تعتبر صفراء حديثي الولادة من الأشياء المزعجة للأمهات، فعند ملاحظة الأم اصفرار العين والجلد تهرع لاستشارة الطبيب، فيبادر الأطباء بدورهم لطمأنة الأم على وليدها الجديد، ويؤكدون لها أنها ظاهرة طبيعية وشائعة، ولا خوف على وليدها، وأنها تحدث عادة لنسبة كبيرة من الأطفال الجدد بعد الولادة تصل إلى 60%، وأن الشفاء منها لا يستغرق إلا بضعة أيام معدودة، وإن أكثر من 90% من الأطفال لا يحتاجون لدخول المستشفى، ويتم شفاؤهم تلقائياً بدون أي علاج وحتى الذين تصل نسبة الصفراء عندهم إلى مستوى يستدعي دخوله المستشفى فإن شفاءها لا يستدعي أي أدوية، ونادراً ما يحدث مضاعفات من الإصابة بصفراء حديثي الولادة.
الدكتور وائل عبدالعال، اختصاصي طب الأطفال من مستشفى "إن إم سي رويال"، يسلط الضوء على هذه النقطة. الصفراء الطبيعية
هناك نوعان من صفراء حديثي الولادة وهما صفراء فسيولوجية طبيعية، وصفراء مرضية. فالأولى تظهر عادةً في اليوم الثالث بعد الولادة، ويكون الاصفرار خفيفاً يزداد تدريجياً في اليومين الرابع والخامس وهي حالة شائعة جداً بين الأطفال حديثي الولادة سواء الذكور أو الإناث، والصفراء الفسيولوجية لحديثي الولادة ليست مرضاً ولكنها حالة يكون فيها كبد الطفل حديث الولادة غير مكتمل النمو وخصوصاً الأطفال الخدج فلا يستطيع التخلص من مادة البيليروبين التي تنتج طبيعياً بسبب تحلل خلايا الدم الحمراء في الجسم فتتراكم مادة البيلروبين، ويكون أشهر أماكن ظهورها بالجلد وبياض العين والأنف وراحة اليدين ويكون اللون أكثر وضوحاً خلال ضوء النهار، كما أن هناك بعض المواد بحليب الأم تتسبب أيضاً في زيادة نسبة الصفراء بالجسم. الصفراء المرضية
أما الصفراء المرضية، فهي نادرة وأخطر كثيراً حيث ترتفع نسبة البليروبين بشكل خطير، والصفراء المرضية لها أسباب عديدة أشهرها التي تنتج عن زيادة معدل تكسر كرات الدم الحمراء بسبب اختلاف فصيلة الدم أو عامل ريسوس، ونتيجة لذلك ترتفع نسبة مادة البيليروبين، وغالباً ما تبدأ الأعراض في الظهور على الطفل في نهاية اليوم الأول على هيئة اصفرار شديد ويزداد مع مرور الوقت، ويرافق ذلك صعوبة في الرضاعة، أو سكون في حركة الرضيع ويحتاج هذا النوع من الصفراء إلى حجز الرضيع بالمستشفى؛ لأنها تمثل خطورة شديدة على صحته، هناك بعض الأنواع أيضاً التي يمكن أن تحدث نتيجة لأسباب جينية أو أمراض تخص عمليات الأيض أو نقص إنزيمات معينة أو أمراض الكبد. التشخيص
الإصابة بالصفراء من الأمور العابرة التي يصاب بها معظم المواليد، ولذلك تقوم معظم المستشفيات بالفحص الروتيني لنسبة الصفراء قبل مغادرة الرضيع للمستشفى، ويمكن تشخيص زيادة نسبة الصفراء عن طريق جهاز صغير يعمل على إصدار شعاع ليزر على الجلد، ولكن في حال كانت القراءة كبيرة لدرجة مقلقة، فغالباً ما يحتاج الطبيب إلى إجراء فحص الدم؛ للتأكد من دقة نسبة الصفراء بالدم ومقارنتها بالمعدل الطبيعي بالنسبة لعمر الرضيع لبيان احتياج الطفل لدخول المستشفى من عدمه. المضاعفات
من النادر حدوث أي مضاعفات بسبب الصفراء الطبيعية، ولكن ربما تنجم عن الصفراء المرضية مضاعفات خطيرة؛ حيث من الممكن أن يلحق الضرر بالجهاز العصبي، وتكمن خطورة الصفراء في إمكانية عبور تلك المادة من خلال الغشاء المحيط بالمخ إذا بلغت نسبة معينة، ما يتسبب بضرر بالغ بخلايا الدماغ يعرف باعتلال دماغي بالبيليروبين، ويتبع ذلك مضاعفات خطيرة تؤثر في النمو وتطور الطفل العقلي والحركي والشلل الدماغي والتشنجات والصمم، وتختلف النسبة الضارة للجسم بحسب عمر الطفل، فكلما نما الرضيع زادت قوة الغشاء المحيط بالمخ، ويجعله مقاوماً لعبور البيليروبين إلا بنسب عالية، ولذا نجد أن نسب الصفراء التي تحتاج إلى العلاج تختلف بحسب عمر الطفل. العلاج
هناك بعض الطرق الخاطئة التي يلجأ لها الأهل لعلاج الصفراء مثل تعريض الصغير لأشعة الشمس، وإبقائه تحت الإضاءة الصفراء أو البيضاء بالمنزل، وهي طرق غير سليمة وربما تضر بصحة الطفل، فالصفراء الطبيعية لا تحتاج للعلاج من الأساس وتنخفض تلقائياً حتى تعود للمعدل الطبيعي بين 7-10 أيام، والصفراء المرضية تحتاج إلى التعرض للعلاج الضوئي الأزرق الذي يحتوي على الأشعة فوق البنفسجية التي لا توجد من الأساس بالإضاءة المنزلية، كما أنه من الضروري الحفاظ على الرضاعة بشكل منتظم حيث يمكن أن يؤدي فقدان الوزن أو الجفاف إلى تفاقم الحالة، وفي بعض الحالات التي تصل بها نسبة الصفراء لمستويات عالية جداً ربما يضطر الأطباء لإجراء نقل دم للطفل لتقليل نسبة الصفراء على نحو سريع.