الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله، تنوعت
حكايات التراث الشعبي في بلاد الجزائر، وشاعت كثيراً، وتفننت الجدة في إلقائها، فترى أحفادها يلتمون حولها عند المساء، ليسمعوا قصة الجدة، التي تروي لهم كل يوم قصة مشوقة وجديدة، ومن الحكايات المشهورة في التراث الجزائري، هي: حكاية (عمار الجايح) وتعني عمار الغبي، (وحديدوان) وتعني صاحب البيت الحديدي، (والأميرة والغول)، (وحميد الشاطر)، وسأروي لكم اليوم قصة عمار الجايح :
كان يامكان في قديم الزمان، يحكى أنه كان هناك أرملة تعيش وحيدة مع إبنها اليتيم، وتعمل حتى تربيه، وكان إبنها يبلغ من العمر 16 عام، فكان في مقتبل العمر، ولكنه لم يكن يجدي النفع في أي شيء، كان فاشلاً وغبياً بمعنى الكلمة، فسماه الناس بعمار الجايح، وفي يوم أرادت الذهاب إلى السوق لتجلب الطعام. فقالت له: إحرص على أن تكون الدجاجة والصيصان بخير، وأن لايخطفهم العقاب ليأكلهم. فقال لها: لا تخافي سأحرسهم جيداً، وفور خروجها من المنزل.
قال: ماذا أفعل وأنا أشعر بالنعاس؟ سوف أذهب للنوم، ولكن الدجاجة والصيصان. ماذا أفعل ؟ آآآآآآآآه فكرة جيدة سأربط الدجاجة مع الصيصان من قدمهم بخيط واحد، وأرميهم فوق سطح الدار، حتى لا يراهم العقاب، وعندما تأتي أمي أنزلهم لها بخير وسلامة، وفعلاً فعل ذلك وذهب لينام.
وعند عودة الأم للمنزل سألته عن الدجاجة وصيصانها، فأجابها بالفكرة العبقرية التي خطرت على باله فأخذت تبكي، وتنوح، وقالت له: أنت جعلت العقاب يأخذ الجميع يعني بدلاً من أن تتركهم، ويأخذ صيد واحد قدمت له الجميع في بعضهم البعض، وحرمتنا البيض. من أين سأعوض الدجاجة؟
وعندما رأوها الناس حزينة من أن إبنها قليل الحيلة، وغبي فأشارو عليها أن تزوجه فيعيش مع زوجته، ويتعلم أن يكون ذكي، ويتعلم أسلوب الحياة في هذه الدنيا، فقررت أن تأخذه وتخطب له من قرية أخرى غير قريتهم حتى يزوجوه على غبائه، فأخذته وأوصته أن لايتحدث عند أهل العروس ، وقالت له : لا تتحدث إلا عسل، أريدك أن تكون نحلة تنقط عسل من فمك، وذهبوا، وحدثت الكارثة عند الناس يسأله والد العروس كيف حالك ياعمار ؟ يقول عمار : زززززززززززززز، ماذا تعمل ياعمار ؟ ززززززززززززززززززززز، وهكذا كل كلامه مثل النحلة ، فقالت أمه : هههههه إنه على إستحياء وخجل .
وعندما كانو يتحدثون قام ليذهب للحمام، وعندما خرج من الحمام رأى النساء تدهن في السمن للطعام، فأخذ يضع من الدهان في عباءته التي يرتديها، ويخبئ الدهان في صدره عند الحزام، وعندما عادو للمنزل
قال لها: أحضرت لك الدهان يا أمي.
قالت له: أين؟
قال لها: ها هو في ملابسي فأصبحت تبكي واستحم. وجاء يوم العرس، وعندما أتى العروس أحضر لها أحشاء خروف هدية للزفاف، وخبأها في ملابسه، التي صارت كلها دم من الأحشاء، فخرجت في وقتها لتذهب للحمام، وهربت على بيت أهلها حتى تخبرهم فيخلصوها، فعلم عندما لم تعد فحزنت أمه على ماحدث له، وأرسلته يوماً ليأخذ البيض لأخته في قرية بعيدة، فتأخر فذهبت لتراه لتجده يرقد على البيض حتى يفقس، فأخذت تبكي حتى جاء رجل فارس معه سيف ، فسألها، فقالت له: قصتها فحمل سيفه وقطع رأسه، وقال : هذا إنسان لايستحق الحياة .
وهذا ما سمعنا وهذا مابلغنا .