الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا شك أن مدارسة
القرآن وتلاوته وحفظه من أفضل الأعمال الصالحة ، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعاهد
القرآن خشية نسيانه ؛ وذلك يكون بدوام مراجعة المحفوظ وتكرار التلاوة .
وكذلك فإن نسيان
القرآن من الأفعال المذمومة ؛ لما فيها من النقص والإعراض عن كتاب الله وهجره .
انظر جواب السؤال رقم : (3704) .
ثانيا :
اختلف أهل العلم في حكم نسيان
القرآن :
فقيل : نسيان
القرآن كبيرة .
وقيل : معصية وذنب ، ولا يبلغ مبلغ الكبائر .
وقيل : إنه مصيبة ، تصيب العبد في نفسه ودينه ، أو ربما كان عقوبة من الله على بعض عمله ، وإن لم يكن في نفسه كبيرة ، ولا ذنبا ، وهذا هو أظهر الأقوال في المسألة .
ولكن ، لا يليق بالحافظ له أن يغفل عن تلاوته ، ولا أن يفرط في تعاهده ، بل ينبغي أن يتخذ لنفسه منه ورداً يوميّاً يساعده على ضبطه ، ويحول دون نسيانه ؛ رجاء الأجر ، والاستفادة من أحكامه .
ينظر جواب السؤال رقم : (127485) .
ثالثا :
نسيان بعض
القرآن يكون نتيجة هجره ، وبعض الهجر أهون من بعض ، كما قال ابن القيم رحمه الله في "الفوائد" (ص 82) ، إلا أن نسيانه بسبب الإعراض عنه والانشغال بغيره لا شك أنه مصيبة ، وقد يترتب عليها مصائب ، مع فوات الأجر .
والذي يُنصح به من حفظ شيئا من
القرآن ثم
نسيه :
- أن يراجع ما كان حفظ من السور ؛ حتى يتقنه مرة ثانية .
- أن يتابع المراجعة بصورة دورية ، حتى لا ينساه مرة ثانية .
- أن يتابع الحفظ والمراجعة على يد شيخ متقن .
- أن يراجع ما كان حفظ من المقاطع الكبار كالجزء والحزب ونحوهما ، ويجتهد أن يتم حفظ السورة بكمالها ، فتكون مراجعة المحفوظ أولا واستعادة حفظه حافزا له على إتمام حفظ السورة .
- أما تتبع مراجعة المقاطع الصغيرة التي كان حفظها ثم نسيها ، كالآيتين والثلاث ونحو ذلك : فلا ينشغل به ، ولا يكلف نفسه عنت تذكر ما كان
نسيه منها ،
ولينشط في مراجعة حفظ ما نسي من السور والمقاطع الكبار كما تقدم ، وليس عليه إثم في عدم استعادة حفظ تلك المقاطع الصغيرة التي ربما نسي بعضها ، ولينظر في حال نفسه ، فما كان من ذنب استغفر الله وتاب منه ، وما كان من تقصير تداركه ، وما كان من إعراض عن أمر الآخرة وانشغال بأحوال الدنيا انتصب للآخرة ؛ فإنها خير وأبقى .
ثم إن الأجدر به أن يجتهد في استعادة محفوظه من
القرآن على الفور ، حيث توجد الهمة إذا نشط لذلك ، ولا يحصل الفتور بالتراخي والتسويف ، وقد روى ابن المبارك في "الزهد" (1/ 469) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " إِنَّ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا، وَإِنَّ لَهَا فَتْرَةً وَإِدْبَارًا، فَخُذُوهَا عِنْدَ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا، وَذَرُوهَا عِنْدَ فَتْرَتِهَا وَإِدْبَارِهَا " .
ولا شك أن شعور من تفلت منه
القرآن ونسيه بالتقصير ، وسؤاله عن كيفية المراجعة ، هو من إقبال القلب وصحوه بعد غفلته ، ومن كان هذا حاله فالأولى به أن ينشط في المراجعة على الفور ولا يؤخرها .
فإن لم يمكنه المراجعة إلا في أوقات فراغه ، لكثرة الأشغال والتبعات والسعي على العيال ونحو ذلك : فلا حرج عليه .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (161367) .
والله تعالى أعلم .