الجواب :
الحمد لله
ينبغي لمن أتى إلى المسجد ، أن يأتي بسكينة ووقار، ولا يسرع في مشيه ، إلا إذا خاف أن تفوته الجماعة ، فلا بأس أن يسرع شيئا يسيرا ، يدرك به الجماعة ، مع عدم الإخلال بما يليق بمثله من هيئة ووقار، كما سبق في جواب السؤال : (214858) .
ومثله يقال للراكب على الدابة أو السيارة ، فلا يشرع له
الإسراع لإدراك الصلاة ، إن كان ذلك يخرجه عن حد السكينة من التجاوز والمراوغة بين السيارات ، والاعتداء على حق السالكين ، أو إشغالهم بالأصوات المنبهة ، أو ترويعهم في الشوارع المأهولة ، بقطع إشارات المرور ، ونحو ذلك مما يعد منافيا للوقار والسكينة .
أما إن كان يسير سيرا لا يخرج به عن حد السكينة والوقار ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير يوم النفر من عرفة ، فحين سمع صوتا وزجرا وضربا للإبل ، قال : (أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ [أي : الإسراع] ) .
ومع ذلك كان إذا وجد متسعا في طريقه : أسرع ، كما جاء في الحديث الصحيح : أنه صلى الله عليه وسلم (كان يسير العَنَقَ ، فإذا وجد فجوة نصّ) . متفق عليه .
والعنق والنصّ : نوعان من إسراع السير ، وفي العنق نوع من الرفق ، والنصّ فوق ذلك . ينظر " شرح النووي على مسلم " (9/34) .
فتبيّن من هذا أن من
الإسراع ما لا ينافي السكينة ، وهو في كل طريق بحسبه ، حسب ازدحامه أو خلوه ، وسعته أو ضيقه ونحو ذلك .
فإذا كان
الإسراع مع سكينة ، ولم يوتر السائق نفسه بذلك
الإسراع ، ولا تشوش به ذهنه : فلا حرج فيه
لإدراك الصلاة .
قال أبو الوليد الباجي :
" قال مالك فيمن سمع مؤذن الحرس ، فحرك فرسه ليدرك
الصلاة : لا بأس به .
قال القاضي أبو الوليد : ومعنى ذلك عندي : أن يحركه للإسراع في المشي ، دون جري ، ولا خروج عن حد الوقار " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (1/164) .
والله أعلم .