هي وسيلة لبرمجة العقل الباطن وذلك بالتخلّص من الأفكار السلبية،
وجذب السعادة والرزق أو أي أمر يتمناه الإنسان عن طريق ترديد كلمات إيجابية مثلًا: (أنا سعيدة، أنا قوية، أنا أجذب لنفسي ما أريد).
من المهم أن نعرف أن الإشكالية في هذه التوكيدات من جهتين: من جهة شرعية ونفسية
من جهة الشرع:
أنها تحلّ محلّ الأذكار والأوراد التي حثّ عليها الشرع وتزاحمها،
وتجعل العبد ينصرف عن الدعاء الذي هو العبادة. فيجب أولًا أن نميّز الهدف من هذه التوكيدات وترديدها،
هل هو لجذب النفع بناءً على الاعتقاد أنها تغير القدر وتجعل الكون يحقق لي ما أريد،
إن كان هذا المقصود فهو باطل لأن الإنسان لا يخلق قدره.
وإذا كانت بهدف تحفيز النفس وتشجيعها فقد أبدلنا الله خيرًا منها وهي الأذكار والأدعية الشرعية التي تزكّي النفوس وتجلب البركة والخير بإذن الله قال تعالى:
(أتستبدلون الذي هُو أدنَى بالذي هو خير).
من المفاهيم التي تبثّها هذه التوكيدات، التمحور حول الذات وتُفضي إلى تقديسها وهذه من الأفكار الباطنية الروحانية التي تزعم أن بداخل كل إنسان ومضَة إلهيّة فكأنه يشترك مع الإله في خصائصه فيتحكم بالقدر -تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا-.
وإذا تأمّلنا في المقابل الأذكار الشرعية نجد فيها تعوذ من شر النفس، وافتقار لله تعالى وتبرؤ من حول الإنسان وقوّته
(اللهم إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي ../ لا حول ولا قوة إلا بالله / يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفةَ عين).
إن الإيجابية والسعادة تستجلبَان باتباع الهُدى الربّاني والعمل الصالح والتوكل على الله جل وعلا، والتبرؤ من حول الإنسان وقوته والاعتماد على خالقه والافتقار إليه،
ومعرفة ربّه بأسمائه وصفاته وأفعاله وتدبرها ودعائه بها.
فعلى سبيل المثال عوضًا عن ترديد (أنا قوي، أنا أجذب النجاح)،
يتوسل العبد إلى ربه بأسمائه فيسأله باسمه القويّ أن يقويّه،
وباسمه الوهّاب والمُعطي أن يهبه النجاح ويعطيه إياه، ويدعو الله بما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام من أدعية.
أما أثر التوكيدات السلبي من وجهة نظر نفسية:
أنها كالفقّاعة والمخدر المؤقت، فهي تجعل الإنسان يعتقد أن الحياة خالية من المشاكل،
وينصدم وينتكس نفسيًا عندما يردد هذه التوكيدات لفترات طويلة ثم يحدث له حدث سيء.
وهناك حالة امرأة أعرفها شخصيًا وقد روت لي ما حدث معها،
كانت تعاني من القلق والتوتر وضعف الثقة بالنفس، وكان من المفترض أن تتحسن حالتها بعد كتابة توكيدات معينة وترديدها، تقول بأنها لم تتحسن إلا بعد أن لجأت لله تعالى ودعته بافتقار ليخلّصها من هذه المشاكل النفسية (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)،
سبحان الله وصفات ربانية من الذي برأ هذه النفس والعليم بتفاصيلها.
من الأدعية المأثورة (ونسألك من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا)، علينا أن ندرك أن المصائب والخسائر من سنن الله تعالى في الكون،
والطريقة الصحيحة في التعامل معها ليس بجعل الحياة ورديّة وكأنها جنة! بل باليقين واللجوء إلى من يملك هذه الحياة سبحانه والقادر على تغيير أحوالنا وليس باللجوء للمفاهيم الباطنية.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه. ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا .