رواية مارد في صدري _1 - منتديات تراتيل شاعر

 ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

منتدياتَ تراتيل شاعرَ َ
 
 
     
فَعَالِيَاتْ تراتيل شاعر
                 




قصص - روآيات - حكايات ▪● ┘¬»[ روايات قصيرة | روايات تراثية | قصص حزينه |قصص مضحكة : تنحصُر هِنآ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 01-30-2022, 11:06 PM   #6


الصورة الرمزية رحيل المشاعر

 
 عضويتي » 406
 جيت فيذا » Dec 2014
 آخر حضور » اليوم (01:03 AM)
آبدآعاتي » 1,159,312
 حاليآ في » البيت يلي قبل الاخير بكوكب زحل
دولتي الحبيبه »  Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » التراث ♡
آلعمر  » 90 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه ♡
 التقييم » رحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond reputeرحيل المشاعر has a reputation beyond repute
مشروبك   danao
قناتك carton
اشجع ahli
مَزآجِي  »  1

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera:

My Flickr My twitter

sms ~

لاحـــول ولا قـوت الا بالله
سبحان الله وبحمده
استغفر الله واتوب اليه
 

رحيل المشاعر متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية مارد في صدري _1





* * *

نهضت "سناء" في اليوم التالي مبكرة، لبثت برهة وهي لا تدري أين هي، تنبهت إلى الحقيقة، بقيت في الفراش مستمتعة بالدفء والاسترخاء.. تذكرت.. لا يمكن البقاء أكثر، أعمال البيت كالعادة تنتظرها، ..ثم الخروج إلى البئر، وإلى البحر..

في هذا اليوم لم تتململ.. انتابها إحساس خفي ممتع، تماوج في صدرها، نظرت إلى الطست المليء بالأشياء، وإلى الصفيحة الفارغة، وشعرت بالرغبة في الانطلاق، وارتسم الارتياح على وجهها.. مر بذهنها صورة "خضرة"، وأختها "بدرية" العمياوين، وهما تملآن الجرار من البئر، أحست بشوق نحوهما، اعتادت على رؤيتهما، لم تكونا تتضجران من العمل، كانتا تحدثانها، وتسألان عن صحتها.. في إحدى المرات ذكرت "خضرة" أمامها "فخرية" أمها، ولكن سرعان ما ضغطت أختها على يدها، وقالت: هيا يا "خضرة"، وراءنا أشغال كثيرة.. شعرت سناء بشيء تكتمانه عنها، تساءلت في نفسها: ما هو...؟ إنها لا تدري.. شذرات من مواقف تنبهها، وتترك آثاراً غامضة، ثم لا تلبث أن تتلاشى.. بلهفة حدثت نفسها:

- لماذا في هذا اليوم بالذات تدفعني الرغبة الشديدة للخروج؟

أهي الحرية تستدعيني إلى الهرب من الضغط والقسوة؟

هل هو ولادة لشعور جديد أيقظه يوم أمس؟

لم تتردد.. خرجت والطست بصحبتها.. استدارت في الطريق المؤدي إلى البحر.. المنازل قائمة على جانبيه، مغلقة أبوابها، على مسافة بعيدة تبدو المنارة، ومن ثم البحر من ورائها.

وقفت أمام مياه البحر الغارقة بأشعة الشمس، الزوارق يؤرجحها الموج، تحمل بعض الناس إلى جزيرة "أرواد"، وأخرى تعود منها.. شعرت بشيء من البهجة تطفو في نفسها، لم تدر كنهها، هل هي لذكرى بعيدة خطرت أمامها مع أمها، وهي دون الخامسة؟.. وتغيم الخاطرة، فلم تستطع أن تسيطر عليها كانت عيناها ترحلان من الناس.. كم تمنت أن ترحل معهم!!. بكت... لم تبكي..؟.. لا تدري.. والزوارق الرمادية تختفي شيئاً فشيئاً.

كانت الذكريات تستيقظ في ذهنها، وهي تتأمل البحر، وشعور لذيذ يستجيش في صدرها، مسافات وأزمنة يختصرها التصور.. وكأن هذا اليوم بداية لحياة جديدة.

شعرت بتطور يزحف إلى نفسها، لامست صدرها وردفيها.... أحست بتغير في جسمها.. سخرت وهي ترى أن طريقة حياتها ثابتة لا تتغير، فما زالت تخضع لتحكم العادات منذ وقت الاستيقاظ من النوم، حتى وقت الإخلاد إلى النوم، تقوم بالأعمال بصورة تلقائية، تتم بحكم العادة، بتوجيه من زوجة أبيها، حتى تكون لديها السرعة في الاستجابة دون أدنى تفكير.

استلقت فوق الرمال، كانت أنفاسها تتردد مع عبق أعشاب البحر، فقررت أن تغامر ببعض الوقت، لتستمتع بالطبيعة دون خوف أو قلق.. كل ما حولها يحثها على التأمل، والتفكر في الكون، وفي نظام الحياة، وتتغلغل في خباياه بالتصور، والخيال، وفي نفسها رغبة ملحة في تحويل عاداتها التقليدية إلى أفعال فيها الشعور، واليقظة.

كثير من الأطفال كانوا يلعبون فوق الرمال، ومن النسوة من يغسلن الأشياء في تجاويف الصخور كعادة قديمة... تعمقت في الاستغراق، وتجاذبتها الخواطر، ورجعت بها الذكريات إلى ضفاف طفولتها، فأحست بالدمع يتعلق بأهدابها... انتفضت في مكانها حين سمعت صوتاً يقول لها:

- ماذا بك يا سناء، هل تشعرين بشيء؟

فتحت عينيها، فرأت طفلاً في العاشرة ينظر إليها بعطف شديد:

- ما بك، هل رطوبة الجو تزعجك؟

- لا، لا شيء من هذا.. فقط أشعر ببعض التعب، والحاجة إلى الراحة.

- هل أجلس معك؟

- لا، لا.. الواقع أني أحب الوحدة... على فكرة، كيف عرفت اسمي؟

ابتسم بعفوية وهو يقول:

- من لا يعرف اسمك.. "سناء بنت فخرية".

- أجل، أنا هي "سناء بنت فخرية".. أرجو أن لا تزعج نفسك من أجلي، أنا بخير.

بسخرية حدثت نفسها:

- ظروف حياتي تفرض علي العزلة عن البشر، أراهم ولا أكلمهم.. سئمت.. فإلى متى..؟

كانت رائحة البحر مغرية، والرمل دافئاً من أشعة الشمس، وصخب الأمواج يخلع السكون من القلب والمكان، والطيور تصوت في الفضاء، تحلق تارة، وتهبط تارة أخرى، تباغت طفو السمك، لتلتقطها بمناقيرها.. وحكايات الأطفال، والنساء الصغيرات تتناثر مع الهواء، وتتخم ذاكرة البحر.

يعصف "بسناء" الشجن، فتلوذ بالصخور، تجلس بينها، علمتنها أن تكون صلبة مثلها، هي تتحمل لطم الموج، والأعاصير، و "سناء" تتحمل صفع الألم، والقهر، كلاهما يصبر على البلايا.

بحيرة ساءلت نفسها:

- ماذا يجري لي؟

أرى اليأس يدفعني أحياناً لأفتش عن الأمل في نفسي، كي تنجلى وتصفو... ثم يقترن الألم بالبسمة، وتقول:

- أرجو أن يكون يومي خيراً من أمسي.

صارت أحاسيسها تتسع في صدرها يوماً بعد يوم، وهي في الطبيعة ترجع الحوادث، وتعلمها الحياة ما الحياة، وأن التشاؤم يندفع من داخلها وليس من الحياة... ثم أدركت أنها لم تصل بعد إلى مرحلة شجاعة الموقف، وصراحة القول، والرفض.. كانت ترخي على الطبيعة شباك الرؤية، وتشعر بالظمأ الشديد للمعرفة، تراقب فعل الريح وهو يجرح وجه البحر الأملس، ويحيله إلى حبك متتابعة، والبحر يستسلم... يصبر.. لامست وجهها بكفها، تذكرت مواقف أليمة.. شدت ما بقي من شعرها الناعم برفق، ثم أخفته تحت ياقة ثوبها، تنهدت وهي تقول:

- أنا وأنت يا بحر نذوق المرارة.. ونصبر.

كانت تعيش في جنة من فصول الخيال لذيذة، تتمنى لو أن النهار يمتد والدهر يتمطى، وتستسلم إلى أحضان الطبيعة، بنقائها، وبراءتها، وإلى الحقيقة بصراحتها.

كانت روحها الشابة تثب إلى التغيير، وتحويل العادات إلى شيء جديد، فيه الحيوية والنشاط، بالتفكير، والتخطيط.. كان في داخلها شيء يتحرك كالوحش يريد الخروج، ويكسر الجامد من المألوف، ويعتقها من القيود... حثتها أمنيتها على تحسس الحرية عند الشاطئ، مع النسيم تطوف معه، ومع الفضاء الواسع تمسحه بناظريها، ومع الطيور تحلق بتحليقها، ومع انسياب الزوارق، ووشوشة المويجات، ودغدغة السمكات، وجري السراطين وهي تختبئ في زوايا الصخور... كانت تتابع الأشياء بعينيها، فيتساقط الإعياء من هشيم نفسها، منهمراً على هشيم الرمال.

أشياء كثيرة تفتحت لها نفسها، ما كانت لتأبه لها، كان الوقت يملكها، وليست تملكه، والحرية عنيدة، شريدة تستعصي عليها، واليوم تشعر بحلاوتها، ويجنح خيالها، ويفور طبعها.

كثيراً ما ترخي العنان لأحلامها، وتمتطي الأمواج، وتجد في الطبيعة حناناً ورأفة، تخشى عليها من وهج الشمس، فتمد لها الظلال عند منحدر الصخر، ويطيب لها السمر مع السمكات الهاربة إلى الهاوية..

كنت قد خرجت من المسجد بعد حضوري درس الدين مع عمي الشيخ عبد الله المجذوب وأعلم بوجود "سناء" عند الشاطئ ذلك الحين.. بحثت عنها وجدتها تتكئ على صخرة كانت نظراتها مشتتة في أرجاء الطبيعة، وفي ذهول.. غافلتها بصمت، لمست كتفها، اندهشت.. بادرتها بقولي:

- أهنا تختبئين يا سناء؟

- لا أختبئ.

بابتسام قلت:

- إنها مجرد عبارة لا أكثر.. شعرت بحاجتي للحديث معك فجئت إليك.

- وأنا أشعر بمثل ذلك.

- أرجو أن تكوني بخير.

- فقط أشعر ببعض السأم.. تذكرت أشياء في طفولتي.

- إن كانت سيئة وجب نسيانها.. اطردي السأم من نفسك.

تنهدت وهي تقول:

- يحكون كثيراً عن الحرية في مجالس السمر، فأقتنصها هنا فقط.

أشارت إلى البحر، وبتعجب قالت:

- من يدري ما تحت الماء؟

بادرتها:

- أسماك، وحيتان، وجثث غرقى، وأشياء مهشّمة، و..

- بل أقصد الأسرار في أعماقه، كما في صدري.. آه يا عزيزتي من الوحشة، والغربة، وذكريات الماضي.. هل تبقى مدفونة يا ترى، أم ستنفجر يوماً ما؟

- بل ستنفجر، وتطفو على السطح.

قلت مازحة:

- ماذا كنت تفعلين هنا؟

ضحكت وهي تقول:

- أسير على الغيوم.

- إذاً، أهلاً بك على الأرض.

ثم بضيق قالت:

- إن في داخلي طفلة خائفة، تتصارع مع وحش.

- الوحش هو التمرد، يريد الخروج، دعيه ينفلت.

- كيف؟

- بتلاوة القرآن، والتعرف على أحكامه، وحقوقك، وبالعلم والمعرفة كلها وسائل تعينك على إخراج الوحش من نفسك.

- صدقت، هذا ما أحاوله.

- الحياة يا "سناء" لا تتغير إلا بتغير ما في نفوسنا، حرّري عقلك، يتحرر جسدك، وستكون أمورك على خير.

طافت البسمة على وجهها، وبرقت عيناها وهي تقول:

- بحديثك تخففين عني.. وأنا معي أضحك من أعماقي، ولكنه ضحك يمتزج أحياناً بالحزن.

.. إنك تحافظين على قوتك بهذه النزهة اليومية، اعتبري مجيئك إلى البحر نزهة، كي تحافظي على عقلك بالتأمل والتفكّر، وبتثقيف نفسك.

- ولكن..

- ماذا؟

- لا أدري.. هل أحدثك عن طفولتي، لأتخلص من بعض أشباح الماضي؟

- فيما بعد.. عبّري عنها بالكتابة.

بلهفة بادرتني:

- كثيراً ما أكتب، حتى غدت الكتابة هوايتي المفضلة بعد القراءة.

- رائع، شيء رائع، ثابري ما أمكنك ذلك.

سألتها بهدوء:

- ما رأيك بمناقشة الكتاب الذي تقرئين، وتحددين فكرته؟

- هذا يسعدني، ويساعدني في السيطرة على شرود ذهني وتشتت فكري.. عسى أن أبني نفسي وأتحرر من همومي.

نظرت إليها بإعجاب وقلت:

- سبحان الله، فعلاً، إنك تتغيرين يا "سناء"!

أردفت بفخر:

- يا ابنة فخرية.

- يجب أن أبرح حالاً.

حملت الطست تحت إبطها، واندفعت فوق الرمال، ثم انجرفت في الطريق المؤدي إلى داخل الحي.. تابعتها بنظري، وأنا أخشى عليها من العتاب لمغامرتها ببعض الوقت.

* * *




التعديل الأخير تم بواسطة رحيل المشاعر ; 01-30-2022 الساعة 11:42 PM

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
 (02-02-2022),  (02-01-2022)
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العجوز, بستان

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

Forum Jump

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تدبر بستان المعاني عين الثريا زوايا عامه 18 05-13-2020 02:42 AM
من بستان الحكمة صاحبة السمو زوايا عامه 14 06-08-2019 03:59 PM
تخيل حياتك بستان ۩۞۩ رآقـيے بطبعيے ۩۞۩ زوايا عامه 10 03-23-2017 10:43 PM
بستان العجوز شموع الحب قصص - روآيات - حكايات ▪● 26 03-19-2017 10:17 AM
من بستان الطب :: مہلہك الہعہيہونے آلطِبُ وَ الصحْه ▪● 25 06-18-2014 02:03 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:09 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM