تعلمنا منذ الصغر أن
آداب الحوار من أهم مبادئ الأخلاق، والأخلاق والمبادئ لا تتجزأ، تعلمناها وعلينا تعليمها وغرزها في أطفالنا من صغرهم، فالهدف من
الحوار بين الناس هو وصولنا للحقيقة والرأي الصائب، وليس إثبات أن كل شخص على حق والانتصار على من تحاوره.
فيجب أن يعلم كل شخص أن رأيه يمكن أن يكون على صواب أو على خطأ، فمن المؤكد أن الله لم يخلق أحدًا كاملًا ومميز بالفهم والعقل عن باقي البشر، ولذا يجب أن نُنشأ أولادنا على احترام الرأي الآخر ومحاولة الوصول للحقيقة، ونصر المظلوم، وإتيان الحق، وفرض حسن النية أثناء الحوار، لكي يكون
الحوار بين الناس هادف وراقي ولا يغُضب أحد من طرفي الحوار، وفي هذا المقال سنتعرف على
آداب الحوار مع
الآخرين أو بمعنى آخر كيف
تحاور الآخرين بأدب.
آداب الحوار مع الآخرين
أصبح في وقتنا الحالي
الحوار يحمل مُسمى الجدال، وأصبح معظمنا يحارب من أجل إثبات وجهة نظره وينظر لمن له وجهة نظر مختلفة على أنه عدو وليس مرغوبًا في وجوده، ولكي نتغلب على هذه المشكلة الهامة التي من الممكن أن تُدمر المجتمعات لا بد أن نتعرف على
آداب الحوار مع
الآخرين حتى نرتقي في أسلوب حوارنا.
وكما نعلم جميعنا أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فمن الطبيعي أن يمتلك كل شخص وجهة نظره التي تختلف عن غيره، بل بالعكس فإن في هذا الاختلاف فائدة حيث أنه يساعد على التوصل إلى أفضل النتائج من خلال التعرف على خبرات وتجارب الآخرين.
لكن مع اختلاف الزمن وأخلاق البشر تجد أن
الحوار المهذب تحول إلى جدال وأغلب الناس أصبحوا لا يحترموا الرأي الآخر، وكل شخص يحاول إثبات أنه هو فقط على صواب، ولذلك نوهنا أنه يتوجب علينا أن نبني من الصغر ونحاول زرع مبادئ
الحوار المهذب في أطفالنا وفي أنفسنا أيضًا ولكي ينجح ذلك هُناك قواعد علينا مُراعاتها وهي:
قواعد آداب الحوار
قم بعمل دراسة لموضوع
الحوار لفهمه بعمق قبل المناقشة.
أجمع معلوماتك وأدلتك وكل ما له علاقة بموضوع النقاش.
استخدم طريقتك الشيقة والجذابة أثناء عرض هذه المعلومات والأدلة.
كن صادقًا. فالصدق أقصر طريق للوصول لإقناع من أمامك.
كن موضوعيًا وغير متحيز لهواك أو مشاعرك في الحكم على الأشخاص والأمور.
لا تخرج عن الموضوع أو تتطرق إلى أمور أخرى غير القضية محل الخلاف أو النقاش.
التزم بخفض الصوت وآداب
الحوار والحديث وابتعد عن الغرور وكن متواضعًا.
أعطي الطرف المناقش لك فرصته في عرض رأيه بحرية بدون أن تحتج على وجهة نظره أو تُسئ إليه.
احترم رأي كبار السن وأصحاب الخبرة والرأي الصائب.
ابتعد عن الحدة في الكلام والألفاظ البذيئة والصوت العالي وهو ما دلت عليه الآية الكريمة في قول الله تعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:108].
حاول لفت الانتباه وترك انطباع جيد من بداية حديثك.
استعد جيدًا للمناقشة من خلال التخطيط الجيد حول الموضوع محل النزاع وإعداد نفسك.
يفضل أن يكون من تحاوره ليس بجانبك وإنما أمامك.
يجب أن تكون المسافة بينكم قصيرة وعلى نفس المستوى إن كنتم جالسين أم واقفين.
كن على علم بمستوى من تحاوره الفكري حتى تنتقي الكلمات المناسبة لقدرات فهمه، عن علي رضي الله عنه: ((حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!)) صحيح البخاري.
وعن أبن مسعود رضي الله عنه قال: ((ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)) مقدمة صحيح مسلم.
مهما كانت عقلية من أمامك وتعصبه كن هادئًا حتى تصل إلى نقاشٍ مثمر.
استخدم ضرب الأمثلة لتوصيل أسرع لمقصدك كما في أسلوب القرآن الكريم والسنة النبوية.
لا ترفع صوتك وأيضًا لا تخفضه ليصبح غير واضح، ولا تطيل فيمل من أمامك ولا تختصر زيادة عن اللازم.
وهذا الفيديو يشرح أهم قواعد
آداب الحوار
أهم أُسس
آداب الحوار مع الآخرين
التواضع
حاول قدر الإمكان الابتعاد عن الغرور والكبرياء وكن متواضعًا أثناء النقاش، فيجب عليك النظر في عين من تتحدث إليه لكي تشعره بالاهتمام لأنك لو تجاهلت النظر إليه سيشعر بالسخرية والتقليل من شأنه، ولقد أوصانا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام باحترام
الآخرين والتواضع في حديثه، عن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ((إِن اللَّه أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حتى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، ولا يَبغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ)) رواه مسلم.
وإن كنت متواضع فإنك تقبل الرأي الحق حتى ولو كان من عدوك وهذا هو الهدف من
الحوار وهو الوصول للحقيقة، فالتزم بالتواضع واحترم من أمامك يحترمك.
وهذا الفيديو يشرح
آداب الحوار في الإسلام
الإصغاء
الكثيرين يتمتعون بلغة
الحوار والثرثرة لمدة طويلة دون الاستماع لمن يحاورهم وهنا ننصحك بأن تجيد مهارة الإصغاء، فلقد خلقك الله جلّ وعلا وميزك بأذنين ولسان واحد لكي تتكلم قليلًا وتستمع أكثر، فالاستماع للذي أمامك يعطيك الفرصة في ترتيب أفكارك وإيجاد بعض الملاحظات وهذا الأمر بالتأكيد في صالحك، كما أن السكوت دليل على قوتك أمام خصمك.
الإنصاف
لا شيء يعيبك أو ينقص من قيمتك إذا اعترفت بصحة كلام من يحاورك، فالاعتراف بالحق فضيلة والاقتناع بالرأي الصائب يزيد من قدرك أمام الناس ويزيد حبهم واحترامهم لك، فهو دليل على الشجاعة فالحق أحق أن يُتبع.
وهذا الفيديو يشرح فن الحوار
حسن المقصد
يجب أن تكون غايتك من
الحوار هي معرفة الحقيقة وليس إثبات أنك على حق والانتصار للذات فذلك من أهم
آداب الحوار، فبالتأكيد رأيك من الممكن أن يكون خطأ كما يمكن أن يكون صواب فلم يميزك الله عن باقي البشر بالفهم والعقل، فعليك الدفاع عن المظلوم ونصرة الحق دون الميل إلى الهوا أو الانحياز إلى مشاعرك الخاصة.
احترام رأي الآخر
لا تعتقد أنك حين تُسقط وجهة نظر الطرف الآخر أن هذا يعتبر نجاح لك، بل بالعكس هذا يعكس ضعف الحُجة وافتقار الإقناع، وعندما يبدأ الطرف الآخر في عرض وجهة نظره يجب أن تستمع إليه للنهاية وعدم مقاطعته ثم تبدأ في الرد عليه، ولذلك فالاحترام المتبادل لآراء
الآخرين من أهم
آداب الحوار والذي بدوره يهدف إلى الوصول لحقيقة الأمور.
الاحترام رغم الاختلاف
من الأقوال المشهورة أن (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) ومن
آداب الحوار أن نلتزم بها، فإذا انتهى النقاش وكل طرف متشبث برأيه وغير مقتنع برأي الطرف الآخر فلا داعي للعداءات والغضب من بعضنا البعض، فكل رأي يجب أن يحترم وعليك تقبل الطرف الآخر بآرائه المضادة لك، كما في قول الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام حين أرسله لفرعون الطاغية وأمره بالقول اللين: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طهآداب
الحوار الآخرين وقواعده تحاور 44].
وأخيرًا السلام يُولد سلام ومحبة حتى رغم الاختلاف، يزيد من مشاعر الرضا عند الطرفين ويخلق روح من الإخوة في الله، ولعلنا نتعلم من خُلق النبي صلى الله عليه وسلم في
آداب الحوار والتزامه بالكلمة الطيبة في كل الأوقات علمًا بأن اللفظ يُحدد مكانة صاحبه من الجنة أو النار – عافانا الله وإياكم أجمعين – ويظهر هذا جليًا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة مِنْ رضوان الله لا يُلْقِي لها بالًا، يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالًا، يهوي بها في جهنم) أخرجه البخاري.
N]hf hgp,hv lu hgNovdk ,r,hu]i >> ;dt jph,v fH]f? Ndhj hgHovdk hgp,hv fH]f? j[h,v