جميع الآباء يحلمون أن يصبحوا من غدهم آباء ناجحين، بيد أن حلمهم ذلك يتكسر على صخرة واقعهم السلبي، وإذا بهم في حالة أشد ما تكون بعدا عن رجائهم ومبتغاهم،لذلك -وبدون مقدمات- دعني أصف لك عشر
خطوات هامة في الطريق نحو أبوة ناجحة:
أولاً: الفعل قبل القول:
يحتاج أبناؤنا لنا كنموذج قدوة تطبيقي حي يتحرك أمامه لا إلى مذياع يحكي له عن بطولاته.
إنّ الفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، والقدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة حتى إنها لتختصر الجهد في معظم الحالات.
إن أطفالنا يحاكوننا في الصلاة قبل أن يتعلموا النطق، ولعل ذلك من بركة توجيهاته صلى الله عليه وسلم لصلاة النوافل في البيوت.
ثانيًا: أصلح طبيعتك لا ظواهرك
أبناؤنا في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك لا يقنعون بالظاهر منها فحسب، بل يتعدون ذلك إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء..
فالأب يعيش في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله يتصرف بما وقر في حقيقته وداخليته، والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على التكلف، والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق كما يلحظون كبيرها، وتؤثر فيهم صغائر الأحوال كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع، فلندرك ذلك ولنعمل على تغيير عاداتنا وطبائعنا نحن قبل أن نطلب تعديلها من أبنائنا.
ثالثًا: الرفق قائد البيت
إن رفق الأب يولد استقرارًا نفسيًّا لدى أبنائه ورحمة في قلوبهم بالضعيف وغير القادر،كما يولّد عطفًا بين أفراد البيت الواحد وحبًّا ومودة،وعلى النقيض فما تولدت قسوة ابن إلا من قسوة أبيه،فعن عبد الله بن جعفر: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى يدخلنا المدينة " رواه مسلم.
وعن يعلى بن مرة "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام فإذا حسين يفر هاهنا وهاهنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله" أخرجه ابن ماجه.
وللأسف فإن من الآباء من لا يراعى الرحمة مع أبنائه ولا الرقة في معاملتهم، فيكون أشد عليهم من الغرباء، فيترك في أنفسهم جروحًا غائرة لا تزول ولا بمرور السنين.
رابعًا: الحزم أخو الرفق
ليس معنى الرفق أن يتهاون الأب مع أولاده في مواطن الحزم،ولا يمكن أن يرى الأب ابنه يفعل السيئات أو المخالفات وبدعوى الحكمة والرحمة والرفق يتركه أو يقره على ما هو عليه، ولكن الحزم والحكمة تستدعي من كل أب أن يقف مع ولده وقفة حازمة قوية يضع له فيها الحدود ويبين له القواعد التي ينبغي ألا يحيد عنها، وليعلم كل أب أن وقفاته مع ولده لا تنسى، ولكنها تحفر في ذهن الولد، فإن وجد فيما يستقبل من عمره قدوة صالحة من أبيه زاد ترسخها وصارت خلقًا ثابتًا فيه وصفة أكيدة من صفاته.
خامسًا: منهجية ولكن بفقه !
كل أبِ يحب أن يكون له منهج في معاملة أبنائه،وبعض الناس يريد أن يرغم أبناءه على أعمال وأفعال،ونصيحتي هاهنا أن تبدأ التعليم بطريق التحبيب والترغيب،لا بطريق الأمر والترهيب،وليكن التحذير متأخرًا والترهيب متباعدًا،فإياك والتشنج في تطبيق التعاليم والضوابط.
سادسًا: ثقافتك ثقافة لأبنائك
يجب على الآباء تثقيف أنفسهم وتعليمها فن التربية وأساليبها،ومداومة سؤال المربين والخبراء والعلماء في ذلك، كما يستحب لهم متابعة الإصدارات التربوية الحديثة والوقوف على ما ينفع منها.
سابعًا: الصبر تربية
تعلم الصبر على الأولاد من المهارات الأبوية الهامة، وقد حذر المربون من كثرة معاملة الأولاد بالغضب خصوصًا إذا كانت طبيعة الأب عصبية أو سرعة الغضب، وليحذر الآباء من ضرب أولادهم في لحظات الغضب فإن ذلك من الأخطاء الخطيرة التي لا تؤدى إلى تعليم ولا توجيه ولكنها عبارة عن إنفاذ غيظ فحسب.
ثامنًا: الصداقة..
كل أبٍ بحاجة إلى أن يخلو بولده عندما يكبر قليلاً كل مدة قريبة ليمازحه ويكلمه، ويسأله ويتقرب منه ويسأله عما يحزنه أو يؤرقه أو لا يعجبه، ويسأله عن آماله وأحلامه وطموحاته، فلقاءات المصالحة والمصارحة هي تفريغ نفسي وجداني هام للغاية في تربية الأولاد، ولئن اشتكى معظم الآباء من عدم قدرتهم على التقرب من أولادهم فلأنهم قد قصروا في لقاءات المصارحة تلك في الصغر، فصعب عليهم ذلك في الكبر وبنيت الجدران بينهم وبين أولادهم.
تاسعًا: الأب.. والزوج
هناك علاقة قوية جدًّا بين كون الأب ناجحًا وبين كونه زوجًا ناجحًا، فالزوج الناجح هو الذي يهيئ لأولاده البيئة الأسرية الخالية من المشكلات، والمؤرقات، والمنغصات، والمؤثرات النفسية السلبية، وهو الذي يعين زوجته ويساعدها على إتمام العملية التربوية بنجاح وإنجاز.
عاشرًا: كن ربانيًّا
إنّ لحظات الدعاء التي تقضيها بين يدي ربك تدعو فيها لولدك أن يهديه الله ويرزقه الصلاح والفلاح ويحبب إليه الإيمان لهي من أهم اللحظات في حياتك والتي ستجني ثمارها عما قريب.