بيوم من الأيام اشتهى جحا أن يأكل اللحم المشوي، فذهب إلى الجزار بمنطقته وطلب منه قطعة معينة من اللحم، فأعطاه الجزار إياها في الحال.
عاد جحا للمنزل وطلب من زوجته طهي قطعة اللحم كما يحبها باليوم التالي ليهنأ بأكلها فور قدومه من العمل؛ وبالفعل باليوم التالي قامت الزوجة بطهي قطعة اللحم بالطريقة التي يحبها زوجها جحا، وأثناء ذلك أتى شقيقها لزيارتها واشتهى اللحم من رائحته المنبعثة بكل الأرجاء، كان شقيقها شره بالأكل وهي لا تختلف عنه كثيرا، فجلسا كلاهما وقضيا على قطع اللحم بأكملها.
ولما انتهى شقيقها من أكل الطعام غادر المنزل، وبعدها فكرت زوجة جحا في خطة للخروج من المأزق قبل عودة زوجها من عمله، فأحضرت قطع من الخيار وقامت بوضعها بقدر اللحم ورفعتهما على النار، وعندما جاء جحا طلب الطعام، فجاءت بحساء الخيار ووضعته أمامه، وعندما شرع في الأكل استنكر ما يأكله فنادى على زوجته وقال لها: “ما هذا؟!، إنه خيار يا زوجتي”.
فقالت له زوجته متعجبة من أمره: “كلا، إنه لحم”!
فقال جحا متعجبا: “يا للعجب اللحم صار خياراً، ولكن الحساء حساء لحم، يا لعجب الزمان الذي صرنا به”.
قالت زوجته: “ربما يكون اللحم نفسه مغشوشا، لذا لا تتعامل مع هذا الجزار مرة أخرى، واشتري من الجزار الثاني في المرة القادمة”.
فقال لها جحا: “هذا ما كنت أفكر فيه يا زوجتي”.
وباليوم التالي ذهب جحا لجزار آخر واشترى منه قطعة لحم، وعندما عاد بها لمنزله قال لزوجته: “لا أظن بهذه المرة سيتحول اللحم لقطع من الخيار، فقد اقتطع لي البائع أفضل ما عنده”.
وضعت زوجة جحا اللحم على النار، ومن جديد جاءها شقيقها والذي كان يحب اللحم بشراهة، فلما أكله وانتهى منه كله قامت الزوجة بوضع قطع من الخيار مرة أخرى بالحساء، وقدمتها لزوجها عندما عاد من العمل.
صرخ جحا غاضبا: “إنه خيار، ولن آكله”.
فقالت له الزوجة: “لا تشتري لحما ثانيا يا جحا، لقد سمعت من الجيران أن اللحم يتحول لخيار عند طهيه”.
فراح جحا يسأل جيرانه عن أمر اللحم الذي يتحول لخيار، ضحكوا جميعا منه وظنوا أنه قد فقد عقله؛ فذهب للجزار وسأله عن تحول اللحم لخيار أيضا، فقال له الجزار: “يا جحا لا يمكن للحم أن يتحول إلى خيار، هذا أمر مستحيل حدوثه أو حتى تصديقه”.
فاشترى منه جحا قطعا من اللحم، وعاد لزوجته وقال لها: “يا زوجتي اطهي هذا اللحم لي غدا، فقد أحببت مذاق اللحم الخيار”.
وباليوم التالي طهت زوجته اللحم، وأتاها شقيقها كعادته وجلست بجواره يتناولان اللحم، فجاءهما جحا وهما على نفس الحال، فأمسك جحا بشقيق زوجته وقام بوضعه داخل صندوق كبير، وأغلق عليه وراح يدعو أهلهما ليريهما ما الذي تفعله زوجته به وشقيقها.
وبعد أن غادر زوجها، فتحت الصندوق وأخرجت شقيقها ووضعت بدلا منه جحشا صغيرا لجارهما، وأغلقت الصندوق كما كان.
ولما أقبل جحا وكان قد أحضر والد زوجته ووالدتها وأصدقائهما وبعض الجيران، ولما فتح الصندوق خرج منه الجهش ينهق، فقالوا له جميعا: “يا جحا إنك مجنون”.
فخجل جحا من شكله أمامهم جميعا، ونظر لزوجته وقال: “إن الزوجة التي تحول اللحم لخيارٍ قادرة على أن تحول ابن آدم ل****ٍ”