يعيش الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منذ تسعة أشهر على وقع أخطر مرحلة في تاريخه الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن، بعد فضائح الفساد وتبييض الأموال التي ضربته عشية الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي وأدت إلى اعتقال عدد من المسؤولين فيه. وتوالت الفضائح بعد أن وصل الأمر إلى إيقاف رئيس
الفيفا السويسري سيب بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني لمدة ثماني سنوات بسبب دفعة “مشبوهة” من الأول إلى الثاني عام 2011 عن عمل استشاري قام به الفرنسي لمصلحة
الفيفا بين 1999
002 بعرض شفهي.
وشاءت الأقدار أن ينتقل السويسري من أصل إيطالي جاني إنفانتينو من لعب دور الرجل المساعد للفرنسي ميشال بلاتيني في رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى مرشح القارة العجوز لرئاسة الفيفا. وكان ينظر إلى بلاتيني على أنه أقوى المرشحين لخلافة السويسري الآخر سيب بلاتر في رئاسة الفيفا، بعد أن اضطر الأخير إلى وضع استقالته تحت تصرف الجمعية العمومية وذلك بعد أربعة أيام فقط على فوزه بولاية خامسة على التوالي، إثر الضغوط الهائلة عليه نتيجة فضائح الفساد التي ضربت الاتحاد الدولي. لكن بلاتيني أوقف مع بلاتر من قبل لجنة الأخلاق في فيفا لمدة ثماني سنوات.
ولجأ الاتحاد الأوروبي في اليوم الأخير إلى إقفال باب الترشيحات لرئاسة
الفيفا في 26 أكتوبر الماضي إلى ترشيح أمينه العام في خطوة احتياطية للإبقاء على مرشح أوروبي للرئاسة، إذ كان بلاتيني حينها يواجه إيقافا مؤقتا لمدة 90 يوما قبل أن تفرض لجنة الأخلاق عقوبة الإيقاف لثماني سنوات.
وأكد الاتحاد الأوروبي لدى ترشيح إنفانتينو “نعتقد أن جياني إنفانتينو يملك المؤهلات المطلوبة للتصدي إلى التحديات الكبيرة وقيادة
الفيفا على طريق الإصلاح لاستعادة نزاهته ومصداقيته. هو يعلم أنه يحظى بدعمنا الكامل في حملته ليكون رئيسا للفيفا”.
ويعتبر إنفانتينو من المرشحين البارزين لخلافة بلاتر، إذ فضلا عن دعم القارة الأوروبية، حصل حتى الآن على دعم أميركا الجنوبية (10 أصوات)، ومنطقة وسط أميركا (7 أصوات).
وركز السويسري في برنامجه على الإصلاح كما سائر المرشحين بقوله “الإصلاحات.. ليست بحاجة إلى أن يتم الاتفاق عليها، بل إلى تطبيقها أيضا”.
وتابع “وبالتالي فإنه من اليوم الأول، أي في 27 فبراير، عليك أن تبدأ تطبيق الإصلاحات، ومن خلال القيام بذلك بشكل يومي في الاتحاد الأوروبي أعرف ماذا يعني ذلك.. الإدارة الجيدة، الشفافية المالية وهيكلية التغييرات التي يتم اقتراحها”.
وأوضح أيضا “ستكون هناك إصلاحات وسيحصل تغيير في القيادة، ولكنه الوقت المناسب، لأنني أعتقد فعلا أنه من المهم عندما تتحدث عن
الفيفا أن تتكلم مجددا عن كرة القدم، وليس فقط عن كل الأمور التي للأسف تصدرت العناوين في الفترة الأخيرة”.
كما أطلق وعودا بمنح الاتحادات الوطنية الأعضاء مبالغ تصل إلى 5 ملايين يورو في فترة ولايته لأربع سنوات في حال انتخابه. وكشف المحامي السويسري عن رغبته في تعيين مزيج من النساء ومن غير الأوروبيين بالمنظمة الغارقة في الفساد، وأيضا عن تعيين أمين عام لفيفا من خارج القارة الأوروبية.
وانحدر آخر 10 أمناء عامين في الاتحاد الدولي، من بينهم بلاتر، من غرب القارة الأوروبية، ويرى إنفانتينو أن شخصا من خلفية مختلفة قد يمنح بداية واعدة في أروقة الاتحاد الدولي “يتعلق الأمر بانفتاح فيفا، شفافيتها.. يجب أن يتضمن فيفا مزيدا من النساء ومدراء تنفيذيين من مختلف أنحاء العالم وليس فقط من سويسرا وألمانيا وفرنسا”.
وتتضمن
حزمة الإصلاح التي سيتم التصويت عليها: تحديد 12 عاما كحد أقصى لبقاء الرئيس ومجلس الأعضاء وأعضاء الكيانات الأخرى المهمة بالفيفا في مناصبهم، الكشف عن قيمة التعويضات بالنسبة إلى جميع كبار المسؤولين، التعويضات ينبغي أن تحظى بموافقة لجنة مستقلة للتعويضات. الفصل بين الوظائف السياسية والإدارية في كرة القدم، حيث سيحل المجلس محل اللجنة التنفيذية وتحديد التوجه الاستراتيجي للفيفا برئاسة الرئيس الذي ينبغي أن يكون بمثابة “السفير العام للفيفا”. إضافة إلى الإجراءات التنفيذية والتجارية التي يديرها السكرتير العام، الذي يحظى باختصاصات الرئيس التنفيذي، ومكتبه الذي يضم في سلمه الوظيفي منصب مدير امتثال كبير. السكرتير العام يتم تعيينه بتوصية من رئيس
الفيفا ويمكن إقالته فقط من خلاله.
ويتم انتخاب أعضاء المجلس من قبل اتحاداتهم القارية وفقا للوائح الانتخابية بالفيفا، ويضم المجلس سيدة واحدة على الأقل من كل اتحاد من الاتحادات القارية الستة، وينبغي أولا أن يجتاز جميع الأعضاء إجراءات التحقق من النزاهة، وتلتزم الاتحادات القارية والاتحادات الأعضاء بالامتثال لمعايير الحوكمة بالفيفا.
وسيتم تقليص عدد اللجان من 29 إلى 9 لجان، مع تشريك أكبر لمجتمع كرة القدم، وإدماج 50 بالمئة من الأعضاء المستقلين في اللجان الهامة مثل اللجنة المالية ولجنة التنمية ولجنة الحوكمة، وفرض إجراءات التحقق من النزاهة على جميع أعضاء اللجان، بالإضافة إلى تشكيل لجنة جديدة من الأطراف المعنية تضم “على وجه الخصوص لاعبين وأندية”.