تبدأ قصّة أجنحة
العواطف التي بطلها الشّاب ( خليل ) ، حينما راودته مشاعر غاية في المرارة ، حيث أخذ ينظر إلى سجل علاماته في الشهادة التي حصل عليها ، وكانت مسيطرة عليه مشاعر خوفٍ نتيجة توقّعه لإهانات الناس له ، والكلام الذي سوف يتناقله عنه زملائه ، وكم من ملامة سيجني على علاماته هذه، كان بحاجة إلى صوتٍ يقف إلى جانبه ، فما كان منه إلاّ أنّ أصغى لصوت بواب المدرسة التي يتعلّم فيها ، حيث حاول البواب مساعدته والتخفيف عنه .
أخذ خليل يتأمّل ، شارد الذهن ، حالته إن ذهب إلى بيته واطّلع أهله في البيت على علاماته ، فما كان منه إلاّ أن فكّر بطريقة يخلّص نفسه من يومٍ كارثيّ بالنسبة له ، حيث قرّر في نفسه بأنّ يمحو كتابة العلامات عن شهادته هذه ، يدوّن عليها علاماتٍ تكون أفضل مما حصل عليها ، وخاصّة بأنّه لم يذهب بعد إلى البيت ، وبذلك يكون أمره في غاية الكتمان والسريّة .
شرع خليل إلى محو الأرقام وتنفيذ خطّته ، ولكن ، ولسوء حظّه ، فإنّ الشهادة قد ثقبت ، وبذلك سيظهر الغش الذي يقوم به ، فما كان منه إلاّ أن قرر الهروب ، بحيث لا يراه أحد ولا يدري بفعلته أحد ، فتذكّر على الفور صديقاً له يدعى ( فريد ) ، نعم إنه فريد الذي سينقذه من محنته هذه ، خاصّة بأنّه لم يفلح في الدراسة ، فما كان من والده إلاّ أن أرسله إلى مدينة حيفا، كانت هنالك مشكلة عظمى ، تقف عثرة في وجه خليل ، وهي قضيّة المال ... إذ من أين له بالمال ، وخاصة بأنّ السفر يكلّف كثيراً .
وبعد تفكير طويلٍ في حلّ هذا المأزق ، لم يجد خليل إلاّ أن يذهب إلى البنك ويسحب مبلغاً منه من بطاقة التوفير التي يملكها ، ولكن موظّف إدارة البريد ، وهو المسؤول عن أمور السحب ، لم يصدّق خليل إذ روى له بأنّ خالته تحتاج إلى مبلغ ثلاث ليراتٍ فقط ، ولكنه بعد ذلك اقتنع و أعطاه المبلغ ، وبدون أيّ اكتراث، اتّجه خليل وبصحبته المبلغ إلى محطّة الباص ، وما أن انطلقت الحافلة أحسّ بندمٍ كونه ترك بلدته وعائلته ، وعندما وصل حيفا ، أحسّ بجوع شديد ، فقرر أن يطلب لحماً مشوياً ظناً منه بأنّه سينال إعجاب الحاضرين .
لقد بحث خليل عن صديقه فريد ، ولكنّه لم يجده ، فما كان منه إلاّ أن قرر الذهاب في القطاع إلى الهدار ، ظناً منه بأنه سيلقى هناك فريد ، ولكنه ، وبسبب الظلام الشديد ، اصطدم بعمود ألقاه أرضاً ، مغيّباً عن الوعي، أمّا والد خليل العائد لمنزله ، والذي كان في حالة فرحٍ شديدة من نتائج ابنته عائدة ، ولكنّه كان مستاءً جداً لغياب خليل هذه الفترة الطويلة عن المنزل ، حيث خرج ليبحث عنه برفقة أهل البلدة حيث قاموا بإبلاغ الشرطة عن فقدانه .
يصحو خليل ليجد نفسه في المشفى والممرضة تخبره بأنّ السكرتير يريد أن يكلّمه ، ليتجادل معه في النهاية ويفهمه بأنّه عرفه من صورة نشرت في الصحف ، وبأنّه علم بهروبه من منزل ، وتمّ تسليمه إلى الشرطة التي أخذته بدورها إلى منزل والده، عندما وصل خليل إلى القرية ، رأى جميع الناس الذي كانوا يبحثون عليه برفقة والده مجتمعين ، وقام والده بضمه لصدره ، وأخبره بأنّه سيحسن معاملته ، فما كان منه إلى أن التحف والده وزوجة والده وأخته عائدة ، وعاد برفقتهم إلى منزل العائلة