أن يساعد الرجل على سداد دينه، ثم طلب من غرمائه أن يقبلوا بالمبلغ الذي جُمِعَ، ويقول المباركفوري في شرح سنن الترمذي: "والمعنى: ليس للغرماء أن يأخذوا إلا ما وجدوا، والإمهال بمطالبة الباقي إلى الميسرة".

فالرسول صلَّ الله عليه وسلم لم يُسقط الدين عن الرجل، إنما توسَّط له عند الغرماء ليأخذوا قسطًا، ويؤخروا الباقي، وهذا من رحمته صلَّ الله عليه وسلم بالمدين..

ومن أروع مظاهر رحمته صلَّ الله عليه وسلم ما فعله مع المسلمين عند هجرتهم من مكة إلى المدينة.. فقد كانت أزمة كبيرة ترك فيها المسلمون ديارهم وتجارتهم وأموالهم وذكرياتهم.. تركوا كل ذلك، وفرُّوا إلى الله ورسوله، فكان لا بد من الوقوف إلى جوارهم في أزمتهم هذه..

فأول ما فعل أنه رفع من شأنهم وقدرهم، وأخبرهم أن هجرتهم هذه هجرة كريمة لا ينظر إليها بانتقاص، فهم ليسوا مجرد لاجئين إلى بلد آخر، بل هم مجاهدون عظماء، وذكر ذلك في أحاديث شتى، لعل من أعظمها أنه بَشَّرهم أنهم أول من يجوز الصراط يوم القيامة، وذلك عندما سُئِلَ عن أول الناس إجازة فقال: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ".

وفي موقف آخر قال صلَّ الله عليه وسلم: "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا".

وهكذا شعر المهاجرون بقيمتهم وفضلهم، وبالتالي رُفِعَت معنوياتهم..

وكان صلَّ الله عليه وسلم يواسي المهاجرين ويهوِّن عليهم مصابهم، والذي أحيانًا يكون كبيرًا جدًا.. وما أروع استقباله لصهيب الرومي رضي الله عنه عندما هاجر إلى المدينة تاركًا ثروته كلها وراءه في مكة، فقال له صلى الله عليه وسلم مبشرًا: "رَبِحَ البَيْعُ أبَا يَحْيَى".

ولمَّا جاء عبد الله بن جحش رضي الله عنه يشكو لرسول الله صلَّ الله عليه وسلم أن أبا سفيان قد أخذ دَارَهُم في مكة بعد الهجرة وباعها، واساه رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في رقَّة وقال له: "أَلا تَرضَى يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ بِهَا دَارًا خَيرًا مِنْهَا فِي الجنَّة؟" قال: بلى، قال: "فَذَلِكَ لَكَ".

ثم إن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم كان دائم الاطمئنان على المهاجرين في المدينة، والزيارة لهم، خاصة أنهم قدموا على مناخ جديد في المدينة فأصابتهم بعض الأمراض..

تقول عائشة رضي الله عنها قدمنا المدينة وهي وبيئة، فاشتكى أبو بكر، واشتكى بلال، فلما رأى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم شكوى أصحابه قال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَحَوِّلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ.

ثم قام صلَّ الله عليه وسلم بعمل فريد ليس له مثيل في التاريخ وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فتحمَّل الأنصار عبء المهاجرين وكفلوهم في ديارهم، ووصل الأمر إلى التوارث بين الطائفتين إلى أن نُسِخَ حُكْمُ التوارث بعد ذلك.

ومع أن وضع الأنصار كان أفضل، وأزمة المهاجرين كانت أشد إلا أن الرسول صلَّ الله عليه وسلم كان رحيمًا بالأنصار كذلك، فلم يشأ أن يُثقل عليهم حتى مع رغبتهم في التضحية..

قَالَتْ الأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صلَّ الله عليه وسلم: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَالَ: لا، فَقَال: "تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ، وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا".

وهذه رحمة منه صلَّ الله عليه وسلم وحكمة، فقد تتغير الأحوال، وتتحسن أحوال المهاجرين، ويشعر الأنصار بشيء من الغبن، ولذلك كان هذا التصرف الراقي منه صلَّ الله عليه وسلم..

بهذه الخطوات وبأمثالها خرج المهاجرون من أزمتهم، وخُفِّفت كذلك أزمة الأنصار، واجتازت المدينة عقبة كان من الممكن أن تودي باستقرارها وراحتها..

لقد كان منهجه فريدًا حقًا..

وما كان ذلك أن يتم لولا رحمة هائلة وسعها في قلبه صلَّ الله عليه وسلم.

وصدق الذي قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

وأخيرًا..

إن ما ذكرناه من صور لرحمته صلَّ الله عليه وسلم للضعفاء من أبناء أمته ما هو إلا غيض من فيض، وقطرة في يَمٍّ، حاولنا فيها أن نذكر أمثلة مختلفة من صور شتى، وإن كنا -لا شك- بعيدين تمامًا عن الصورة الكاملة للحقيقة، ولعل ما ذكرناه يكون حافزًا لنا أن نتوسع في دراسة سيرته، وفي متابعة أحواله ففي ذلك الخير لنا ولمجتمعاتنا، بل وللعالم أجمع.
د. راغب السرجاني
طريق الإسلام.



vplm hgkfd fHwphf hgH.lhj hglElhj hgkfd fHwphf vpgj




 توقيع : رحيل المشاعر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
 (03-20-2023),  (03-22-2023)
قديم 02-28-2023, 08:51 PM   #2


سحاب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2682
 تاريخ التسجيل :  Mar 2022
 أخر زيارة : 06-10-2023 (11:01 PM)
 المشاركات : 64,059 [ + ]
 التقييم :  77241231
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : YellowGreen
شكراً: 140
تم شكره 3,457 مرة في 3,096 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ
دمْت بـِ طآعَة الله ..}


 
 توقيع : سحاب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-02-2023, 11:01 PM   #3


بنت قحطان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1684
 تاريخ التسجيل :  Mar 2017
 أخر زيارة : 06-05-2023 (04:36 PM)
 المشاركات : 11,234 [ + ]
 التقييم :  3134127
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 558
تم شكره 1,223 مرة في 843 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



الله يعطيك العافيه على الطرح القيم
سلمت يمينك بارك الله فيك


 
 توقيع : بنت قحطان

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-03-2023, 07:44 PM   #4


حكآية قلب ♪ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2735
 تاريخ التسجيل :  Feb 2023
 أخر زيارة : 06-11-2023 (06:07 PM)
 المشاركات : 301 [ + ]
 التقييم :  1528255
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Greenyellow
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



,‘*
أختيااار أكـثر من رااائـع ’
وُجودك لـه وآقعٌ مُختلف / وكله تميز ..
شُكراً تمتد عميقاً وتنتشي لك بالورد
|‘,


 
 توقيع : حكآية قلب ♪

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-07-2023, 01:59 PM   #5


بحـر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2068
 تاريخ التسجيل :  Apr 2018
 أخر زيارة : 03-10-2025 (04:21 AM)
 المشاركات : 332,409 [ + ]
 التقييم :  529799282
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 36,977
تم شكره 35,849 مرة في 17,763 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



أثابگ الله الأجر

دمت بخير


 
 توقيع : بحـر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-18-2023, 07:31 PM   #6


نورة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2738
 تاريخ التسجيل :  Mar 2023
 أخر زيارة : 05-19-2023 (10:25 PM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  1539911
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



جزاك الله


 
 توقيع : نورة

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-20-2023, 06:49 PM   #7


اسم مؤقت غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 209
 تاريخ التسجيل :  May 2014
 أخر زيارة : 12-09-2024 (01:16 PM)
 المشاركات : 81,674 [ + ]
 التقييم :  66574259
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 SMS ~
لوني المفضل : Darkred
شكراً: 13,668
تم شكره 6,521 مرة في 6,014 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



بارك الله في جهودك


 
 توقيع : اسم مؤقت

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-22-2023, 12:05 AM   #8


هيبة مشاعر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2178
 تاريخ التسجيل :  Dec 2018
 أخر زيارة : اليوم (07:27 AM)
 المشاركات : 227,999 [ + ]
 التقييم :  502826372
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 34,102
تم شكره 37,531 مرة في 24,529 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



جزاك الله خير
وشكرآ علي مجهودك


 
 توقيع : هيبة مشاعر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-22-2023, 11:37 PM   #9


ولد الذيب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2352
 تاريخ التسجيل :  Oct 2019
 أخر زيارة : يوم أمس (05:57 PM)
 المشاركات : 514,854 [ + ]
 التقييم :  311539548
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 67,051
تم شكره 29,714 مرة في 20,563 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



عافااك الله على الطرح الرااااائع والجميل











اعتدنا منك المميز والإبداع دائماً ونتطلع لجديدك


 
 توقيع : ولد الذيب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


قديم 03-26-2023, 11:11 PM   #10


خياط متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 55
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : اليوم (01:12 PM)
 المشاركات : 210,020 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 SMS ~
لاتغلق الباب الذيَ بينك و بين الناس ‘ فقد تعودْ إليه مرةً اخرىْ
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 24,221
تم شكره 19,330 مرة في 9,226 مشاركة
افتراضي رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات



بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك


 
 توقيع : خياط

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المُمات, النبي, بأصحاب, رحلت

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

Forum Jump

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رحمة النبي بالمهاجرين شموع الحب هدي نبينا المصطفى ▪● 10 11-06-2021 05:55 PM
عظمة القلوب في زمن ملئ بأصحاب الأقنعة شموع الحب زوايا عامه 14 01-10-2019 09:17 PM
رحمة النبي ( ص ) بالفقراء..فصل الرفقه فاتن هدي نبينا المصطفى ▪● 11 11-27-2017 08:24 PM
رحمة النبي بالمهاجرين ملاك الورد هدي نبينا المصطفى ▪● 18 12-21-2016 06:31 PM
رحمة النبي بالمذنبين ملاك الورد هدي نبينا المصطفى ▪● 21 12-21-2016 06:31 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 08:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM