لم تكرم الأم و يُرفع قدرها كما كُرمت و رُفع قدرها فى الإسلام فبر الوالدين ذُكر بعد التوحيد مباشرة
فقد أوصى الله سبحانه و تعالى بالإحسان إلى الوالدين إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق
وأعظمها تنبيها على جلالة شأن الوالدين فى قوله تعالى:
( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري الأمر الذي يؤكد حرص الإسلام على مضاعفة العناية بالأم والإحسان إليها. وسُئل النبي عن الكبائر، فقال: [الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس، وشهادة الزور] . رواه البخاري .
فها هو الإسلام يرفع مكانة الأم و يجعل عقوق الوالدين من الكبائر بل النهى عن مجرد قولة ( أف ) للوالدين فيه ما فيه من الدلالات و المعانى لعظم المكانة التى وضع الإسلام فيها الأم فهى مكانة مستمرة طوال حياتها بل و بعد مماتها مكانة يومية لا تتغير بتغير الفصول و لا بتوالى الأيام و لم يجعل هذا مخصوصا بيوم فى العام و لا بوقت دون غيره ثم تترك حزينة كسيرة البال فى الأيام الأخرى و مع هذه المكانة العظيمة و المنزلة الكبيرة نرى أناس ممن ينتسبون إلى الإسلام يتركوا تعاليمه و وصايته بالأم و ببرها ليبحثوا عن تقاليد ما أنزل الله بها من سلطان تقاليد ابتدعها من تمتلىء بلادهم ببيوت المسنين و دور العجزة التى تئن جدرانها بدموع الأمهات و آهاتهم الحبيسة بسبب الهجر و العقوق و النسيان ... ابتدعوها ليجملوا الوجه القبيح لحضارتهم المادية العفنة و ليدعوا رحمة و عطفا لا يعرفوه فاستبدلوا قطعا من الألماس بحبات من الخرز الرخيص الذى لن ينفعهم فى دنياهم لأن عقوبة العقوق سيروها فى أنفسهم يوما ما و كذلك لن تنفعهم فى أخراهم فالبر ليس بيوم .
و حتى حجتهم فى إدخال السرور أدخلت الحزن و الهم و الغم و الشعور بالحرمان على فئات عدة أصبح هذا اليوم هو يوم التعاسة و الحزن لهم فعيد الأم المزعوم كم تبكى فيه أم فقدت وليدها و يتيم فقد حنانها و حرم من كلمة أمى و زوجة محرومة لم ترزق الولد كل هؤلاء يتم تذكيرهم و الضغط عليهم و زيادة معاناتهم فى هذه المناسبة المبتدعة فأينما حل وجد واجهات المحال تذكره و كلما فتح وسيلة من وسائل الإعلام وجدهم يتغنون و يتسابقون لزيادة ألمه فإذا قارنا هذا بأعياد المسلمين الحقيقية و ما فيها من مساواة و حب و تعاطف و إدخال سرور بل فى العيدين مساعدة من الفقير للغنى تجعل يومه حقا أفضل من باقى الأيام إن فى هذه المقارنة الصغيرة صفعة على وجه مدعى الحنان و الرحمة و المحبة بهذا اليوم اليتيم و صدق رب العزة جل شأنه: { أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير }.
قد يقول قائل : ما لكم تضيقون على الناس فى شئونهم ؟!!! من قال إنه عيد بل يوم من أيام بر الأم نعطيها فيه هدية و هل فى بر الأم بالهدية مخالفة ؟!! فلم هذا التضييق ؟ هل حقا هذه هى الحقيقة أم هذه الكلمات خداع للنفس و تبرير للبدعة و خطأها ؟! و من قال ان شراء هدية أو بر الأم خطأ و لكن ... لم ستعطيها الهدية فى هذا اليوم بالذات ؟ لم لم تعطيها لها حينما توفر لك ثمنها أو طلبتها هى منك فى أى شهر و فى أى وقت .... بل لم تفعل ذلك فى نفس اليوم من كل عام ؟ أليست الكيفية نفسها واضحة على حقيقة الفعل و الغرض منه؟ أشعر بالحرج أن تُسأل والدتى عن هدية ابنها فتجيب لم يحضر شىء و نظرة صاحباتها لها فى ذلك اليوم الله أحق أن تخشاه لقد قال الله تعالى لنبيه المعصوم : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )فهل تخشى الناس فى قولهم و لا تخشى أنك تتبع بدعة تخالف بها الله و رسوله ؟! ثم انك فى برك و حبك و عطفك و حنوك على أمك و طاعتها و إكرامها طوال العام لأعظم هدية ستجعل كل من حولك و حولها ممن تخشى قولهم يحسدونها على تلك الهدية المتصلة طوال العام و التى يتمنى الكثير منهم لو بذلوا كل ما يقدم إليهم من هدايا من أجلها فكن هذا الإبن البار الذى تشعر أمه كل يوم أنه حقا نعمة أنعمها الله عليها فى هذه الدنيا و لتنال أنت أعظم هدية ينالها ابن ألا و هى رضى أمه عليه و دعائها له ليل نهار.