التربية على التزكية
التزكية في مدلوها اللغوي تأتي بمعنى (النماء والزيادة والإصلاح والتطهير)
والمراد بها في المفهوم الاصطلاحي : تطهير النفس من مساوئ الأقوال والأعمال والأخلاق والأوصاف
وترقيتها وتنميتها بالأمور الحسنة والخصال الفاضلة والخلال الخيرة).
من مقاصد رسالة الأنبياء ودعوة المصلحين تزكية النفوس وتهذيب الجوارح وتربية الأفراد وتنمية المجتمعات
(( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ))[آل عمران:164].
التزكية غريزة فطرية وحاجة نفسية فبها تحصل راحة وطمأنينة الفرد وسعادة وسكينة المجتمع
وبدونها تتهاوى النفس في متاهات القلق والاكتئاب والشقاوة والتعاسة.
التزكية أيضاً مبدأ عقلي فالإنسان لا يستقيم حاله ولا تنضبط حياته ولا يهنأ عيشه إلا بوجود قواعد
وتصورات ونظم وتشريعات تضبط أفعاله وتصرفاته وتهذب نوازعه ونوازله.
تعتبر أركان الإسلام الخمسة أصول التزكية وأسس الترقية لإحاطتها بجميع جوانب النفس البشرية
(العقل والقلب والجوارح) ولتنوع أدواتها (بدنية ومالية ومجموع بينهما) ولشمولها لحظات الحياة وسنوات
العمر (يومية ، سنوية ، عمرية) ولقيامها على اليسر والسماحة ومراعاتها القدرة والاستطاعة
وتناغمها مع الظروف والأحوال، وتضمنها للفضائل والآثار .
تمثل أصول الدين العامة المشترك الفكري والوحدة التعبدية والمؤتلف الوجداني التي يجتمع عليها المسلمون
في كافة أنحاء العالم فتبرز من خلالها مظاهر الإقبال والانقياد والرغبة والرهبة والوحدة والاجتماع والاحتفاء والاحتفال.
الانسياق والانقياد للخلافات المذهبية والمنهجيات الفكرية صرف المسلمين عن مصدر التزكية ومنبع التربية
وأشغلهم بالتفرق والتحزب ، وأشعرهم بالغربة والضياع ، وجردهم من معاني الولاء
والإنتماء للإسلام الشامل ، فأفقدهم التمسك بالفروض والواجبات ، وأكسبهم الغفلة
والتفريط ، وجرأهم على المحرمات والمنهيات ، وأركسهم في البدع والخرافات.
الواجب على العلماء والمصلحين والدعاة والمفكرين إعادة بوصلة التربية لمسارها الصحيح واتجاهها السليم
بالاهتمام والعناية بقواعد الدين وأركان الإسلام بكل جوانبها وكافة مناحيها، والتحرر والانعتاق من الفكر الملقن والفقه
الجامد والتعبد الظاهر والسلوك المتناقض ، والغوص والغور في مقاصد العبادات وأسرار التشريعات، وإعادة الإحياء لعلوم
الدين ، وبيان مدارج السالكين وتحرير مقاصد المكلفين، للوصول للاستقامة الحقة والكرامة المستحقة.
ومضة : عن طلحة بن عبيد الله، أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال:
يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً»،
فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: «شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً»، فقال: أخبرني بما فرض الله
علي من الزكاة؟ فقال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام، قال:
والذي أكرمك، لا أتطوع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق»رواه البخاري .
د. علي بن حسين فقيهي
hgjvfdm ugn hgj.;dm
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|