الإسلام هو دين الله الأوحد الذى ارتضاه للناس كافة منذ آدم ومرورا بأب الأنبياء إبراهيم، وانتهاء بخاتمهم محمد عليهم الصلاة والسلام جميعا.
والإسلام مشتق من الفعل "سلم "
وهو الجذر لكلمة "السلام " أيضا، وبهذا كان الإسلام في معناه اللغوي
التسليم والقبول والإذعان لإرادة الخالق سبحانه، ولهذا ارتضاه الخالق لعباده " كل عباده، "فمشرع أحكامه هو القه سبحانه، وهو دين الشمول الجامع بين مصالح الدنيا والدين، وهو دين الوسطية الذى يوازن بين الطرفين المتقابلين بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير ويطرد الطرف الآخر، ودين الواقعية الذى يراعى واقع الكون من حيث هو حقيقة واقعة ووجود مشاهد، ولكنه يدل على حقيقة أكبر منه ووجود أسبق من وجوده، هو وجود الواجد بذاته وهو الله تعالى...
ومراعاة واقع الإنسان من حيث ازدواج طبيعته واشتمالها على الجانب الروحي والجانب المادي، وهو الدين الذى يجمع بين الثبات والمرونة في أحكامه وتعاليمه ونظمه "
ولهذا كان الدين الأوحد، لله الأوحد، القائل
( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) (2) .
فالإسلام دين آدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام والأنبياء كافة، لم يبشروا بغيره ولم يتنزل عليهم سواه- بغض النظر عن الاختلاف في التسميات- فما زبور داود وتوراة موسى وانجيل عيسى وقرآن محمد عليهم الصلاة والسلام سوى رسائل خرجت من مشكاة واحدة، تدعو إلى عبادة الله الواحد، وهذه هي حقيقة الإسلام من قبل ومن بعد.
السلام خصوصية إسلامية:
مفردات السلام كثيرة ومتعددة، سواء في القرآن الكريم أو الحديث الشريف وهى تنساح على الأسماء والمعانى الآتية:
(1) السلام اسم من أسماء الله عز وجل،
وفى هذا قال تعالى تبارك اسمه
{هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون } (3).
فقد أراد الله- سبحانه- أن يجعل من اسمه دلالة لرسالته، ومهمة لأنبيائه ورسله يبشرون بها ويعملون بوحيها.
(ب) الجنة دار السلام،
سماها الله سبحانه وتعالى حين قال:
(والله يدعو إلى دار السلام ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم ) (4)
وهى دار المتقين التي فيها مستراحهم ومستقرهم، والتي تهفو إليها أرواح المؤمنين كافة.
جـ- السلام دعوة إسلامية:
فقد خاطب الله المؤمنين كافة بقوله:
( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) (5)
إذ عد الامتناع عن الدخول في السلم اتباعا لخطوات الشيطان الذى هو العدو الواضح العداوة للمؤمنين.
(د) السلام تحية المسلمين الدائمة
ورد عن أبى هريرة رضى الله عنه ، عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه قال: فلما خلق الله آدم قال: اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه رحمة الله. (6).
فالله تعالى علم أبا البشرية كيف تكون التحية وما هي ألفاظها، وكأن السلام تحية الله- سبحانه- لعباده المؤمنين، وعليهم أن يردوا بما يليق بها.
نتعلم من هذا الحديث أن
(السلام، تحية الملائكة أيضا قبل نزول آدم إلى الأرض، وأنه الأمانة التي حملها معه إلى ذريته، وعليهم أن يتعاملوا بها إلى يوم الدين.
1- السلام نهاية كل صلاة:
فالمسلم الذى يؤدى خمس فرائض في اليوم بواقع سبع عشرة ركعة، ينهى كل صلاة بقوله:
السلام عليكم ورحمة الله، مرة ذات اليمين وأخرى ذات الشمال، أي عشر مرات في الصلاة المكتوبة واثنتي عشرة مرة في صلاة السنة، مما يجعل المسلم العابد في صلاته يستشعر السلام حقيقة في سلوكه ومعاملاته كافة، وهى تربية يحرص الإسلام على غرسها في النفوس لتكون متصالحة مع ذاتها أولا وسواها من المخلوقات ثانيا ؛ وبهذا كان لفظ السلام جزءا من عبادة المؤمن في الصلاة، وجزء من ترتيله لكتاب الله سبحانه.
2- السلام تحية الإسلام الخاصة
لكل امة من الأمم تحيتها الخاصة مثل صباح الخير، ومساء الخير، وتصبحون على خير، ونهار سعيد، وليلة سعيدة إلى ما هناك من ألفاظ التحية التي تتعامل بها الأمم والشعوب على اختلاف لغاتها.. ولكن المسلمين يمتازون عن سواهم من الأمم بتحية الإسلام المعروفة وهى "السلام عليكم " يقولها الراكب للماشي، والواقف للجالس، والصغير للكبير والقادم للماكث، والراحل للمقيم، يقولونها في الأسواق والبيوت والمتاجر والمكاتب والمصانع والمعامل وفى كل موقع من مواقع الحياة.
فعن أبى يوسف عبدالله بن سلام قال: سمعت الرسول صل الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام "، (7)
فقد قدم الرسول صل الله عليه وسلم إفشاء السلام على ما عداه من القضايا مثل، إطعام الطعام وصلة الأرحام، وربطه بدخول الجنة.
ويكون إفشاء السلام على من تعرف ومن لا تعرف، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا سأل الرسول صل الله عليه وسلم : أي الإسلام خير؟ قال: ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف )
(8) ولهذا ينصح الرسول صل الله عليه وسلم المسلمين بإفشاء السلام إن أرادوا دخول الجنة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه ، عن الرسول صل الله عليه وسلم قال: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم ". (9)
لأن إفشاء السلام هو المقدمة الطبيعية للإيمان والمحبة وهما السبب في دخول الجنة.