السلام عليكم /
هذه
سالفة وأبيات كانت تقصها
علينا واحدة من كبار سيدات مجتمعنا
في أوائل أيام صبانا وقد كنت احرص
على التواجد باكرا ً لأخذ مكانا قريبا منها
رحمها الله رحمة واسعة ووالدينا ووالديكم
وأموات المسلمين أجمعين اللهم آمين ...
وسوف أرويها لكم هنا بإ سلوبي الخاص ..
السالفة تقول / أن هنالك رجلا ً من خيرة الرجال
وكان سيداً لقومه ومولع بالغزوات والنزوات ولم
يتزوج لكي لا يربط نفسه أو يربط بنت الناس معه
وكانت له أخت وحفظا ًلشرفهما وإمعانا في قطع دابر
أهل النمامة فقد زوجها وأزاح عن كاهله عبء التفكير
في مصيرها أثناء غيابه وقد رزقت بأربعة أبناء قرة بهم
عينها وعين زوجها وأخيها وإن كان هذا الزوج ليس لديه
ما يذكر من الأفعال والأعمال فهو كما يقولون رجل فراش!
وبقي أن أذكر بأن لديهم عبد ( وكلنا عبيد لله ) يستخدمه
أخيها في رعي الإبل والغنم وما إلى ذلك وكان أهلاً لذلك لما
يتمتع به من بسطة في الجسم ونظرات حادة تخترق الحجر
من حدتها لدرجة أن زوج الأخت لا يتجرأ أن يتجادل معه في
أي أمر ٍ مهما صغر شأنه لخوفه الشديد من نظراته الساحقة
وقد سافر صاحبنا هذا المدعو ( عامر ) في إحدى غزواته
وأوصى
العبد على البيت والحلال وأخته أم العيال وذهب مطمئنا ً...
وفي غفلة من غفلا ت أهل الحي وكلٌ منشغل ٌبأعماله دلف العبد
إلى خيمة سيدته وراودها عن نفسها وبث لها لواعج الغرام التي
يكنها لها ولكنها دافعت عن نفسها بكل بسالةٍ وعندما سمع صوتا ً آت ٍ
من خارج الحي خرج من عندها متوعدا ًبتصفية عائلتها إن هي لم تلبي
له طلبه وتمكنه من نفسها .. فشتمته وأهانته وأذلته إذلالا ً لم يرى
مثله وقد تشجّعت عند رؤية زوجها ولكن الزوج المغلوب على أمره
قد أخذ جرعات من التهديد في مرعى الإبل ولم يحرك ساكنا ًحينما
أخبرته بما حدث فأشار عليها بأن يرحلوا ويتركوا البلد والبيت والحلال
لهذا
العبد الآبق وأرض الله واسعة !!! فأخذ نصيبا ليس بالقليل من
شتائم زوجته له وقالت له كيف نهرب ونحن أهل البيت والبلد ؟
سكتوا على مضض ٍوترقب ٍشديدين من الزوجة تحسبا لمهاجمة
العبد لها في أي وقت وفعلا ً صدق حدسها ولم تعي إلا والعبد قد
أجهز على الزوج ، وأحضر بقية أبناءها تحت تهديد السلاح وطلب
منها أن تخضع له وتنفذ ما يريد ولكنها أبت فذبح الكبير من أبناءها
وعاود الكرة بطلب مأربه منها ولكن موقفها لم يهتز من قتل ابنها
أمامها فذبح الابن الثاني وعاود الكرة فلم يزدها إلا ا صررا ً على
موقفها فذبح الثالث ولم تتغير فذبح الرابع وبعدها قرب منها وقام
بتقييدها وأخذ منها ما أراد وفي الصباح جمع ما في البيت من أثاث
ومال وساق أمامه ذود الحلال ثم سار في مجاهل الصحراء يريد أبعد
نقطة ممكنة حتى لا يتم اقتفاء أثره من سيده ، وغاب السيد ردحا ًمن
الزمن ولعب
العبد لعبته واستعبد سيدته وأنجبت له أربعة أبناء
كفراخ الغراب وعاش
العبد عيشة نكد ٍوخوف وترقب وإن كان يخفي
عن المرأة مشاعره إلا أنها تزداد يوما ًبعد يوم ، وأصبح نومه نزرا ً
لا ينام إلا في النهار خوفا من هجوم مرتقب ومحتمل من سيده عمار
وكل يوم يزداد الأمر سوء خصوصا بعد أن رأى غرابا ً يأتي كل يوم
ويأخذ في شبورهِ وبرا ًمن ظهر الناقة الوضحى وهذا ما سيكشف أمره
لأن سيده يعرف النوق ووبرها و لا يمكن أن يُغبن في شيء ٍ من هذا
، فتناما قلقه كل يوم وحاول بكل الطرق اصطياد الغراب ولكن هيهات
أليس المثل يقول ( أحذر من غراب ) فالغراب حذر جدا ً لدرجة أن
العبد لم يستطع اصطياده حتى بالبندق وعاد عامر من رحلته وسفره
الطويل الغير معتاد فلم يجد البيت و لا أهل البيت ولا الحلال وسأل عن
أسباب ما حل ببيته وأخته فقالوا له إنها هربت مع
العبد عشيقها ؟ بعد
أن تعاونوا على قتل الزوج وأطفاله والناس يقولون وهم لم يروا شيء
مجرد استنتاجات واجتهادات شخصية بحته من بعض الأفراد شاعت
بينهم في الحي ...
استشاظ صاحبنا عامر غيضا ًو اسودت الدنيا في وجهه وأزبد وأرعد
وهدد وتوعد أن ينتقم لشرفه من
العبد وأخته مهما طال به زمن البحث
والتقصي فعقد العزم وأوكل أمر مغانم غزوته إلى أحد أصدقائه المقربين
وقال له إن مرت سنة ولم آت فالبيت والحلال هبة مني لك و توادعا
ثم شد الرحيل . ولما اختفت معالم الحي تريّث قليلاً وقلب الأمر في رأسه
أين يذهب ؟ ومن أين يبدأ ؟ فهو لا يعرف في أي اتجاه ذهبوا ولا كيف يتتبع الأثر
وقد مرت خمس سنوات ٍ على مغادرتهم .! أوكل أمره إلى الله ومشى كيفما
اتفق ! وطال به الأمد وتشعبت الدروب وهو يمشي ويسأل ولكن ما من
مجيب فلم ييأس أو يستسلم فإن لديه إحساس كل يوم ينمو ويكبر في صدره
بأنه سوف يعثر عليهم و لا ينقصه إلاّ الصبر الذي نفذ من أول أسبوع ٍ بدأ !
رحلته وهو يحاول أن ينسى أو يتناسى لكي يستطيع المتابعة في البحث .
وعندما جاء الله بالفرج . نزل ذات يوم ٍ بأحد مضارب أهل البادية وطلب منهم
شربة ماء و إذا به يرى عجوزا ً قد تقدم بها السن جالسة في ظل خيمة ٍ
تغزل ، معها لفافة من صوف ٍ أو وبر المهم أن قلبه هوا ، من مكانه واعتراه
إحساس بأن هذا الوبر من أحد نوقه فتعوذ من الشيطان وقال ألهذه الدرجة
بلغ مني سعير الانتقام ، حتى لم يعد أمامي إلاّ هذا الوبر الذي في يد هذه
العجوز المسكينة لأتخيل أنه من وبر نوقي ! فردت عليه ذاته وقالت له لما لا ،
تسأل العجوز وتقطع الشك باليقين فالسؤال ليس حراما ًولا اتهاما ً فرد قائلا .
قد تجيبني بجواب يحرجني أمام أفراد عائلتها ؟ وكل هذا الكلام دار في
خلده وهو واقفا ً أمامها ! فعزم أن يقطع الشك باليقين فقلبه أخذ بالخفقان
وفكره سارح مع اللفافة التي في يد العجوز. فتقدم وسألها . من أين اشتريت ِِ
هذا الوبر الجميل والنظيف يا خالة ؟ فردت عليها بدون تردد قائلة أنا لا أشتريه
يا بني ، فهنالك غراب يأتي به ويضعه في رأس تلك الشجرة وأبعث الأولاد
الصغار يأتون به إلي ، فشكرها وتمعن جيدا ًعن قرب فإذا به يجد طرف الخيط
الذي سوف يوصله إلى مبتغاه فودعها وذهب وانتظر قرابة اليومين حتى حضر
مرسال البين ! فإذا به يحط على رأس الشجرة ويضع ما جمع في أشباره من
الوبر الذي أحضره معه ! وعندما غادر تبعه صاحبنا يراقبه حتى انتهى به الأمر
إلى مكان ٍ ليس ببعيد ، جبلين أو ثلاثة تفصل بينه وبين أخته فخفق قلبه
وارتعدت فرائصه وهم بالهجوم عندما شاهد أخته تروح وتغدو أمام المنزل
وهنالك أربعة كفراخ الغراب يلهون أمام البيت ولكنه لم يرى
العبد اللئيم فقرر بعد
أن هدأت نفسه أن يكون الهجوم بعد حلول الظلام وأن يكون سريعا ًوحاسما ً.!
انتظر حتى مغيب الشمس وقد جهّز سهامه المشبعة بالسم وأعد العدة كاملة
وتحيّن الفرصة عندما رأى
العبد مقبلا هم ّأن يعدو إليه ويباغته بالإجهاز عليه ولكن
العبد ذهب لحلب الإبل ! فنزل صاحبنا عامر من مكمنه وتقدم بحذر ٍشديد حتى
وصل أقرب نقطة ممكنة يسمع ويرى منها بوضوح فإذا بأخته تنشد أبياتا ً
فاستمع إليها وبكل إصغاء فسمعها
تقول/
يا طول ماني عمة ٍ لك صبيحة = واليوم يا عبد الخطأ صرت لي عم
وامنول ٍ في السوق تشري الذبيحة = لأسيادك اللي كل ما دبّروا تم
ذخري بأخويه في الليالي الشحيحة = هو عقب ربي صا ير الأب والأم
ماتوا بغدر العبد لا في فضيحة = وراحوا لرب ٍ يكشـف الهم والغم
وأنا والله لا تحضرني الأبيات كاملة .. المهم أخوها عرف أن ما صار كان
غصبا عنها فجلس وحمد الله أنه ما استعجل وقتلها ولم تشعر إلاّ بأخوها
يدلف عليها من باب الخيمة فقامت وعانقته وبكوا واختلطت دموع البكاء مع
دموع الفرح فسألها عن الذي حصل فقالت لها كل شيء ثم سألها عن السود
الذين خارج الخيمة فقالت إنهم أبناءه ثم سألها عن
العبد فقالت إنه يحلب النوق
فأراد أن يذهب إليه فقالت له لا تستعجل تعرف
العبد بأن فيه صحة عاتية وقد
يقتلك إن رآك الآن أمامه . فقال لها وماذا ترين ؟ قالت له هنالك واحدة من
النوق صعبة المراس ولا يستطيع أحدا تروضها وحلبها إلاّ
العبد . فإذا دخل تحتها
وبدأ بالشروع في حلبها . فهذه فرصتك الوحيدة التي لا أعتقد بأنها سوف تتكرر ..
فانتظر يراقب
العبد حتى حلب النوق كلها ، وجاء دور الناقة المستعصية ، وبعد أن
استوى في جلسته تحتها إلا وعامر يباغته بالقوس قال له
العبد أرجوك يا سيدي
أنا دخيلك ، قال له عامر كل خافر ٍ للذمة لا يمكن أن يكون دخيلا بيننا . قالت أخته
احذر من غدره ! وقبل أن تكمل كلامها إلا والسهم يخترق أحشاءه ، وسحب عامر
السهم الثاني فقال
العبد أرجوك يا سيدي اسمع مني هذه الأبيات ، فقال له عامر
نسمعها ولكن قبل هذا وذاك أحضري أبناء
العبد الآبق ! فجاءت بهم فقام عامر إليهم
وجندلهم واحدا ً تلو الآخر متمثلا ً بقول الله ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )
صدق الله العظيم ، والعبد يتألم من جهتين من ألم السم الذي بدأ يدب في جسده
ومن ألم قتل أبناءه أمامه وهو لا يقدر على فعل شيء لهم ، فقال له عامر هات
ما لديك ، فأنشد وهو يتنفس بصعوبة بالغة من جرّاء آثار السم .
وقال /
حبلت لغراب البين من عام الأول = وعيا غراب البين يوطأ الكفايف
وبغيت أصيده با لتفق و انتبه لي = وطار بوبرها في شبوره لفايف
وأنا عارف ٍ ياعامر أنت بتجي لي = وأنا زابن ٍ ما بين الأضلاع خايف
يا طول ما وسّدت راسي لزنده = ويا طول ما مزّيت ، ذيك الشفايف
والآن ،، سوّي بعبدك ،، ما ترى = الأيام ،، هذا طبعها في العرايف
يوم ٍ على الأضداد نار ٍ لضيه = ويوم ٍ على الأقراب هم والولايف
ومع آخر حرف اخترق أحشاءه سهم ثاني وثالث حتى أسلم الروح لباريها
وإذا في السالفة نقص أو زود فهذا شيء طبيعي لأنها سوالف كانت ترويها
لنا كبيرات السن قبل ذهابنا إلى النوم وهي كلها سوالف متواترة بين الأجداد
والأحفاد أتمنى أن تكون حازت على رضاكم واستحسانكم وكل
سالفة وأنتم بخير،،،،
مودتي لتواصلكم
محمد بن عمار