إذا هممت بالصلاة . .
فسوف يأتيك الشيطان إذا كنت تصلي النوافل بالمسجد قائلاً : (أحسن صلاتك فالناس ينظرون إليك، وعساهم يقولون عنك الزاهد العابد!!)
وسوف تحدثك نفسك قائلة :
(اتقن ركوعك وسجودك يارجل، فالناس من حولك ينظرون
ولا يليق بك أن تصلي بهذه السرعة!!)
*********************
وإذا هممت بالصدقة . .
فسوف يأتيك الشيطان قائلاً :
(من المؤكد أن هذا الفقير سيقول عنك في نفسه أنك رجل كريم وجواد!!
وسوف تكسب رضى الناظرين إليك كونك متصدق، فهنيئاً لك هذه المنزلة عند الخلق!!)
وسوف تحدثك نفسك قائلة :
(حاول تتظاهر بتعمد إخفائها؛ حتى يظن الناس أنك صادق غير مرائي!!)
*********************
وإذا هممت بالأمر بالمعروف . .
فسوف يأتيك الشيطان قائلاً :
(هكذا ينبغي أن يعرف الناس أنك مصلح، وأنك تسارع دوماً لفعل الخيرات!!)
وسوف تحدثك نفسك قائلة :
(والآن لقد تبوأت مكانة عند الناس؛ تجعلك محل ثقتهم واعتزازهم؛
كونك أمرتهم بالمعروف!!)
*******************
إذا هممت بالنهي عن المنكر . .
فسوف يأتيك الشيطان قائلاً :
(ما شاء الله عليك . . أسدٌ جسورٌ لا تخاف في الله لومة لائم!!
هكذا ينبغي أن يعرف الناس مدى جرأتك في الحق!!)
وسوف تحدثك نفسك قائلة :
ما يفعل فعلك . . ولا يقدم على مثل هذه المجاذفة؛ إلا صادق مثلك!!
فهنيئاً لك الصدق والإخلاص في القول والعمل!!)
غبار هذه السحب السوداء، هو ما تسعى إليه نفسك وشيطانك، كي يجعلانك تسبح بالتحليق فيه؛ بعيداً عن ساحة
الإخلاص لله تعالى في طاعتك، حتى يضيع عليك أجرك!!
والخير أن تجذب نفسك جذباً؛ لتمنعها من التحليق في غبار مثل هذه الهواجس الشيطانية، وتسارع بإزالة كل ما علق من هذا الغبار بأحاسيسك أو مشاعرك.
وتركز بصرك كصقرٍ إسلاميٍ حاذقٍ على
مهبط واحد فقط!!
إنه
مهبط الإخلاص!!
الذي لا ترى فيه ولا حوله إلا وجه الله تعالى!!
بكل ما ترجوه من ثوابه!! وما تخشاه من عقابه!!
بكل ما تأمله في رحمته؛ وما تخشاه من غضبه!!
إنه المهبط الذي لا تُغسل ساحاته إلا بدموع الخشية، والأمل في رحمة الله!!
إنه المهبط الذي يئن فيه قلبك بما يمتزج فيه من مشاعر الوجل خوفاً من عدم القبول، ومشاعر الفرح بالتوفيق للطاعة ورجاء القبول من الله!!
إنه المهبط الذي إذا نزلت به، فلا ينبغي أن تحدثك نفسك إلا برجاء ثواب الله!!
إنه المهبط الذي إذا حللت بساحاته، فقد واصلت خطواتك بخطى الصالحين من عباد الله!!
إنه المهبط الذي سبقك بالنزول إليه من سبقوك بإخلاصهم إلى الجنة برحمة الله!!
أنه أمل الرجاء في قبول رب غفور!! فاهبط فيه بنفس مطمئنة، ولا يجولن بخاطرك، أو يدور بفكرك، أو يلهج لسانك، أو ينبض قلبك؛ بسوى رجاء القبول من الله!!
حيينها فقط، سوف يذهب عن نفسك خبثها، وتنصرف عتها وساوس شيطانها!!
وينجلي أمام عينك شيء واحد فقط . .
هو . .
مهبط الإخلاص!!
-----------------------------------
إضافة هامة
سألني سائل بقوله :
وكيف الوصول إلى ذلك المهبط؟!
نريد مثالاً عملياُ أو تطبيقاً واقعياً
فأعجني سؤاله وهنا أنقل لكم إجابتي عليه
لعل فيها الفائدة
------------------------------------------------
ضع الناس في كفة وما ترجوه من ثواب الله في كفة
واعقد مقارنة بين من يختلس عملك دون مقابل
وأنت تمكنه من اختلاسه مسروراُ مبتهجاُ على لا شيء
وبين من كان سيبدلك به جنة تلقى بها يوم المزيد
حيث النظر إلى وجه ربك الكريم في يوم لا تشقى بعده أبداً
فمن طابت نفسه بخيار الاختلاس فهو الأبله
أما من لم تطب نفسه بذلك
فسوف يجد في نفسه شعوراُ تلقائياً
ببغض الرياء . . بل وببغض كل ما يقربه منه
وبرغبة شديدة في الحرص على بقاء ذلك العمل
خالصاً نقياً لوجه الله تعالى دون أدنى شائبة رياء
وسيكون بحاجة دائمة لترديد هذا الدعاء
اللهم إني أعوذ بك ان أشرك بك شيئاً أعلمه . . وأستغفرك لما لا أعلمه
كنوع من الحماية والوقاية
فإذا تحقق له ذلك
سيعلم حيينها فقط أنه
قد وضع قدمه على ذلك المهبط