تدبر: ï´؟ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ï´¾.
[1]
ما تنفقه هو مِمَّا رَزَقَك اللهُ، يَسَّرَ لك أَسْبَابَهُ، وذللَ لك سُبُلَهُ، وساقه إليك سَوقًا، وقَدَّرَهُ لك أَزَلًا.
النفس البشرية جبلت على حب المال، وفطرت على الشح والبخل.
ومن رحمة الله تعالى أنه ما أمرنا بالخروج من أموالنا، وبذلها كلها للفقراء والمساكين، بل أمرنا بجزء يسير من جملة المال، ووعدنا عليه القدر العظيم من الأجر.
ومع ذلك يبخلُ بعض الناسِ بهذا اليسير، فيمنعوا زكاة أموالهم، وما علموا أن "الصَّدَقَة بُرْهَانٌ".
[2]
بُرْهَانٌ على صدقِ الإيمانِ.
♦♦♦
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ï´¾.
[3]
الْإِيمَانُ كلٌ لا يتجزأ؛ فمن صَدَّقَ برسولٍ وكذَّبَ غيرَهُ مِنَ الرُّسُلِ لا يكونُ مؤمنًا، وَمن أَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتى الزَّكَاةَ، ولمْ يُؤمِنْ بالقَدَرِ لا يكونُ مؤمنًا، فَلَا يَصِحُّ إِيمَانُ أحدٍ إلا إذا اكتملت عنده أركانُ الْإِيمَانِ.
وَأركانُ الْإِيمَانِ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ".
[4]
ومن
الْإِيمَانِ بالرسلِ، الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من صَلَاةٍ، وصيامٍ، وَزَكَاةٍ، وحجٍ، وغيره.
ومن الْإِيمَانِ بالْيَوْمِ الْآخِرِ، الْإِيمَانُ بالبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْحِسَابِ، وَالْمِيزَانِ، والصُحُفِ، وَالصَّرَاطِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ.
فاحذر أن تلقى الله تعالى وعندك في الإيمان خلل.
♦♦♦
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾.
[5]
تأمل قولَ اللهِ تَعَالَى: ï´؟
عَلَى هُدًى ï´¾، لتعلم كيف يرفع الإيمان صاحبه؛ ï´؟
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾.
[6]
ويرفع القرآن أهله، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ï´¾.
[7]
وقَالَ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: "إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ".
[8]
♦♦♦
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾.
[9]
إذا اثنى عليك الله تعالى فلا يضرك مَنْ مَدَحَ أو ذَمَّ بعد ذلك.
وإذا زَكَّى اللهُ تعالى عَبْدًا، فمن الذي يُؤثِّرُ فيه بجرحٍ، أو طعنٍ؟
ليكن لسان حالك مع ربك:
إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ ••• وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ
♦♦♦
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ï´¾.
[10]
بعض الناس طبع الله على قلوبهم، فلا تؤثرُ فيهم موعظةٌ، وتنفعهم رؤيةُ معجزةٍ، لأن الإيمانَ منحةُ ربانيةٌ، وهبةُ إلآهيةٌ، ومهما بذل الداعي إلى الله من جهدٍ، فلا يملك أن يهدي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ، هذا أمر ينبغي ألا يغيب عن أذهان الدعاة، حتى لا يأسوا على ما فاتهم حين لا يستجيب لهم كثيرٌ من المدعويين.
ولأن الأمرَ أمرٌ غيبيٌ لا يطلع عليه إلا اللهُ تعالى، أُمِرْنَا أن ندعو الناسَ جميعًا، وأن نأخذ بأسباب القبول والاستجابة للدعوة، من الْحِكْمَةِ، وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ï´؟
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ï´¾.
[11]
فإذا دعوت إنسانًا، فوجدته يَصُدُّ عَنْكَ صُدُودًا، ويعرض عنك إعراضًا، ويقابل دعوتك بالسخرية والاستهزاء، فاعلم أنه قدرٌ سابقٌ، ومشيئةٌ لله نافذةٌ؛ قَالَ تَعَالَى: ï´؟
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ ï´¾.
[12]
وَلَا تَتَأَسَّفْ لأجله، وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِ، فـï´؟
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ï´¾.
[13]
♦♦♦
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ï´؟
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ï´¾.
[14]
احذر أن تتمادى في الباطل، أو أن تُعْرِضَ عن الحق، فقد ذكر الله تعالى قومًا
تمادوا فِي الْبَاطِلِ وأعرضوا عن الحق؛ فخَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْهُدَى، جَزَاءً وِفَاقًا عَلَى تَمَادِيهِمْ فِي الْبَاطِلِ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ،واحمد الله تعالى على نعمة الهداية، واعلم أن ما أنت فيه محض فضل من الله تعالى، ليس لعقل عندك أو دهاء، ولا لفطنةِ خُصِصتَ بها أو ذكاءِ، بل الهدايةُ محضُ توفيقٍ من الله تعالى، فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِهِ، وَمَنْ يَشَأْ أَضَلَّهُ بِعَدْلِهِ،لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
غيرك لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا، وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا، اصطفاك الله من الخلق لدينه، واجتباك فهداك لسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ.
واعلم أنك ميسر لما خلقت له، فاحذر أن تطفئ نورًا خصك به، وهداك إليه، أو تُعْرِضَ عن فضلٍ دَلْكَ عليه، واحذر أسباب الفتن.
وتذكر: ï´؟
وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ï´¾.
[15]
♦♦♦
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ï´¾.[16]
ذكر الله تعالى أَرْبَعَ آيَاتٍ فِي نَعْتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَآيَتَينِ فِي نَعْتِ الْكَافِرِينَ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً فِي نَعْتِ الْمُنَافِقِينَ، وما ذلك إلا لخطر النفاق والمنافقين، ثم ذكر شيئًا من صفاتهم، والواجب على كل مسلم أن يفتش في نفسه، وأن يبقى دائما على حذر من أن يكون منافقا أو أن يكون فيه شيء من صفات المنافقين.
قال الحَسَنُ رَحِمَهُ اللهُ: مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ. يعني النِّفَاق.
فهل تعرف صفاتهم؟
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَمِنْ سَيِّئِ الْأَخْلَاقِ".
[1] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 3.
[2] رواه مسلم- كِتَابِ الطَّهَارَةِ، بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ، حديث رقم: 223.
[3] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 4.
[4] جزء من حديث رواه البخاري- كِتَابُ الإِيمَانِ، بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلاَمِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ، حديث رقم: 50، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ورواه مسلم- كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابٌ: الْإِيمَانُ مَا هُوَ وَبَيَانُ خِصَالِهِ حديث رقم: 8، عن عمرَ بنِ الخطابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
[5] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 5.
[6] سورة آل عمران: الآية/ 139.
[7] سورة الأعراف: الآية/ 176.
[8] رواه مسلم- كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ فَضْلِ مَنْ يَقُومُ بِالْقُرْآنِ، وَيُعَلِّمُهُ، وَفَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ حِكْمَةً مِنْ .فِقْهٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَعَمِلَ بِهَا وَعَلَّمَهَا، حديث رقم: 817.
[9] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 5.
[10] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 6.
[11] سورة النَّحْلِ: الآية/ 125.
[12] سورة الأعراف: الآية/ 186.
[13] سورة الْقِصَصِ: الآية/ 56.
[14] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 7.
[15] سورة الْمَائِدَةِ: الآية/ 41.
[16] سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الآية/ 8.