أ.د. جابر بن سالم القحطاني النخالة هي القشرة الخارجية للقمح والشعير والأرز والشوفان والشيلم، والنخالة تعني ما نخل أي صفي أو غربل وما بقي في المنخل من المادة أو الدقيق الذي ينخل.
والنخالة أكثر المصادر الغنية بالألياف الغذائية، وكانت ترمى في السابق عند طحن الحبوب ونخلها، وفي الستينات نشر الدكتر دينيس بريكتي وهو طبيب عسكري بريطاني يعمل في أفريقيا عدداً من التقارير العلمية التي تذكر أن النخالة والأنواع الأخرى من الألياف يمكن أن تقي من الإصابة بالنوبات القلبية والتهاب الردب Diverticulitis والاضطرابات المعوية الأخرى والبروستاتا والرحم، وقد وضع الدكتور نظريته هذه عندما لاحظ ندرة هذه الأمراض بين الأفريقيين الذين يعيشون في القرى ويستهلكون كميات كبيرة من الحبوب الكاملة، وأصبحت نخالة المطاحن الطعام المفضل في السبعينات بسبب الكتب الكثيرة التي نشرت حولها، والتقارير الإعلامية العديدة التي تحدث عنها وبدأ الناس يضيفونها إلى كل أطعمتهم من الخبز وحبوب الإفطار والكعكات الصغيرة المدورة.
ولابد أن نورد العبارة التي أوردها الطبيب العالمي "الفرد مكان" في كتابه علم التغذية عن النخالة "لو أننا وضعنا في كفة ميزان جميع الأدوية التي يتناولها مرضى العالم المتحضر، وفي الكفة الثانية وضعنا النخالة التي تحذف من الحبوب عند طحنها، لتعادلت الكفتان، إن حرمان الإنسان من النخالة وما فيها من فيتامينات وأملاح معدنية ثمينة وغيرها جعله يتهافت على تناول العلاجات والأدوية المختلفة، وكان ذلك العمل من باب وضع الأمور في غير مواضعها، مع أنه لو تركت له النخالة في غذائه، ولم يحرم منها، لما احتاج إلى تلك الأدوية".
المحتويات الكيميائية
تحتوي النخالة (نخالة القمح) على عدة أملاح معدنية مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والفلور والكبريت والزنك والحديد والمنجنيز والنحاس واليود والسيلسيوم والزرنيخ والكوبلت كما تحتوي على السكر والسليلوز والدسم الفوسفوري، وكذلك فيتامينات ، ب2، ب3، ه، ك، د، ب ب (pp) وبعض الخمائر.
الاستعمالات
والنخالة أو ما يعرفها بعض الناس بالرده تفيد في الأمراض والعاهات التالية: فغلي كيلو منها في خمس لترات ماء مدة نصف ساعة وإضافته إلى مغطس الحمام يفيد ضد الروماتيزم و(النقرس)، وشرب مغلي النخالة يسكن السعال والزكام الخفيف، ومغلي ملعقة من النخالة في كأس ماء مع قليل من العسل يفيد ضد الإمساك، ويهدئ آلام تقرحات المعدة، ومع العسل يفيد في الإسهال المزمن، وفرك الوجه بمغلي النخالة يجمل جلدة الوجه وينقيها من الكلف، ووضع كمادات من النخالة مع الخل يكافح الالتهابات الناجمة عن الالتواءات المفصلية.
إن إضافة غرام واحد من مسحوق النخالة إلى طعام كل شخص في كل وجبة وإلى الأطعمة التي توصف بصعوبة الهضم أو التي لا تعطي فائدة غذائية جيدة حيث تعطي هذه الكمية البسيطة نتائج مفيدة جداً لحالات عسر الهضم والمغص ويمكن تناولها للكبار والصغار على حد سواء، وقد تأكد علماء التغذية أن النخالة تقوي الأعصاب والدماغ وأجهزة التناسل والدم والعظام والأسنان والشعر وتعدل وظيفة الغدة الدرقية وتنشط العصارات الهضمية وتحفظ الجسم من عدة أمراض وتعطي الحيوية والنشاط، كما أنها تقي من الإصابة بالتهاب الردب وهو مرض معوي يتميز بالتهاب أكياس بارزة في جدران القولون، وكما أن النخالة تقي من الإصابة بالإمساك فهي مفيدة جداً للأشخاص الذين يعانون من البواسير.
ونخالة الشوفان غنية بالألياف القابلة للذوبان وهي لزجة تمتزج مع الماء لتكون هلاماً كثيفاً، وقد توصل الباحثون إلى أن هذا النوع من الألياف يقلل مستويات الكوليسترول في الدم، كما يبدو أنه يحسن عمليات تأييض الجلوكوز عند المصابين بداء السكري وهذا الأمر يقلل جرعات الأنسولين والعقاقير الأخرى المخفضة للسكر، كما بينت دراسات حديثة أن نخالة الرز تخفض أيضاً مستويات الكوليسترول في الدم، ولكن لم يستطع الباحثون التأكد مما إذا كان سبب هذه الفائدة هو الألياف غير القابلة للذوبان الموجودة في النخالة أم الكميات الكبيرة من الزيوت غير المشبعة الموجودة في سويداء الأرز، والتي لا يتم فصلها عن قشور الأرز خلال عمليات الطحن حيث أنها تمسك بقوة في النخالة.
وقد وجد أن كل أنواع النخالة وكل الأطعمة الغنية بالألياف تلعب دوراً هاماً في عملية التحكم في الوزن حيث أنها تعطي إحساساً بالشبع دون تناول كميات كبيرة منها، مما يفسر سبب انخفاض الإصابة بالسرطان والنوبات القلبية الناتجة عن السمنة عند الشعوب التي يحوي نظامها الغذائي كميات كبيرة من الألياف.
عندما عرف الناس بفوائد النخالة تعمد الكثير منهم زيادة كميتها عن الحد الذي ذكرناه، ولكن اتضح أن هذه الزيادة تزيد مرض الأمعاء الملتهبة وهي حالة مرضية تصبح فيها الأمعاء ملتهبة، ومنقرة بتقرحات صغيرة بالإضافة إلى ذلك يعيق حامض الفيتيك الموجود في النخالة النيئة امتصاص الكالسيوم والحديد والزنك والمغنيسيوم ومعادن أخرى مهمة للجسم، وتقوم الأنزيمات الموجودة في الخميرة بالقضاء على معظم حمض الفيتيك خلال عملية الخبز، كما تدمر الحرارة معظم حمض الفيتيك الموجود في حبوب الإفطار الغنية بالنخالة.
وبالتالي فإن هذه الأطعمة المصنعة أكثر أماناً من نخالة المطاحن النيئة، وقد سجلت عدد من حالات انسداد الأمعاء الشديدة عند الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من النخالة، وننصح باتباع منهج معتدل، وذلك بتناول أنواع الخبز المعمول من دقيق القمح الكامل دون نخله، وكذلك المنتجات الأخرى التي تحتوي على النخالة، واستبدال الأرز الأبيض المنزوع النخالة بالرز الأسمر.